انضمام الجزائر كعضو ملاحظ إلى الآيبا: برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي يهنئ المجلس الشعبي الوطني    تظاهرة "الفن من أجل السلام"..أهمية استخدام الفن كوسيلة لترقية ثقافة السلم والتسامح    بورصة الجزائر: سحب صفة ماسك حسابات وحافظ سندات مؤهل من بنك "بي إن بي باريبا الجزائر"    الدبلوماسية الصحراوية تحقق انتصارات حقيقية على الساحة الدولية    بريطانيا و كندا وأستراليا تعترف رسميا بدولة فلسطين    أفغانستان : طالبان ترد على ترامب بشأن إعادة قاعدة باغرام لأمريكا    بشأن خرق طائرات روسية أجواء إستونيا..جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين    المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة : محطات طربية ماتعة في السهرة الافتتاحية    عرض شرفي أول بقاعة سينماتيك الجزائر "عشاق الجزائر" .. قصة إنسانية بخلفية تاريخية    جامعة محمد بوضياف بالمسيلة : ملتقى وطني أول للترجمة الأدبية يوم 6 أكتوبر    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    الدخول الجامعي 2026/2025: قرابة مليوني طالب يلتحقون غدا الاثنين بالمؤسسات الجامعية    مغني يستعيد ذكريات اختياره الجزائر    من يستحق الفوز بالكرة الذهبية؟    الهلال الأحمر يوزّع 200 ألف محفظة مدرسية    الأسرة والمدرسة شريكان    عطّاف يوقع على اتّفاق دولي بنيويورك    بريد الجزائر يعتمد مواقيت عمل جديدة    70 عاماً على معركة جبل الجرف الكبرى    مُقرّرون أمميون يراسلون المغرب    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    تجارة خارجية: رزيق يترأس اجتماعا تقييميا لمراجعة إجراءات تنظيم القطاع    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من المشاركة في معرض السياحة الدولي بفعل تواصل جرائمه في قطاع غزة    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    أمطار ورعود مرتقبة عبر عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الأحد    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية 2025-2026 لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    الدخول المدرسي 2025-2026: وزير التربية الوطنية يعطي إشارة الانطلاق الرسمي من ولاية الجزائر    لقاء مع صناع المحتوى    ستيلانتيس الجزائر توقع اتّفاقية    انطلاق دروس التكوين المتواصل    بن زيمة يفضح نفسه    قافلة تضامنية مدرسية    هكذا تتم مرافقة المكتتبين في "عدل 3"    جمال سجاتي يفتك الميدالية الفضية    طغمة مالي.. سلوك عدائي ونكران للجميل    الفن أداة للمقاومة ضد التطرّف والانقسام والإرهاب    94%من الضحايا مدنيون عزل    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    جهود للدفع بعجلة التنمية بسكيكدة    التحضير للبطولة الإفريقية من أولويات "الخضر"    توات تعرض زخمها الثقافي بمدينة سيرتا    فارق الأهداف يحرم الجزائريات من نصف النهائي    هذه إجراءات السفر عبر القطار الدولي الجزائر-تونس    الجزائر تستعرض استراتيجيتها لتطوير الطاقة المتجدّدة بأوساكا    إجلاء جوي لمريض من الوادي إلى مستشفى زرالدة    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    الوفاء لرجال صنعوا مجد الثورة    فيلم نية يتألق    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخاب أوّل عُمْدة في بريطانيا من أصل جزائريّ
نشر في صوت الأحرار يوم 10 - 05 - 2010

تمخّضت الإنتخابات العامّة في بريطانيا عن ضمّ مزيد من ممثلي الأقليات الإثنية والنساء إمّا لعضويّة مجلس العموم أو المجالس المحليّة. وكانت أهمّ حصيلة إيجابيّة في نظر أبناء الجالية من أصول جزائريّة أنّ السيدة منى حميتوش التي نجحت في انتخابات 2006، كعضوة في بلديّة إيزلنغتن ممثلة لحزب العمّال، قد فازت مرّة ثانية بزيادة 120 في المئة من أصوات منتخبيها. وأهمّ من ذلك سجّلت إسمها في التاريخ مرّة أخرى لتكون أوّل جزائريّة وأوّل امرأة عربية اللّسان أمازيغيّة العرق تُنتخب عمدة بلديّة في المملكة المتّحدة.
فقد كشف المحلّلون بجمعيّة سوتون تروستSutton Trust التي تناضل من أجل تحسين الترقية الإجتماعيّة وكذا المختصون في مؤسّسة الإستشارة في الشّأن العامّ مادونا بارتنارشيب Madona Partnership عن نتائج تحليلاتهم لحصيلة الإنتخابات التي جرت يوم الخميس الماضي. وتبيّن أنّ مزيدا من التنوّع العرقيّ والإثنيّ قد تحقّق في صفوف ممثّلي الشّعب سواء على مستوى مجلس العموم أو على مستوى المجالس البلديّة، مع تراجع في التمثيل الإجتماعيّ بزيادة عدد المنحدرين من أبناء الصّفوة والنخبة.
وهكذا وجد دعاة المساوات الإجتماعية ما يبرّر قولهم بأنّ مجلس العموم مايزال مؤسّسة محتكرة من طرف أبناء الفئات المحظوضة اجتماعيّا، مقارنة بأعضائه المنتخبين سنة 2005. ذلك أن سبعة وخمسين في المئة منهم تلقّى تعليمه بالمدارس الخاصّة وتخرّج من الجامعات العريقة أو له ماض في المحاماة أو مراكز البحوث أو كان من العاملين في مراتب عليا بقطاعات الصحافة أو الأعمال أو المال.
وربّما يعود ارتفاع تلك النسبة لكون المنتخبين الجدد ينتمون في غالبيتهم لحزب المحافظين الذي كسب 94 مقعدا جديدا في مجلس العموم.
ويبقى من أهمّ إيجابيات تصنيف الناجحين في انتخابات مجلس العموم هو ارتفاع نسبة التمثيل النسويّ. وقدبلغت نسبتهم إلى أكثر من الثلث في صفوف ممثّلي حزب العمّال، مقبال الخُمُس في الإنتخابات السابقة.
وهكذا، سيكون هناك 139 عضوة في البرلمان أيّ ما يعادل خمس مجموع الأعضاء، من بينهم 48 عن حزب المحافظين (36 عضوة جديدة)، و78 عن حزب العمّال (31 جديدة)، و7 عن الحزب اللّيبراليّ الديمقراطيّ (واحدة جديدة) وست نساء عن بقيّة الأحزاب (4 جديدات).
أمّا فيما يتعلّق بالتنوّع الإثنيّ، فقد ارتفع عدد أعضاء الإثنيات العرقيّة والثقافية في مجلس العموم من 16 عضو في انتخابات سنة 2005 إلى 27 هذه المرّة ضمن حزبي العمّال والمحافظين في حين يبقى الحزب اللّيبراليّ الديمقراطيّ حزبا مقتصرا على البيض البريطانيين وحدهم.
وذكرت نشرة "مسلم نيوز" أنّ ثمانية مسلمين انتزعوا مقعدا بالبرلمان، ستّة عن حزب العمّال واثنان عن حزب المحافظين، من بين 78 مترشّحا مسلما و22 مترشّحة مسلمة.
ومن بين ذلك العدد توجد أوّل ثلاث نساء مسلمات يصلن لمجلس النواب، هنّ شابانة محمود (عن بيرمنغهام وسط انجلترا) وروشانارا علي (من شرقيّ لندن) وياسمينة قريشي (عن بولتن شمال غربي أنجلترا).
كما استطاع أنس سرور أن يخلف والده محمد الذي كان سنة 1979 أوّل مسلم يدخل مجلس النّواب البريطانيّ.
ولكنّ من أهمّ النكسات التي يجب تسجيلها هو فشل سالما يعقوب في النجاح عن حزب راسباكت Respect الذي يتزعمه جورج غالاواي، والذي فقد هو الآخر منصبه في البرلمان، إذ انتزعته منه المسلمة روشانارا عَلِيّ، ممثّلة لحزب العمّال. وكان غالاواي قد أُقيل من عضويّة حزب العمّال بسبب موقفه المعادي للحرب على العراق، فأسّس حزبه الجديد الذي أصبح فيما بعد أعلى الأصوات انتقادا لاعتداء قوات الإحتلال الإسرائيليّة على الفلسطينين في غزّة وأحد المخطّطين للرحلات الهادفة لخرق وتقويض الحصار المضروب على غزّة.
وتُعدّ سالما، المرأة المحجّبة، أبرز النساء المُسلمات في بريطانيا حيث أصبحت صوتا بليغا في السّاحة الإعلاميّة، كعضو في حزب غالاوي. ومنحها الكثيرون حظوظا كبيرة في النجاح في الإنتخابات البرلمانيّة، مترشّحة ببيرمنغهام.
كما أخفق وزير العدل السابق في حكومة العمّال المُسلم شاهد ملك في الحفاظ على مقعده. ومن المرجّح أن يكون سبب ذلك هو فضائح المصاريف التي تورّط فيها مثله مثل غالبيّة نواب البرلمان الذي انتهت دورته.
ومن جهة أخرى فازت شي أونْوُورا، باعتبارها أوّل إفريقيّة سوداء، ممثّلة لحزب العمّال في نيو كاسل، وكان ذلك في منطقة لا يسكنها كثير من السود. كما انتُخبت إيلان غرانت باعتبارها أوّل إفريقيّة سوداء ممثّلة عن حزب المحافظين. ونجحت بريتي باتال باعتبارها أوّل آسيويّة تمثّل المحافظين في البرلمان.
ومع كلّ تلك النتائج الإيجابيّة، تقول الحقوقيّة آفْوَا هِيرْش، أنّ عهد المجتمع المتنوّع الجديد لم يكتمل بعد في بريطانيا.
حقيقة، هناك تحسّن ملحوظ بالمقارنة لسنة 1987 التاريخيّة التي شهدت انتخاب أوّل أربعة نوّاب من حزب العمّال منحدرين من أقلّيات إثنيّة، وهو العدد الذي ارتفع سنة 2005 إلى 15 عضو من بينهم 13 عضو من السود المنتمين لحزب العمّال.
وقد عرفت الإنتخابات الأسبوع الماضي تطوّرا ملحوظا بين مترشّحي حزب المحافظين من بين الأقليات، حيث بلغ رقما قياسيا ضمّ 44 عنصرا، من بينهم 10 تمّ ترشيحهم في مواقع اعتبرت النتائج فيها مؤكّدة.
كما سجّل الصحافيون من الأقليّات في المملكة المتّحدة، من سود أمريكيين و أفارقة أو من آسويين أو مسلمين، أنّه لأوّل مرّة فَتحت لهم حاشية حزب المحافظين المجالَ ليكونوا ضمن الطاقم الصحفيّ الذي رافق زعيم المحافظين أثناء حملته الإنتخابية.
وهكذا لم تعد خافية مظاهر اهتمام الأحزاب الكبرى في سعيها لكسب ودّ الأقلّيات. أو كما يقول الصحافي الأسود أديباوو، فإنّ كلّ الأحزاب تكون قد لعبت ورقة الأقلّيات... وهذا يُعتبر تقدّما.
مع مرّ الزمن، كما تقول الحقوقيّة آفْوَا هِيرْش، فإنّ ذلك الإهتمام بانتخاب عدد من ممثّلي الأقلّيات في أروقة البرلمان لم يعد كافيا لتحقيق التغيّر المطلوب في التّمثيل النيابيّ.
وسجّل كثير من الملاحظين أنّ أغلبيّة المنتَخبين السّود لم يعودوا ممثّلين فعلا لمصالح الأقليات التي انتخبتهم، كما كانوا عند انتخابهم في نهاية الثمانينات: "حيث كانت هويّة اللّون وقتها تؤدّي وظيفة العمل لمواجهة العنصريّة والتمييز ضدّ الملوّنين السود. وهي الصّفة التي لم تعد اليوم عنصرا جامعا لوحدتهم،" لما حصل على نظرة المجتمع إليهم من تطوّر.
كما أنّ الأصل الإجتماعيّ العالي للسود المنتخَبين، مقارنة بوضعيّة أغلبية نظرائهم، أصبح محلّ نظر باعتباره سببا يؤدّي إلى القطيعة بينهم وبين منتخِبيهم. وأصبح التساؤل مطروحا حول ما إذا كان مجرّد قيام صفوة من السود بالحديث إلى أبناء جلدتهم كاف لإحداث تغيير ذو أهميّة.
وبالإضافة لذلك، أصبحت قضايا الأقليات في بريطانيا مرتبطة أكثر فأكثر بالتمييز العرقي، والتباين في التحصيل المدرسيّ، وقلّة فرص الحصول على موقع عمل، والتعرّض للمعاملة السيّئة عند المثول أمام هيئلت القضاء الجنائيّ.
وهكذا انتقل وعي النّاخبين من الأقلّيات للبحث عن المترشّحين في الأحزاب التي ستتولّى الإجابة الوافية على هذه الإنشغالات الجديدة. وفي هذا الإطار، تقوم نخب الأقليات اليوم بتفحّص مقاربة كلٍّ من الأحزاب الثلاثة الكبرى ومدى ما تقدّمه برامجها من فرص حقيقيّة للإندماج الإجتماعي والتمثيل الفعليّ.
ولم يعد خافيا على هذه النخب، كما تشرح آفْوَا هِيرْش، أنّ النقاشات الدائرة بين الأحزاب تتضمّن رسائل متناقضة.
فحزب العمّال الذي كان له الفضل في وضع قانون المساوات لسنة 2010 وسجّل أحسن النتائج في تمثيل المسلمين مقارنة ببقيّة الأحزاب، لم يُشر في برنامجه الإنتخابيّ لأيّ سياسة مستقبليّة تتعلّق بالأقليات.
أمّا المحافظون فقد أغدقوا في الحديث عن حقوق المتزوجين من نفس الجنس ومساعدة المعوقين والمتزوجين ولكنّهم أهملوا كليّة تلك القضايا المرتبطة بالتمايز بين الأعراق والتمييز ضدّ بعض الأقليات.
كما أنّ تصريحات البعض من قيادات المحافظين المتعلّقة بحرصهم على المساوات لم يكن فيه كثير من الجديّة على ضوء ما يقترحونه في برامجهم من اقتطاعات سيكون أولى ضحايها أبناء الأقليات. بل إنّ بعض تلك التصريحات، وترديدها من طرف الصحافة المؤيّدة لليمين، غدت تثير الكثير من القلق بين صفوف عامّة الإقليات وخاصّة المسلمين.
وبالنّسبة لحزب الليبراليين الديمقراطيين، فالملاحظ أنّه باستثناء بعض المقولات التي يردّدها حول الهجرة والتمييز العرقيّ في مواقع العمل، وعلى الرّغم من تأييده لقانون المساوات ومعاداته لحرب العراق، لم يجسّد نيّاته تلك. كما غاب أيّ تمثيل للأقليات، بين صفوف منتخَبيه، والذين لم ينجح أحد منهم بسب ترشيحهم في مواقع غير مؤمّنة.
وباستثاء حزب العمّال نسبيا، وعلى النقيض من المحافظين، لم تقدّم الأحزاب تفاصيل شافية عن الإقتطاعات التي ينوون القيام بها سواء على حساب تمويل القطاع العام أو بالنّسبة لعدد العاملين فيه، وهي المجالات التي تهمّ معيشة الأقليّات مباشرة سواء باعتبارها مستفيدة من خدمات القطاع العام أو عاملة في صفوفه.
أمّا عند الحديث عن المهاجرين، فقد أجمعت الأحزاب على الإقتصار في إثارة "التخويف" من وجودهم أكثر ممّا تكلّمت عمّا يقدّموه من خدمات جليلة لاقتصاد البلاد ونهضتها.
ولم يكن موقف الصّحافة البريطانيّة أحسن حالا في معالجة قضايا الأقليات، حيث لم تنل حظّها من الإهتمام على الرّغم من أنّ البي بي سي – راديو 5 قد فتحت المجال لنيك غريفين زعيم حزب اليمين المتطرّف، للإشهار لبرنامجه العنصريّ، وهو الذي لا يتوان في تكشير أنيابه ضدّ المهاجرين والمسلمين، كلّما أُتيحت له الفرصة.
أمّا المسلمون في بريطانيا الذين يقدّر عددهم بحوالي مليونين، وأغلبهم من المستعمرات البريطانيّة السابقة في آسيا، فكانت قضاياهم أكثر تهميشا. ولم يُعلن حزب واحد عزمه لخوض مواجهة صارمة ضدّ تلك المواقف العلنيّة وغير العقلانيّة المعادية لكلّ ما له علاقة بالمسلمين والإسلام.
كما أنّ برامج الحكومة تجاه الإسلام والمسلمين، والتي استندت لنظرة أمنيّة صرفة وتركّزت على محاربة الإرهاب ودعاة التطرّف، أحدثت آثارا سلبيّة لدى الجالية المسلمة، إذ جعل غالبيّة أعضائها يحسّون بأنّهم أضحوا ضحايا عدم التمييز بينهم وبين تلك الأقليّة التي يدينون سلوكاتها ومواقفها.
ويبقى الحزب اللّيبراليّ الدّيمقراطي هو واحد الثلاثة الكبرى الذي يحظى حتى الآن، لدى المسلمين والعرب، بتفضيل واسع، بحكم موقفه المعاديّ للحرب في العراق وإدانته لكلّ من الإعتدائيْن الغاشميْن للقوات الإسرائيليّة المعتدية على الشّعبيْن اللّبناني والفلسطيني. وربّما لهذا السبب مازال هذا الحزب مقتصرا في تمثيله على البيض الإنجليز حيث أنّ أحدا لم ينجح من بين المترشحين ضمن صفوفه ال 43 من الأقليات.
وفي رأي الفلسطينيّ الأصل عطا الله سعيد، رئيس رابطة العرب البريطانيين ورئيس المجموعة العربيّة في حزب العمّال، أنّ العرب تعوّدوا على منح أصواتهم لمرشّحي حزب العمّال. ولكنّ موقف حزب العمّال من تلك الحرب الظالمة ضدّ العراق قاد الكثير من العرب، لمنح أصواتهم للحزب الليبراليّ الديمقراطيّ أو لحزب المحافظين.
ويسجّل السيد عطا الله بأنّ عدد العرب المترشّحين للإنتخابات المحليّة بلغ عشرة، في حين كان بسّام محفوظ العربيّ الوحيد المترشّح للإنتخابات البرلمانيّة، غرب لندن.و لكن "الشرق الأوسط" تكلّمت عن مرشّحين من أصل عربيّ: "فبالإضافة إلى بسام محفوظ، هناك نديم زهاوي ... وهو من أصل عراقيّ كرديّ".
ولكنّ خيبة الأمل كانت كبيرة في الصحف العربيّة الصادرة بلندن على إثر ظهور نتائج الإنتخابات. فقد فشل بسّام محفوظ اللبنانيّ في حين فاز ضمن قوائم المحافظين العراقيّ الأصل ناظم الزهاوي، الذي افتخرت بفوزه "القدس العربيّ" معنونة خبرها: "نجاح أوّل عربي"، رغم أنّه يؤيّد العدوان على العراق.
أمّا النتائج الإيجابيّة فكانت في مقدّمتها نجاح الجزائريّة منى حميتوش للمرّة الثانية على التوالي والتي أجمع ممثلو حزبها الذين فازوا بالأغلبية في بلديّة إيزلنغتن على انتخابها عمدة المجلس، دون شكّ، تقديرا لها على جهودها في انتزاع المجلس من سيطرة الحزب الليبراليّ الديمقراطيّ.
وفي رأي كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربيّ البريطانيّ، أنّ هناك: "سلبيّة بين العرب وبريطانيا، بسبب شعورهم بأنّهم لن يقدروا على عن اختراق المؤسّسات البريطانيّة... إذ يشعرون أنّ هناك لوبيا إسرائيليا قويّا، ولذلك لن يتمكّنوا من الوصول للتّأثير على القرار."
وأرى في ذلك استخفافا بحقيقة اللوبي الصهيونيّ في المملكة المتّحدة الذي تغلغل في شرايين كلّ الأحزاب الفاعلة بها. وما لا يعرفه الكثيرون من الساسة والأثرياء العرب أن تمويل إسرائيل وأنصارها للأحزاب البريطانيّة، وبالتّالي إمكانيّة التأثير على قرارها أو كسب ودّ أعضائها، يتمّ وفق قوانين المملكة المتّحدة.
وكانت السيدة منى حميتوش، العضوة في المجلس البلدي السابق في إيزلينغتن، قد صرّحت للبي بي سي أنّ نقص فعاليّة الناخب العربيّ تعود، أولا، لغياب مشاركته في النشاط السياسيّ على المستوى المحليّ وعلى مستوى الجمعيات الخيريّة، وثانيا، لغياب الدّعم المالي سواء من رجال الأعمال أو الفعاليات العربيّة.
يضاف لذلك أنّ من مميّزات الثقافة السياسيّة لدى أوسع الفئات من الشعوب المنتمية للحظارة العربيّة هو أنّها تعرف تضخّما مفرطا في إعلان النوايا وشُحّا مفرطا في وضع ما تتطلّبه من مخطّطات للتّنفيذ، بما في ذلك من جهد يجب تكريسه ووقت يجب تخصيصه ومال يجب صرفه.
وممأ يُعطّل مساهمة المهاجر العربيّ، هو أنّه ككلّ مهاجر، عادة ما يكون منغمسا في نعمته الجديدة، ويبقى حبيس ما يُسمّى ب"وهم العودة"، حيث تتتوالى عليه السنة تلو الأخرى وهو يحلم بالعودة للوطن الأمّ، في حين أنّه أصبح مقيما دائما ولكنّه لا يعبأ بممارسة مواطنته الجديدة.
لقد أكّت انتخابات 6 ماي الحالي أنّ نظام الإنتخابات في بريطانيا الذي يعود إلى 150 سنة مضت قد فقد قدرته على تحقيق غايته في تحقيق تمثيل حقيقيّ للوعاء الإنتخابيّ. فقد كانت حصّة الحزب الليبرالي في البرلمان أقلّ من 10 في المئة في الوقت الذي كسب فيه 25 في المئة من أصوات الناخبين. وحصل حزب العمّال على نسبة 40 في المئة من المقاعد في البرلمان مقابل 29 في المئة من الأصوات. وهذا ماجعل الحزب الليبراليّ أكبر المدافعين عن تغيير النظام الإنتخابي.
ومن شأن تعويض نظام الإنتخابات الحالي المبني على مبدإ الفائز الأول بنظام التمثيل النسبيّ أن يمنح فرصة ليكون للمليون والنصف من المسلمين والعرب حظا في الخارطة السياسيّة. وتقول أليس دالمار، العضوة بجمعيّة إصلاح النظام الإنتخابي: "أنّ تحقيق مزيد من التنوّع مهمّ جدّا لإضفاء الشّرعيّة على النظام الديمقراطيّ."
المهمّ أنّ هناك شيئا من التحسن في تمثيل الأقلّيات تحت قبّة البرلمان. بقي أن يصحب ذلك تغيير جدّي في برامج الأحزاب تجاه القضايا التي تهمّ تلك الأقليّات بما يجعلها تُحسّ أنّها فعلا طرفا معترفا بوجود هويّته في بريطانيا المعاصرة بتنوّعاتها الإثنيّة والثقافيّة والدينيّة. ودون شكّ، فإنّ إدراك الأقليات بأهميّة أصواتها وبلورة أهداف لمصلحتها تطرحها شروطا أمام الأحزاب المتنافسة هو أولى الخطوات التي قد تفتح لها المجال لتكون رقما ذا قيمة في الرّكح السياسيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.