حيداوي يُحفّز المبتكرين    الجزائر تسعى إلى تعزيز سيادتها الرقمية    ركّاش يلتقي سفير مصر    سايحي يشدد على ضرورة تحسين الخدمة العمومية    الجزائر وأنغولا تجمعهما مواقف مبدئية    ناني ضمن طاقم للخضر    الوزير يُجري تحليل PSA    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    "أوتشا" تحذر من تفاقم الأزمة في ولاية شمال دارفور مع انتشار العنف في الفاشر    الجامعة العربية تعقد جلسة حول "التجويع كسلاح حرب"    الرئيس اللبناني يؤكد ضرورة الضغط على الكيان الصهيوني لوقف اعتداءاته    عجال يستقبل وفدا من "جنرال اليكتريك" الأمريكية    دعوة إلى إيداع ملفات التعويض بعنوان 2025    ارتفاع محسوس في الكشف عن سرطان البروستاتا بقسنطينة    كيف يشكل الهاتف تهديداً لذاكرة طفلك؟    وعي صحي أم نزعة عالمية سُميت ب "النباتيّين"؟    السيد جلاوي يشرف على اجتماع تقييمي لمشاريع القطاع عبر الوطن    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    أسبوع القافلة السينمائية للأفلام الثورية " من 9 إلى 13 نوفمبر الجاري    ضبط برنامج جلسات مناقشة مشروع قانون المالية 2026    جهود متميزة تبذلها الجزائر لتهيئة الظروف الملائمة للاجئين الصحراويين    دعم القدرات العملياتية والتقنية للأمن الوطني    الجزائر مستعدة لترقية علاقاتها الاقتصادية مع أنغولا    الجزائر- الصومال.. شراكة وتوافق حول الملفات الدولية    تحذير من الأجهزة الطرفية غير المصادق عليها    توسيع التعاون مع كرواتيا لتطوير الصناعة البحرية    أيام تحسيسية بالجامعة حول خطر المخدرات    تقرير شامل حول وضعية حي سيدي الهواري بوهران    رياض محرز يثير أزمة جديدة في البطولة السعودية    لوبيز يعرض نفسه على "الخضر" وشقيق مبابي هدف "الفاف"    ريان قلي ينفي تمرده على "الخضر" ويبرر موقفه    دعوة لإنشاء مراكز علاجية وإطلاق نوادٍ توعوية    بن دودة: التراث ركيزة السيادة الثقافية للجزائر    بوشناقي يدعو لعودة الجزائر إلى لجنة التراث باليونيسكو    صور من غرف مظلمة تعيد أحداث الثورة للشاشة    ستورا يدعو فرنسا للاعتراف بجرائمها في الجزائر    المنتخب الوطني يحطّ الرّحال بجدّة    سرطان البروستات يفتك بالرجال في الجزائر    مولودية الجزائر تستعيد الريادة    ياسر جلال يوضّح تصريحاته بالجزائر    نواب يُثمّنون مشروع قانون المالية    بلمهدي في السعودية    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يجري محادثات على انفراد مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يتلقى رسائل تهنئة جديدة    نزوح 75 ألف شخص من إقليم دارفور السوداني    من ينصف الأسرى الفلسطينيين أحياء وأمواتا؟    وزير الشؤون الدينية بلمهدي يشارك في اللقاء نصف السنوي لرؤساء مكاتب شؤون الحجاج بالسعودية    البروفيسور رشيد بلحاج يدعو إلى إصلاح شامل للمنظومة الصحية وتكامل أكبر بين القطاعين العام والخاص    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    بعيدا عن هموم مهنة المتاعب..!؟    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه أعمال خير البشر عند اشتداد الحر
نشر في أخبار اليوم يوم 03 - 08 - 2015

هذه الدار الفانية ممزوجة بالنعيم والألم فما فيها من النعيم يذكر بنعيم الجنة وما فيها من الألم يذكر بألم النار وجعل الله -تعالى- في هذه الدار أشياء كثيرة تذكر بدار الغيب المؤجلة الباقية فمنها ما يذكر بالجنة ومنها ما يذكر بالنار.
أما الأماكن فخلق الله بعض البلدان وفيها من المطاعم والمشارب والملابس والمناظر الرائعة والأجواء النقية والوديان الخضراء الشاسعة وغير ذلك من نعيم الدنيا ما يذكر بنعيم الجنة.
وأما الأزمان: فالربيع فإنه يذكر طيبه بنعيم الجنة وطيبها وكأوقات الأسحار فإن بردها يذكر ببرد الجنة..
ومنها ما يذكر بالنار فإن الله -تعالى- جعل في الدنيا أشياء كثيرة تذكر بالنار المعدة لمن عصاه وما فيها من الآلام والعقوبات من أماكن وأزمان وأجسام وغير ذلك..
وأما الأزمان: ((فشدة الحر والبرد)) يذكر بما في جهنم من الحر والزمهرير.
عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير). رواه البخاري ومسلم.
قال النووي: قال القاضي اختلف العلماء في معناه فقال بعضهم هو على ظاهره واشتكت حقيقة وشدة الحر من وهجها وفيحها وجعل الله تعالى فيها إدراكًا وتمييزًا بحيث تكلمت بهذا ومذهب أهل السنة أن النار مخلوقة ... شرح مسلم [جزء 5 - صفحة 120].
وعن أبي هريرة وابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم). رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ : قوله من فيح جهنم أي من سعة انتشارها وتنفسها ومنه مكان أفيح أي متسع وهذا كناية عن شدة استعارها وظاهره أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة .... فتح الباري [جزء 2 - صفحة 17]
وقال: كذلك وهذه الأحاديث من أقوى الأدلة على ما ذهب إليه الجمهور من أن جهنم موجودة الآن ... فتح الباري [جزء 6 - صفحة 333].
وأما الأجسام المشاهدة في الدنيا المذكرة بالنار فكثيرة.. منها: الشمس عند اشتداد حرها وقد روي أنها خلقت من النار وتعود إليها.
بين حر الدنيا والآخرة
وينبغي لمن كان في حر الشمس أن يتذكر حرها في الموقف فإن الشمس تدنو من رؤوس العباد يوم القيامة ويزاد في حرها.. وينبغي لمن لا يصبر على حر الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يستوجب صاحبه به دخول النار فإنه لا قوة لأحد عليها ولا صبر..
فعن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل قال سليم بن عامر فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين قال فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا قال وأشار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده إلى فيه. رواه مسلم.
ومما يؤمر بالصبر فيه على حر الشمس النفير للجهاد في الصيف كما قال تعالى عن المنافقين: {وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} التوبة81.
وكذلك المشي إلى المساجد للجمع والجماعات وشهود الجنائز ونحوها من الطاعات والجلوس في الشمس لانتظار ذلك حيث لا يوجد ظل.
فقد خرج رجل من السلف للجمعة فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل فقعد في الشمس فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه فأبى أن يتخطى الناس لذلك ثم تلا: { ... وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور} لقمان17.
مضاعفة الطاعات في موسم الحر
ومما يُضاعَف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر.
ففي الصحيحين عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة. وفي رواية: أن ذلك كان في شهر رمضان.
وكان أبو الدرداء يقول: صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور!.
لهذا كان كثير من السلف الصالح يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر فقد روي ذلك عن ابن مسعود وغيره وروي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء ووصى عمر -رضي الله عنه- عند موته ابنه عبد الله فقال له: عليك بخصال الإيمان وسمى أولها: الصوم في شدة الحر في الصيف قال القاسم بن محمد: كانت عائشة -رضي الله عنها- تصوم في الحر الشديد قيل له: ما حملها على ذلك؟ قال: كانت تبادر الموت. وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرًا فتصومه فيقال لها في ذلك فتقول: إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم. وهذا من علو الهمة.
ونزل الحجاج في بعض أسفاره بماء بين مكة والمدينة فدعا الأمير بغدائه ورأى أعرابيًا فدعاه إلى الغداء معه فقال: دعاني من هو خير منك فأجبته قال: ومن هو؟ قال: الله -تعالى- دعاني إلى الصيام فصمت قال: في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم صمت ليوم أشد منه حرًا قال: فافطر وصم غدًا قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد! قال: ليس ذلك إليَّ قال: فكيف تسألني عاجلًا بآجل لا تقدر عليه؟!
أما الأماكن فكثير من البلدان مفرطة الحر أو البرد فبردها يذكر بزمهرير جهنم وحرها يذكر بحر جهنم وسمومها وبعض البقاع يذكر بالنار كالحمَّام قال أبو هريرة: (نعم البيتُ الحمام يدخله المؤمن فيزيل به الدرن ويستعيذ بالله فيه من النار).
كان السلف يذكرون النار بدخول الحمام فيحدث لهم ذلك عبادة.. دخل ابن وهب الحمام فسمع تاليًا يتلو: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} غافر:47. فغشي عليه!.
وتزوج صلة بن أشيم فدخل الحمَّام ثم دخل على زوجته تلك الليلة فقام يصلي حتى أصبح وقال: دخلت بالأمس بيتا أذكرني النار ودخلت الليلة بيتًا ذكرت به الجنة فلم يزل فكري فيهما حتى أصبحت.
وصب بعض الصالحين على رأسه ماءً من الحمام فوجده شديد الحر فبكى وقال: ذكرت قوله -تعالى-: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} الحج:19.
ومن أعظم ما يذكر بنار جهنم: النار التي في الدنيا.
قال الله -تعالى-: َفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ{71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ{72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ{73} 73. يعني: أن نار الدنيا جعلها الله تذكرة تذكر بنار جهنم.
قال الحسن: كان عمر ربما توقد له النار ثم يدني يده منها ثم يقول: يا ابن الخطاب هل لك على هذا صبر؟!
مرَّ ابن مسعود بالحدادين وقد أخرجوا حديدًا من النار فوقف ينظر إليه ويبكي. وروي عنه أنه مر على الذين ينفخون الكير فسقط.
وكان أويس يقف على الحدادين فينظر إليهم كيف ينفخون الكير ويسمع صوت النار فيصرخ ثم يسقط. وكذلك الربيع بن خيثم.. وكان كثير من السلف يخرجون إلى الحدادين ينظرون إلى ما يصنعون بالحديد فيبكون ويتعوذون بالله من النار. ورأى عطاء السليمي امرأة قد سجرت تنورها فغشي عليه. كان الأخنف بن قيس يجيء إلى المصباح فيضع إصبعيه فيه ويقول: حس ثم يعاتب نفسه على ذنوبه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم). قيل يا رسول الله إن كانت لكافية قال: (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها) رواه البخاري 3092 ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب في شدة حر نار جهنم رقم 2843.
فنسأل الله العلي الكبير أن يجعل ما في الكون من مصائب وأكدار وتقلبات تذكيرًا لنا بما في اليوم الآخر من الأحوال والأهوال ونعوذ به من الغفلة عن الدار الآخرة.. إنه سميع مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.