تحصين الجزائر ضد خطاب الكراهية وزرع اليأس    الجزائر ستظلّ قويّة وآمنة    قوجيل يدعو إلى التمسك بقيم نوفمبر    من يخلف عوداش على رأس نقابة القضاة؟    ستّة ملايين زائر لصالون الجزائر للكتاب    إدوارد سعيد عمدةً لنيويورك    نحو سياسة عربية مختلفة    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    الولاية ستستفيد من مشاريع منها مصنع للسيارات لعلامة مهمة    مشاريع قيد الانجاز تعكس صورة الجزائر    بسكرة : حجز 5600 مؤثر عقلي نوع بريقابالين    توقيف 6 أشخاص و حجز 176 ألف كبسولة "بريغابالين"    أمطار رعدية غزيرة اليوم على ولايات الشرق    جلاوي يستقبل سيناتورين    لحيلح وبوجدرة في صورة واحدة!    سعداوي يشارك في انتخاب مدير اليونسكو    استفتاء تقرير المصير حق قانوني للصحراويين    بوقرّة يستدعي سليماني وبودبّوز    مازا في التشكيلة المثالية    لا نمانع وجود قوات دولية على حدود غزة    المفوّض الأممي لحقوق الإنسان يدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة    تشديد على احترام آجال إنجاز المشاريع التنموية    استلام كلي لبرنامج 350 مخزن للحبوب نهاية 2025    6 ملايين قنطار بذورا وأسمدة لإنجاح حملة الحرث والبذر    شروط صارمة لاستخدام "الدرون" المستأجر بأطقم أجنبية    حذار من الذكاء الاصطناعي في المراجعة    شروط جديدة لتجارب تكافؤ الأدوية    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    عبدلي يرفض التجديد مع أونجي والوجهة ألمانية    منصب جديد لمازة يقدم حلولا فنية لبيتكوفيتش    ضعت مع الشعر وأنا شاعر حتى في حياتي اليومية    مدرب مرسيليا الفرنسي يتأسف لغياب غويري    الرسومات تخفّف من شدّة الكلمات    الشرطة تستقبل 1795 مكالمة خلال شهر    وفاة طفل في حادث مرور    ضبط كيف معالج و2460 قرص مهلوس    إقبال كبير على جناح الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية    حين تتحدث الدُّور عن فكر يتجدّد وإبداع لا يشيخ    السودان : "الدعم السريع" تنكل بالمحاصرين بالفاشر وتسبب كارثة    قسنطينة.. أزيد من 27 مليون دج حصيلة الدفع الإلكتروني للفواتير خلال 3 أشهر    تبسة.. تخصيص 29 ألف جرعة لقاح ضد الإنفلونزا الموسمية    مشاريع الربط بين السدود.. نحو تعزيز التموين بالمياه    أولياء يختارون اللمجة الصّحية لأطفالهم    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    غزّة بين نتنياهو وترامب    وزير الفلاحة يشرف على افتتاح الطبعة العاشرة    ارتفاع محسوس لإنتاج القطاع العمومي    صيدال يعتزم إنجاز وحدات انتاجية    مختصون يدعون الى إعادة النظر في أساليب الكتابة الموجهة للطفل    3 آلاف مسكن "عدل" بالرغاية قبل تسليمه    معرض فوتوغرافي في برلين يسلط الضوء على الثقافة والمقاومة الصحراوية    نحو إطلاق حملة وطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال    تيطراوي بن قارة لأوّل مرّة.. وبن ناصر يعود    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    استفسر عن حالته الصحية وجاهزيته للعودة إلى الملاعب.. بيتكوفيتش يطلب مشورة سويسرية حول قندوسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان خصائص ولطائف
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 07 - 2015


بقلم: العلامة الشيخ صفوت الشوادفي رحمه الله
لقد أظلنا شهر كريم مبارك كتب الله علينا صيامه وسن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه فيه تفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين من صامه إِيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ومن قامه إِيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم وقد بارك الله في هذا الشهر وجعل فيه من الخصائص واللطائف والعبر ما ليس في غيره من الشهور.
فمن لطائفه وعجائبه أنه أسرع قادم وأسرع ذاهب فإِن شهور السنة - وهي جزء من عمر الإِنسان - تمر مر السحاب ولا تشعر بذلك إِلا بقدوم رمضان لسرعة عودته بعد رحيله.
وهو أسرع ذاهب لأنه ما أن يبدأ حتى ينتهي وتمر أيامه ولياليه مرور النسيم تشعر به ولا تراه.
وأعجب من ذلك كثرة دموع التائبين التي تنهمر في ليل رمضان كأنها سيل جار أين كانت هذه الدموع الغزيرة عبر شهور كثيرة مضت وانقضت؟ لقد حبستها المعاصي وسجنها القلب القاسي ثم أطلقتها التوبة فسالت وانحدرت من مآقيها لتنقذ العين من عذاب الله لأنها بكت من خشية الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) [رواه الترمذي (1639)]
وفي رمضان يقبل المسلمون في المشارق والمغارب على القرآن في الليل والنهار ويتنافسون على تلاوته في الصلاة يدفعهم إلى ذلك رجاء رحمة الله والخوف من عذاب الله.
كما يختص رمضان دون غيره من الشهور بكثرة التائبين والعائدين إِلى الله فهو شهر توجل فيه القلوب وتدمع العيون وتقشعر فيه الجلود وهذه الصفات الثلاث كانت ملازمة للجيل الأول في كل شهور العام كما أن هذه الصفات قد جعلها الله عز وجل علامة صادقة على الإِيمان فقال سبحانه وتعالى عن الصفة الأولى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].
وقال عن الثانية: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23].
وقال في الثالثة: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83]
وقد أثمر هذا الإيمان الراسخ واليقين الكامل عند السلف الصالح مجموعة من الخصال التي يحبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتي لا تجتمع أبداً إِلا في مؤمن صادق ويجمعها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إِذ الناس نائمون وبنهاره إِذ الناس مفطرون وبحزنه إِذ الناس يفرحون وببكائه إِذ الناس يضحكون وبصمته إِذ الناس يخوضون وبخشوعه إِذ الناس يختالون).
إِنها: قيام ليل وصيام نهار وحزن وندم على التفريط والإِسراف على النفس وبكاء من شدة الخوف وصمت يحفظ من الزلل ويدعوا إِلى التفكر والتدبر وخشوع محاطٌ بذل العبودية لله رب العالمين.
ويجتمع في رمضان من صنوف البر وأوجه الخير أنواع كثيرة وافرة وكلها أبواب مفتوحة على الجنة مفضية إلى رضوان الله ومع كثرة الأبواب ووفرتها فإِن المسلم قد يطرق باباً واحداً ويغفل عن بقيتها ! فيحرم نفسه ويضيع عمرها هباءً !!
قد يصوم ولا يقوم أو يقوم ولا يتصدق أو يتصدق ولا يقرأ القرآن أو يصوم بطنه ولا تصوم جوارحه أو يصوم النهار ولا يصوم الليل فيمتنع عن الحلال نهاراً (الأكل والشرب) ويفطر على المعاصي ليلاً (الدخان والفيلم) وإِذا غلبك شيطانك في رمضان فإِنك لن تغلبه غالباً في غيره !! إِلا أن يشاء الله.
ومن أعظم القربات وأجل الطاعات التي غفل عنها الغافلون: تقديم النصيحة للمسلمين ودعوتهم إِلى الخير وتعليم جاهلهم وتذكير غافلهم فإِن الدال على الخير كفاعله وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يرون النصيحة والموعظة أعظم أجراً وأبقى نفعاً من الصدقة !!.
كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إِلى القُرضى: أما بعد..
فقد بلغني كتابك تعظني وتذكر ما هو لي حظ وعليك حق وقد أصبت بذلك أفضل الأجر إِن الموعظة كالصدقة بل هي أعظم أجراً وأبقى نفعا ً وأحسن ذخراً وأوجب على المؤمن حقاً لكلمة يعظ بها الرجل أخاه ليزداد بها في هدى رغبة خير من مال يتصدق به عليه وإِن كان به إِليه حاجة. ولما يدرك أخوك بموعظتك من الهدى خير مما تنال بصدقتك من الدنيا..
ولأن ينجو رجلا بموعظتك من هلكة خير من أن ينجو بصدقتك من فقر !!
وفى رمضان تقبل الأمة الإسلامية بكل شعوبها على الله إقبالا لو استقامت عليه لنصرها الله على أعدائها وأورثها سعادة الدنيا ونعيم الآخرة !! لكن الواقع يشهد أن كثيراً من المسلمين يكون مع الطاعات في كر وفر فهو بين الإقبال والإدبار فهل من عودة صادقة واغتنام لفرصة سانحة قبل أن تتمنى ساعة من ساعات الدنيا فلا تُعطاها:
(قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا} [المؤمنون: 99 100] وإن أكثر شيء في الأحياء الغفلة وأكثر شيء في الأموات الندم على ما فات ! فيا أيها المقبول هنيئاً لك بثواب الله عز وحل ورضوانه ورحمته وغفرانه وقبوله وإِحسانه وعفوه وامتنانه.
ويا أيها المطرود بإِصراره وطغيانه وظلمه وغفلته وخسرانه وتماديه في عصيانه لقد عظمت مصيبتك وخسرت تجارتك وطالت ندامتك فأدرك نفسك قبل أن تكون من القائلين: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24]
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا وسائر أعمالنا الصالحات إنه ولي ذلك والقادر عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.