الجيش الجزائري مرتبط على الدوام بالوطن والشعب    عطاف يستقبل بنيويورك المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا    الرئيس تبون يستقبل رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية    الجزائر خدمت القرآن الكريم تفسيرا وترتيلا وتجويدا    تخفيف البرامج لن يمس المواد المتعلقة بالهوية الوطنية    شراكة مع الأوروبيين لإنشاء الممرّ الجنوبي للهيدروجين    المعرض الإفريقي للتجارة البينية.. ثمرة الدبلوماسية الاقتصادية    تحدث لقناة "سوبر سبور" الأذربيجانية: يمتلك عروض مهمة.. بنزية يكشف حقيقة رحيله عن كاراباخ    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: نادي سانت جيلواز يطلب أكثر من 20 مليون يورو لبيع عمورة    ضخ دماء جديدة لكتيبة بيتكوفيتش: أبرزها أويز.. 3 جواهر ستدعم "الخضر" بعد أولمبياد باريس!    تعزيز التعاون في الرقمنة وتطوير الخدمات الإلكترونية    تنظيم خطوط النقل البري.. وتجنب سياقة الحافلات لمسافات طويلة    طن من المساعدات الجزائرية إلى الشعب الفلسطيني420    الجزائر رائدة إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي    تراث العلّامة ابن باديس وقفا لجامع الجزائر    العدوان الإسرائيلي والرد الإيراني: كيف وإلى أين؟    السيد بوغالي: "بالعلم ستختصر الجزائر المسافات وتتجاوز التحديات"    سوناطراك توقع على بروتوكول اتفاق مع شركة سويدية    قرعة الكأس تُسحب اليوم    كأس السوبر الإفريقي-سيدات لكرة اليد: تتويج نادي بريميرو دي أغوستو أمام بيترو أتلتيكو (31-28) و يتأهل إلى المونديال    أسباب النجاح.. جاهزة    مستوى المنافسات الإفريقية تطور بشكل ملحوظ    مانشستر سيتي يمر للسّرعة القصوى من أجل حسم صفقة آيت نوري    العرباوي يلتقي سفير البرتغال    بوغالي يستقبل سيرغي أنيليك    بسكرة.. مشاريع لتجديد شبكات الصرف الصحي ومياه الشرب    باتنة : حادث مرور وقع ببلدية رأس العيون    مشاهد مرعبة لجريمة صهيونية جديدة    تظاهرة تحسيسيّة بالقضية الصّحراوية في بلاد الباسك    ترامواي: سيترام تطلق موقعها الجديد لتحسين تجربة الزبائن وتلبية احتياجاتهم    في زيارة فجائية لمستشفى سدراتة بسوق أهراس : الوالي يطالب بتحسين الخدمات في المخبر والأشعة    خلال سنة 2023..حجز أزيد من 10 ملايين قرص مهلوس و29 طنا من الكيف المعالج    السودان : الجيش يقصف بالطائرات المسيرة مواقع "الدعم السريع"    السيد بداري يبرز أهمية استخدام الذكاء الإصطناعي لتطوير الإبتكار    حوادث المرور: وفاة 47 شخصا وإصابة 2017 آخرين بجروح خلال أسبوع    وضع حيز الخدمة مشروع خط السكة الحديدية خنشلة عين البيضاء قبل نهاية الشهر الجاري    بارا جيدو (العاب برالمبية- 2024): ارتقاء المصارع الجزائري عبد القادر بوعامر بعدة مراكز في طريق التأهل الى موعد باريس    يعرض 7 أعمال سينمائية فلسطينية تباعا طيلة أيام التظاهرة .. "فيفا -تحيا- فلسطين" برنامج خاص في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    إنعقاد الدورة الأولى للمجلس الإستشاري لمعرض التجارة بين البلدان الإفريقية بالجزائر    إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين المحررين : خرق صارخ لصفقات التبادل تغذيه نزعة انتقامية صهيونية    وليد يعرض بسويسرا جهود الجزائر    دعت إلى وضع حد لآلة القتل الهمجي للشعب الفلسطيني: الجزائر تحذر من اتخاذ الرد الإيراني ذريعة لاجتياح رفح    في ذكرى يوم العلم..    "نوافذ على الآخر" كتابٌ جديد للدكتور أزراج عمر    وفق تقرير لجامعة هارفرد: الجزائري سليم بوقرموح ضمن أهم العلماء المساهمين في الطب    وهران.. أكثر من 200 عارض منتظرون في الطبعة 26 للصالون الدولي للصحة    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    انطلاق عملية حجز التّذاكر للحجّاج المسافرين    جهود لإبراز المقومات السياحية لعاصمة الصخرة السوداء    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    المعتصم بالله واثق ميدني.. الطفل الذي أزهر عالم الأدب    إبراز المصطلح بين جهود القدماء والمحدثين    فرصة للاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية الجزائرية الأندلسية    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    تمكين الحجاج من السفر مع بعض في نفس الرحلة    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    قوجيل يهنئ الشعب الجزائري بمناسبة عيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهم الدنيا ولنا الآخرة
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 12 - 2020


روائع القصص النبوي
لهم الدنيا ولنا الآخرة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظاً مصبوباً وعند رأسه أُهُب معلّقة فرأى أثر الحصير في جنبه فبكى فقال: (ما يبكيك؟) فقال له: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟) متفق عليه.
وفي رواية أخرى: ..ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئاً يردّ البصر غير أُهبة ثلاثة فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وُسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال: ( أو في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا) متفق عليه.
*تفاصيل الموقف
كم وقت مرّ فيه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أمام بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يكاد يتذكّر مشاهدته للأدخنة وهي تتصاعد من تنّور بيته عليه الصلاة والسلام -سوى مرّة تقريباً كلّ ثلاثة أشهر- فيؤلمه الواقع ويُحزنه الحال.
ولطالما أبصر عمر رضي الله عنه سيّد الأوّلين والآخرين في ثياب متواضعة وهيئة بسيطة ومركب معتاد فلا ترف ولا إسراف ولا حاشية ولا خدم كما هو شأن الأباطرة والأكاسرة ولكن كساءٌ خشن وإزارٌ غليظ ورداء نجراني وركوب على بغلة بيضاء أو ناقة حمراء لا سراج من حرير أو خطام مطعّم بخيوط الذهب بل مادّة ذلك كلّه الليف الخشن الذي يصنع الأخاديد على راحة اليد ولا قصور مشيّدة ولا بساتين عالية ولكن بيوت طين له ولزوجاته فيزداد ألم عمر رضي الله عنه ويتعاظم.
وتتوالى الأيّام واحدةً تلو الأخرى ومع مرورها تزداد مشاعر الإشفاق على حال النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء اليوم الذي دخل فيه عمر رضي الله عنه ليناجيه في بعض الأمور فهاله ما رأى!!.
ها هو النبي صلى الله عليه وسلّم نائمٌ في حجرته وسريره -إن جاز لنا أن نسمّيه سريراً- ليس سوى قطعة حصير بالية تكاد تلتصق بالأرض وعليها وسادة جلديّة محشوّة بالليف أهذا هو سرير خير الخلق وأعلاهم منزلة؟ أين هذا مما يسمعه من الأبّهة التي عليها ملوك الأرض في زمانه الذين ينامون على أسرّة تُصنع من أغلى المعادن وأنفسها فتُحلّى قضبانها بالذهب الخالص وتُرصّع بألوان الجواهر والياقوت وتُحشى بطانتها بأفضل أنواع القطن وأجوده وتجد عليها أستار الحرير ومن حولها قناديل الذهب في أجواء الرفاهيّة المشبعة بأذكى العطور وأجملها رائحة.
ويرمي عمر رضي الله عنه ببصره إلى نواحي البيت فلا يكاد يقف على شيء من الأثاث سوى قِطَع جلديّة رثّة وجرّة بها ماؤه ووضوؤه وصحاف قديمة ليس بينها مائدة طعام ورفّ عليه شيء من الشعير الذي تصنع منه عائشة رضي الله عنها ما يأكلون.
وبينما كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه غارقاً في تأمّلاته إذ قام النبي -صلى الله عليه وسلم- من حصيره وقد أثّر على جنبه عندها تفجّرت مآقي الدمع من عيون عمر رضي الله عنه ولم يستطع أن يحتمل أكثر من ذلك.
كان بكاء عمر رضي الله عنه مفاجئاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر الذي جعله يتساءل عن سرّ بكائه وأحزانه فيُفضي إليه عمر رضي الله عنه بمشاعره ولوعاته: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله وفي الرواية الثانية: فارس والروم وُسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله .
أَوَهذا الذي يُبكيك يا عمر ؟ دع طغاة الأرض وملوكها في قصورهم الشاهقة ومعاشهم الرغيد ومركبهم الأنيق دعهم يتنسّموا عبير زهرة الحياة الدنيا مرّة بعد مرّة فلسوف يأتي اليوم الذي تذبل زهرتها ولو بعد حين ويُفضي كلّ امرئ منهم إلى ما قدّم.
هو اختيارٌ واضحٌ إذاً: أولئك القوم اختاروا الدنيا على الآخرة وفضّلوا العاجلة على الباقية فلهم ما اختاروا {وما كان عطاء ربّك محظوراً} ولئن رضوا باختيارهم هذا فأخلدوا إلى الأرض فسوف نرتفع بهاماتنا إلى السماء ونسموا بهمّتنا إلى العلياء مستعذبين في سبيل ذلك كلّ مكروه وصابرين على كلّ بلاء ومستقلّين من متع الدنيا لأن المسافر لا يأخذ معه إلا ما هو ضروري وهذه هي حقيقة الاستعلاء على الشهوات والرغبات التي يرسمها لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- منهاج حياة.
*إضاءات حول الموقف
درسٌ من الطراز الأوّل يقدّمه لنا النبي -صلى الله عليه وسلم-في علوّ الهمّة وقوّة العزيمة وسموّ المطلب والاستخفاف بملاهي الحياة والزهد بما فيها وتوظيف من يقابله الإنسان من الشدائد والمكاره في تهذيب النفوس والأخلاق.
ولم يكن الموقف الذي بين أيدينا سوى صورة مصغّرة للكمال النبوي لتُصبح سيرته عليه الصلاة والسلام أنموذجاً يُحتذى به وطريقاً نسير عليه.
ولو شاء النبي -صلى الله عليه وسلم-لأجرى الله بين يديه ألوان النعيم ولكان له من ذلك أوفر الحظّ والنصيب لكنّه كان راضياً بالقليل قانعاً باليسير واضعاً نُصب عينيه قول الحقّ تبارك وتعالى: { ورزق ربك خير وأبقى} (طه : 131).
يروي لنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال عن نفسه: (إن عبداً عُرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة) رواه أحمد ونزل إليه ذات مرّة ملكٌ من السماء فقال له: إن الله يخيّرك بين أن تكون عبداً نبيّاً وبين أن تكون ملكاً نبيّا فأجاب: (بل أكون عبداً نبياً) رواه البخاري في تاريخه وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) متفق عليه.
ولعلّ في هذه القلّة التي كان يعيشها النبي -صلى الله عليه وسلم- سلوىً للفقراء وعزاءً لكل مسكين فلا يعيقهم مكروه أصابهم أو بأسٌ حلّ بهم أو شدّة ألمّت بواقعهم عن بلوغ أهدافهم بل تتّصل قلوبهم بالله وتمتلئ نفوسهم رضاً بقضاء الله وقدره وقسمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.