أوضح القيادي وممثل حركة "حماس" في الجزائر محمد عثمان أن الكيان الصهيوني، باغتياله المهندس الطيار التونسي محمد الزواري، يريد أن يقول إنه لن يسمح للمقاومة في فلسطين أن تتمدد وأن تأخذ عمقها العربي والإسلامي، مشيرا إلى أنه لم يعلن ذلك حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية أو التجريم الدولي. وأضاف في حوار مع "الخبر" أن "انتفاضة القدس" تعتبر انعطافا تاريخيا مهما في تاريخ القضية الفلسطينية، بدأت من الشعب نفسه، ومن جيل أخذ على عاتقه جانب المبادرة بوسائله البسيطة، كالسكاكين والدهس، وهو ما جوبه بقبضة حديدية من السلطة الفلسطينية، بتنسيق أمني مع الكيان الصهيوني. ما دلالات وخلفيات مقتل المهندس الطيار التونسي محمد الزواري الذي كان ينتمي الى كتائب عز الدين القسام؟ الحقيقة بالنسبة للشهيد التونسي ، شهيد فلسطين والأمة العربية والإسلامية المهندس الطيار محمد الزواري فإن بصمات الكيان الصهيوني وأجهزته ذات الإجرام العابر للقارات واضحة في عملية اغتياله التي حدثت في هذا التوقيت العصيب، ففي الظرف الذي تمر فيه تونس وتلملم جراحها وتسعى لتوحيد صفها الداخلي وتستنهض طاقات شعبها يواصل هذا الكيان المجرم انتهاكه لسيادة الدول و للحقوق المدنية والمواثيق الدولية ليمارس عربدة أمنية يزعزع فيها استقرار المنطقة كعادته. ربما أراد الاحتلال من خلال ذلك ارسال رسالة للمقاومة أنه لن يسمح للمقاومة في فلسطين أن تتمدد خصوصا بعد أن شكل صمودها والنقلة النوعية التي وصلت إليها كتائب القسام في "حرب العصف المأكول" عام 2014، التي شنت على قطاع غزة، حيث تلقى صفعات قوية من كتائب العز مازالت ارتداداتها إلى الآن تحدث دويا في الأوساط الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية، حيث يتم تبادل الاتهامات بين الأجهزة في أسباب فشل الحملة التي استمرت لمدة 51 يوما دون أن تحقق أيا من أهدافها التي أعلنت، إذ لم يتم استئصال حركة (حماس)، ولا قصقصة أجنحتها -كما يقال- بل بالعكس، أثبتت الحركة أنها متجذرة في الأرض، وأنها حركة قادرة على ترميم قوتها كلما شن عليها العدوان، وأنها تفكر بشكل مستمر في تطوير أدواتها وقدراتها. والرسالة الأخرى التي لربما أراد الإحتلال الصهيوني توجيهها للشعوب الحية التي تحتضن القضية الفلسطينية في وجدانها هو أنه لن يتردد في ممارسة إرهابه ضدهم ليحول دون أن تأخذ المقاومة والقضية الفلسطينية عمقها العربي والإسلامي الطبيعي في وجدانهم، فالشهيد الزواري كما ذكرت كتائب القسام في نعيها قد ساهم في تطوير مشروع طائرات الأبابيل، وهي طائرة بدون طيار، وكان لها دورا حقيقة في صمود المقاومة في الحرب الأخيرة.. لكننا وقفنا على صمت اسرائيلي مطبق عقب الإعلان عن الاغتيال.. هذا أمر طبيعي اعتادت عليه أجهزة الكيان الإسرائيلي حتى تسلم من المحاسبة القانونية الدولية أو التجريم الدولي، وإن كان هناك إجماع في وسائل الإعلام الصهيوني بأن جهاز الموساد الإسرائيلي هو من نفذ هذه العملية. هل تتوقعون ردا من كتائب القسام؟ وكيف سيكون حسب رأيك؟ هذا نتركه لكتائب القسام، فهو من يمتلك القرار في الرد بالطريقة التي يراها ملائمة. إذن نعرج إلى إعادة فتح مكتب تمثيلي لحركة "حماس" في الجزائر، ما المغزى في أن يكون للحركة ممثلين هنا؟ حركة "حماس" ليست الوحيدة التي لها تمثيل في الجزائر، تقريبا معظم فصائل وقوى الشعب الفلسطيني المكونة في هيئة أحزاب لها ممثلون في الجزائر، وعلى اعتبار أن حركة "حماس" أحد مكونات هذا الشعب الفلسطيني التي حازت على شرعية تمثيله عندما حازت على 65% من أصوات شعبها في آخر انتخابات تشريعيه أجريت في فلسطين فغدت طرفا أساسيا يمتلك الفاعلية حقيقة على الأرض ويصنع الحدث ويواكبه، ويمتلك رؤية متكاملة للمأزق الذي تمر به القضية الفلسطينية ورؤية للحل الذي يمكن أن تشارك بدور فيه مع إخواننا في الفصائل والقوى الوطنية إلى جانب الدور المنوط بالدول العربية أن تأخذه تجاه قضية العرب المركزية. كما أن الحكومات الجزائرية المتعاقبة والجزائر عموما كنظام سياسي كان حريصا، منذ القدم، على التواصل مع قيادات و ممثلي الشعب الفلسطيني للإطلاع الدائم على مجريات ومستجدات الشأن الفلسطيني على الساحة المحلية والإقليمية والدولية من أجل فهم أعمق للقضية الفلسطينية والبحث عن مخارج وحلول لحالة الاستعصاء التي تواجهها. من هنا كانت رغبة الحركة على استمرار التواصل مع القيادة الجزائرية من خلال وجود ممثل لها في الجزائر والذي قوبل بترحيب من قبل القيادة الجزائرية، ونحن نثمن غاليا للجزائر قيادة وحكومة وشعبا هذا الموقف الذي لا يعتبر غريبا على تاريخها ورمزيتها النضالية، فالجزائر هي أيقونة الثورات التحررية العربية. في 14 ديسمبر 2016، مرت الذكرى ال 29 لتأسيس حركة "حماس". ما هي المكاسب التي تم تحقيقها، خاصة مع حكمها لقطاع غزة؟ وما دلالات أنها من أعم الكوادر الفلسطينية استهدافا لكوادرها وطواقمها من قبل الكيان الصهيوني؟ منذ 29 عاما انطلقت الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة"، وتحديدا سنة 1987، وهو نفس التاريخ الذي انطلقت فيه حركة "حماس"، وكانت قد عملت على تهيئة قاعدتها الشعبية تهيئة فكرية وروحانية لسنوات قبل الانطلاقة. (حماس) كانت شريكا أساسيا للقوى الفلسطينية التي شاركت في انطلاق "انتفاضة الحجارة" التي أضافت لها الحركة في عقد التسعينيات زخما قويا من خلال العمليات البطولية التي نفذها الكثير من شهداء وكوادر الحركة، وكان لها دور كبير في وضع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على درب الشرعية النضالية في فلسطين، وللأسف، في هذه الفترة اختار فريق من شعبنا مسارا اخرا لحل القضية الفلسطينية، وهو مسار المفاوضات "مسار أوسلو" الذي بدأ منذ مؤتمر مدريد عام 1991، وهو ما نؤرخ به في الحقيقة للانقسام الحقيقي بين حركة فتح من جهة وبين حركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية التي أعلنت رفضها لمسار المفاوضات و التسوية السياسية. وفي نهاية التسعينيات توصلت القيادة الفلسطينية آنذاك، ممثلة في الراحل ياسر عرفات الى ان الإسرائيليين يلعبون على الزمن وأنهم لا يريدون إعطاء شيء أو تقديم أي تنازلات، وبدى أن طريق المفاوضات وصل الطريق مسدود في عام 2000 في كامب دافيد. وهناك انطلقت الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" التي استمرت من العام 2000 إلى 2005، وكانت لحركة "حماس" بصمات واضحة فيها، وتوجت هذه الانتفاضة بانسحاب إسرائيلي من قطاع غزة، من طرف واحد أيام الهالك شارون، وتخلص قطاع غزة من الاحتلال ، وبقي الاحتلال متحكما بالقطاع من الخارج. في ذلك الوقت أرادت "حماس" أن تضيف إلى البعد النضالي لها وشرعية المقاومة، شرعية سياسية، فقررت الدخول في انتخابات المجلس التشريعي التي حازت الحركة خلالها على شعبية عاليه حيث حصدت نسبة قاربت 65 في المئة من أصوات شعبنا، و اعتبرت (حماس) هذه النتيجة استفتاء على برنامج المقاومة الذي تؤمن به وتتبناه في مقابل برنامج التسوية. كانت النتيجة مفاجئة للجميع بمن فيهم حركة "حماس" نفسها التي كانت واثقة من الفوز فيها ولكن ليس بهذه الصورة الكاسحة، هذه الثقة العالية من أبناء شعبنا وضع الحركة أمام واقع وتحدي جديد وهو تحدي الحكم، في البداية طلبت (حماس) من الفصائل الفلسطينية وعلى رأسهم حركة "فتح" أن تشاركها في إدارة الحكم في الضفة وقطاع غزة، لكن المساعي كلها لم تلفح، و انتهى المطاف بتولي مقاليد الحكم في غزة من طرف حركة "حماس"، وهنا انتقلنا إلى مرحلة تحدي جديد حيث حوصرت الحركة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، بل شنت عليها 3 حروب متتالية منذ العام 2008 حتى عام 2014، وهو ما دفع بالحركة الى مرحلة مخاض جديدة، وتحديات من نوع جديد، اذ لم يعد همها حينها تقوية عود المقاومة فقط، ولكن أضيف لها هم تسيير الأوضاع في قطاع غزة الذي يسكنه ما يقارب من المليوني شخص إلا أنها صمدت في وجه التحديات و تفانت في خدمة شعبها و حافظت على ثوابتها وطورت من إمكانياتها وقدراتها البشرية والمادية وقدمت من قادتها ورموزها شهداء ثمنا لهذا الصمود وجعلت من نفسها حربة متقدمة للدفاع عن الأمة والنيابة عنها في إفشال مشاريع التوسع و الهيمنة والتهويد والتقسيم وحرمت الإحتلال من الكلفة المنخفضة لاحتلاله للأرض الفلسطينية كما كان يأمل ، حتى غدت (حماس) لاعبا رئيسيا على الخارطة الوطنية الفلسطينية، لذلك كله - و جوابا على سؤالك- كانت حركة (حماس) و رموزها و كوادرها بل و مشروعها التحرري المقاوم على اولوية أجندة الاستهداف للعدو الصهيوني. في وقت تعتبرون أن الانقسام الداخلي أتى بعد "اتفاق أسلو" هناك من يراه بعد الانتفاضة الثانية، فهل من توضيح؟ جوهر الانقسام هو حول مسارات الحل التي يراها كل فريق للقضية الفلسطينية، في عام 93، وقبله بعامين في مدريد عندما انطلق مؤتمر السلام، اقتنعت حركة "فتح" بأنه قد آن الأوان للدخول إلى العملية السياسية كي تعيد للفلسطينيين حقوقهم فدخلت في سلسلة من المفاوضات المعلنة و السرية معي الإسرائيليين دون تثبيت شروط مسبقة تضمن التزام الطرف الإسرائيلي بما يتم الإتفاق عليه وبدون ان يحمي الطرف الفلسطيني المفاوض سقف التفاوض من إجباره تقديم تنازلات يفرضها دائما - كحال اي مفاوضات غير متكافئة - الطرف القوي على الطرف الأضعف. أفضت هذه المفاوضات الى توقيع "اتفاق اسلو" الذي كما قلنا عندما بدأ كمشروع سياسي استثنى العمل المقاوم المسلح كبديل حاضر يفرض شروط التفاوض لصالح ويضمن تنفيذ الاتفاقات، وهذا ما كانت تحذر من الحركة آنذاك و هو تماما ما أقدم عليه الكيان الإسرائيلي من مماطلة و تنصل من تنفيذ اتفاق "أوسلو" إلا ما اختص بالتزامات الطرف الفلسطيني الأمنية تجاه الإسرائيليين، وهذا ما اقتضى "السلطة الفلسطينية" إيقاف العمل المقاوم المسلح وملاحقته بل وتجريمه ومنع السلاح عنها واعتقال المقاومين بل وتسليمهم للعدو كما حدث في أكثر من مشهد. حتى آل الموقف الفلسطيني في الميدان إلى حالة من الضعف استغلها الجانب الإسرائيلي في ظل تراجع دوار القوى الاقليمية ، و منها العربية والاسلامية للاسف، في الصراع لمحاولة الإجهاز على المقاومة بعد أن نجحت في التهرب من تنفيذ الاتفاقات الموقعه في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية . وهنا انبرت المقاومة على رأسها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لإعادة القضية الى مسارها الصحيح وعدم السماح للكيان الاسرائيلي بالاستفراد بالفلسطينيين و القضاء على املهم في الحرية و التحرير وتقرير المصير. نحن لا نقول ان المقاومة الآن حققت للشعب الفلسطيني تطلعاته، لكنها بلا شك لجمت هذا التغول والتوسع في مشروعه الإحتلالي الذي يسعى لفرضه كأمر واقع مستغلا حالة الضعف و الإستنزاف في المنطقة، وتنامي شعبية الحركات اليمينية المتشددة تجاه العرب و المسلمين في الغرب. ما هي أبعاد وصدى "انتفاضة السكاكين"؟ وما مدى تأثير توجهات السلطة الفلسطينية المعادية لاي انتفاضة في الشارع الفلسطيني؟ "انتفاضة القدس" او ما عبرتم عنه "بإنتفاضة السكاكين" يمكن اعتبارها محطة مهمة في تاريخ القضية الفلسطينية لعدة أسباب، أولها هو طريقة نشأتها وظهورها حيث بدأت بشكل عفوي وغير منظم، حيث لم يتبناها في البداية أي فصيل سياسي أو عسكري، بدأت من شرائح متعددة من الشعب تتقدمهم فئة الشباب الذين ،بالمناسبة، غالبيتهم لم يشهد الانتفاضة الأولى وربما الثانية أيضا بل ونشؤوا و تربوا في فترة أوسلو وما بعدها اي على ثقافة تتغنى بالسلام وتدعو الى التعايش المشترك وحل الدولتين، كما كان يشاع، مع ذلك ادرك هذا الجيل أن كل هذه الأوهام لابد أن لا تشغله عن النهوض بدوره لنصرة القدس والأقصى الذي بدأ الإحتلال في وضع مشاريع تهويده وتقسيمه بين العرب واليهود موضع التنفيذ من خلال سلسلة من الإجراءات على الأرض شملت تغيير ملامح المدينة العربية والسماح لليهود بتدنيس باحات المسجد الأقصى، بل وشرع بتخصيص أوقات حصرية لهم لممارسة طقوسهم الدينية داخل ساحاته فيما عرف بالتقسيم الزماني للعبادة بين المسلمين واليهود، نظر هذا الجيل "الجديد" الفريد إلى الوسائل من حوله فوجد واقعا امنيا صعبا في الضفة الغربية، و خاصة في القدس، و وجد انقساما، لابد أن نعترف بذلك، بين مشروع التسوية و مشروع المقاومة يحول دون ان تلتحق قطاعات من الشعب و قواه ب"انتفاضة القدس"، فأخذ على عاتقه جانب المبادرة، بوسائل بسيطة، بالسكاكين، كما ذكرت، وأحيانا بالدهس للمجندين و المستوطنين، وهو ما جوبه بقبضة خشنة من السلطة الفلسطينية و بتنسيق امني مع الكيان الصهيوني حيث شرع في محاصرة هذه الانتفاضة و الحيلولة دون تمددها و تصاعدها، سمعنا -بكل أسف- كيف تعلن الجهات الأمنية في السلطة بأننا "أجهضنا أو اعتقلنا من حاول القيام بعمليات"، وأصبح مشهورا - و يا للعيب- ما تفاخر به رئيس جهاز المخابرات في السلطة ماجد فرج "إننا نفتش حقائب الأطفال عسى أن يكون فيها سلاحا أبيضا"، وكأنه يشهر بابناء شعبه أنهم مجرمون وقتلة وأصحاب عقول ملوثة و يحرض الإحتلال ضدهم. لذلك نرى أن إنتفاضة القدس رغم أنها لازالت مستمرة إلا أنه تأخذ شكل المنحنى الذي يصعد تارة ويهبط تارة أخرى تبعا للظروف و الفرص المحيطة، كما أنها تغير من تكتيكاتها وأساليبها بطريقة إبداعية تؤكد لأي مراقب روح الإصرار على المقاومة و تبعث رسالة للكيان الصهيوني بأن حيلة المفاوضات والتسويات السلمية لن تنطل مجددا على هذا الجيل.
وما الحل لانهاء هذا الانقسام؟ بكلمة واحدة ودون تردد، الحل في المصالحة، والعودة الى الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأن ندرك جميعا بأننا في قارب واحد، إما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا، الآن كلا المشروعين يمر بتحديات ومآزق، لكن مشروع التسوية يواجه مأزق من يهبط و ينحدر، ومشروع المقاومة يواجه مأزق أيضا لكنه مأزق من يصعد ويقترب من هدفه. المطلوب هو الاجتماع على برنامج وطني فلسطيني، وصياغة مشروع تحرري تتوافق عليه جميع مكونات الشعب الفلسطيني ولا تستثني منه أحدا، وأول خطوات ذلك هو ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني من خلال إعادة هيكلة وانتخاب مؤسسات و هيئات منظمة التحرير الفلسطينية ، وستبقى أيدينا ممدودة الى أن يتحقق ذلك، وصلنا الى قناعة راسخة وهي انه لا يمكن لفلسطين ان تتحرر دون وحدة وطنية، ولا يمكن للشعب ان يحقق طموحاته في التحرير والكيان الصهيوني ينظر اليه وهو منقسم بين تيارات وآراء ومسارات متناقضة و متنافرة.
وهو ما قد يعطي مبررا لمواقف بعض الدول العربية ازاء القضية الفلسطينية، الا تعتقدون ذلك؟ صح، استخدم الانقسام كمبرر لتبرئة الذات والتنصل من أي مسؤولية في السعي لرأب الصدع أو دور في مجابهة المشروع الصهيوني، لكن في الحقيقة هناك الكثير مما يمكن ان تفعله الدول وحتى الأنظمة، على رأسها الدول التي تقف بصدق الى جانب الحقوق الفلسطينية، وتعلي المصلحة الوطنية و القومية على الحسابات الداخلية و الذاتية من خال اللعب على المتناقضات. هناك دور بمكن ان تقوم به هذه الدول، وعلى رأسها الجزائر، فكل الفلسطينيين في الداخل والخارج ينظرون اليها على أنها الشقيقة الكبرى، والدولة الصديقة الصادقة والثابتة في مواقفها، ونحن في الحركة نناشدها بما لها من رصيد في قلوب الفلسطينيين بأن تبذل مساعي في المصالحة و ترتيب البيت الفلسطيني، ولربما تكللت الجهود بتوحد الشعب الفلسطيني في محطة جزائرية فارقة ، كما كانت من قبل محطة في اعلان قيام الدولة الفلسطينية. إلى أي مدى أثرت السياسات المصرية القاضية بغلق المعابر وفتحها لأيام قليلة لدواعي إنسانية، وإغراق الأنفاق، على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني؟ ما يحدث هو خنق لقطاع غزة من خلال استمرار إغلاق معبر رفح باعتبار أن معبر رفح هو الرئة والمتنفس الوحيد للقطاع، وهذا ادى الى مآسي و كوارث إنسانية عظيمة لا تتوقف عند تراجع ظروف الحياة اليومية الطبيعية من انقطاع في الكهرباء وشح في المياه الصالحة للشرب، بل يتجاوز ذلك الى نقص في الدواء والغذاء و الاحتياجات الأساسية الأخرى، وتفاقم الحالات الإنسانية الطارئة من مرض ودراسة وعمل في الخارج. نحن استبشرنا خيرا بالانفراجة المحدودة التي انتهجتها الجارة الشقيقة مصر مؤخراو المتمثلة في فتح المعبر لمدد متقطعة، كان اخرها 3 ايام، واستبشرنا خيرا ايضا بالرسائل غير المباشرة التي نقلت لنا من خلال اطراف التقت الجانب المصري، عبروا فيها عن نيتهم في العمل على ابقاء المعبر مفتوحا بشكل مستمر، و عن عدم ممانعتهم في التعامل مع الجهة التي تتحكم في المعبر حاليا، وانهم سيدعون فصائل وقوى العمل الفلسطيني في القطاع للإجتماع بهم بهدف ووضع ألية تضمن فتح دائم للمعبر. أما عملية إغراق الأنفاق- الشريان الوحيد الذي كان يمد القطاع بأسباب الحياة- فقد أدى الى كارثة كبرى، ولعلكم رصدتم ما حدث مؤخرا من غرق عدد من المدنيين في القطاع ممن خاطروا باستخدام ما تبقى من هذه الأنفاق للحصول على بعض السلع الضرورية فعاجلتهم المياه العادمة ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص في الحادث. وحقيقة نحن لا يمكن ان نفهم دوافع هذا العمل في ظل إعلاننا المتكرر عن حرصنا على امن مصر واستقرارها، وتأكيدنا دوما على استعدادنا للتنسيق المشتركة بهدف حماية حدود القطاع مع مصر من أي خطر يهدد أمنها القومي لها. كما أننا نحث الجانب المصري على الإسراع في تنفيذ ما وعد به وأعلنه من خلال أطراف عديدة من فتح معبر فتح بصورة دائمة وإنقاذ الحالة المأساوية في القطاع من الكوارث التي تهدد أهله الصامدين في حرب العربدة والغطرسة الصهيونية التي يخوضها نيابة عن الأمة وصونا لكرامتها.