مناقشة قانون المالية تبدأ اليوم    جلاوي يستقبل سيناتورين    استفتاء تقرير المصير حق قانوني للصحراويين    بوقرّة يستدعي سليماني وبودبّوز    مازا في التشكيلة المثالية    لحيلح وبوجدرة في صورة واحدة!    سعداوي يشارك في انتخاب مدير اليونسكو    6 ملايين قنطار بذورا وأسمدة لإنجاح حملة الحرث والبذر    وحدتنا تقوّي سواعدنا لبناء جزائر جديدة منتصرة    لا نمانع وجود قوات دولية على حدود غزة    المفوّض الأممي لحقوق الإنسان يدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة    شروط صارمة لاستخدام "الدرون" المستأجر بأطقم أجنبية    حذار من الذكاء الاصطناعي في المراجعة    تشديد على احترام آجال إنجاز المشاريع التنموية    استلام كلي لبرنامج 350 مخزن للحبوب نهاية 2025    شروط جديدة لتجارب تكافؤ الأدوية    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    مدرب مرسيليا الفرنسي يتأسف لغياب غويري    عبدلي يرفض التجديد مع أونجي والوجهة ألمانية    منصب جديد لمازة يقدم حلولا فنية لبيتكوفيتش    خيانة المخزن متجذّرة منذ تاريخ مقاومة الأمير عبد القادر    الشرطة تستقبل 1795 مكالمة خلال شهر    وفاة طفل في حادث مرور    حين تتحدث الدُّور عن فكر يتجدّد وإبداع لا يشيخ    الرسومات تخفّف من شدّة الكلمات    ضبط كيف معالج و2460 قرص مهلوس    إقبال كبير على جناح الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية    السودان : "الدعم السريع" تنكل بالمحاصرين بالفاشر وتسبب كارثة    قسنطينة.. أزيد من 27 مليون دج حصيلة الدفع الإلكتروني للفواتير خلال 3 أشهر    تبسة.. تخصيص 29 ألف جرعة لقاح ضد الإنفلونزا الموسمية    غزّة بين نتنياهو وترامب    الجزائر تتحرّك ل إنقاذ ليبيا    وزير الفلاحة يشرف على افتتاح الطبعة العاشرة    ارتفاع محسوس لإنتاج القطاع العمومي    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مشاريع الربط بين السدود.. نحو تعزيز التموين بالمياه    أولياء يختارون اللمجة الصّحية لأطفالهم    دورة تكوينية لفائدة الصحفيين    صيدال يعتزم إنجاز وحدات انتاجية    وزير العمل يبحث مع مساعد الرئيس الإيراني سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالي العمل والحماية الاجتماعية    وزير الداخلية يشرف على تنصيب الولاة المنتدبين الجدد لمقاطعات العاصمة    وفد من جهاز الإنقاذ والإطفاء التشيكي في زيارة عمل إلى الجزائر لتعزيز التعاون في مجال الحماية المدنية    مختصون يدعون الى إعادة النظر في أساليب الكتابة الموجهة للطفل    الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ينظم ندوة حول الذكاء الاصطناعي وحقوق المؤلف    المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي من 23 إلى 27 نوفمبر الجاري    معرض فوتوغرافي في برلين يسلط الضوء على الثقافة والمقاومة الصحراوية    3 آلاف مسكن "عدل" بالرغاية قبل تسليمه    شخصيات سياسية، دبلوماسية، أدبية وعلمية تزور الجناح الموحد للبرلمان    تحسن كبير في مستوى الخدمات الطبية    "القاتل الصامت"يجدد الموعد مع انخفاض درجات الحرارة    نحو إطلاق حملة وطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال    تيطراوي بن قارة لأوّل مرّة.. وبن ناصر يعود    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    قبسات من أنوار صبر النبي صلى الله عليه وسلم    الإيمان وأثره على الأمان النفسي    أحكام وشروط بيع السلع المعينة وغير المعينة    استفسر عن حالته الصحية وجاهزيته للعودة إلى الملاعب.. بيتكوفيتش يطلب مشورة سويسرية حول قندوسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خذوا عني مناسككم
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 08 - 2017


الشيخ: أكرم مظهر
وكأني به صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخرج من بيته الشريف بعد أن تطايرت الأنباء في أرجاء شبه الجزيرة العربية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد عزم على حج بيت الله الحرام وما أن وصل الخبر هنا وهناك حتى إهتزت أرجاء شبه الجزيرة بألاف من المسلمين تستعد وتتحرك لتلحق بخير خلق الله وتشرف بالحج مع خير من صلى وصام وأفضل من طاف بالبيت الحرام.
يخرج من بيته على رحل متواضع وعلى ناقته ُقطيفه لا تساوى أربعة دراهم وهو يقول: اللهم حجًا لا رياء فيه ولا سمعة. إخلاص النية .. إخلاص التوجه .. إخلاص القصد معاني يعلمها لنا المعلم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. ويتحرك ركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وينزل بميقات أهل المدينة بذي اُلحليفه فيبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحرم من الميقات ويسوق الهدي ويخرج من الميقات قاصداً مكه. ياله من مشهد المسلمون يخرجون مع رسول الله محرمين ملبين متشرفين بخير معية والقبائل تنتظر بالطريق فتلحق بركبه صلى الله عليه وآله وسلم مشهد النور تحُفه ملائكة الرحمن. النبي في طريقه لأداء حجة ُيعلم فيها الأمة ويؤدي الركن الخامس ليكمل بذلك الدين وتتم النعمة. ويصل رسول الله إلى مكة ويدخل إلى المسجد الحرام ويستلم الحجر ويقبله ويضع جبهته الشريفة عليه ويبكي ويبكي عمر بن الخطاب ويبكي الناس فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر ها هنا تسكب العبرات .
صدقت يا حبيبى يا رسول الله ها هنا تسكب العبرات وتسيل من المؤمن دموع الندم ويعتصر الفؤاد وهو يسأل الله المغفرة والتوبة والقبول. ويطوف النبى بالبيت وأنظار المسلمين متعلقة بحضرته تجول بين النظر إلى البيت وهو عبادة كما ورد عن النبى فأن كان النظر إلى البيت والحجارة قد صار عبادة بتشريف الله له وتعظيمه إياه فما بالنا بالنظر إلى أشرف مولود وخير موجود فى هذه الدنيا؟! ويتم النبى طوافه ويصلي ركعتين خلف المقام مقام إبراهيم والأيات البينات التى قال عنها الحق: {إِنّ أَوّلَ بَيْت وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَالَمِينَ}.. [آل عمران : 96]. أُمر النبي أن يتخذ المقام مصلى فقال له ربه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنّاسِ وَأَمْناً وَاتّخِذُواْ مِن مّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى وَعَهِدْنَآ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهّرَا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ}.. [البقرة : 125] يُلبى النبي أمر ربه فيصلي ويصلي الناس.
ويتوجه الحبيب إلى زمزم فيشرب ويدعو هذا الماء المبارك خير ماء على وجه الأرض فيه مأرب للناس فقد قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه: زمزم لما شرب له فيشرب ويشرب المسلمون وهم يتابعون الأسوة الحسنة والقدوة العظمى والمعلم الأكبر حضرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ويتوجه المشرف صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصفا فيقول أبدأ بما بدأ الله به: {إِنّ الصّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطّوّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَإِنّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.. [البقرة : 158]. ويسعى رسول الله بين الصفا والمروة ويحيى سنة السيده هاجر أم سيدنا إسماعيل فيصير فعلها لنا عبادة نقتفى أثارها ونحيي تراثها ونحيي في نفوسنا معاني الثقة بالله والتفويض والتوكل على الله التي ضربت هاجر عليها السلام المعنى الأكمل فيها وهي تقول لزوجها الحبيب سيدنا إبراهيم الخليل: إذن لا يضيعنا . ونحيى في قلوبنا معاني التسليم والرضا بقضاء رب العالمين التي كان الخليل عليه السلام مظهرًا لها وهو يترك زوجته وولده الرضيع بواد غير ذي زرع عند بيته المحرم.
تراث الصالحين وأثارهم التي جعلها الله لنا منسكًا وعلمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول للناس: خذوا عني مناسككم . ويتم النبي سعيه ويتوجه إلى منى فيبيت فيها ويصبح فيصلي بها الصبح ويتحرك مع شوق الشمس خير الأيام وأفضلها عند الله يوم عرفه ومازالت الأنظار في كل لحظة تتابع رسول الله لتمتلىء الأنظار من نور النظر إليه وتملأ القلوب بشدة التعلق بحضرته ومزيد محبته. ويسير الركب المبارك حتى يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضربت له قبة بنمره فخطب الناس خطبة بليغة وهو يخبرهم أنه لعله لا يلقاهم بعد عامهم هذا بصيرة الحبيب تخترق الحجب فقد كانت حجة الوداع. ويسأل النبي أصحابه سؤالا تنخلع له القلوب عما قريب تلقون ربكم وهو سائلكم عنى فبماذا أنتم مجيبون ؟ ويبادر أصحاب النبي قائلين نقول بلغت ونصحت فينظر رسول الله إلى السماء قائلًا: اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد .
ونحن يا رسول الله على ما عليه أصحابك وعلى بعد الزمان بيننا وبينك نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت وجاهدت ونحن على ذلك من الشاهدين. وها نحن يا رسول الله على اختلاف ألسنتنا وألواننا وأجناسنا نتحرى خطواتك ونلتمس بركة اتباعك وها هو صوتك يخترق الزمان ويصل إلى أذاننا خذوا عنى مناسككم .
وها هم الحجيج لا يقصدون البيت لأداء المناسك دون أن يحرصوا على زيارتك وإحياء معانى مودتك يأتون إليك يصلون ويسلمون ويشهدون أنك قد بلغت وأديت ونصحت ويتوسلون بك إلى الله أن يدخلهم في شفاعتك ويكمل النبي خطبة عرفه فيحذر المسلمين من حرمة أموالهم ودمائهم وأعراضهم ويخبرهم أن هذه الحرمة كحرمة هذا اليوم يوم عرفه في هذا الشهر شهر ذى الحجة في هذا البلد .. البلد الحرام. ويصلي النبي الظهر والعصر جمع تقديم ويقف بموقف بعرفات ثم يبلغ بلاغا ينبىء عن سعة ورحمة وقفت هنا وعرفه كلها موقف) بأبي أنت وأمى يا رسول الله.. رحيم الأمة تخشى عليها العنت قال تعالى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ{.. [التوبة : 128] وأنزل الله قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً}.. [المائدة : 3]. ومع غروب شمس يوم عرفة يدفع النبي وأصحابه متوجها إلى مزدلفه فيصلي بها المغرب والعشاء ويبيت بها ويصلي الصبح ثم يتحرك إلى منى فيرمي جمرة العقبة وينحر بيده الشريفة ويحلق رأسه ويأمر بتوزيع شعره على أصحابه فينالوا بها بركة الأحتفاظ بأثار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
يالها من مشاعر ويالها من مناسك اللهم اكتب لنا حجة وعمرة نقتفى فيها أثار النبي صلى الله عليه واله وسلم. ويتم النبي حجه فيبيت أيام التشريق بمنى ثم يتوجه إلى مكة ويطوف طواف الوداع ببيت الله الحرام ويعود إلى المدينة فما لبث أن مرض النبي صلى الله عليه واله وسلم وما طال بقاء المصطفى في الدنيا بل خُير فاختار أن يلحق بالرفيق الأعلى وقد بلغ وأتم الله به الدين. جزاك الله عنا وعن المسلمين خير ما جازى الله نبيا عن أمته وجمعنا بك على حوضك يوم القيامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.