أفادت مصادر قضائية (أخبار اليوم) بأن المحكمة العليا وافقت على الطعن بالنّقض الذي تقدّمت به النيابة العامّة فيما يخص حكم البراءة الذي تحصّل عليه العائد من غوانتانامو (ح. سفيان) الذي يتواجد حاليا بمستشفى الأمراض العقلية (فرانتز فانون) بسبب إصابته بانهيار عصبي في آخر مراحله جرّاء التعذيب الذي تعرّض له خلال السنوات التي قضاها في المعتقل. إعادة محاكمة المكنّى هواري عبد الرحمن، 28 سنة، شهر نوفمبر القادم تعدّ سابقة أولى من نوعها في تاريخ القضاء الجزائري، حيث لم يسبق وأن تمّت إعادة محاكمة أيّ عائد من غوانتانامو، واعتبر القضاء أحكام البراءة الصادرة في حقّهم أحكام نهائية باعتبار أن محاكمتهم كانت شكلية باستثناء (ح. سفيان) الذي تشير جميع تقارير الخبرة حسب دفاعه إلى أن وضعه الصحّي حرج ولا يسمح بمثوله مجدّدا أمام القضاء. حيث يشير التقرير إلى أن صحّة المعتقل تدهورت بسبب أنواع العذاب الذي تعرّض له، وأنه أصيب بالجنون بعد أن وصل الانهيار العصبي الذي أصيب به إلى آخر مراحله، حيث تمّ إجباره من طرف السلطات الأمريكية على تناول دواء أفقده وعيه وأثّر في زيادة حالته العصبية، وهو ما يعطيه الحقّ في الإفراج بقوة القانون، وأضافت محاميته أن موكّلها ما يزال يعاني من نفس الأعراض وأنها استغربت إعادة جدولة ملفه رغم اطّلاع القاضي المكلّف على جميع تقارير الخبرة الشرعية التي أجريت له، وأن محاكمته تعني التشكيك في هذه التقارير، وأن موكّلها في جميع قواه العقلية ومسؤول على أفعاله. الجدير بالذّكر أن وقائع القضية تعود إلى سنة 1999 عندما غادر المتّهم أرض الوطن باتجاه فرنسا بحثا عن العمل، ثمّ توجّه إلى بريطانيا سنة 2000 ومنها إلى بيشاور بباكستان بغرض تلقّي العلم وأصول الشريعة، ثمّ دخل التراب الأفغاني، وفي أواخر شهر سبتمبر 2001 تمّ قصف منطقة بالقرب من كابول من طرف القوات الأمريكية أين أصيب بشظية على مستوى الرّأس فتمّ نقله إلى المستشفى المدني بباكستان أين أجريت له عملية جراحية على مستوى الرّأس لكنها لم تكلّل بالنّجاح، ليتمّ تحويله إلى أحد السجون قبل أن يتقرّر نقله على متن طائرة حربية إلى معتقل العار أين مكث إلى غاية سنة 2008 أين تمّ تسليمه للسلطات الجزائرية التي حوّلته مباشرة إلى مستشفى الأمراض النّفسية قبل أن تحيله على العدالة بتهمة الانخراط في جماعة إرهابية تنشط خارج الوطن والتزوير واستعمال المزوّر. وقد سبق للمتّهم وأن اعترف خلال محاكمته الأولى سنة 2010 بأنه تدرّب على استعمال رشاش من نوع كلاشنيكوف على يد شخص يدعى محمد الجزائري، نافيا بالمقابل أن يكون أحد قد فاتحه في موضوع جماعة مسلّحة أو قتال محتمل ضد أيّ كان، كما نفى وجود أيّ علاقة تربطه بجماعات إرهابية داخل أو خارج الوطن، مشيرا إلى أن التدريب العسكري الذي خضع له (دام ساعات قليلة فقط) ويندرج في إطار التعرّف على طريقة استعمال الأسلحة، وأنه تعرّض لمختلف أنواع التعذيب، وأن المحقّقين كانوا يجبرونه على تناول دواء يفقده الوعي، كما لم يتمكّن من نزع الشظية التي أصيب على مستوى الرّأس لحساسية المنطقة الموجودة فيها، والتي قد تؤدّي إلى وفاته في حال استئصالها أو زيادة حالته العصبية.