الجزائر تحصي 300 حالة ل أطفال القمر * أخبار اليوم تقترب من أطفال القمر وتنقل ماساتهم مع المرض نقص التكفل الجدي باطفال القمر يجعل الموت مآلهم الحتمي البروفيسور بوحجار: المرض خطير ويستدعي عناية خاصة احتفلت الجزائر والعالم في الأيام القليلة الماضية باليوم العالمي للأمراض النادرة المصادف ل28 فيفري من كل سنة، ومن بين هذه الأمراض مرض الكزيرودارما بيكمونتوزيوم الذي يصيب الأطفال دون غيرهم فيطلق عليهم اسم أطفال القمر وذلك لان تعرضهم للشمس يسبب لهم سرطانات على مستوى الوجه ما يسبب لهم تشوهات خطيرة تعقد الأطفال في الكثير من الأحيان، في ظل غياب عملية التجميل التي من شأنها أن ترمم وجه الأطفال فيما بعد، وما زاد الطينة بلة الأمر عدم وجود دواء للحد من معاناة أطفال القمر الذين يتوفون في اخر المطاف. روبورتاج:عتيقة مغوفل لطالما كنا نسمع ونشاهد عبر قنوات التلفزيون عن أطفال يسمون أطفال القمر ، هاته الفئة الصغيرة من المجتمع الجزائري خصها الله دون غيرها من الناس بمرض نادر ولا علاج له وذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، هذا المرض وللأسف عادة ما تكون لديه نتائج وخيمة على الأطفال سواءا نفسية كانت أو اجتماعية، وحتى نتمكن من الوقوف على معاناة أطفال القمر الذين يعانون في صمت للأسف قامت أخبار اليوم ، بالتقرب من هؤلاء الأطفال الذين يحلمون بالخروج في وضح النهار وممارسة حياتهم بشكل عادي مثل أقرانهم. الجزائر تحصي 300 طفل قمر حتى نتمكن من إنجاز موضوعنا توجب علينا الانتقال إلى مستشفى لامين دباغين المعروف بمايو سابقا والمتواجد بباب الواديبالجزائر العاصمة، أين ربطت لنا المسؤولة عن خلية الاتصال بالمستشفى الآنسة فلة مديني، موعدا مع البروفيسور بوحجار بكار ، رئيس مصلحة الأمراض الجلدية بذات المستشفى، وفي المقابلة التي جمعتنا بالبروفيسور قدم لنا شروحات عن المرض وصرح انه في سنة 1990 تم تقديم أول طفلين مصابان بمرض الكزيرودارما بيكمونتوزيوم أو الجلد الاصطباغي كما يطلق عليه باللغة العربية، وقد تم عرض الحالتين عبر شاشة التلفزيون الجزائري، ولم يكن المرض معروفا حينها عند الجزائريين وقد كان الطفلين مريضان بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، وهناك بدأ الأطباء الجزائريون يولون الاهتمام بالمرض من خلال دراسة حالة الطفلين ثم بدأت تظهر على العديد من الأطفال عوارض هذا المرض الذي لم يوجد له دواء لحد الآن، وقد أوضح لنا البروفيسور بوحجار أن الجزائر تحصي حوالي 300 طفل مريض وهو عدد تقريبي لان هناك بعض الأطفال الذين يكونون مصابين بهذا المرض غير مصرح بهم في بعض المناطق النائية من الوطن. مرض الجلد الاصطباغي وراثي وغير معدي وقد أكد لنا البروفيسور بوحجار أن هذا المرض وراثي وغير معد على الإطلاق إذ يصاب به الطفل منذ المراحل الأولى من تشكله في بطن أمه، وهو ناتج عن زواج الأقارب في الكثير من الأحيان لان الابوان يكونان حاملان للجينة المشوهة المسببة للمرض من دون أن يصاب به ولكن الزواج يجعل الجينة قادرة على إحداث المرض فيما بعد، وأحيانا أخرى قد يصاب الطفل بالمرض عندما يكون احد أقاربه سواء من جهة الأب أو من جهة الأم حاملا للخلايا المريضة ، إلا أن عامل الوراثة يجعل الطفل يصاب بهذا المرض للأسف، ما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى وفاة الطفل في سن 15عاما وفي بعض الأحيان قد يعيش أكثر إن استطاع الوالدين أن يحافظان على الطفل وعدم تعريضه للأشعة الشمس أو الأشعة الفوق بنفسجية لبعض الأضواء الاصطناعية التي تنتج عن شاشة التلفزيون أو الهاتف النقال أو حتى المصابيح التي نستعملها بشكل يومي في البيت، وأضاف البروفيسور أنه في بعض الدول المتقدمة بدأت تكشف عن الجنين المريض بالجلد الاصطباغي قبل أن يولد وفي رحم أمه وهناك تفكير في أن يتم إجهاض النساء الحوامل بهؤلاء الأطفال المرضى حتى يتم وضع حد لمعاناتهم قبل أن يولدوا، والأبحاث ما زلت جارية في هذا المجال في الجزائر للكشف عن إصابة الطفل بهذا المرض عندما يكون جنينا في رحم أمه، ولكن الإشكال سيطرح مستقبلا في إجهاض الحوامل بهؤلاء المرضى بسبب المانع الديني والقانوني اللذان يحرمان إجراء مثل هذه العمليات في بلادنا، وللإشارة فإن هذا المرض فيه 7 أنواع والأكثر انتشارا في الجزائر هما الصنف A وC وهما الأكثر خطورة للأسف. المرض غير مصنف في خانة الأمراض المزمنة ولعل الأمر الذي يزيد من معاناة أولياء أمور الأطفال المصابين أن المرض غير مصنف في خانة الأمراض المزمنة لذلك فالأطفال لا يتلقون مجانية العلاج على غرار دولة تونس الشقيقة التي صنفت هذا المرض في خانة الأمراض المزمنة، لذلك يتم تقديم الدواء مجانا للأطفال، في حين في الجزائر فإن الدواء أو بالأحرى مسكنات ألم الأطفال فهي عبارة عن كريمات ومراهم مضادة للشمس التي يضطر كل طفل إلى إستعمال 3أو 4 أنواع منها أي أن حالته قد تتطلب 15 عبوة من هذه المراهم شهريا والتي في الكثير من الأحيان تكون غالية الثمن وثمنها غير معوض من طرف صندوق الضمان الاجتماعي، كما أضاف البروفيسور أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى إستعمال الواقي من أجل التنقل إلى المدرسة حتى لا يتعرضوا لأشعة الشمس، والواقي يجب أن يقي لهم كامل الوجه بالإضافة إلى إستعمال النظرات لان المرض قد يصل الى العينين بكل سهولة إذا لم يتم إستعمال النظرات لحمايتهما، و الواقي قد يكلف ثمنه 30ألف دج وهو غالي الثمن بالنسبة للعائلات المحدودة الدخل، بالإضافة الى هذا فإن العائلات لا تستعمل الواقي في بيتها حتى تمنع الأشعة من الدخول إلى البيت ما يزيد من حدة مرض الطفل، وحسب البروفيسور بوحجار ما يزيد من تازيم المرض هو عدم توفير الواقي بقاعة الدراسة ما يجعل الطفل معرض للشمس بدرجة كبيرة، كما أن أطفال القمر عادة ما يكونون مرفوضين من طرف زملائهم وحتى السلك التربوي للمدرسة الذين يعتقدون أن المرض معدي قد ينتقل إلى باقي الأطفال، وحتى لو تفهموا أن المرض غير معدي فإن التلاميذ لا يقبلون أن يكون في قسمهم طفل مريض بسبب الواقي والنظارات التي يضعها ما يجعل المريض معقد نفسيا، بل أبعد من ذلك فقد تم تسجيل بعض حالات انفصال الوالدين بسبب عدم تقبل احدهما أن يكون له طفل قمر يخرج في الليل فقط ليس كباقي الأطفال. وليد وايوب اخوين اصيبا بالمرض التوضيحات التي سمعناها من طرف البروفيسور بوحجار بكار الأخصائي في الأمراض الجلدية بمستشفى مايو بباب الوادي، أثارت فضولنا لان نقابل أطفال القمر وقد تحققت رغبتنا عندما قابلتنا عائلة جرموني بذات المصلحة الزوجة وتجدر الاشارة ان الزوجة ابنة خالة الزوج ، زواج الأقارب أثمر طفلان مريضان بالجلد الاصطباغي، أولهما أيوب البالغ من العمر 25 سنة و الذي توفي منذ 3 أشهر تقريبا بسبب المرض، روى لنا والداه السيد مصطفى والسيدة زينب معاناتهما مع المرض الذي أصاب وليد رحمه الله منذ ولادته إلا انه لم تظهر عليه الأعراض إلا عندما بلغ سن 9 سنوات، عندما كانت العائلة تقطن بالبرواقية ، حيث كان الطفل كلما يخرج للعب يعود الى البيت ووجنتيه محمرتين وتسيلان بالدم وعندما تم أخذه الى الطبيب تبين انه مصاب بمرض الجلد الاصطباغي، وهو الأمر الذي جعل والداه يخضعانه للرقابة المستمرة حتى لا يتعرض لأشعة الشمس، إلا أن وليد كان كلما يكبر في السن يصعب على والداه أن يتحكما به فقد أصبح شابا يافعا مفعما بالحياة يحب أن يخرج للشارع و يلعب الكرة مع أقرانه كما أنه يحب التجوال كثيرا، ألا أن ذلك كان يؤثر على صحته يوما بعد يوم، فقد خضع وليد رحمه الله إلى 18 عملية جراحية من أجل إستئصال الأورام السرطانية التي كانت تتكاثر في جسمه كتكاثر الفطريات، إلا أن صعب على الأطباء أن يستأصل ورما خطيرا اصابه على مستوى الأنف، وبدأ ذاك الورم يكبر حتى طغى على كامل وجهه ثم جسده، حتى وافته المنية شهر ديسمبر الماضي عن عمر يناهز 25 ربيعا، والجدير بالذكر أن وليد إستطاع أن يدرس حتى مستوى السنة التاسعة متوسط، وحسب والدته التي بكته دما عوض الدموع، فقد كان وليد إنسانا مؤمنا بقضاء الله وقدره وقد كان متيقنا أن الله عزوجل سيعوضه بمرضه خيرا في جنة الخلد إن شاء الله. لكن معاناة عائلة جرموني لم تتوقف عند هذا الحد فقط، فقد شاءت الأقدار أن يكون لها طفل ثاني مصاب بمرض الجلد الاصطباغي ويكون طفل قمر، وهو أيوب البالغ من العمر 10 سنوات، طفل وسيم للغاية مشاغب وكثير الحركة كغيره من الأطفال الذين هم في سنه، ينظر إليه والداه وكلهما ألم وحسرة على أن يفقداه مثلما فقدا وليد رحمه الله، فأيوب أصيب بالمرض مثلما أصيب به شقيقه وهو في سن التاسعة، بدأ يظهر عليه المرض من خلال علامات احمرار كانت تبدو على وجهه ما استدعى أخذه الى الطبيب ليتبين فيما بعد انه مريض مثل شقيقه، وهنا بدأت مأساة العائلة تكبر يوما بعد يوم، لان أيوب لم يتقبل مرضه. نفور المجتمع زاد من مأساة أطفال القمر ما زاد من صعوبة الأمر أن محيطه المدرسي لم يتقبل أن يكون في المدرسة طفل مريض مثله، فهو تلميذ في السنة الثانية بابتدائية أولاد بلحاج ببلدية خرايسية، ففي بداية السنة الدراسية رفضت المعلمة أن يكون في قسمها طفل مريض لذلك قامت بتخصيص مقعد له منفردا عن باقي الزملاء لان أولياء أمور باقي التلاميذ خافوا أن يكون المرض معديا مع أنه غير كذلك، ومع مرور الأيام وتقبل التلاميذ مرض زميلهم أرادت الأم أن تركب واقيا بالقسم الذي يدرس فيه ابنها شريطة، أن يواصل الدراسة في نفس القسم إلى غاية أن يكمل مرحلة الطور الابتدائي إلا أن أولياء زملائه في القسم رفضوا الفكرة جملة وتفصيلا، وما زاد من معاناة أيوب أن زملائه في القسم ينعتونه بالعجوزة بسبب الواقي الذي يضعه ما جعله يتعقد نفسيا، ما جعل والدته تأخذه لطبيب نفسي من اجل الحد من معاناته حتى يستطيع تقبل مرضه والتأقلم معه، وقد ناشد السيد مصطفى جرموني السلطات العليا في البلاد بضرورة إنشاء مركز خاص لمثل هؤلاء الأطفال حتى يتمكنوا من مزاولة دراستهم بشكل عادي بالنظر لصعوبة تمدرسهم في باقي المدارس العمومية التي لا تتوفر على الواقي والتي لا يتقبل التلاميذ بها واقع طفل القمر .