الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخب الوطني للجيدو يحرز 16 ميدالية, ست منها ذهبية    وهران: الطبعة الثانية للصالون الدولي لطب الأسنان "امداكس" من 18 إلى 20 سبتمبر    المغرب: الشارع ينتفض ضد التطبيع والمخزن يمعن في التواطؤ مع الكيان الصهيوني الإجرامي    اختتام أشغال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات المنعقد بجنيف    الألعاب الأفريقية المدرسية: تأهل المنتخبان الوطنيان للكرة الطائرة الشاطئية إناث و ذكور للدور النهائي    البنك الدولي يدرج الجزائر مجددا ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    كرة القدم/ بطولة إفريقيا للمحليين 2024: "الكاف" تكشف عن المجسم الجديد للمنافسة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60332 شهيدا و147643 مصابا    المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات بجنيف : الوفد البرلماني الجزائري يجري لقاء عمل مع وفد الجمعية الفيدرالية للنمسا    الجزائر تشرع في تولي رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي    الحماية المدنية تعزز جهود التكوين في مجال الإسعافات الأولية    تضامن وطني: استكمال عملية صب المنحة المدرسية الخاصة في آجالها المحددة    تساقط أمطار رعدية وبرد على ثلاث ولايات جنوبية ابتداء من ظهيرة اليوم الجمعة    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيس الوزراء الهولندي التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    جانت : قصر الميزان تيغورفيت أحد المعالم الأثرية والسياحية البارزة في المنطقة    وهران:" ليلة المتاحف " تصنع سهرة بنكهة مميزة    عين تموشنت..محطة شط الهلال ببني صاف تتجاوز حاجز المليار متر مكعب من المياه المحلاة منذ 2009    تنصيب رئيسة جديدة لمجلس قضاء بومرداس والنائب العام الجديد في إطار الحركة القضائية الأخيرة    رئيس الجمهورية يستقبل سفير لبنان بمناسبة انتهاء مهامه بالجزائر    استزراع 20 ألف وحدة من صغار سمك البلطي الأحمر بمزرعة وادي تليلات في وهران    الحماية المدنية: 3682 تدخل خلال 24 ساعة بمعدل تدخل كل 23 ثانية    تمديد عطلة الأمومة إلى 150 يوماً مدفوعة الأجر بنسبة 100% في إطار قانون جديد للتأمينات الاجتماعية    الجزائر ونيجيريا تبحثان تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق الإقليمي    مجزرة جديدة في غزة: 86 شهيدًا بينهم 71 من منتظري المساعدات    زيتوني يعاين تحضيرات معرض التجارة البينية الإفريقية IATF 2025 بالصنوبر البحري    هاتف نقال: ارتفاع استثمارات "أوريدو الجزائر" الى 6ر8 مليار دج في السداسي الأول    الموانئ المغربية في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    زعلاني يرافع لقانون مكافحة الاتجار بالبشر    افتتاح صالون دعم الاستثمار    زيتوني يشدد على ضرورة تعزيز آليات التوزيع    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    هولندا تسعى لفرض عقوبات أوروبية على الكيان الصهيوني    ممارسة حقّ تقرير المصير الحل العادل والتوافقي    المنتخب المحلي يطير غدا نحو أوغندا    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    النخبة الوطنية في مهمة الحفاظ على ريادة الترتيب    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    قسنطينة تكرم أبناءها المتفوقين    الأمين العام لوزارة الدفاع يستقبل سفيرة كندا في الجزائر    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يُسمى الإرهاب إرهاباً عندما يرتكبه أمريكيون؟
نشر في الشروق اليومي يوم 03 - 03 - 2010

لا أدري كيف مر الهجوم بطائرة خاصة على مبنى الضرائب في ولاية تكساس الأميركية قبل أيام مرور الكرام في الإعلام العالمي؟ ألم يقم مهندس أمريكي بصدم مبنى حكومي بطائرته الخاصة مما أدى إلى إحراق بناية ضخمة التهمتها النيران من كل حدب وصوب بطريقة مرعبة؟ لقد تذكر المشاهدون وهم يرون الدخان يتصاعد من كل أرجاء المبنى على الفور أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أطاحت ببرجي التجارة العالميين بالإضافة إلى مبنى البنتاغون.
*
* لم يكن هناك أي فرق أبداً بين حادثي نيويورك وواشنطن من جهة وحادث تكساس الأخير من جهة أخرى، لا بل إن بعض الأمركيين أشادوا على موقع فيس بوك "بالعملية البطولية" حسب تعبيرهم. لكن الأوساط الإعلامية والسياسية الأمريكية أحجمت عن وصم حادث تكساس بالإرهابي بالرغم من أنه نسخة طبق الأصل عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر. والمضحك في الأمر أن السلطات استبعدت قبل أن تتحقق من الهجوم أن يكون إرهابياً، كما استبعدت فرضية الاعتداء الإرهابي . لماذا؟ لأنها علمت أن الطيار الذي فجر طائرته بمبنى الضرائب كان أمريكياً .
* وكان الإرهابي جوزف أندرو ستاك قبل تنفيذ عمله الإرهابي قد أحرق منزله، ونشر بياناً على الانترنت صب فيه جام غضبه على الحكومة الأمريكية بطريقة تشبه تماماً الطريقة التي يهاجم فيها تنظيم القاعدة الولايات المتحدة من خلال بياناته المكتوبة والمسموعة. ناهيك عن أن التفجير يقع ضمن التعريف الأمريكي للإرهاب، وهو "الاستخدام غير المشروع للقوة ضد أفراد أو ممتلكات لترويع أو إجبار حكومة أو إجبار السكان المدنيين، وبالتالي أي فئة دعماً لغايات سياسية أو اجتماعية". أي أن الإرهاب يُعرف بطبيعة الفعل وغاياته وليس بهوية الفاعل الدينية أو القومية. لكن الإعلام الأمريكي لم يستخدم قط كلمة إرهاب في معرض تعليقه على فعلة الطيار الأميركي. أما حينما ينفذ شخص مسلم اعتداء يجري وصمه فوراً بالإرهاب، ناهيك عن أن تهمة الإرهاب تطال أوتوماتيكياً الدين الإسلامي. لكن عندما ينفذ الاعتداء شخص أميركي ويقع ضمن التعريف المحدد أمريكياً للإرهاب، فإنه لا يتم تصنيف الاعتداء إرهاباً أبداً. فعندما تم الكشف مثلاً عن هوية نضال حسن الإسلامية راح الإعلام الأمركي على الفور يصف هجوم فورت هود الذي أودى بحياة عدد من الجنود الأميركيين في نوفمبر الماضي بأنه إرهابي بامتياز، لا لشيء إلا لأن مرتكبه من أصول عربية وإسلامية، وكأن الإرهاب لا يمكن أن يمارسه إلا عربي أو مسلم. والأنكى من ذلك فإن الوقاحة وصلت بوزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى وصف الهجوم الإرهابي على مبنى الضرائب بتكساس بأنه حادث معزول.. يا سلام!!
* لكن إذا كانت فعلة المهندس الأمريكي أنرو جوزف ستاك حادثاً معزولاً، فهل عمليات الإرهاب التي تشهدها معظم الولايات الأمريكية يومياً أيضاً حوادث معزولة، أم إن الإنسان الأمريكي إرهابي بطبعه، من حيث النشأة والفكر؟ أليس الإرهاب هو القانون السائد في الشارع الأمريكي، بل وفي المدارس الأمريكية؟ يتساءل أحد الباحثين. ألم تشهد جامعة فرجينيا للتكنولوجيا قبل فترة حادثاً إرهابياً أدى إلى قتل 33 شخصاً قبل أن ينتحر الطالب الذي نفذه؟ ألا يؤكد ذلك خطورة العنف والإرهاب داخل المجتمع الأمريكي؟
* ألم تكشف محطة "إي. بي. سي" التلفزيونية الأمريكية عن مضمون وثيقة سرية أعدها مكتب التحقيقات الفيدرالية تفيد بوجود 22 منظمة إرهابية تهدد الولايات المتحدة داخلياً، وكلها منظمات أمريكية من الألف إلى الياء؟ وتكشف طبيعة هذه المنظمات الإرهابية الأمريكية عن أن الأخطار الإرهابية التي تواجه الولايات المتحدة ليست مستوردة، إذ إن 21 من هذه المنظمات مسيحية متطرفة أو بلا هوية دينية واضحة .
* كما كشفت الوثيقة أن أخطار الإرهاب التي تواجه الولايات المتحدة لا صلة لها بما يسمى "صراع الحضارات"، كما يشير الدكتور خادم حسين بخش، "إذ إن المنظمات الأساسية على قائمة المكتب تكشف عن أن مشكلة الولايات المتحدة - على صعيد التهديدات الإرهابية على الأقل - ليست مع العالم الإسلامي وإنما بسبب عوامل داخلية تفصح عنها طبيعة المنظمات الأساسية التي تخشاها السلطات الأمنية الأمريكية .
* وبالإضافة للمنظمات الإرهابية السابقة، فإن هناك تقريباً ثلاثمائة ميليشيا بيضاء عنصرية تندد بالحكومة الفدرالية وسياساتها الداخلية والخارجية، وتنادي بالانقلاب على هذه السياسات، وتحرّض أتباعها على الثورة ضد الحكومة الفدرالية في واشنطن وتحطيم الاتحاد بين الولايات. وهذه الميليشيات الثلاثمائة مسلحة وتنتشر في الوسط الغربي من الولايات المتحدة، حيث المناطق الزراعية والحقول الشاسعة والبراري التي يسهل تخزين السلاح فيها. وكثير من هذه الميليشيات المسلحة تقوم بتدريب أعضائها على السلاح بالذخيرة الحية وأحيانا بعلم السلطات المحلية التي تغض الطرف خوفاً من المشاكل مع هذه الميليشيات. لقد حصل تيموثي ماكفيه الذي قام بتفجير المقر الفيدرالي في أوكلاهوما 1995 على كل مواد التفجير من هذه الميليشيات المنثورة في حقول الوسط الغربي فحصد في لحظة واحدة 168 أمريكيا وأمريكية كانوا متواجدين في هذا المقر .
* لقد ولد الإرهاب أمريكياً ومنذ مئات السنين، حسب الدكتور خادم حسين بخش، ومازلنا نتذكر جماعة كوكلوكس كلان شديدة التعصب التي سادت الشارع الأمريكي من منتصف الخمسينات إلى أواخر الستينيات من القرن الماضي، وكانت أفكارها إرهابية تطارد الزنوج السود وتطردهم ولا تسمح لهم بالعمل أو بدخول دور السينما أو بركوب المواصلات العامة المخصصة للبيض وهم أصحاب تعبير " ممنوع دخول السود .. والكلاب " .
* إن ثقافة الجريمة والسجون انتقلت إلى المدارس، حيث شاعت ظاهرة إطلاق النار على المدرسين والمدرسات وعلى التلامذة بشكل لافت لم يشهد له العالم مثيلا .
* يقول رونالد واينر، الخبير الأمريكي في علم دراسة الجرائم: إن وتيرة العنف لدى الشباب زادت إلى درجة كبيرة بسبب ثقافة الأسلحة النارية، وغلبة العقلية المستوحاة من قانون الشارع على الأخلاق والمبادئ الإنسانية. وأظهرت دراسة كشف عنها البيت الأبيض، أن واحدة من كل عشر مدارس رسمية أمريكية تشهد أعمال عنف خطرة كل عام، وهناك حرب حقيقية في شوارع الولايات المتحدة، ويسقط قتلى بالرصاص ما يقارب 45 ألف شخص كل تسعة عشر شهراً .
* والعدد الذي أشار إليه هذا الخبير الأمريكي هو العدد نفسه الذي سقط خلال تسعة أعوام من حرب الفيتنام .
* وفي سنة 1991 قتل الإرهاب الداخلي الأمريكي 38317 شخص وجرح 175 ألف شخص، هذا يعني حصول 105 قتيلا في اليوم الواحد. وهذا ما دفع الكثير من المحللين الأمريكيين إلى إطلاق وصفا لهذه الحالة الإرهابية بأنها حرب حقيقية في كل بيت أو الإرهاب على الذات. ووفق التقديرات المختلفة، فإن حوالي 200 ألف شخص يصابون بالرصاص سنوياً .
* وهذا يعني أن أمريكا مسكونة بالكامل بالإرهاب والجريمة الداخلية، والمسؤول عنها هو الشعب الأمريكي نفسه .
* الإرهاب الداخلي إذاً، مستفحل في جذور المجتمع الأمريكي وفي كل آليات حركته، بل كان ركيزة نشأة هذا البلد. وحسب تقرير رسمي صدر عام 1989 بعنوان "ضحايا العنف في القوانين الأمريكية" تحدث أحد كاتبي التقرير "ليونارد جيفري" عن أن في أمريكا 5500 عصابة مسلحة معروفة تنتشر اليوم، وبعضها منظم وله أفرع في كل الولايات المتحدة، وتقوم هذه العصابات أو الميليشيات ب25 ألف عملية قتل في السنة، وأخذت هذه الميليشيات تبني دولها وقوانينها الخاصة بها داخل الولايات المتحدة، وهي محمية بكميات كبيرة من الأسلحة المتطورة، وهناك تقارير تؤكد أن هؤلاء يملكون كميات من أسلحة الدمار الشامل تفوق الخيال. ولعل استخدام الجمرة الخبيثة بعد أحداث11 سبتمبر داخل الولايات المتحدة الأمريكية والإرباك الذي أصاب المؤسسات الحكومية والاجتماعية من جرائه لدليل على ذلك. وتم إثبات أن هذه الجمرة الخبيثة المستخدمة هي أمريكية داخلية بحتة صنعت على يد الإرهابيين الأمريكيين. كما أن لهذه الميليشيات نفوذها الانتخابي والاجتماعي، وهي تمارس العنف الهستيري، وتطمع إلى تجهيز جيشاً من الإرهابيين للزحف على البيت الأبيض وتدمير الحكومة الفيدرالية فيه واحتلال البلاد.
* ألا يستحق كل هذه الأعمال الأمريكية الداخلية الفوق إرهابية التي وثّقها الدكتور خادم أن تندرج تحت مسمى الإرهاب، أم إن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية تصنفها أيضاً على أنها أحداث معزولة؟
* إنها السفسطائية بأبشع صورها . أمريكا تريد أن تقول لنا إن التوصيف الأمريكي للأشياء هو التوصيف المعتمد، حتى لو أفتى بأن لون الثلج أسود !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.