الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مُضر الذي بين جمادى وشعبان). وقوله: ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً وكانت مضر تحرم رجباً نفسه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي بين جمادى وشعبان) تأكيداً وبياناً لصحة ما سارت عليه مُضر. وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر فقد صرح بها بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ). [التوبة:36]. قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم ) (الحج:25) . وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم ثم نقل عن قتادة قوله: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيماً ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء..