عندما قرر الرئيس بوتفليقة مسح ديون الفلاحين كتبت في هذه الزاوية مقالا بعنوان : » استيراد البيض المسلوق «، قلت فيه أنه بعد استفادة العشرات من الفلاحين من هذه العملية، فإنه لا يجوز مستقبلا للجزائر أن تستورد البطاطا أو القمح أو الحليب، وإذا حدث أن استوردنا » البيض مسلوقا « من الخارج، فإن المواطنين من حقهم مطالبة الفلاحين بتعويض ما مسح من ديونهم. إن مسح الديون تم من خزينة الدولة، أي من المال العام، الذي هو حق وملك جميع الجزائريين. لحد الآن يبدو أن عملية مسح الديون لم تحقق أهدافها بالشكل المرجو، وإن كان الوقت مبكرا نسبيا للحكم عليها. لكن أن تفتقر السوق للمواد الأساسية التي ينتجها الفلاح عشية شهر رمضان تعيد للنقاش أهمية وأهداف مسح ديون الفلاحين. من جهة أخرى، شهدت اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء ارتفاعا جنونيا عشية رمضان الكريم، مما جعل السلطات العمومية تقرر اللجوء إلى استيراد بهدف خفض السعر. فهل يجب أيضا أن نلجأ إلى مسح ديون الموالين ومربي الأبقار والدواجن حتى نأكل اللحم والدجاج بأسعار معقولة ؟ إنه ليس معقولا ولا مقبولا على الإطلاق أن يأكل المواطن »الذي لا يتعدى راتبه 15 ألف دينار « دجاجة واحدة بأزيد من 600 دينار .. ويرمي الفلاح والموال ومربو الأبقار والدواجن باللائمة على التجار، والتجار نوعان : تجار بالجملة وتجار بالتجزئة، ويرمي التجار بالتجزئة باللوم على سوق الجملة، في حين يقول تجار الجملة أن المسؤولية يتحملها التجار بالتجزئة.. فهل يجب أيضا أن نشهد عملية مسح ديون التجار حتى لا يتلاعبون بالأسعار مستقبلا؟ إن هذه الظاهرة .. ظاهرة التلاعب بالأسعار تظهر للوجود مع كل مناسبة يرتفع فيه الإستهلاك، مثل شهر رمضان الكريم، وعشية الأعيباد، وخلال عيد الفطر حيث تصبح قيمة » الكبش لا تقل عن قيمة بقرة « .. إنها ظاهرلاة تدل على الجشع ما في ذلك شك .. لكنها تدل أيضا على » ضعف « السلطة العمومية. فهل يجب أن نستورد كباش عيد الأضحي من أستراليا مثلما حدث في أواخر الثمانينيات، قبل أن يكتشف الجزائريون أن كبش » أولاد نايل والعلمة وبن سرور والبرج وسطيف « لا تعوضه » الكباش المستوردة «. إن المواد الغذائية المستوردة معظمها مصنعة جينيا، وبالتالي فإن معظمها جميل الشكل لكنه بدون ذوق، بل ذوقه مثل الورق أو الخشب .. إننا نريد غذاء جزائريا نابتا من رحم أرض الآباء والأجداد ومسقى بعرق الفلاحين الجزائريين.