إن العالم في حالة حركة متسارعة ومتغيرة بانتظام نتيجة التقدم الكبير الذي طال جميع مجالات الحياة الأمر الذي جعلنا في سباق مع الزمن لن نعرف كيف دخلنا فيه ولا يمكننا الخروج منه فكل هذه الفوضى التي انتشرت في العالم من الحروب والفتن والدمار والتشريد ليست وليدة اللحظة أو الصدفة وإنما هي نتيجة للأنانية والغطرسة المزروعة في النفوس والمتأصلة فيها. تلك الأنانية أدت إلى التسرع في إصدار القرارات والأحكام الخاطئة بحق الآخرين بحيث يختار كل شخص نفسه على حساب حقوق الآخرين حتى لو كان هذا الأمر يعني الإلغاء أو الموت للآخرين دون أن يعطي أو يعير قيمة لهم وحياتهم ولكنه لا يعلم أن هذا الإجحاف والظلم بحق الأخرين سوف يرتد عليه ويصيبه ما كان يتمناه لهم فالحياة دائرة مهما سرت فيها فسوف تتذوق إيجابياتها وسلبياتها حلوها ومرها حتى ترجع إلى نهاية الدائرة التي هي نفسها نقطة البداية وهي ساعة الندم حيث لا ينفع بها الندم. وانطلاقاً من ذلك يجب أن نتريث وندرس أحكامنا وقراراتنا بالصدق والأمانة بحيث تعود بالنفع على الجميع وليس على الذات فقط. فالله عزّ وجلّ وصف المتسرعين في كتابه ثمان مرات أربعة منها وصف فيها المتسرعون إلى أعمال الخير وأثنى عليهم وذكر لهم الثواب والأجر العظيم والأربعة الأخرى وصف بها المتسرعون إلى أعمال الشر وذمهم وأنذرهم بالعذاب المهين. نحن بشرٌ أولاً وأخيراً معرضون للخطأ في أي وقت وحين ولسنا أنبياء ولكن علينا التعامل بالمودة والرحمة والتشاور بالخير والتقوى والتحلي بالأخلاق الحميدة كي نُحسن الحكم على الأخرين لذلك على الإنسان التمهل والتريث في كل ما يصدر عنه وإن يخلص النية في تعاطيه مع الآخرين وأن يقصد دروب الخير ويتقي مسالك الشر والسوء في كل ما يتعلق بحياته وحياة الآخرين من اختيار شريك الحياة واختيار مجال العمل والمهنة واختيار الأصدقاء والبيئة التي تجعله يختار طريق الخير بسرعة وتبعد عنه مشاعر الغرور والأنانية وحب الذات والتسلط على الأخرين. وألا يضع نفسه في القوالب الجاهزة والمصطنعة. ويجب على الإنسان عدم التسرّع كثيراٌ قبل اعتقاد الأمور ودراستها والتشاور والاختيار فالندامة تأتي من العجلة والسلامة من التأني ويجب التمحيص والبحث في الأمور وتقصي الحقائق وعدم ترك الأمور تسير حسب أهوائه حتى لا يصاب بخيبة أمل في ساعة لا ينفع فيها الندم والحسرة. فالإنسان هو سيد نفسه وقراره بيده ويعلم أن ما يصدر عنه سوف يعود عليه أما بالخير أو الشر والحسرة على ما فرط فيه بسبب تسرعه ولكن دون أن يصل به التريث إلى درجة التردد التي تجعله خائفاً وجباناً بل يقيس الأمور بميزان الخير والشر ويجعل للمغامرة والشجاعة نصيباً في نفسه كل ما فكرت بقراراتك أكثر كل ما كان حكمك على الأمور أفضل وقرارك أعقل فقد يكون بتسرعك هلاكك أو دمار حالك. فاليوم وللأسف اختفت الأخلاق الحميدة ورفعت شعارات الفساد والسوء فتحول اللص إلى أمين والسارق إلى شريف واللئيم كريم إلّا أننا نحن بشرٌ أولاً وأخيراً معرضون للخطأ في أي وقت وحين ولسنا أنبياء ولكن علينا التعامل بالمودة والرحمة والتشاور بالخير والتقوى والتحلي بالأخلاق الحميدة كي نُحسن الحكم على الآخرين ونحترمهم لعلنا يوماً ما نحتاج إلى رحمتهم ومودتهم وحسن أخلاقهم فالدنيا دوارة والزمن غدار ودوام الحال من المحال.