بقلم : محمد قروش ما يعانيه المهاجرون المسلمون وخاصّة الجزائريون هذه الأيّام في أوروبا عموما وفرنسا بوجه خاص من تحرّشات وإهانات متعمّدة من قِبل المتطرّفين الأوروبيين أمر خطير يستوجب تدخّل السلطات والفاعلين في مختلف المجالات من أجل نجدتهم ورفع الغبن عنهم ووقف التعسّف الممارس ضدهم، حيث تشير كثير من التقارير إلى أن حجم الاعتداءات والمضايقات التي أصبحت تتعرّض لها الجالية الجزائرية في فرنسا وأوروبا عقب أحداث شارلي إيبدو قد ارتفع بشكل مخيف وأصبح يهدّد سلامة وأمن هؤلاء، بل أضحى يهدّد وجودهم في هذه البلدان. إذا كان المهاجرون والمسلمون في فرنسا وأوروبا يدفعون ثمن التطرّف والإسلاموفوبيا التي نشأت بعد تلك الأحداث المشبوهة التي تعرّضت لها فرنسا مؤخّرا فإن هؤلاء ليس لهم أدنى ذنب في هذه الأحداث، حيث أن هناك عائلات يمتدّ وجودها إلى أكثر من نصف قرن في هذه البلدان دون أن يكون وجودها يشكّل خطرا على أيّ أوروبي، بل على العكس من ذلك كانت هذه الهجرة كما يقول الدكتور عميمور هي هجرة حضارية عبر التاريخ ساهمت بشكل عظيم في إعمار هذه الأرض واستهلكت سواعدها وعقولها في خدمة هذه البلدان في ميادين البناء والصناعة والخدمات. لكن أوروبا وكعادتها الاستغلالية والاستعمارية نسيت كلّ التضحيات التي قدّمها هؤلاء المهاجرون واختزلتها في تهمة جاهزة تنمّ عن عنصريتها الدينية والحضارية للعرب والمسلمين وجعلتهم كبش فداء لمواقفها المتطرّفة. وإذا كانت هذه المواقف ليست جديدة على المجتمعات والسياسات الغربية فإن اللّوم الكبير يقع أيضا على الدول الأصلية لهذه الجاليات المهضومة الحقوق، حيث أنها أصبحت يتيمة دون حماية أو دفاع من الدول التي ينحدر منها هؤلاء رغم تشدّقها بالدفاع عن جالياتها واقتصار الاهتمام بها في المواسم الانتخابية والسياسية لتبقى تعيش عزلة قاتلة. وإذا كانت الجالية الجزائرية من أكبر الجاليات في فرنسا دون الحديث عن الدول الأخرى فإن من واجب الدولة أن تتّخذ إجراءات عملية من أجل إرغام هذه الدول على احترام الرعايا الجزائريين والدفاع عن حقوقهم وعدم تركهم يعيشون معاناة قاسية عن طريق رفع تنبيهات وتحذيرات للدول الغربية من أجل عدم التمادي في إرهاب رعاياها المهاجرين مثلما تفعل الدول التي تحترم رعاياها ومواطنيها في جميع أنحاء العالم.