شنقريحة يوقّع على سجل التعازي    شروط جديدة لاعتماد المدارس الخاصّة    بداري: الجامعة الجزائرية ماضية    وهران.. أفضل وجهة سياحية صاعدة في إفريقيا    وتيرة إنجاز متسارعة لمشاريع هامّة    لوكا زيدان فخور    الخضر .. بين الثقة والحذر    وكالة النفايات تحسّس    تكريم رئاسي لعلّامة بارز    لاناب تحتفي ب خليفة    الوزير الأول يشرف على ملتقى وطني حول الأمن القانوني ودوره في ترقية التنمية الاقتصادية    برنامج علمي وروحي بجامع الجزائر لفائدة 52 طالباً من أبناء الجالية بالخارج    نجل فرحات مهني يعلن تبرؤه من مشروع "الماك" ويؤكد تمسكه بالوحدة الوطنية    رسالة سياسية, قانونية وأخلاقية قوية إلى فرنسا الاستعمارية    إشادة بالمستوى النوعي للمنتجات الجزائرية المعروضة    الراحل "وضع خارطة طريق لإعادة بناء الدولة الجزائرية"    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    خنشلة : توقيف 04 أشخاص و حجز صفيحة مخدرات    إحباط إدخال أكثر من 700 ألف قرص مهلوس    يمضي الرجال ولا يبقى إلا الأثر    برميل برنت عند 62,32 دولارا    فرصة للتأكيد على ضرورة الارتقاء بالتعاون الاقتصادي    بريد الجزائر يحذر مكتتبي "عدل3" من المكالمات الاحتيالية    زين الدين زيدان وعائلته يحضرون المباراتين القادمتين ل"لخضر"    عزيمة قوية لدى "الخضر" لمواجهة بوركينافاسو    "العميد" على بعد نقطة واحدة من اللقب الشتوي    أرضية رقمية لتبادل العرائض والدعاوى إلكترونيّاً    تدشين مرفقين أمنيين جديدين بالبليدة    بعث الوحدات الصناعية المسترجعة مشروع اقتصادي متكامل    مشروع مقبرة جديدة بابن باديس    الجمعيات الرياضية بالرغاية تعلّق نشاطها    تعذيب ممنهج للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني    وقفة احتجاجية رمزية في بالما للتنديد بانتهاكات الاحتلال المغربي    مشروع القانون الجديد للعقار الفلاحي على طاولة الحكومة قريبا    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    انطلاق الطبعة14 لمهرجان موسيقى الحوزي    هلاك ثلاثة أشخاص في حادث مرور    مشروع قانون جديد للعقار الفلاحي قريبا على طاولة الحكومة لتوحيد الإجراءات ورفع العراقيل عن الفلاحين    سوريا : 8 قتلى جراء انفجار داخل مسجد بمدينة حمص    رأس السنة الأمازيغية : برنامج غني للإحتفالات الوطنية في بني عباس    الطبعة ال 14للمهرجان الثقافي لموسيقى الحوزي : التركيز على التكوين لضمان استمرارية "الإرث الفني"    مقتل إسرائيلييْن في عملية طعن ودهس نفذها فلسطيني..غزة تستقبل العام الجديد بأوضاع كارثية وأزمة إنسانية كبيرة    باتنة: أيام تحسيسية واسعة لمكافحة تعاطي وترويج المخدرات في الوسط المدرسي    ليبيا تحت الصدمة..    افتتاح الطبعة ال17 للمهرجان الوطني للأهليل    الذكاء الاصطناعي صالح لخدمة الإسلام والمرجعية الجامعة    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    مستعدون لتقديم كل ما لدينا من أجل الفوز    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترحل من مدينة باتنة إلى الزاوية القادرية ببسكرة
مكتبة الشيخ عبد الحميد بن عمر فاضلي
نشر في صوت الأحرار يوم 02 - 06 - 2013

عاشت مدينة باتنة، أمس، حدثا ثقافيا غير مألوف، ولكن سيظل ذكره متداولا بين الشفاه بكل ما فيه من سخاء وإيثار. فبعد ما يقارب من ست سنوات عن رحيل الشيخ عبد الحميد بن عمر فاضلي (1911 ,2007 توافقت حرمه وأبناؤه وبتاته الأحياء وأحفاده من أصحاب الحق في تركته، وتنفيذا لوصية شفوية خلفها لهم، توافقوا على وهب مكتبته الزاخرة إلى الزاوية القادرية ببسكرة لتضم إلى أوقافها ضما يسمح لهم بالتصرف فيها بما يخدم العلم وطلبته. واتفق الجانبان على تخصيص مكان معلم لها في الزاوية يوشح بنبذة تاريخية عن سيرة الواهب رحمه الله.
وقد حرّرت وثيقة الهبة الممضية بين الطرفين في صفحتين أدرجت فيها معلومات مفصلة عن محتويات المكتبة، وثبت فيها سبعة بنود أحكمت صياغتها حتى لا تكون مطية للتأويل أو التبديل، ووقع عليها أربعة شهود.
وتضم المكتبة الموهوبة حسب الوثيقة 1493 مجلد، و987 كتاب، و133 مجلة، ومخطوطين، و8 كراريس مستنسخة باليد. وكل هذه الكتب والكراريس مكتوبة باللغة العربية إلا كتابا واحدا يتناول حياة الأمير عبد القادر الجزائري كتبه عسكري فرنسي باللغة الفرنسية.
كان الشيخ عبد الحميد فاضلي وجها مثقفا معروفا في مدينة باتنة بعشقه الكتاب منذ زمن بعيد، وحرصه على اقتنائه ولو على حساب تقليص مصروف عائلته. كما كان مسكنه العائلي في حي المعسكر محجا مقصودا لكثير من رجال العلم والأدب الذين ربطتهم به علاقات صداقة حميمة، ومنهم الشيخ المؤرخ عبد المجيد بن حبة، وشاعر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين محمد العيد آل خليفة، والشيخ أحمد السرحاني والشيخ عمر دردور والشاعر السوري الحموي وليد قنباز، وغيرهم. وظل حافظا لود أصدقاء والده في اعتزاز كالشيخ الشهيد أبي القاسم بن فليس والطبيب الخدوم عبد السلام بن خليل والشيخ الإمام الطاهر مسعوداني، والشيخ مسعود قرفي والإمام مصطفى قرفي، وغيرهم من رجالات الإصلاح المعروفين.
كما كانت مكتبته الزاخرة بأمهات الكتب وأندرها مقصدا لطلبة العلم للنهل من صفحاتها والنظر في بطونها. وخوفا من ضياع ذخائره، كان الشيخ يوفر لطالب كتبه أسباب مطالعتها في منزله، ولم يكن يسمح بإعارتها، وبذلك تمكن من حمايتها من النهب والسرقة,
ومن بين العناوين التي حوتها المكتبة والمفقودة في أيامنا نذكر تمثيلا لا حصرا كتاب: فتاوى الشيخ ابن تيمية الذي يقع في 37 مجلدا ضخما، وكتاب: نهاية الأرب في فنون الأدب، وكتاب: الأنساب للسمعاني، وشرح ديوان ابن الفارض، وغيرها كثير. كما أنها حوت نسخة مستنسخة من كتاب: الشرف الوافي في علم الفقه والتاريخ والنحو والعَروض والقوافي من تصنيف الشيخ الإمام العالم إسماعيل بن أبي بكر المقري. وهو كتاب عجيب وغريب في تأليفه وفي طريقة قراءته التي يمكن أن تتم من عدة مداخل. وقد تمكن واضعه من جمع كل الفنون التي طرقها بشكل مثير ومدهش ويعجز المتأخرين في كل صفحة من صفحاته.
ورغم مضي عقود بكاملها على كتب مكتبة الشيخ عبد الحميد فاضلي إلا أنها ما تزال محافظة على أناقتها وسلامتها، ولم تتسلل إليها الرطوية أو ينال منها الإهمال والغبار. وإن أحسنت الزاوية القادرية بمدينة بسكرة حسن استغلال هذا الكنز الذي أمّنه عليها ورثة الشيخ عبد الحميد فاضلي فستنتشي في ربوعها المطالعة المفيدة بفضل عبق كتبه المنسكب.
حضر حدث ترحيل مكتبة الشيخ عبد الحميد فاضلي إلى الزاوية القادرية بمدينة بسكرة شخصيات رسمية ووجوه شعبية من أصلاء مدينة باتنة بدعوة كريمة من أبناء وبنات الواهب الذين زادوا عن ذلك بأن أحسنوا إكرام كل ضيوفهم المقيمين والوافدين من مدينة بسكرة بوليمة شهية أثبتت أن الفروع ما تزال سائرة على درب الأصول من حيث الإحسان بإطعام الطعام. ومن بين الحاضرين الأستاذ زين العابدين أل خليفة نجل الشاعر محمد العيد آل خليفة والسيد محمد بن فليس الذي اشتغل مع الشيخ عبد الحميد فاضلي جنبا إلى جنب في الجمعية الدينية للمسجد العتيق في مدينة باتنة لمدة نافت عن نصف قرن من الزمن، وقدم عنه شهادة وافية وطيبة عن جهاده وثقافته وسمو أخلاقه.
إن هذا الصنيع المتميز الذي قامت به عائلة فاضلي، وهي من بين العائلات الأصيلة والعريقة التي سكنت مدينة باتنة يعيد إلى الذاكرة المكتبة التيمورية التي أهداها أحمد تيمور في ثلاثينيات القرن الماضي إلى دار الكتب المصرية، وما تزال تحمل إلى اليوم اسم: الخزانة التيمورية، وما يزال ذكرها سار بين المثقفين كعمل خيري فريد وصدقة جارية لا ينقضي صبيبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.