في أجواء احتفالية مميزة ، أحيا سكان ولاية تيزي وزو خلال صبيحة نهار أمس الذكرى ال 8 لرحيل عميد و عملاق الأغنية القبائلية والجزائرية الراحل، شريف خدام، و هي المناسبة التي تزامنت مع الذكرى ال 64 لميلاد ملك الأغنية الأمازيغية الراحل "معطوب الوناس" . التظاهرة نظمت على مستوى مرتفعات جبال جرجرة الشامخة و بالتحديد بقرية بومسعود التابعة إداريا لبلدية أمسوحال التي تعتبر مسقط رأس أيقونة الفن شريف خدام ، حيث تم إعداد بهذه المناسبة برنامجا ثريا متنوعا تضمن تنظيم عدة أنشطة من بينها معرض للصور و مقالات صحفية تناولت حياة الفنان و الحوارات التي أجراها خلال حياته ، كما تم وضع باقة من الزهور على قبر الفنان من قبلأ عائلته وعدد كبير من الفنانين و المواطنين .و كما تجدر إليه الاشارة فإن الراحل شريف خدام كان ملحنا ومديرا للأكسترا، و شاعرا ومغنيا، كتب الموسيقى على طريقة الهندسة ، و كانت موسيقاه تتميز بروح تقليدية كلاسيكية من حيث الكتابة و الترتيب ، لأنه كان يعرف الموسيقى و يتقن كتابتها جيدا. و تعتبر الموسيقى عنده جزءا لا يتجزأ، أي كلا متكاملا، يجمع اللحن و الصوت معا، يظهر من خلالها تناسق دقيق في كل ما قدمه للساحة الفنية ولد المبدع، شريف خدام، في قرية بومسعود، في تيزي وزو،سنة 1927، التحق منذ طفولته بالكتاتيب القرآنية في منطقة بوجليل ، التي قضى فيها بعض السنوات،ثم انتقل إلى العاصمة، ومنها إلى بلاد المهجر، إلى فرنسا بالضبط، سنة 1947. اشتغل في عدة مصانع، منها مصنع لصهر الفولاذ ،ومصنع للطلاء، وفي نفس الوقت، وبالتوازي مع عمله اليومي، سجل في معهد للموسيقى لتعليم الصولفاج، تلقى دروسا على يد فرنو لامي، ورئيس الجوق الإيطالي الشهير روبرتو بنز ومن جهة أخرى فإن مديرية الثقافة بالولاية وبالتنسيق مع مؤسسة الراحل معطوب الوناس اعدت برنامجا ثريا ومتنوعا وعلى مدار يومين كاملين إحياء للذكرى ال64 لميلاد الراحل معطوب الوناس من خلال برنامج خاص احتضنته كل من دار الثقافة مولود معمري بتيزى وزو و قرية ثوريرث موسى ببني دوالة مسقط رأس الفنان ، حيث تم عرض أغراض شخصية للراحل و صوره بمقر الجمعية للزوار، كما تم وضع باقة من الزهور على قبره ترحما على روحه بحضور جمع غفير من المواطنين و الفنانين، كما تميز البرنامج بإلقاء محاضرات وتقديم شهادات عن مسيرة الفنان. وكما تجدر إليه الاشارة فإن الراحل معطوب الوناس و الذي اغتالته أياد إجرامية ويوم 25 جوان 1998 بالمنطقة المسماة ثالة بونان المتواجدة على بعد 10 كلم عن مقر مسقط رأسه بقرية ثوريرث موسى واعمر التابعة إداريا إلى بلدية آيت محمود دائرة بني دوالة. للعلم فإن الفقيد الراحل معطوب الوناس قدم الكثير للهوية و الثقافة الأمازيغية و ناضل من أجل الديمقراطية و الحريات. ليبقى نضاله أبدا و قد كان منذ نعومة أظافره يحب الفن حيث تأثر بالشيخ الحسناوي و الحاج محمد العنقة و كانت عودة أبيه في السبعينات من فرنسا أجمل صورة للوناس حيث أهدى له والده قيثارته الأولى . و يعتبر معطوب الوناس من أشهر الفنانين و الموسيقيين في الجزائر بسبب لونه الغنائي و صوته المميز . و قد تعلم معطوب الوناس الغناء بشكل ذاتي و هاجر لفترة إلى فرنسا ثم عاد إلى الجزائر. و أصدر العديد من الألبومات و قد كان من الأوفياء للقضية الأمازيغية، اتخذ من الأغنية الملتزمة و الشعر الهادف أداة للدفاع عن الهوية و الثقافة الأمازيغية، ناضل من أجلها لأنه لا يملك شيئا غيرها غنى في هذه المناسبة ضد الإرهاب و عن اغتيال المثقفين من لدن المتطرفين الدينيين للأصوات الحرة المدافعة عن جذورها و قضيتها المشروعة، تمردا لوناس على الواقع الذي يحرم فيه الإنسان من التعبير عن آلامه و عن لغته و ثقافته ليقول إنه تمرد ضد الفكر المتحجر و التعصب الديني، و القمع اللغوي و الثقافي، ناضل من أجل قضية تستمد مشروعيتها من حقائق التاريخ والجغرافيا و اللغة و الإنسان .و كانت رصاصات الغدر في جوان 98، شاهدة على تمرد معطوبا لوناس على التطرف الديني و الفكري ، حقا كانت الفاتورة التي دفعها الفنان غالية جراء إيمانه الراسخ بالقضية الأمازيغية ، و هي مسألة حياة أو موت عنده. و علمنا دروس الإقدام و الحرص على الشرف و السير قدما حتى تحقيق كل المطالب المشروعة، و كما كان يقول دائما إني أفضل أن أموت واقفا على قدمي و مدافعا عن هويتي أفضل من أن أموت طريح الفراش.