لفت انتباهي التقرير الذي أورده كمال قبيسي في »العربية« بشأن ظاهرة نادرة حيّرت العلماء وأخذت لُبّهم ودفعت ببعض الدهماء في أمريكا إلى اعتبارها نار الشيطان..! الظاهرة الطبيعية ومع أنها نادرة جدا تكررت مرتين الأسبوع الماضي بالبرازيل وهاواي وقبلهما عام 2009 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لم تحدث قط إلاّ باليابان عام 1923 إثر "زلزال كانتو العظيم" الذي ضرب مدينة طوكيو وتسبب في أكثر من 105 آلاف نسمة، وحرائق صغيرة تسببت بدورها في تسخين الهواء الذي تحول بسرعة إلى جاف ونتج عنه ارتفاع في درجة الحرارة تحولت معها كتلة هوائية إلى نوع من الإعصار الصغير صدف أن مر بأحد ألسنة النار المشتعلة فحمله معه كالزوبعة ومر على شبه جزيرة صغيرة اسمها نوتو، فبقي يعبث فيها بالنار طوال 20 دقيقة أحرق خلالها ثلثي المدينة تقريبا وهلك 38 ألفا من سكانها محترقين. ومؤخرا ومن دون أي زلزال ضرب إعصار ناري يوم الخميس الماضي 26-8-2010 مدينة أراساتوبا الواقعة إلى الجنوب من مدينة سان باولو في البرازيل فأشعل في بساتينها وحقولها نيرانا هائلة، مع أنه لم يستمر سوى 30 ثانية فقط. هذا النوع الأعاصير الحاملة معها ألسنة من النيران يبدو الواحد منها على شكل زوبعة منفلتة الزمام، هي ظاهرة طبيعية، لكنها نادرة جدا، وبالكاد تكررت في القرن العشرين وأحدثت خرابا، سوى مرة واحدة حين زار أحدها مدينة باليابان وتركها »قاعا صفصفا« بحسب التعبير القرآني. لحسن الحظ أن الأعاصير الثلاثة التي حدثت ضرب أذاها الناري في السهول والبراري فقط وبعيدا عن المدن، وإلا لكانت أشعلت في مبانيها الحرائق بالمئات، لأن الإعصار الناري، يمر في المكان كعود كبريت مشتعل فيحرق ما يجده أمامه في ثوان معدودات. أغرب ما في الأمر أن سبر أغوار الأرشيف العلمي الخاص بأعاصير النار وتاريخها والبحث العلمي بشأنها كشف سرّا عظيما هو العثور على دليل مذهل تطرق إليه مصدر واحد غير مسبوق هو القرآن الكريم قبل أكثر من 15 قرنا، فذكرها في الآية 266 من سورة البقرة: » أيودُّ أحدكم أَن تكون له لَه جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر ولهُ ذريّة ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبيّنُ اللهُ لكمُ الآيات لعلّكم تتفكرون«. أما بعد: »والنفس كالطفل إن تهمله شبّّ على حب الرضاعِ وإن تفطمه ينفطمفاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولّى يُصمِ أو يصمِ وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإنْ هي استحلتِ المرعى فلا تُسم«