لا ينسى أحد تلك السنة العجفاء التي قررت الحكومة أن تستورد البطاطا للجزائريين خلال شهر رمضان المعظم حتى يأكلها الجزائريون بسعر 30 دينار بعد أن وصل سعرها في السوق المحلية إلى أزيد من 100 دينار. ولا أحد ينسى أننا اكتشفنا أنها أقل حلاوة و" بنة " من البطاطا المنتجة في عين الدفلى أو وادي سوف، وصدمنا حين قرأنا في الصحافة الجزائرية أن تلك البطاطا المستوردة، ليست في حقيقة الأمر سوى " غذاء الخنازير " في مونتريال الكندية. وساد نقاش طويل وعريض في رحاب المجتمع، وكثير من الناس حمل الفلاح مسؤولية الندرة والغلاء، بينما كان الفلاح يقف في قفص الإتهام مدافعا عن نفسه، بأن السبب الحقيقي هو الديون المتراكمة عليه، وغلاء البذور، وغلاء الأسمدة، وبيع الجرارات وآلات الفلاحة لغير أهلها وهم يبيعونها للفلاح بأسعار خيالية .. وأن المجتمع والحكومة لا يتذكرون الفلاح والموال إلا في موسمين فقط : عندما تسود الندرة في الخضر والفواكه ومختلف الغلال، وعند مقربة عيد الأضحى بسبب غلاء الكباش، حتى لو أن التحريات أثبتت للمرة الألف أن سبب الغلاء هو المضاربة وليس الفلاح. الرئيس بوتفليقة من المؤكد أنه استمع لصوت الفلاح والموال القادم من أدغال الجزائر وقراها النائية، واستمع لأصوات منظمة الفلاحين، واتخذ قرارا شجاعا بإلغاء جميع ديون الفلاحين دون استثناء ومهما بلغ دين هذا أو ذاك، وفي مجملها بلغت نحو 41 مليار دينار، وهو مبلغ ضخم ، تحمل الرئيس الشجاعة لتحميل الخزينة العمومية هذه المسؤولية. والواضح أن بوتفليقة اتخذ قرارا شجاعا كهذا من أجل هدف واحد ، واضح لا لبس ولا غموض فيه، هو تشجيع الفلاحين والموالين على مزيد من الإنتاج، بهدف تحقيق الأمن الغذائي أولا، وبهدف دفع قطاع الفلاحة للمساهمة في الدخل الوطني الخام ثانيا، وتمكين الجزائر من ملايير من الدولارات صادرات هذا القطاع خارج المحروقات. وبالمقابل يجب أن نقول أن شجاعة الرئيس، يجب أن تقابلها شجاعة مماثلة أو تفوقها من الفلاحين والموالين، وذلك بمضاعفة انتاجهم كل في قطاعه، وأن الشعب الجزائري لن يغفر لهم استيراد الجزائر مستقبلا، للبطاطا أو الحليب، أو الخضر والفواكه وغيرها من المواد الغذائية الأخرى الملقاة على عاتق الفلاح. أما إذا تكاسل الفلاح والموال بحجة أنه ليس لديه ديون تطالبه بها البنوك ، وتحفزه على الإنتاج ، وقرءوا شجاعة الرئيس قراءة سيئة، ودفعوا بالجزائر ليس فقط إلى استيراد البيض، بل إلى استيراده مسلوقا وطازجا، فهنا من حق الرأي العام الجزائري أن يطالب الفلاحين الذين مسحت ديونهم بتعويضها وإعادتها إلى خزينة الدولة التي هي في الأصل خزينة الشعب.