تتميز ليالي رمضان بالبليدة هذه الأيام بحركة ونشاط ملحوظين بلغا ذروتهما مع دخول النصف الثاني من شهر رمضان الكريم، حيث تبقى شوارع المدينة وأحيائها سارة مليئة بالحياة إلى غاية مطلع الفجر، إذ تفضل معظم العائلات البليدية الخروج ليلا سواء للسهر أو للتسوق. فبعد ساعات طويلة وشاقة من الصيام طوال النهار يخرج الجميع بعد الإفطار للتنزه والترويح عن النفس وكذا التجول في مختلف الفضاءات الترفيهية، كما يقصد آخرون المساجد لأداء صلاة التراويح، الموعد الذي يحرص عليه الكثيرون ويواظبون عليه للتمتع بتلاوة القرآن الكريم راجين بذلك الرحمة والغفران من الله. ويلجأ البعض الآخر إلى المقاهي وقاعات الشاي ليقضوا فيها ساعات طويلة يرتشفون فيها فنجان قهوة أو كأس شاي أو يتذوقون مختلف أنواع المشروبات أو المثلجات لتعويض ما فقدت أجسامهم أثناء الصيام وطوال يوم حار، ولتقديم أحسن الخدمات للزبائن تم تجهيز معظم الأماكن العمومية بالمكيفات الهوائية لمن أراد أن يجلس داخل قاعات الشاي وتهيئة طاولات في الخارج للاستمتاع بالنسمات الليلية اللطيفة، حيث يستغل الأحباب والأصحاب ملاقاتهم بهذه الفضاءات لتبادل أطراف الحديث والخوض طويلا في ميادين مختلفة لا سيما الرياضية بعد أن عشنا مؤخرا مناسبة رياضية وهي مناسبة كأس العالم التي صنعت الحدث، ويفضل بعض الشباب الجلوس جماعات- جماعات على حافة الشوارع حيث يقضون الليل في التسلية بلعبة الدومينو متزودين بقارورات المياه والفواكه الباردة. الصامصة والمحنشة يزينان السهرات الرمضانية وتستغل العائلات البليدية ليالي رمضان في تبادل الزيارات، حيث تجتمع فيما بينها على طاولات مختلف الحلويات والمشروبات التي تعرف بها مدينة الورود خلال شهر رمضان كالصامصة والقريوش والمحنشة وغيرها، وأمام شاشات التلفاز للسهر في أجواء حميمية في محاولة لتقوية صلة الرحم وتوطيد الروابط العائلية، كما تفضل عائلات أخرى مع حلول النصف الثاني من شهر رمضان الخروج ليلا مع أطفالها قاصدين مختلف المحلات المتواجدة بوسط المدينة ومراكزها التجارية للتسوق ولشراء ملابس العيد ومستلزمات الحلويات تحضيرا لعيد الفطر المبارك. حيث تعج مدينة البليدة عقب انتهاء صلاة التراويح بالعائلات خاصة النساء والأطفال منهم، كما تعرف طرقات المدينة وحظائر ركن السيارات اكتظاظا كبيرا إلى غاية ساعات الفجر الأولى. حفلات النجاح تطبع السهرات الرمضانية وتزامن هذا الشهر الفضيل هذه السنة مع الإعلان عن نتائج مختلف الامتحانات كشهادة البكالوريا وشهادة التعليم الأساسي مما دفع ببعض الأمهات إلى تنظيم (قعدات) رمضانية بحضور الجيران والعائلة الكبيرة للاحتفال بنجاح الأبناء ومكافأتهم نظير الجهد المبذول طوال السنة الدراسية. ولعل ما ميز هذه السهرات هو تعويض الحلويات التقليدية المصنوعة بالجوز واللوز بالزلابية وقلب اللوز على حسب طبيعة الشهر وهو ما جعل محلات بيع هذه الأخيرة تعرف إقبالا كبيرا، حيث أكد بعض الباعة أن الإعلان عن نتائج الامتحانات خلال شهر رمضان تطلب من العائلات الاستغناء عن الحلويات التقليدية كما فرضت عليهم مناسبة إعلان النجاحات مضاعفة نشاطهم التجاري وسجلوا إقبالا منقطع النظير على محلاتهم لاقتناء مختلف أنواع الحلويات الرمضانية المعروفة بالمنطقة، إلى جانب الزلابية وقلب اللوز اللذان يكثر عليهما الطلب.