وسط تحديات خطيرة فتح تحتفل بذكرى تأسيسها ال 54 احتفلت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أمس الثلاثاء الأول من جانفي بالذكرى ال 54 لتأسيسها في ظل تحديات خطيرة تعصف بمشروعها السياسي وتتمثل أهم التحديات بعدم وجود استعداد لدى المحتل لاستكمال عملية السلام المتوقفة بالإضافة إلى انحياز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاحتلال كما يضعف الانقسام الفلسطيني الحالي بين الضفة الغربية وقطاع غزة موقف الحركة. ق.د/وكالات تبنت فتح عقب تأسيسها عام 1965 على يد قادة أبرزهم الرئيس الراحل ياسر عرفات الكفاح المسلح لتحرير كامل أراضي فلسطين التاريخية. ومع الوقت أصبحت فتح كُبرى الفصائل وقادت منظمة التحرير الفلسطينية التي تجمع غالبية الفصائل ومثّلت الشعب في المحافل العربية والدولية. ومع تطور الفكر السياسي للحركة قبلت بالحل السياسي للصراع مع الاحتلال وبتطبيق خيار حل الدولتين على أرض فلسطين التاريخية. وتسعى فتح التي يقودها حاليًا الرئيس محمود عباس منذ قبولها بالحل السياسي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس والتوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال التفاوض مع الاحتلال والتوقف عن الكفاح المسلح . وفي سبيل التوصل لهذا الأمر وقّعت منظمة التحرير التي تقودها فتح عام 1993 اتفاق أوسلو للسلام معالاحتلال الذي كان ينص على إقامة دولة فلسطينية وحلّ كافة الملفات العالقة مع نهاية عام 1999. ** عراقيل الحل السلمي يقول الفلسطينيون إن دولة الاحتلال بدأت في وضع العقبات أمام عملية السلام منذ اليوم الأول لبدء تنفيذ اتفاق أوسلو إذ نفذته بشكل انتقائي لكنه بالفعل تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية على مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة. إلّا أن سيطرة السلطة الفلسطينية كانت داخل المدن السكنية فقط فيما احتفظت تل أبيب بالسيطرة العسكرية خارجها وعلى كافة المعابر. كما أن حكومات الإحتلال بدلا من تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية ضاعفت من بنائها على أراضي الضفة الغربية وهو ما يجعل من تطبيق حل الدولتين أمرًا شبه مستحيل وفق خبراء. وفي جويلية 2000 عقد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قمة بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة الإحتلال إيهود باراك في منتجع كامب ديفيد بغرض إيجاد حل نهائي للصراع. استمرت مباحثات كامب ديفيد لمدة أسبوعين لكنها باءت بالفشل حيث اعتبر عرفات ما عُرض عليه لا يلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني. وعقب فشل القمة اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية نهاية عام 2000 ونتج عنها قتل دولة الاحتلال لآلاف المتظاهرين الفلسطينيين وجرح عشرات الآلاف وإعادة احتلال كامل مدن الضفة الغربية وتشديد الحصار على قطاع غزة وتدمير مطار غزة الجوي الذي يعد أحد أهم رموز اتفاق أوسلو. ولم تتوقف التحديات التي تواجه الحل السلمي للصراع عند هذا الحد حيث تعدته إلى هيمنة اليمين الذي يرفض خيار حل الدولتين من الأساس على الحكم في حين انحسرت قوى اليسار التي وقّعت اتفاقيات السلام مع الفلسطينيين. ويزيد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم من التحديات الخطيرة التي تواجه حركة فتح حيث أعلن عن اعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال في جانفي 2017 ونقل سفارة بلاده إليها منتصف ماي الماضي. وتأتي خطوة إسقاط القدس من الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات ضمن خطة الإدارة الأمريكية للتسوية المعروفة إعلاميا باسم صفقة القرن والتي تتضمن إجحافا كبيرا بالحقوق الفلسطينية وفق تسريبات متعددة. كما أن واشنطن رغم انحيازها الواضح ل تل أبيب فهي الوسيط الحصري لعملية السلام إذ ترفضدولة الاحتلال أي وساطات أخرى. ومؤخرا اتخذت إدارة ترامب عقوبات بحق الفلسطينيين لرفضهم خطواتها أهمها وقف تمويل وكالة أونروا الأممية لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين بشكل كامل وهو الأمر الذي يهدد استمرار عملها. ** تحديات كبيرة أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية جهاد حرب يرى أن فتح تواجه أربعة تحديات رئيسية. يقول حرب إن التحدي الأول يتمثل بالصعوبات الكبيرة في مشروعها السياسي التفاوضي لغياب الطرف الآخر المستعد لاستكمال عملية السلام بفعل ضعف اليسار وهيمنة قوى اليمين وبسبب السياسة الأمريكية المنحازة. ويضيف: 25 عاما مضت على توقيع اتفاق أوسلو ولم يتحقق الهدف المنشود بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق مبدأ حل الدولتين . ويلفت إلى أن حل الدولتين لم يعد قائمًا رغم إصرار الجانب الفلسطيني على التمسك به مستبعدا نجاح أي مبادرة دولية دون موافقة الولاياتالمتحدةالأمريكية والاحتلال . وقال: الولاياتالمتحدة أنهت (مبدأ) حل الدولتين باعترافها بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل سفارة بلادها للمدينة وسحب الدعم المقدم لوكالة (أونروا) وتشجيع الاستيطان . ويعتبر حرب أن التحدي الثاني يتمثل في الانقسام الداخلي الفلسطيني (بين فتح وحماس) باعتبار أن الوحدة عنصر الدفع الأساسي في مواجهة أي تحديات سياسية دولية وميدانيا في مواجهة الاحتلال . ويسود انقسام بين فتح و حماس منذ عام 2007 لم تفلح في إنهائه اتفاقيات عديدة أحدثها اتفاق وقعته الحركتان في 12 أكتوبر 2017. ويذكر حرب أن الخلافات الداخلية لحركة فتح تمثل تحديا ثالثا في إشارة إلى القيادي المفصول منها محمد دحلان الذي يحظى ببعض النفوذ داخل الحركة وخاصة في قطاع غزة. ورابعا تواجه فتح تحدي إعادة بناء أطرها التنظيمية الذي من شأنه استعادة ثقة الجمهور بها بحسب حرب. ويشير إلى أن فتح مدعوة إلى إعادة النظر في مشروع التفاوض مع دولة الاحتلال وتعزيز العمل السياسي والمقاومة الشعبية . من جانبه يتفق طلال عوكل المحلل السياسي الفلسطيني أن مشروع الحركة تعصف به مخاطر تهدف لمنع قيام دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967 والقبول بمشاريع تصفوية . ويرى عوكل أن الوحدة الفلسطينية وإعادة بناء نظام سياسي فلسطيني على أساس الشراكات مع القوى المختلفة تحدي كبير للحركة إلى جانب تحدي إنهاء الانقسام الفلسطيني ومزاحمة حركة حماس على السلطة والقرار. وينبّه الخبير إلى أن حركة فتح التي تعد حزب السلطة أمام تحدي التخلص من عبء اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير والاحتلال . ويلفت إلى ضرورة اتخاذ الحركة سياسات واستراتيجيات لمواجهة المخططات التي تستهدف المشروع الفلسطيني وبناء استراتيجية كفاحية تنسجم مع الهدف الأساسي للمشروع الوطني . من جهته يعتبر سليمان بشارات مدير مركز يبوس للدراسات السياسية بالضفة الغربية (غير حكومي) أن أخطر ما تواجهه حركة فتح هو خطة الإدارة الأمريكية صفقة القرن . ويشير إلى أن حكومة الإحتلال تضيّق الخناق على السلطة والمشروع الوطني الفلسطيني عبر استمرار التوسع الاستيطاني وتهويد مدينة القدسالمحتلة والاقتحامات والحواجز العسكرية.