الجزائر ترفض دعوى مالي أمام محكمة العدل    عطاف يوقع بنيويورك على الاتفاق المتعلق باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار    انتخاب الجزائر عضوا بمجلس الاستثمار البريدي    هذه أولى توجيهات بوعمامة..    جلاوي يترأس اجتماعا لمتابعة أشغال المشروع    الجزائر تنظم حدثا حول التجارب النووية الفرنسية بالجنوب    الكيان الإرهابي يهدّد باستخدام قوة غير مسبوقة في غزّة    طموح جزائري لاستعادة المجد القارّي    رسمياً.. نجل زيدان مؤهّل لتمثيل الجزائر    شرطة غرداية تسطّر جملة من الإجراءات    توحيد برامج التكفّل بالمصابين بالتوحّد    وزارة التضامن تطلق برنامج الأسرة المنتجة    فيلم نية يتألق    شؤون دينية: بلمهدي يزور لجنة مراجعة وتدقيق نسخ المصحف الشريف    تضامن وطني : توحيد نمط التكفل على مستوى مؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة    الجزائر تنضم رسميا إلى الجمعية البرلمانية الدولية لرابطة دول جنوب شرق آسيا "آيبا" كعضو ملاحظ    غوتيريش يؤكد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء "المذبحة" في غزة    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    المعرض العالمي بأوساكا : تواصل فعاليات الأبواب المفتوحة حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين    بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يحل بنيويورك للمشاركة في أشغال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة    بوغالي يترأس اجتماعاً    إنجاح الدخول المدرسي والجامعي والتكفّل بالمواطنين    "لن نستسلم.. والجزائر لن تتخلى أبدا عن الفلسطينيين"    التحضير لاجتماع اللجنة الاقتصادية الجزئرية - المجرية    الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما    سجاتي على بعد خطوة من الذهب    لقاء مع صنّاع المحتوى والمهتمين بالفضاء الرقمي    التجند لإنجاح المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيممون    مدارس تطلب شهادة الميلاد رغم إلغائها    مسودة قرار يطالب ترامب بالاعتراف بدولة فلسطين    تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الموارد المائية    برنامج خاص بالصحة المدرسية    القبض على سارقي محتويات مسكن    شكوى ضد النظام المغربي لتواطئه في إبادة الشعب الفلسطيني    وزارة العدل تنظم ورشة تكوينية حول العملات المشفرة    المطالبة باسترجاع وشراء المخطوطات الجزائرية الموجودة بالخارج    التعامل مع التراث كعنصر استراتيجي للتنمية    ألعاب القوى/ بطولة العالم (الوثب الثلاثي): ياسر تريكي يحرز المركز الرابع في النهائي    عماد هلالي: مخرج أفلام قصيرة يحرص على تقديم محتوى توعوي هادف    وزير الداخلية يشدد على تسريع إنجاز مشاريع المياه بولاية البليدة    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخلفات فوضى السلاح في ليبيا ومالي
نشر في صوت الأحرار يوم 04 - 06 - 2014

أعادت الأحداث الامنية الأخيرة داخل بعض مناطق الوطن وتهديدات الجريمة المنظمة العابرة للأوطان المرتبطة بالاتجار بالسلاح والمخدرات واختطاف الرهائن بغرض طلب الفدية ظاهرة الإرهاب في الجزائر الى الواجهة بحكم عوامل كثيرة تدفع الى الاعتقاد بأن الوضع الامني سيظل مطروحا بقوة عبر توفر المؤشرات التي تساهم في انعاش النشاط الارهابي وتحول الجزائر خلال السنوات الاخيرة الى محطة للإرهاب من دول الجوار كما تؤكده المعطيات الميدانية والعديد من الدراسات والتقارير الاستخباراتية المحلية والدولية .
وتجد دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المجتمع الجزائري إلى التحلي باليقظة و إلى مساندة الجيش الجزائري و القوات الأمنية في تصديهما للإرهاب جراء عملية إحباط محاولة اختراق إرهابي خاضها الجيش مؤخرا في ناحية تينزواطين بتمنراست وبعد المجزرة التي ارتكبتها القاعدة في إيبودران بتييزي وزو التي خلفت مقتل 11 جنديا مبررا قويا في سياق تلك الاحداث المرتبطة بتحديات الامن في الساحل والتي تطرح كأولوية في حكومة بوتفليقة للعهدة الرابعة التي تناولت في أول اجتماعها الأوضاع الأمنية بتلك المنطقة وتنامي تهديد القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والتنظيمات المتحالفة معها، فضلا عن انتعاش نشاط الخلايا النائمة الموالية للتنظيم الإرهابي وتحول الجنوب الجزائري إلى هدف جديد للقاعدة لتهريب الأسلحة المنقولة من مخازن الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتحالفة مع القاعدة بليبيا فضلا على ارتدادات خطيرة للتوتر الأمني بتونس على أمن المنطقة وأمن الجزائر.
عندما تعلن قوات الجيش عن القضاء على 10 ارهابيين في تمنراست بأقصى الجنوب الجزائري وتوقيف مالا يقل عن20 ارهابيا مدججين بكل أنواع الاسلحة حاولوا التسلل من التراب الليبي الى الجزائر ، فهذا يعني أولا أن ليبيا أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على أمن الجزائر واستقرار المنطقة ،وأن محاولات تكرار اعتداء تيقنتورين لاتزال قائمة وربما هناك سعي لتنفيذ عمليات إرهابية أخطر بكثير لولا يقظة الجيش ومصالح الدرك التي رصدت في هذا الشأن 3 قضايا كبرى فككتها بكل من الولايات الحدودية في الجنوب الغربي منها واحدة ببشار بعد إفشال إحدى أكبر محاولات تمويل الجماعات الإرهابية من طرف شبكات تهريب المخدرات في كمين بحاسي خبي في نفس الولاية حيث تم حجز عربتي »ستايشن» على متنها 5,3 طن من المخدرات وأسلحة نصف ثقيلة منها رشاشان »أف. أم» ورشاش كلاشينكوف، وذخيرة ومنظار عسكريي فيما لاذ المهربون بالفرار باتجاه المغرب وهو ما حال دون توقيفهم.
كما صاغت المذكرة الامنية المعدة من قبل خلية الامن على مستوى الوزارة الاولى والمرفوعة الى المسؤول المباشر محاذير قوية مثلما كشفت عنها بعض وسائل الاعلام خاصة منها الاقرار بأن كل الهيئات التي سخرتها الدولة الجزائرية لمكافحة التهريب تواجه ضغوطات قوية تمارسها جماعات منظمه لها من الإمكانيات ما يسمح لها بتفجير بعض الوضع عن طريق التعاون والتنسيق بين تجار المخدرات وتجار السلاح والقاعدة في الساحل إلى جانب الجماعات الإرهابية.
وتظهر الحصيلة أن نتائج عمل هذه الهيئات في مجال محاربة التهريب محدودة خاصة أن التعاون بين المهربين والمجرمين قابله عدم تعاون السكان والمواطنين مع مختلف مصالح الآمن ، ما استدعى الانطلاق في عملية تحسيس واسعة خاصة في أوساط البدو الرحل والتجار المقايضين الذين يعايشون يوميا عمليات التهريب في الحدود الجنوبية .
ويثير ارتفاع المواد المهربة إلى الجزائر وأهمها الأسلحة، الذخائر، المخدرات، السجائر، المشروبات الكحولية، الهواتف النقالة، وقطع غيار مستعملة، عن طريق جنوب البلاد وشرقها الجنوبي تساؤلات عديدة تصل الى حد التأكيد هل الامر يتعلق بنقص التغطية الأمنية بالشكل الذي جعلها نقطة عبور المخدرات إلى أوروبا مرورا بتونس وليبيا .
وأخطر ماورد في المذكرة أن عشرات الكيلومترات أصبحت ملكية خاصة للمهربين، وتابعت أن عدم تعاون الدول الجارة مع الجزائر وهي تشاد ،النيجر ، مالي ، ليبيا وموريتانيا يشكل خطورة كبيرة على الاستقرار والأمن في المنطقة وأن المهربين عبارة عن جماعات وعصابات تملك كل الإمكانيات اللازمة ولهم القدرة على تفجير الوضع .
ورصدت في هذا الشأن 3 قضايا كبرى فككتها مصالح الجيش والدرك بكل من الولايات الحدودية في الجنوب الغربي ببشارو تندوف وتمنراست منها محاولة تمويل الجماعات الإرهابية من طرف شبكات تهريب المخدرات في كمين بحاسي خبي في ولاية بشار حيث تم حجز عربتي »ستايشن» على متنها 5,3 طن من المخدرات وأسلحة نصف ثقيلة منها رشاشان »أف. أم» ورشاش كلاشينكوف، وذخيرة ومنظار عسكريي فيما لاذ المهربون بالفرار باتجاه المغرب وهو ما حال دون توقيفهم، كما تحدثت عن عملية تهريب ضخمة للسلاح نجحت قوات الجيش في اسقاطها منذ شهرين فقط.
ليس من الصدفة ان يتزامن الكشف عن المذكرة مع التحذير التي اطلقته في الايام القليلة الماضية وزارة الدفاع الجزائري حول الوضع المقلق على الحدود الجزائرية على خلفية الوضع الذي تشهده خاصة ليبيا والذي ستكون له انعكاسات خطيرة على الجزائر والمنطقة ككل حيث دعا الجنرال بوعلام ماضي إلى توخي الحيطة والحذر أكثر من أي وقت مضى، مشددا على ضرورة تأمين الحدود الجزائرية التي يزيد طولها على 6 آلاف كلم بسبب الانفلات الأمني الذي تشهده بعض الدول على غرار تونس ومالي وليبيا واصفا الوضع بغير المسبوق .
وبدوره لم يتأخر رئيس البرلمان الجزائري في اعطاء قراءة سياسية لعمل المختصين الامنيين ليؤكد أن أزمة ليبيا قد تسببت في أزمة مالي وتلاها ما حدث في تي؟نتورين من تسرب للأسلحة و تداعيات زعزعة أمن دول الجوار على غرار ليبيا، وتونس ومالي حيث أفرزت فوضى انتشار السلاح وآثار التدخل الأجنبي في ليبيا وضعا أخر بحصول الارهاب على التمويل والتسليح والسهولة لأنه يعبر الحدود .
وبنفس التوجه تحدث عن الوضع في مالي الذي اعتبره لا يقل أهمية و لا يقل خطورة عما يحدث في ليبيا مذكرا بان الجزائر تتقاسم أطول الحدود مع مالي والنيجر،وعن أهمية التنسيق مع تونس لقطع الطريق وتجفيف منابع الإرهاب .
بالموازاة مع ذلك وعلى خلفية تردي الاوضاع الامنية في ليبيا وشمال مالي بحث ضباط في الأمن من ثماني دول إفريقية (الجزائر وبوركينافاسو وليبيا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والتشاد )وشركاؤهم من الدول الاوروبية (الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والنمسا وتركيا ) على مدار خمسة ايام بالجزائر التهديدات بالحدود في دول الساحل ومنطقة الصحراء وتحديد محاور استراتيجية لتأمينها من انعدام الأمن بسبب جماعات إرهابية وأخرى إجرامية ، وأن انتشار سلاح الحرب عامل يشجع الإرهاب وتجارة المخدرات وتجارة البشر، وما يشجع على ذلك أكثر الثغرات الموجودة في الحدود .
وحتى الاجتماع التشاوري لوزراء دول الجوار لليبيا المنعقد بالجزائر عبرعن قلقه العميق إزاء التطورات التي تشهدها ليبيا وتداعياتها على أمنها واستقرارها وتأثيرها المباشر على دول الجوار و قرر عقد اجتماع وزاري لدول جوار ليبيا يمصر يخصص لتأمين وضبط الحدود مع ليبيا وعلى ضرورة التعاون والتنسيق من أجل مكافحة الإرهاب وتجارة السلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية .
بالتّدقيق في كل هذه المعطيات والاستنتاجات السياسية المدعمة بحقائق الميدان يكشف أن الجزائر تواجه تحديا امنيا مرتبطا أساسا بمحاولات القاعدة إلى تحويل جنوبها إلى قاعدة خلفية لتخزين وتهريب السلاح في إستراتيجية جديدة من القاعدة والجماعات المتحالفة معها في منطقة الساحل بغية التأقلم مع المتغيرات الأمنية الجديدة المتخذة من قبل دول الميدان في إطار التعاون المشترك عبر الحدود للسيطرة والتصدي للجماعات المسلحة، وكذا للتكيف مع الأوضاع الجديدة التي فرضتها العملية العسكرية الفرنسية سار فال بشمال مالي أين برزت حركة المرابطين بقيادة قائد كتيبة الملثّمين السابق، وكتيبة الموقعين بالدماء المسؤول على العدوان الإرهابي بتيغنتورين، وقائد المنطقة التاسعة سابقا بتنظيم القاعدة الإرهابي بلعور، وكلها خطط دفاعية من القائد الفعلي لإمارة الصحراء بتنظيم القاعدة ترتكز على تشكيل كتائب صغيرة العدد، تنتّقل بانسيابية عبر المسالك التقليدية للتنظيم بشمال مالي نحو الحدود الليبية، وهو ما تعكسه محاولات تسلّل جماعات من العناصر الإرهابية في كل مرة عبر الحدود الجنوبية للجزائر والتي يتراوح عددها عادة بين 9 و15 عنصرا فقط .
من المؤكد أيضا أن تنامي وتكاثر الحركات المسلحة أفرزه استمرار تأزم الوضع الأمني بعدة دول من بلدان الميدان على رأسها ليبيا ومالي أين تواجه مؤخرا جبهة ساخنة تشكلها إمارة الصحراء بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والحركات المتحالفة معه بشمال مالي وخلاياه النائمة بتونس وليبيا ، وكتيبة طارق ابن زياد التي كان يقودها عبد الحميد أبو زيد المعروف بعبد الحميد السوفي الذي قضي عليه خلال عملية سار فال بشمال مالي،و سرية الفرقان التي يقودها إرهابيون موريتانيون وماليون وتنشط شمال مدينة تمبكتو المالية، وسرية الأنصار التي يقودها أبو عبد الكريم الطارقي التي تمثّل طوارق أزواد، وباتت الخلايا النائمة التي تمكنت القاعدة من تجنيد عناصرها في تونس وليبيا كعناصر أنصار الشريعة التي تشكل خطرا أكبر فضلا على تنظيمات أخرى متحالفة مع القاعدة تمثل تهديدا لدول الميدان كجماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي تمثّل عرب أزواد وتسيطر على مدينة غاوة المالية ونفذّت أول عملية لها بتندوف الجزائرية بعد اختطاف ثلاثة رهائن غربيين، وكذا جماعة أنصار الدين التي يقودها إياد آغ غالي وتتخذ من سلسة جبال أغرغار في أقصى شمال أزواد مقرا لها.
بتحليل تناسل الحركات من حيث اعادة انتشارها يسجل أن المتغير الجديد في إستراتيجية القاعدة والحركات المسلحة والإرهابية المتحالفة معها بمنطقة الساحل والصحراء أنها باتت تستهدف بشكل كبير الجنوب الجزائري الامر الذي جعل قوات الجيش تدخل في حالة استنفار دائم للتصدي لتسلل هذه الجماعات الصغيرة المتحركة من الكتائب الإرهابية التابعة والموالية للمرابطين والتي تنطلق من الجنوب الليبي وبالتحديد من منطقة غدامس نحو عمق الجنوب الجزائري .
مصادر متطابقة كشفت نقلا عن الجماعات المسلحة بالأزواد أن قيادي هام بتنظيم القاعدة يسيطّر منذ شهور على إحدى مطارات طرابلس الليبية ويؤمن مسارا جويا لتهريب السلاح من ليبيا العاصمة إلى منطقة غدامس قرب الحدود الجزائرية قبل توزيعها على الحركات المسلحة بشمال مالي ومحاولات إدخالها إلى عمق الجنوب الجزائري .
وتؤمن هذه الشخصية المهمة من القاعدة نقل شحنات السلاح والعتاد جوا وبرا انطلاقا من العاصمة الليبية طرابلس نحو منطقة غدامس فشمال مالي، ومن ثم محاولات تسلّل عناصر إرهابية محملة بهذه الذخيرة والأسلحة بالجنوب الجزائري عن طريق استخدام غطاء العمل الإنساني والتطوعي .
الرئيس بوتفليقة الذي استشعر مند مدة الخطر القادم من الجنوب عبر الساحل الذي أفرده عناية مميزة في برنامجه الانتخابي الاخير و في مختلف خطابات الحملة الانتخابية التعبوية أمر وزير خارجيته القيام بجولة عاجلة لدول الساحل انطلاقا من مالي تزامنا مع انعقاد الدورة الثانية للجنة الثنائية الإستراتيجية الجزائرية المالية حول شمال مالي في 18 ماي الجاري ببماكو، والاجتماع التشاوري على مستوى وزراء خارجية بلدان الساحل ناهيك عن الاستمرار في الدفع بالمفاوضات بين الفصائل المالية المسلحة والسلطات المركزية .
مثلما كانت تداعيات الوضع بالساحل عبر أحوال ليبيا محل تناول وتنسيق رفيع المستوى سياسيا وأمنيا بين تونس والجزائر في المدة الاخيرة حيث تنشط مجموعات إسلامية مسلحة على الحدود بين البلدين حيث تعاني الجزائر وتونس من تدفق الأسلحة الليبية إلى تلك المجموعات.
وكانت تونس وليبيا والجزائر قد اتفقت في قمة غدامس في يناير 2013 بالتعاون في مجال امن الحدود والحد من انتشار الأسلحة ومراقبة حركة المجموعات الإرهابية ؛ وفي 29 أغسطس 2013 أعلنت تونس حدودها الجنوبية مع الجزائر (غرب) وليبيا (شرق) منطقة عسكرية عازلة لسنة كاملة.
في مداخلة للخبير الأمريكي المختص في الإرهاب السيد دافيد غارتنشتاين روس أمام الكونغرس الأمريكي أبرز فيها أثار الوضع في ليبيا على الأمن في الجزائر و المنطقة بكاملها مفيدا أن تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي كان خطأ إستراتيجيا للولايات المتحدة و حلفائها رغم تحذيرات الجزائر.
التدخل العسكري الاجنبي في ليبيا ترك بلدا يقبع تحت وطأة اللااستقرار و حكومة غير قادرة على السيطرة على الوضع، و تداعياته كان لها أثرا سلبيا على الاستقرار ليس فقط على الجيران المباشرين لليبيا (الجزائر و تونس و مصر) و إنما أيضا على مالي بما أنه شجع بشكل كبير سيطرة الجهاديين في شمال مالي مما أدى إلى تدخل عسكري آخر قادته فرنسا الي تعود مجددا الى المنطقة بقرار انفرادي ظاهره محاربة الارهاب وباطنه حسابات أخرى .
كما ساعد تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا على حد تعبيره على تسريع الأحداث في سوريا حيث خلفت حرب مدنية مأسوية أكثر من 000,150 قتيل ،والأكثر من ذلك و بالتمعن في تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا يبدو أن هذا القرار أضر بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة و زاد من خطورة الوضع في المنطقة .
و من جهة أخرى قدم هذا الخبير الذي هو أيضا محلل في مجموعة التفكير الأمريكية لمسائل الأمن عرضا مفصلا عن مختلف الجماعات الجهادية الناشطة في ليبيا ، و حذر في هذا الصدد من استقرار هذه الجماعات في مخيمات التدريب في ليبيا و التوفر الكبير للأسلحة و إقامة معاقل موجهة لتحويل ليبيا إلى قواعد خلفية للهجمات الإرهابية المستقبلية خصوصا وأن العلاقة قائمة بين الجماعات الإرهابية الجزائرية و الليبية و التونسية .
كل هذه المعطيات وأخرى تبرر انشغال الجزائر بآثار الوضع في شمال مالي و ليبيا على آمنها ، وأن أزمة رهائن تيقنتورين كانت بمثابة تحذير خاصة وأن الحكومة الجزائرية أعربت منذ زمن طويل عن انشغالها بشأن الآثار التي يمكن أن يخلفها تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا على الجرائر من أن منظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ستستغل هذا التطور الجديد و من مخاطر وقوع الأسلحة و خاصة صواريخ أرض-أرض في أيادي جماعات إرهابية تعززت بمنطقة الساحل عبر تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا ووضعت في نفس الوقت الولايات المتحدة في موقف استراتيجي صعب بالمنطقة وعليه فإن هذا التدخل للحلف الأطلسي كان خطأ إستراتيجيا يبدو ان ضرره كان أكبر بكثير من نفعه.
رؤية الخبير تطابقت بشكل كبير مع ما أشار إليه التقرير الاخير للخارجية الامريكية إلى النجاح الكبير الذي حققته قوات الأمن الجزائرية خلال السنة المنصرمة وفي عزل الفرع المغاربي للقاعدة جغرافيا، مؤكدا أن الوضع الأمني والتهديد الإرهابي أضحى نتيجة للوضع غير الطبيعي الذي تعانيه الحدود ويسود في دول الجوار خاصة ليبيا التي أصبحت تشكل مصدرا أساسيا لتمويل المجموعات الإرهابية بالسلاح عبر.تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الذي يبقى التهديد الإرهابي الأكثر نشاطا في الجزائر كونه لا يكتفي بشن هجومات ضد قوات الأمن الجزائرية بل يحاول أن يطال أيضا أهدافا حكومية محلية دون استثناء الغربيين المتواجدين في منطقة الساحل .
من هنا يجد الطرح الجزائري حول التهديد الخطير الذي يشكله الإرهاب بالنسبة للسلم والأمن في العالم والدعوة الى تعزيز التعاون في مجال مكافحة هذه الآفة العابرة للحدود التي تشكل تهديدا لاستقرار الدول مبرره في التأكيد على التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن الأممي ذات الصلة والذي سيبعث رسالة قوية من قبل المجموعة الدولية في كفاحها ضد الإرهاب .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.