إن من نعم الله _تعالى_ على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله فما أن انقضى موسم الحج المبارك إلا وتبعه شهر كريم هو شهر الله المحرم فلعلنا نشير إلى شيء من فضائله وأحكامه. قال -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36) وعن أبي بكرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ خطب في حَجِّتِه فقال: (ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادى وشعبان) الحديث متفق عليه. قال القرطبي: (خص الله _تعالى_ الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها وإن كان منهياً عنه في كل الزمان كما قال _تعالى_: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج ِّ) (البقرة: من الآية197). وعلى هذا أكثر أهل التأويل أي: لا تظلموا في الأربعة أشهر الحرم أنفسكم وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم ْ).