مع مرور الوقت وزمن العولمة ومختلف التكنولوجيات الحديثة بدأت تختفي التقاليد الشعبية وبعض الثقافات من بينها الأمثال الشعبية التي تقلصت بشكل جلي لاسيما بين الجيل الجديد، وللغوص في هذا الموضوع سلطنا الضوء من خلال جولة ميدانية استطلعنا من خلالها آراء بعض شباب جيل اليوم والبعض الآخر، الذين في بادئ الأمر أجمعوا بأنّه لا يمكن إنكار حقيقة الأمثال الشعبية كيف لا ومعظم كبار السن يتداولونها من خلال حديثهم، حيث في كل عبارة يقدمون فيها مثلا شعبيا يعززون به آراءهم في أمر ما أو مواقف معينة· وقد تشكل الأمثال ثقافة وجزءا مستمدا من حياة هؤلاء، وفي كثير من الأحيان نجد بعض كبار السن يرددون الأمثال كنصيحة للغير على سبيل المثال (سرواله حلفة ويتخطى النار)، على الإنسان الذي ليس له قدرة على اجتياز عقبة سيئة ويجازف ويريد ركوب المخاطر، في حين أنّ شباب اليوم المتعلم الذي نال شهادات عليا والذي انغمس في عالم التكنولوجيا من أنترنت وفايسبوك وغيرها من الثقافات الحديثة إلا أنه يجهل العديد من الأمثال الشعبية، رغم أنّ هذه الأمثال جلها عبارة عن حكم يستمد منها الإنسان بصفة عامة ثقافته· تقول السيدة صبرينة أستاذة في علم النفس (غالبا ما استخدم الأمثال الشعبية في بعض المواقف المعينة، وبطريقة عفوية كون الموقف أو الأمر الذي أعالج به الشيء يعتمد أساسا على إعطاء المثل الشعبي، وقد تتردد هذه الأمثال يوميا في المنزل كون جدي البالغ من العمر 70 سنة معظم كلامه يستخدم فيه هذه الأمثال التي تعد ثقافة، ينطقها بسلاسة وتلقائية (اللي يحب العكري ينوض بكري) وهذا المثل يردده في حالة تأخر أي فرد من العائلة عن عمله أو في حالة تأخره عن قضاء حاجة معينة، وتضيف أن بعض المواقف لا يحسمها سوى مثل شعبي يعزز به كلامه أو نصيحته للغير، والذكاء الكبير الذي تنم عنه هذه الأخيرة، وحسب رأيي أن الأمثال الشعبية لها دور مهم في إلقاء النصيحة فالثل يتركك تعيد التفكير مليا في أمر ما مثل (خذ الرأي اللي يبكيك ما تاخذش الراي اللي يضحكك) وغيرها من الأمثال التي فيها القسط الكبير من الحكم والتي هي كفيلة بتغيير مسار الشيء وعن مدى التزامها بتلقين الأمثال الشعبية لأطفالها، تشير بأنّها لا تكلف نفسها عناء ذلك، باعتبار أنها تنتقل تلقائيا من جيل إلى آخر، بمجرد تداولها في الأوساط العائلية وأن كل عائلة لازالت محافظة على تداول هذه الأمثال أبا عن جد الأمر الذي يجعلها ترسخ في ذكرة الأبناء لا محالة· (أما نسيمة جابري، طالبة بالحقوق تقول إن الأمثال الشعبية تقلصت بشكل كبير لاسيما وسط شباب اليوم عموما، وتواجدها بتواجد الآباء وأنها في طريق الزوال مع مرور الزمن خاصة في عصر عرفت الأنترانت سيطرتها، حيث سلبت العقول خاصة بعد دخول الفايسوبوك والأيفون، وأردفت قائلة (أنا شخصيا لا أحفظ إلا القليل منها، فالمصطلحات التكنولوجية طغت كثيرا وحلت محلها· وفي الأخير نقول إن الحفاظ على التقاليد وهذا الموروث الثري بالحكم مرتبط بتضافر جهود الأسرة والمجتمع والمدرسة·