الشيخ: قسول جلول الظاهرة الجديدة الحراك وخروج الناس هي ظاهرة صحية تؤكد بأن الشباب الجزائري على امتداد العصور كان يعطي الدروس في الوثبات النضالية وما قام به هي سابقة في تاريخ البشرية ولم تدرس في الجامعات حيرت المختصين في الدراسات المستقبلية وفتحت النقاش واسعا حول مآلا ت هذا الحراك . ليعلم المتحركين والمحركين أن الوثبة الحضارية التي قاموا بها عظيمة حقا وأهدافها عظيمة حقا والمحافظة عليها أعظم لأنها تهدف إلى رفع الظلم وتعظيم حقوق الناس والأحاديث النبوية تعظم من قدر حقوق الناس وتنذر من عاقبة هدر هذه الحقوق والإخلال بها وتبين السنة النبوية أن الوفاء بهذه الحقوق يحاسب عليها يوم القيامة وهي من الأمور العظيمة التي يجب القيام والوفاء بها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمةٌ لأحد من عرضِه أو شيء فليتحلَّلْه منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دينارٌ ولا درهمٌ إن كان له عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدرِ مظلمتِه وإن لم تكنْ له حسناتٌ أخذ من سيئاتِ صاحبِه فحمل عليه رواه البخاري أيها الشباب تمسكوا :بالأحاديث النبوية الكثيرة تعظم من قدر حقوق الناس يوم القيامة وتنذر من عاقبة هدر هذه الحقوق والإخلال بها وتبين السنة النبوية أن الوفاء بهذه الحقوق يوم القيامة يكون بنقص رصيد حسنات من أهدر هذه الحقوق. ولذا ينبغي لنا تدبر هذا الأمر ومعرفة حقوق الناس والسعي للوفاء بها والحذر من التهاون فيه.وحقوق الناس فالأمانة والحكم بالعدل قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ? إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ? إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:58 *أيها الشباب حافظوا على الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة لا منقوصة ولا مبخوسة ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها. {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ اَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} ويستلزم معرفة العدل ليحكم به. وفي القرآن الكريم أسمى التشريعات وأعلاها فهي شريعة الله رب العالمين الذي أمر بالعدل في كل حال ومع جميع الناس قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8 أيها الشباب حافظوا على ألسنتكم حفظ اللسان من التكلم بالسوء حتى في ذروة الغضب يجنب المسلم الحسرة والندامة ويكسبه سكينة القلب وحلاوة الإيمان فالكلمة قد تورث جرحا عميقا يؤذي مشاعر الناس ويكدر صفوهم. عدم الاعتداء قال الله تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا ? إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَ البقرة:190 . قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: والنهي عن الاعتداء يشمل أنواع الاعتداء كلها و فضل الشريعة الإسلامية عظيم في إقامة الصلاح والنهي عن الفساد حتى في شأن الحروب والقتال. وتجنب اتهام الناس بالباطل قال الله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [النساء:112] . إن الآية الكريمة تبرز الآثار العظيمة التي تترتب على اتهام الأبرياء بالباطل وفيها ترهيب شديد من هذه الجريمة الشنيعة لكل من تسول له نفسه رمي الأبرياء بما لم يفعلوا من آثام أو خطايا. وخاصة في هذه الأيام ولذا فعلى المسلم أن يحفظ لسانه وسريرته وأن يبكي على ذنوبه بدلا من التعرض للناس بالسوء. تجنب النميمة والإفساد بين الناس النميمة من الصفات الذميمة والتي يجب على المسلم أن يتوقف عنها خوفا من الله أيها الشباب تناصحوا يجب على المسلم النصح الشديد لمن يتاجر بالنميمة ليفسد الأجواء بين الناس ويكدر صفوهم فعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقبرَينِ فقال : إنهما لَيُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كبير أما أحدُهما فكان لا يَستَتِرُ منَ البولِ وأما الآخَرُ فكان يَمشي بالنَّميمَةِ. ثم أخَذ جَريدَةً رَطْبَةً فشَقَّها نِصفَينِ فغَرَز في كلِّ قبر واحدَةً قالوا : يا رسولَ اللهِ لِمَ فعَلتَ هذا ؟ قال : لَعلَّه يُخَفِّفُ عنهما ما لم يَيبَسا رواه البخاري أيها الشباب تمسكوا بقول الله ) . الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ? وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ? مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} آل عمران:110 . فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الإسلام العظيمة ومن أجل السمات التي يتصف بها من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم حق الاتباع. قال الله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَر فَعَلُوهُ ? لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} المائدة:79 ). والمؤمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قد يتعرض للأذى والمكاره وعليه أن يتحلى بالصبر ومقابلة الإساءة بالإحسان فالصبر على الأذى وسيلة لكسب الأجور فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ (ابن ماجه:3273 إن حب الخير للمسلمين من أعظم أبواب القرب من الله تعالى ومن أجل الأعمال التي يرجو بها المسلم الجنة ويكفي في هذه الصفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها شرطا لتمام وكمال الإيمان فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه (متفق عليه). والحديث يرشدنا إلى السعي إلى تحقيق ما يحبه المسلمون من معروف وخير فالمؤمن يلتمس كل الطرق والسبل لسعادة أخيه المسلم وفق ما يتيسر له من قدرة والسعي إلى تجنب الخسران والحسرة من عاقبة ظلم الناس والتعدي عليهم فمتى صدق العبد في التوبة بالندم على ما مضى والعزم على أن لا يعود وأقلع منها تعظيما لله تعالى وخوفا من الله سبحانه فإنه يتاب عليه ويمحو الله الكريم عنه ما مضى من الذنوب فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى . لكن إن كانت المعصية ظلما للعباد فذلك يحتاج إلى أداء الحق الذي عليه بالتوبة مما وقع والندم والإقلاع والعزم أن لا يعود وعليه مع ذلك أداء الحق لمستحقه أو تحلله من ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرةالآية183. رمضان عبادة تفيض في القلوب التقوى وتحلي بها النفوس فإذا بها مراقبة لله جل وعلا خائفة منه ممتثلة لأمره وهنا نجد لهذه الفريضة العظيمة أثرها في حصول الأمن والإيمان والسكينة والطمأنينة ما يفيض على القلب هدوؤه وسكينته وعلى النفس راحتها واستقرارها ونجد كذلك أن أجواء التعبد الروحانية في شهر رمضان تفيض هذا الأمن وذلك الأمان فذكر الله فيه يكثر وتلاوة القرآن فيه تعظم (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد الآية 28 لا بنشر مفتشي قمع الغش فرمضان كاف لتوفير الأمن والأمان والسكينة والاطمئنان وتقوية الوازع الديني وروح المراقبة عند المؤمن الصائم حقا ... فرمضان يلبس الشباب الصائم لباس التقوى تمنعهم من الوقوع فيما يفسد صومهم فالألسن فيه بحمد لله لا تفترعن ذكر واستغفار ودعاء وامتثال ونجدها كذلك وهي تلهج بهذه الأذكار وإذا بها تعلن بمزيد من وعد الله عز وجل بفيض من الراحة والطمأنينة ونجد ذلك أيضاً في الآثار السلوكية والخلقية التي تبعث الأمن والأمان في سلوكيات المسلم الصائم فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم فإنه يكظم غيظه ويحكم غضبه ويمنع نفسه من الاندفاع وراء نزوات وحدة تبعث على العدوان والإساءة ولذلك أن الصيام هو أمن سلوكي للإنسان لا يتعدى الحدود ولا يقترف المحرمات ولا يجترئ على غيره ولا على عرض أو مال أو نفس أو روح فلنجعل هذا الشهر فعلاً شهر أمن وإيمان شهر روح وريحان شهر طمأنينة قلوب وسكينة نفوس ورشد عقول واستقامة جوارح وحسن معاملة وحسن أخلاق.