عشرات الملايين تُهدر في ليلة المجون جزائريون يستعدون للاحتفال ب الريفيون وآخرون يُقاطعونه لم يبق سوى ثلاثة أيام ويودّع الجزائريون سنة 2017 بكل ما حملته من أفراح وأتراح وسيستقبلون عاما جديدا وهو عام 2018 الذي يتفاءل الكل أن يكون سنة نجاح وخير ورغم الاهتمام الكبير بالتقويم الميلادي واستعماله في حياتنا اليومية إلا أن الكثيرين يناهضون الاحتفال برأس السنة الميلادية او كما يطلق عليه البعض الريفيون أما البعض الآخر فلا مانع لديهم للاحتفال بآخر ليلة في السنة وتكون مشاهد المجون والتبذير ظاهرة للعيان بحيث تحرق الملايين في تلك الليلة وتهدر عبر الملاهي والعلب الليلية التي لا يأتي منها إلا فساد الأخلاق والفسق. نسيمة خباجة لبست الشوارع والساحات العمومية حلة جديدة وازدانت بالمكسرات وأنواع الشكولاطة والناظر يهيء له أننا على استعداد لمناسبة دينية إلا أن الأمر وللأسف يتعلق برأس السنة الميلادية بحيث تشكلت طاولات عبر الأسواق الشعبية واصطفت فيها أنواع من المكسرات كالجوز واللوز والبندق والفستق الى جانب أنواع الشكولاطة المختلفة الاحجام والأشكال والتي أخذت اشكال مجسمات متنوعة بحيث تعيش بعض الشوارع على وقع التحضير للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة على الرغم من أن لا علاقة للمسلمين بالاحتفال برأس السنة الميلادية ويخص النصارى والغربيين. الشباب الفئة الأقرب للاحتفال اقتربنا من بعض الشباب لرصد آرائهم حول مدى احتفالهم برأس السنة الميلادية فكان رد الأغلبية بالإيجاب وهم يحبّذون الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة من اجل الخروج من الروتين اليومي وإنزال الستار على سنة كاملة كانت مليئة بالمتاعب والمفاجآت وهو ما عبر به الشاب هشام طالب: قال إنه بالفعل سوف يحتفل برأس السنة الميلادية مع اصدقائه وهم يبرمجون لقضائها في فيلا فخمة وسيسهرون حتى الصباح ويتسامرون ويمرحون ويأكلون مختلف الحلويات وكعكة رأس السنة. اما رياض في العقد الثاني فقال إن وجهته تونس مع اصدقائه لقضاء ليلة السنة الميلادية وألف ذلك منذ سنوات بحيث تحولت الى عادة لديه ولا يستطيع الخروج عنها...شاب آخر وبكل جرأة قال أنه سيقضي تلك الليلة في إحدى العلب الليلية وسيصرف المال الكثير وسيصل المبلغ إلى حدود 7 ملايين سنتيم لتبقى تلك الليلة في الذكرى. لابوش سيدة الاحتفال تعتبر كعكة رأس السنة عند بعض الجزائريين عادة لا يمكن الاستغناء عنها إذ يقوم بعض الجزائريين بتقديم طلبات مسبقة لدى محلات صنع الحلويات من أجل تجهيزها في الموعد كما يتوجه البعض الآخر إلى مختلف المحلات لاقتنائها فيما يفضل البعض الآخر اختيار المحلات الشيك باعتبار أصحابها يتفننون في صناعتها ولابوش تأخذ شكل جذع شجرة وهي محرمة من الناحية الشرعية وعلى الرغم من التوعية إلا أن الظاهرة تستمر بحيث يقابلون جزائريون رضعوا من فطرة الإسلام ما يكفيهم وهم يحملون علبا تشبه علب الأحذية وتكون بداخلها كعكة رأس السنة التي تتفن في إعدادها المحلات المختصة في صناعة الحلويات الراقية. كما يبدو أن التراز اقحم عنوة في أعياد الغرب على الرغم من انه عادة جزائرية محضة في الأعياد والمناسبات السعيدة بحيث تشهد طاولات بيع التراز وهي عبارة عن حلويات مختلطة بالمكسرات ومختلف أنواع الشكولاطة إقبالا منقطع النظير حيث تتوافد عليها العائلات الجزائرية منذ منتصف شهر ديسمبر إذ يتم بيعه بالكيلوغرام وكذا بالميزان الأمر الذي جعل العائلات تختار التوجه إليه إذ أنه عادة عند الجزائريين أولا كما أنه يمكن للمواطن البسيط اقتناءه إذ يتم بيعه حسب رغبة الزبون بالغرامات حسب مقدور كل شخص. جرائم وحوادث مميتة في ليلة المجون كثيرا ما تفلت زمام الأمور وتخرج الاحتفالات بهذه المناسبة عن الإطار الأمني نظرا لارتفاع حالات السكر والنزاعات التي تقوم في أغلب الأحيان بين الشباب بسبب الفتيات أو الاكتظاظ في الطرقات إذا علمنا أن العاصمة تغلق ليلا بالنظر للعدد الكبير للسيارات التي تخرج للاحتفال في الشوارع وما يصاحبها من فوضى وأغاني وهتافات وحتى اعتداءات على المحتفلين من طرف بعض الشبان المناهضين للاحتفالات دون أن ننسى نشاط اللصوص وترصدهم للسكارى من أجل الانقضاض على جيوبهم كل تلك الأحداث توجب سنويا على الشرطة واعوان الأمن وكذا الدرك الوطني تسطير خطة أمنية لحماية المواطنين. تقليد غربي حطّم القيّم الاجتماعية يرى المختصون في علم النفس الاجتماعي إلى أن ظاهرة احتفال الجزائريين بأعياد الغرب والحرص على اقتفاء أثرهم في كل أشكال التحضير ومعايشة المناسبة بتفاصيلها فيه مساس وتحطيم للقيم الاجتماعية خاصة أن هذه المظاهر تغرس عبر الأفلام الحصص البرامج والمسلسلات العربية التركية والغربية التي تسيل لعاب من يشاهدها وهي بشكلها الجمالي المزين بمختلف الأشكال والألوان الباعثة على الأمل والحياة كما يعتقد البعض و أسباب اكتساح الظاهرة للمجتمع الجزائري لا تقتصر على سبب واحد وإنما مجموعة من المخلفات والتراكمات الاجتماعية والنفسية للفرد الجزائري فالأوضاع الصعبة التي يعيشها الجزائري سواء الاجتماعية أو الاقتصادية والتعب النفسي المترتب عنها يجعله يبحث دائما عن فسحة للفرح والبهجة ولأن الغرب يعرفون تقنيات الترويج لأفكارهم ممارساتهم وطقوسهم الدينية عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كان من السهل للجزائري أن يقع فريسة لهذه الإغراءات وهذا ليس تقصيرا منه تجاه الدين وأصالته وإنما ناتج عن الفراغ والروتين الذي يعيشه في المجتمع وما يحويه من مشاكل وظواهر أثقلت كاهله فالعائلة الجزائرية اليوم أصبحت أغلبيتها مشتتة ونادرة الاجتماع على مائدة واحدة بعد أن كانت تعرف بالوحدة والالتقاء دون مناسبات كل مساء فلم يكن هناك مجال للملل أو الوحدة في قلوب العائلات الجزائرية لكن اليوم والعديد قد تخلى عن روح الاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية على غرار المولد النبوي إحياء العام الهجري ويناير التي يقتصر فيها الاحتفال على مائدة الطعام دون أية مظاهر أخرى حتى أن منهم من لا يحضر حتى المأدبة أو هناك من يرى الأعياد هذه قليلة مقارنة بالأيام التي لا يتزاورون فيها فيما بينهم فيتمسكون بأية حجة للالتقاء وحتى أن هناك من يجدها فرصة للسهر مع الأصدقاء خارج المنزل أو مع العائلة في حين قد لا تسمح الفرصة في أعياد أخرى للاستمتاع بالأضواء والألعاب النارية وغيرها. الاحتفال بالسنة الميلادية لا يجوز شرعا من الناحية الشرعية لا يجوز الاحتفال برأس السنة الميلادية لأنه عيد وثني يبعد عن المسلمين وهو عيد يبعد عنا بعد السماء عن الأرض ولم يكن إلا نتيجة للتقليد الأعمى للغربيين الذين يبينون رفضهم لمشاركة بعض المسلمين أعيادهم بل ويضيقون الخناق على المهاجرين في إحيائهم للمناسبات الدينية ولم تعد تقتصر مظاهر الاحتفال بأعياد السنة الميلادية في حضور الحلويات والشكولاطة ومجسمات (بابا نوال) الذي يأخذ شكل ألعاب الأطفال بل تعدتها إلى اصطفاف العشرات من شجرات السابان التي تباع بالملايين ويتم عرضها في واجهات المحلات عبر المقاطعات الراقية وهو منعرج خطير اتخذه إشراك المسيحيين أعيادهم في بلاد المسلمين مما يوجب التوعية والإرشاد في هذا الشأن لعدم غرس تلك الثقافات والاحتفالات في عقول الأطفال والأجيال القادمة ولكي نحافظ على مبادئنا ومقوماتنا الإسلامية المتجذرة.