في سابقة هي الأولى من نوعها، تمكّن محامو حزب الحرية والعدالة المصري وجماعة الإخوان المسلمين من تلاوة مرافعة غير مسبوقة ضد الإعدامات في مصر أمام هيئة قانونية وقضائية عالية المستوى، بل هي الأعلى والأرفع منذ تنفيذ الانقلاب العسكري في مصر بالثالث من جويلية عام 2013، وبحضور محامين عن حكومة الانقلاب في مصر. عقد المحامون عن حزب الحرية والعدالة جلسة استماع خاصة، السبت، مع المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في بانجول بغامبيا، ترافعوا وعبروا فيها عن قلقهم إزاء فرض أحكام الإعدام الجماعية في مصر. وتكوّنت هيئة الاستماع من 11 قاضيا يمثلون مختلف دول الاتحاد الأفريقي، من بينهم قاض من جنوب أفريقيا وآخر من الجزائر . وتحدث أمام المفوضية، السبت، نيابة عن حزب الحرية والعدالة المحامي رودني ديكسون، وذلك خلال الجلسة الاعتيادية السادسة والخمسين للمفوضية، متحدثا عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب ضد القانون الدولي في مصر منذ الانقلاب على السلطة. وساند المرافعة -خلال جلسة الاستماع- المحامي المختص في حقوق الإنسان طيب علي، الذي قام بتقديم الاستشارات للفريق القانوني الدولي الممثل لحزب الحرية والعدالة. وكانت المفوضية من قبل أصدرت إجراءات مؤقتة ضد اللجوء إلى عقوبة الإعدام في مصر، إلا أن النظام المصري تعمد تجاهل هذه الإجراءات. وفي مارس 2015، أعدمت مصر محمود رمضان، المتهم في أحداث الإسكندرية، رغم الأمر الصادر عن المفوضية الأفريقية بتعليق إعدامه قبل أيام معدودة من تنفيذ الحكم. إلى ذلك، عقدت جلسة الاستماع في أجواء من الخصوصية جمعت ما بين الأطراف المعنية والمفوضية، في حين أهاب المحامون بالمفوضية اتخاذ إجراء مباشر وحازم، لوقف فرض عقوبة الإعدام وحمل النظام في مصر على احترام ضمانات حقوق الإنسان الأساسية. وشارك في المرافعة أمام المفوضية الإفريقية منظمات حقوق إنسانية رائدة مثل (ريبريف)، إذ قدمت المنظمة مرافعة أمام اللجنة العليا حول مصر داخل الاتحاد الإفريقي وأوصت بأن ترسل المفوضية بعثة تحري حقائق إلى مصر. بعد جلسة الاستماع قال رودني ديكسون: (هذه لحظة تاريخية وغير مسبوقة في المحاسبة بالنسبة للشعب المصري)، وأضاف: (المفوضية الإفريقية استمعت إلى مرافعة المحامين، نيابة عن أولئك الذين يقبعون في السجون بأسوأ الأوضاع، ويواجهون حكما بالموت بعد محاكمات تفتقر إلى المعايير الدولية المعتبرة)، وأبدى ثقته في أن المفوضية (ستتّخذ كافة الخطوات اللازمة لحماية وصيانة حياة الآلاف الذين ما يزالون رهن الاعتقال في مصر). * البحث عن العدالة من جهته، قال طيب علي، المستشار لدى الفريق القانوني الدولي المكلّف من قِبل حزب الحرّية والعدالة: (إن المفوضية الإفريقية هي آخر ملاذ يلجأ إليه مئات المصريين الباحثين عن العدالة الذين لم يرتكبوا جرما سوى أنهم يريدون لمصر أن تكون ديمقراطية). وعبّر المتحدث عن امتنانه للمفوضية الإفريقية على تدخّلها في هذه القضايا وعلى فرضها إجراءات مؤقّتة، واستطرد قائلا: (نحن لسنا بصدد استئناف يتعلق بحالة معزولة من حكم بالإعدام)، وبيّن أنهم (بصدد جزء من فرض منتظم ومنتشر لأحكام الإعدام، بهدف إخماد المعارضة الديمقراطية السلمية). وفي سبيل ذلك قال: (يستخدم النظام القضائي لتوفير غطاء قانوني لأعمال قمعية خطيرة تقوم بها الدولة)، مؤكّدا على أنه يتوجب على المفوضية الإفريقية أن تستمر في مساءلة ومحاسبة النظام على ذلك. وقالت مصادر مطّلعة إن القرار النهائي للمفوضية سيصدر خلال أسبوعين فقط، ومن المتوقّع أن ترفع قراراتها لقمة الاتحاد الأفريقي القادمة لإنفاذها. يشار إلى أن الميثاق الإفريقي هو الذي أسس المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، وتتّخذ أمانة المفوضية من مدينة بانجول في غامبيا مقرا لها، وهي مكلّفة رسميا بحماية حقوق الإنسان وحقوق الشعوب وبالترويج لاحترام حقوق الإنسان وحقوق الشعوب. وحسب مصادر أخرى فإن هيئة الاستماع كانت مشكّلة من أحد عشر قاضيا من دول الاتحاد الإفريقي، وهذه أوّل مرّة تجري فيها جلسة استماع على هذا المستوى الدولي بحضور وترافع فريقين قانونيين، أحدهما يمثّل الإخوان والآخر يمثّل الانقلاب في مصر.