تستعد قرية ثوريرث موسى واعمر التابعة إداريا لبلدية آيث محمود دائرة بني دوالة في ولاية تيزي وزو هذه الأيام لأحياء الذكرى ال 21 لرحيل ابنها عملاق الأغنية الأمازيغية الفنان القبائلي «معطوب الوناس «. هذا الفنان الغني عن كل تعريف و الذي اغتالته أياد إجرامية في 25 جوان 1998 بتصويب عليه 78 طلقة رصاص أثناء عودته إلى منزله بقرية «ثالة بونان» ولا تزال أغانيه الثورية و الاجتماعية يرددها مئات الآلاف من عشاقه. و كما تجدر إليه الإشارة فإن الفقيد الراحل و ملك الاغنية الامازيغية «معطوب الوناس» قدم الكثير للهوية و الثقافة الأمازيغية و ناضل من أجل الديمقراطية و الحريات. ليبقى نضاله أبديا . و بهذه المناسبة سطرت الجمعيات الثقافية المحلية و المؤسسة الحاملة اسمه و التي تترأسها شقيقته «مليكة معطوب» العديد من الأنشطة المتنوعة .و من جهتها مديرية الثقافة بتيزي وزو بالتنسيق مع دار الثقافة مولود معمري أعدت بهذه المناسبة برنامجا متنوعا و ثريا بقيمة هذا الحدث . كما يتخلل هذا النشاط تنظيم عدة نشاطات رياضية و حفلات فنّية سيتم خلالها تنظيم وقفة ترحّم على روح الفقيد بقرية ثوريرث موسى ببني دوالة بمسقط رأسه و أمام النصب التذكاري الذي أقيم في تالة بونان بالمكان الذي اغتيل فيه الفنان . و كما تجدر إليه الإشارة فإن الراحل «معطوب الوناس» هو من مواليد 24 جانفي 1956 بقرية توريرت موسى بمرتفعات بني دوالة بتيزي وزو و قد كان منذ نعومة أظافره يحب الفن حيث تأثر بالشيخ الحسناوي و الحاج محمد العنقة و كانت عودة أبيه في السبعينات من فرنسا أجمل صورة للوناس حيث أهدى له والده قيثارته الأولى. ويعتبر «معطوب الوناس» من أشهر الفنانين و الموسيقيين في الجزائر بسبب لونه الغنائي و صوته المميز . و قد تعلم معطوب الوناس الغناء بشكل ذاتي و هاجر لفترة إلى فرنسا ثم عاد إلى الجزائر. و أصدر العديد من الألبومات و قد كان من الأوفياء للقضية الأمازيغية، اتخذ من الأغنية الملتزمة و الشعر الهادف أداة للدفاع عن الهوية و الثقافة الأمازيغية، ناضل من أجلها لأنه لا يملك شيئا غيرها غنى في هذه المناسبة ضد الإرهاب و عن اغتيال المثقفين من لدن المتطرفين الدينيين للأصوات الحرة المدافعة عن جذورها و قضيتها المشروعة، تمرد لوناس على الواقع الذي يحرم فيه الإنسان من التعبير عن آلامه و عن لغته و ثقافته ليقول إنه تمرد ضد الفكر المتحجر و التعصب الديني، و القمع اللغوي و الثقافي، ناضل من أجل قضية تستمد مشروعيتها من حقائق التاريخ والجغرافيا و اللغة و الإنسان .و كانت رصاصات الغدر في جوان 98، شاهدة على تمرد معطوب لوناس على التطرف الديني و الفكري ، حقا كانت الفاتورة التي دفعها الفنان غالية جراء إيمانه الراسخ بالقضية الأمازيغية. رغم رحيل معطوب لوناس ، إلا أن الجزائريين عامة وسكان منطقة القبائل خاصة يتذكرونه و يستمعون إلى أغانيه التي كانت سلاحه الوحيد، إضافة إلى آلته الموسيقية، في محاربة الظلم والتخلف والإقصاء. وعرف معطوب لوناس بدفاعه القوي عن اللغة الأمازيغية، مطالبا بإلحاح بإدراجها كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، كما عرف بلطفه و كرمه وتواضعه وعدم اكتراثه بالمال، والدليل أنه كان يرفض رفضا باتا إحياء أية سهرة غنائية مدفوعة الأجر في منطقة القبائل . و الأكيد أنّ لحلاوة الاستماع إلى أغاني معطوب الوناس سواء الملتزمة منها أوالعاطفية، ذوق خاص، إذ يحمل بألحانه الشعبية إلى عوالم متفرّدة تجعلك تدخل في دوامة لا يمكن وصفها ، مثلما لا يمكنك السير عبر جبال و دروب جرجرة دون أن تستمع إلى إحدى أغانيه التي تنطق حبا و التزاما بالقضية. و كما كان يقول دائما إني أفضل أن أموت واقفا على قدمي و مدافعا عن هويتي أفضل من أن أموت طريح الفراش.