حدَّث أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فقال: إن رجلاً أتى النَّبيّ (صلى الله عليه وسلم)فاستحمله أي طلب منه أن يحمله على بعير ونحوه فقال له(صلى الله عليه وسلم): (إنا حاملوك على ولد الناقة). فقال الرجل: يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (هل تلد الإبل إلا النوق؟) فكان قوله هذا مداعبة للرجل ومزحاً معه وهو حق لا باطل فيه. سنن الترمذي كتاب البر والصلة عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) باب ما جاء في المزاح رقم (1990) وقال الترمذي حديث حسن صحيح وحدث النعمان بن بشير -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قال: استأذن أبوبكر على النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)فسمع صوت عائشة عالياً على رسول الله(صلى الله عليه وسلم)فلما دخل تناولها ليلطمها وقال: ألا أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله فجعل النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)يحجزه. وخرج أبو بكر مغضباً فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم)حين خرج أبوبكر: (كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟).فمكث أبو بكر أياماً ثم استأذن على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فوجدهما قد اصطلحا فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (قد فعلنا قد فعلنا). سنن أبي داود كتاب الأدب باب ما جاء في المزاح رقم (4999). ففي هذا الحديث من حسن العشرة وطيب المداعبة ما لا يخفى على متأمل. وحدث أنس بن مالك-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-أن النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)قال له: (يا ذا الأذنين) سنن الترمذي كتاب البر والصلة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باب ما جاء في المزاح رقم (1992) وسنن أبي داود كتاب الأدب باب ما جاء في المزاح رقم (5002) وهي مداعبة ظاهرة وهي حق واضح إذ كل إنسان ذو أذنين اثنتين. وحدث أنس بن مالك فقال: كان رجل من أهل البادية يقال له زاهر وكان يهدي للنبي(صلى الله عليه وسلم) الهدية من البادية فيجهزه النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم) إذا أراد أن يخرج فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فيه يوماً: (إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه) وكان رسول الله(صلى الله عليه وسلم)يحبه وكان هو رجلاً دميماً فأتاه النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره الرجل فقال: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بعد النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم) وجعل رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-يقول: (من يشتري مني هذا العبد؟) فقال لرسول(صلى الله عليه وسلم): (إذن والله تجدني كاسداً) فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): (لكن عند الله لست بكاسد أنت عند الله غال) مسند أحمد (3/161) وسنن البيهقي الكبرى(10/248) فالمزاح في هذا الحديث ظاهر بصورة واضحة ومعه من كمال الخُلُق وحسن الصحبة وطيب المخالطة ما لا مزيد عليه. وروى البزار عن ابن عمر: أن رجلاً كان يقال له عبد الله ويلَّقب بحمارة. وكان مضحك النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم) وكان يؤتى به في الشراب أي السكر ليقام عليه الحد. فجيء به يوماً فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به!! فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): (لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله) مسند البزار (1/393) فقوله: وكان يضحك النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم)دليل على أنه كان يمازحه حتى يضحكه والمزاح يكون بين اثنين فكل واحد يمازح الثاني. حديث الحسن البصري-رحمه الله تعالى-فقال: أتت امرأة إلى النَّبيّ(صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله! ادع الله لي أن يدخلني الله الجنة قال: (يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز) فولت العجوز تبكي فقال: (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز فإن الله تعالى يقول: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا ( 35-37) سورة الواقعة. ذكره ابن كثير في تفسيره عن هذه الآية(4/292) وقال رواه الترمذي في الشمائل