تحتفل جنوب إفريقيا والأفارقة بصفة عامة بكأس العالم الذي يجري ولأوّل مرة على أرض القارة، وهو الأمر الذي استغله الجنوب إفريقيون في التعبير وتصدير ثقافتهم وهويتهم، ومما ميز المونديال تلك الأجهزة التي اكتشفها العالم والتي أثارت ضجة كبيرة والتي تسمى »الفوفوزيلا«. »الفوفوزيلا« عبارة عن آلة نفخ تشبه البوق في مظهرها العام، يبلغ طولُها حوالي المتر، إلاّ أنها لها أشكال وأحجام كثيرة ومتنوعة، تصنع من الصفائح المعدنية، وسميت كذلك لأن الصوت التي تصدره »فوفو«، وهو صوت يشبه صوت الفيلة، وكانت تستعمل في القديم لدعوة الناس إلى حضور الاجتماعات، قبل أن تتحول إلى رمز في ملاعب كرة القدم بجنوب إفريقيا. وقد لقيت »الفوفوزيلا« خلال المونديال الجاري الكثير من الانتقادات، حيث قال بعض المدربين واللاعبين، على غرار اللاعب البرتغالي »كرستيانو رونالدو« إنّ الصوت الذي تصدره مزعج، وإنه يشوش على اللاعبين فوق أرضية الميدان ويجعلهم غير قادرين على التركيز، ولا على التفاهم والاستماع إلى بعضهم البعض، فيما دافع عنها آخرون، وقالوا إنها بمثابة الهوية التي تميز الجنوب إفريقيين، وبالتالي لا يمكن منعها، بل لا بد من التأقلم معها. ولأنّ المونديال، ثاني أكبر حدث رياضي في العالم يتتبعه الكثيرون، فإن »الفوفوزيلا« أثارت اهتمام الشعوب، وجعلت بعض الشركات في البلدان الإفريقية وحتى العالمية تصنع مثلها، حتى تناصر الجماهير فرقها المفضلة بها، على طريقة جنوب إفريقيا، خاصة وأن هناك أشكالا مختلفة لتلك »الفوفوزيلا«، منها تلك الكبيرة والتي تشبه الأصلية، ومنها حتى الصغيرة التي صنعت للأطفال الصغار الذين تأثروا كذلك بها. وفي الجزائر راح المواطنون يقبلون على تلك الأجهزة أو الأبواق الصغيرة والتي تصدر صوتا غريبا، ما إن نسمعه حتى يخيل إلينا أننا في أجواء المونديال، ورغم أن فريقنا الوطني خرج من المونديال إلا أنّ الكثير من متتبعي الكرة لا يزالون يستعملونها خاصة الأطفال، وقد أحدث ظهورها الكثير من الاستياء عند بعض المواطنين الذين هم كذلك رأوا أنها مثيرة للإزعاج، بل إنه حدث وأن وقعت بعض الاشتباكات بسببها. فريدة أم لطفلين قالت إن ابنيها اللذين لا يبلغ أكبرهما التاسعة من العمر تأثرا كثيرا بالمونديال، خاصة وأن الفريق الوطني قد شارك به، وأضافت: »لقد صبغ أحدهما شعره بالأصفر، على طريقة يبدة وزياني وشاوشي، واقتنى الآخر »فوفوزيلا« صغيرة من محل الحي، وصارت لا تفارقه، فقد كان في الأول يحتفل بها لدى تتبعه لمباريات الخضر، ثمّ صار يلعب بها في كل وقت، حتى أنه صار يعبِّر بها عن كل شيء عن استيائه وفرحته وسخطه، وكل شيء، ولقد نهيته مرات عدة عن استعمالها في أوقات الصباح أو الليل، لكنه لم ينته، وأخشى ما أخشاه أن يستمر بيعُها بعد المونديال، وأن يبقى ابني متعلقا بها خاصّة وأنها لا تصدر نغمات بل أصواتا مزعجة تكاد تصم الآذان، ولا أدري لما تعلق بها الشعب الشقيق في جنوب إفريقيا«. أما محمد،41 سنة، فقد دافع عنها، وقال: »ما يميز تلك الآلات ليس الصوت الذي تصدره، بل الرمز الذي تحمله معها، فهي تعبر عن شعب وثقافة بأكملها، وهو الأمر الذي يجعلنا وما إن نسمعها حتى نتنقل إلى أجواء المونديال، ونعيش مع الجنوب إفريقيين فرحتهم واحتفالهم بالمونديال، فهي فرصة للذين لم يسعفهم الحظ في التنقل إلى جنوب إفريقيا لمعايشة الحدث، ولو أنّ تأشيرتهم لن تكون إلاّ آلة بسيطة اسمها الفوفوزيلا«. وقد صارت »الفوفوزيلا« في الأيام القليلة طريقة لمضايقة الأصدقاء، حيث يستعملها البعض في ممازحة غيرهم، خاصّة بالنسبة للذين يفقدون أعصابهم ويتوترون بسرعة حتى أنّ شجارات كثيرة أثيرت بسببها بين الجيران والأصدقاء وفي الشارع إذ يستعملها البعض في غير وقتها.