الأستاذة فاطمة الزهراء ليشاني: الحجاب يعد فريضة شرعية وقيمة دينية وأخلاقية جاءت لتصون وتحمي المرأة والرجل والمجتمع من الفساد الأخلاقي الذي ينخر جسد الأمة ويعرضها للأسقام والضياع والانهيار مصداقا لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الْلَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا الآية رقم 59 من سورة الأحزاب. الحجاب لا يقيد الأنثى ولا يلغي أنوثتها التي تعتز بها ولا يعوقها عن ممارسة حياتها ونشاطاتها العادية التي تشترك فيها مع صديقاتها وزميلاتها غير المحجبات. وقد أثبت الواقع المعيش أن المرأة المحجبة استطاعت كغيرها من الرجال والنساء تبوّء مكانتها العلمية والفكرية والسياسية والوظيفية دون الإحساس بعقدة الضعف والدونية. وهذا أثبت بطلان الادعاءات الرامية لتكبيل المرأة المحجبة وتقزيم دورها في المجتمع. ظاهرة الهجوم على حجاب المسلمات ليست وليدة اليوم..فقد تعرضت المرأة المحجبة إلى ضغوطات كانت ترمي سهامها باتجاهها من مختلف الأطياف والتوجهات في المجتمع. الحجاب يخيف بعضهم انتشاره ورواجه لأنه في نظرهم يحرم المرأة من التبرج وإظهار زينتها ومفاتنها.. وأن الالتزام به تزمت ورجعية وضد حياة التقدم والعصرنة والحرية وذلك انسجاما مع أهوائهم واستجابة لشهواتهم المتحكمة فيهم. وهذه النظرة تجعل هؤلاء من الرجال والنساء على حد سواء لا يترددون في المشاركة في أي معركة تخاض لمحاربة الحجاب..لا سيما أن مفهوم الحجاب قد ارتبط بمغالطات فكرية ناتجة عن اتجاهات فكرية مغرضة لا يخدمها ويحقق مصالحها انتشار ورواج الحجاب في المجتمع. الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة المسلمة في آيات قرآنية وذكرته أحاديث نبوية عديدة ونصوص إجماع الأمة سلفا وخلفاالذي تلتزم به المرأة المسلمة عن إيمان وقناعة لإرضاء ربها لا يشكل خطرا علىالسلم الاجتماعي وأمن الدّول. إن السلم الاجتماعي وأمن الدول لا يتحقق بإلغاء الخصوصيات والتنوع الاجتماعي بل الضغط السياسي العلماني المتواصل على الحجاب قد يكون سببا ودافعا لنشوء أفكار أو حركات متطرفة تجهل حقيقة الإسلام في اعتداله ووسطيته وجماله ونقائه وصفائه فتتجه لمحاربة المناهضين لكل رمز من رموز الإسلام بالعنف فالعنف لا يولد إلا عنفا مضادا. لذا لا بد من إطار وغطاء قانوني يبنى على أساس السلم الاجتماعي والوطن الواحد والمصلحة المشتركة وقبول التنوع في المجتمع. لا يمكن أن يكون الحجاب سببا في إفقار البلد فالفقر ظاهرة تعاني منها مختلف بلدان العالم وله أسبابه الموضوعية. وتعجبني الحكمة القائلة: من أراد النجاح في هذا العالم عليه أن يتغلب على أسباب الفقر الستة:النوم والتراخي والخوف والغضب والكسل والمماطلة. فالحجاب بريء من تهمة إلحاق الفقر والانهيار الاقتصادي للبلد.. والحجاب لا يعوق التطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي. فالكل أصبح ينهل من العلوم والمعارف والتكنولوجيا والفتاة المحجبة كغيرها من المتفوقين والنوابغ استطاعت أن تبرز في سماء هذه المعارف ونتائج الباكالوريا عندنا كما تابع الجميع تعكس هذه الحقيقة. المادة الثانية من الدستور التي تنص صراحة على الاسلام دين الدولة تسعى بالمقابل أطراف علمانية لحذفها وهي نفسها التي تسعى وتدعو صراحة لتقليص تدريس التربية الإسلامية وهي نفسها التي تهين الحجاب والمحجبات في القنوات وكل وسائل الإعلام.