الرئيس تبون يؤكد أن المسألة غير قابلة للتنازل أو المساومة: المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال معالجة ملف الذاكرة    رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل يؤكد: الاستعمار كان يهدف لتعويض الشعب الجزائري بشعب أوروبي    القمة الإفريقية حول الأسمدة بنيروبي: رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة عالميا    خلال اجتماع اللجنة المشتركة: تأكيد على ضرورة تكثيف التعاون الجمركي بين الجزائر وتونس    تحذيرات من كارثة إنسانية جراء هذه الخطوة    أطلقتها مديرية الحماية المدنية: قافلة لتحسيس الفلاحين بطرق الوقاية من الحرائق    باتنة: الدرك يطيح بعصابة سرقة المنازل بمنعة    والي خنشلة يكشف: مشاريع البرنامج التكميلي وفرت 5852 منصب عمل    الرئيس تبون يؤكد على ضرورة التجنّد لترقية صورة البلاد    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    بسبب نهائي كأس الرّابطة للرديف: رقيق وعويسي خارج حسابات مدرب وفاق سطيف    وفاة الأسيرة الصهيونية "جودي فانشتاين"    الجزائر تدين بشدة تنفيذ الاحتلال الصهيوني لعمليات عسكرية في رفح    استراتيجية جديدة للتعليم والتكوين عن بُعد السنة المقبلة    اتفاقية بين ألنفط و إيكينور    دورة جزائرية تركية    دور ريادي للجزائر في تموين السوق الدولية بالأسمدة    بدء التوغل العسكري الصهيوني في رفح    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    تكريم الفائزين في مسابقة رمضان    الجزائر تضطلع بدور ريادي في مجال الأسمدة وتطوير الغاز    مشروع مبتكر لكاشف عن الغاز مربوط بنظام إنذار مبكر    قسنطينة تستعد لاستقبال مصانع التركيب    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    16 موزعا الكترونيا جديدا لتحسين الخدمة قريبا    تأكيد على دور حاضنات الأعمال في تطوير المؤسسات الناشئة    دعوات دولية لإتمام اتفاق وقف القتال    دعمنا للقضية الفلسطينية لا يعني تخلينا عن الشعب الصحراوي    زعماء المقاومة الشّعبية..قوّة السّيف وحكمة القلم    3 مراحل تُنهي الحرب وتُعيد النازحين وتُطلق سراح الأسرى    الحجز الإلكتروني للغرف بفنادق مكة ينطلق اليوم    ترحيل 141 عائلة من "حوش الصنابي" بسيدي الشحمي    بن رحمة هداف مجددا مع ليون    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    حجام يتألق في سويسرا ويقترب من دوري الأبطال    الأهلي المصري يرفع عرضه لضم بلعيد    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    صيد يبدع في "طقس هادئ"    طرح تجربة المقاهي ودورها في إثراء المشهد الثقافي    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تفكيك جماعة إجرامية مختصة في السرقة    دعوة لإعادة النظر في تخصص تأهيل الأطفال    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    أم البواقي : أسعار الأضاحي تلتهب والمواطن يترقب تدخل السلطات    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات الربيع العربي..لماذا امتد الانهيار إلى سوريا
نشر في صوت الأحرار يوم 19 - 10 - 2016

عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر 2001، وما صاحبها من انعكاسات جيوسياسية، ومن احتلال لأفغانستان ثم العراق، تفاعلت معها كل وسائل الإعلام العالمية وكذلك المحللون السياسيون والخبراء العسكريون، وكان من بين المحللين والخبراء من شكك منذ البداية في مختلف الروايات الأمريكية الرسمية، في جميع دول العالم حتى هنا في الجزائر ) أنظر كتابي الصليبية الأمريكية وعهد حرب الحضارات، دار هومة، 2007( لكنه كان من الصعب أمام قوة الدعاية الأمريكية الرسمية معززة بالترسانة الإعلامية أن يستمع الغرب حينها لغير صوت الحرب.
وكان يجب أن تتحطم العراق وسوريا وتظهر داعش، وتبدأ أزمة اللاجئين السوريين تلقي بظلالها على أوروبا، لكي يدرك الغرب هول الكارثة التي وقعت بسبب الأكاذيب الرسمية التي سوقتها دعاية الصقور أو المحافظين الجدد في الولايات المتحدة للشعب الأمريكي أولا وللعالم أجمع ثانيا، والتي لم تؤد إلى تدمير العراق فحسب بل تدمير منطقة الشرق الأوسط كلها.
القناة الفرنسية ال 5 تكشف الحقيقة
بتاريخ 25 سبتمبر 2016، سلطت القناة الفرنسية ال 5 الضوء في برنامج INTOX على حرب العراق بفيلم وثائقي لجاك شارملو JAQUES CHARMELOT تحت عنوان: L`IRAK : UNE VERITABLE IMPOSTURE : le fait de propager des informations mensongères حيث برر الرئيس الأمريكي جورج بوش احتلاله للعراق عام 2003 بامتلاك نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، فكلفت تلك الحرب الظالمة التي وصفتها القناة ب "أكبر أكذوبة في التاريخ" بحثا عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يتم العثور عليها أبدا، نحو 3000 مليار دولار وخلفت مئات الآلاف من الضحايا والنازحين.
إن معظم الشخصيات التي تداولت على الحديث في هذا الفيلم قالت إن حرب العراق 2003 تم تسويقها للأمريكيين بالأكاذيب والتضليل، لقد كانت خدعة حقيقية ولم تكن تلك المعلومات الدعائية عبارة عن خطأ إنما عبارة عن تزوير.
فبتاريخ 11/09/2001 وبين آثار الهجمات في نيويورك أقسمت الولايات المتحدة الأمريكية على هزم الإرهاب، لكن الرئيس الأمريكي جورج بوش غيّر مفرداته، حيث استبدل أسامة بن لادن بصدام حسين، ويعتبر ذلك ثمرة تلاعب كانت له نتيجة وخيمة على العالم.
ومع التحولات الدرامية والمأساوية التي يعيشها العالم العربي اليوم، أضحى الإطلاع على مضمون هذا الفيلم الوثائقي ضروريا للغاية.
تدمير العراق: جذور التضليل
يرى الفيلم الوثائقي للقناة الفرنسية ال 5 أن جذور التضليل تعود إلى أقل من 6 ساعات من هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث كان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد يعطي التعليمات. وفي مساء 11 سبتمبر توجه الرئيس الأمريكي جورج بوش بخطاب للأمريكيين قائلا: "إن الإرهابيين استهدفوا أمريكا والحضارة والحرية ونحن لا نفرق بين الإرهابيين الذين ضربوا أمريكا وبين من يأويهم".
وكانت هذه الأفكار- حسب الفيلم- من وحي نائب وزير الدفاع ريشارد بيرل Richard PERLE الذي كان بمثابة المفتاح الحقيقي لهذه المغامرة: تدمير العراق، حيث ظهر في الفيلم متحدثا:" لقد تكلّمت مساء ذلك اليوم مع ديفيد فروم محرر خطاب الرئيس جورج بوش، وقلت له مهما يقول الرئيس في خطابه، يجب عليه أن يتهم الدول التي تأوي الإرهابيين". ثم شرح فكرته بالقول: " إننا لا نستطيع القضاء على الإرهابيين فرد فردا، ما دام هناك دول تأويهم وتجهزهم وتمولهم".
ومعنى هذا أنه يجب استهداف الدول المتهمة، ويعتبر هذا بمثابة برنامج حرب أعلنته مجموعة من المحافظين الجدد، منهم نائب الرئيس الأمريكي ديك شيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس، وبول وولفوفيتز، ودوغلاس فايس، وهم المستشارون الأكثر تأثيرا على الرئيس الأمريكي.
هؤلاء يقول عنهم جوزيف ويلسون JOSEPH WILSON وهو مستشار إفريقيا في البيت الأبيض ودبلوماسي في الفترة 1997– 1998 والقائم بالأعمال في بغداد بين 1988 – 1991:" وصلوا إلى السلطة مع الحزب الجمهوري في فريق المحافظين الجدد، لهم علاقات بعالم النفط وصناعة الأسلحة، والإيديولوجيين المنظرين لهيمنة أمريكا على العالم، وكان صدام حسين عدوهم اللدود".
ويظهر في الفيلم أحد مستشاري بوش راي ماك غوفيرن RAY MC GOVERN وهو أحد منتسبي وكالة الاستخبارات الأمريكية من 1963– 1990 يقول: " في مساء 11 سبتمبر قال بوش: ولماذا لا نذهب إلى العراق، فرد عليه أحدهم: إن هذا يتعارض مع القانون الدولي. فرد بوش: أنا لا أبالي بالقانون الدولي"، لذلك وبعد يومين من 11 سبتمبر– حسب جوزيف ويلسون- وخلال اجتماع مع الرئيس بوش قال بول وولفوفيتز: " إن العراق وصدام حسين هما المشكل". 48 ساعة فقط أصبح صدام حسين وتركيع العراق هدفا للمحافظين الجدد. ومعنى هذا أنه منذ البداية لم تكن أفغانستان هي الهدف، بل العراق.
وبتاريخ 19 سبتمبر، التقى المؤيدون لفكرة القضاء على صدام حسين في اجتماع سري بالبنتاغون، وكان من بين المشاركين أحمد شلبي، الذي لعب دورا محوريا في الحرب على العراق. وأحمد شلبي هو عراقي معارض لصدام حسين كان يعيش في أمريكا ودخل العراق على ظهر دبابة أمريكية يوم 19 مارس 2003.
وغداة ذلك الاجتماع ألقى الرئيس جورج بوش خطابا حدد فيه المتهمين: "أسامة بن لادن، القاعدة، طالبان أفغانستان" لكنه لم يقل ولا كلمة على العراق بل كل ما في الأمر أنه قال: " عدونا المشترك هو شبكة من الإرهابيين المتطرفين وكل الحكومات التي تدعمهم" وأضاف: "إن حربنا ستبدأ بالقاعدة، لكنها لا تتوقف عند القاعدة ".
وكان من بين الحاضرين حينذاك رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الذي وقف يصفق لخطاب بوش، إنه إعلان تحالف بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وبسرعة بعد إعلان الحرب على القاعدة وبن لادن وطالبان، اختفى بن لادن، وتفرقت القاعدة وخرجت من كابول.
لولب الأكاذيب: بوش يتعجل الحرب على العراق
يقول الفيلم إنه في واشنطن كان جورج بوش متعجلا ليخوض حربا أخرى، حيث ألقى خطابا قال فيه بالحرف: "إن الحرب في أفغانستان هي مجرد بداية، كل من يأوي إرهابيا فهو إرهابي، كل من يمول إرهابيا فهو إرهابي. ولا يمكنني أن أكون أكثر وضوحا من هذا. إذا طوروا أسلحة الدمار الشامل سيرهبون دولا بأكملها، يجب أن تتم محاسبتهم".
ولم يكد جورج بوش ينهي خطابه، حتى كان وزير دفاعه دونالد رامسفيلد يستقبل الجنرال طوم فرانكس الذي قاد الحرب في أفغانستان ويراقب منطقة واسعة من آسيا إلى إفريقيا، فأمره بتحضير خطة للهجوم على العراق. التي أصبحت هدفا سهلا، لأنه منذ احتلال العراق الكويت عام 1990 وانهزامه في الحرب عام 1991 وهو تحت الوصاية الدولية، لكن رغم الحصار الدولي ومآسي العراقيين الكبيرة إلا أن صدام حسين الذي يعتبر مستفزا كبيرا للأمريكيين ظل موجودا في الحكم، وفي عام 1998 طرد المفتشين الدوليين المكلفين بنزع أسلحة العراق. وبالنسبة للمحافظين الجدد فإن صدام حسين هو الشيطان. وقد عبر عن ذلك ريشارد بيرل بقوله: "صدام رجل خطير على مواطنيه وعلى العالم".
لكن جوزيف ويلسون الذي يعرف جيدا العراق، الذب كان آخر دبلوماسي أمريكي يلتقي صدام حسين عام 1991 يرى خلاف ذلك، حيث ظهر في الفيلم يقول: "صدام كان فعلا على رأس قوة إقليمية، لكنه انتهى، لم يعد خطيرا ولم يعد يشكل أي تهديد".
بعد 100 يوم من هجمات 11 سبتمبر، كان جورج بوش بحاجة للانتقام. فبتاريخ 28 أكتوبر 2001 أقدم ريشارد بيرل على نشر مقال في نيويورك تايمز NEW YORK TIMES يقول فيه: "يجب على أمريكا أن تقضي على صدام حسين" وفي نفس اليوم استقبل جورج بوش الجنرال طوم فرانكس وأعطاه الأمر بالهجوم على العراق.
وفي 19 فيفري 2002 أسر طوم فرانكس لبوب غراهام BOB GRAHAM )سيناتور من 1987 إلى 2005 ورئيس لجنة مجلس الشيوخ حول الاستعلامات ومعارض للحرب(: " نحن لا نقوم بالحرب في أفغانستان، سنتوجه إلى الحرب في العراق ".
لم يبق إذن سوى إقناع الرأي العام الأمريكي بحرب ضد دولة لا علاقة لها بهجمات 11 سبتمبر، حسبما أكده الفيلم. لذلك قال الكولونيل أندرو باسيفيتش ANDREW J.BACEVICH وهو منتسب للجيش الأمريكي 1969– 1992 وأستاذ الإستراتيجية والتاريخ العسكري: "بمجرد اتخاذ قرار الحرب، بقي تسويق الحرب للشعب الأمريكي"، وهي العملية التي وصفها جوزيف ويلسون بقوله: "كان يجب تحضير حملة دعائية ضخمة عبر وسائل الإعلام، مفادها يجب حماية أمريكا من هجوم جديد ".
لذلك، حسب باسيفيتش، شكلت أسلحة الدمار الشامل أفضل وسيلة لتسويقها، فظلت هذه الأسلحة لعدة أشهر تحتل صدارة اهتمامات وسائل الإعلام في أمريكا. وقال ريشارد بيرل إنه شارك في عدة اجتماعات سرية للمخابرات، وكانت معظم التقارير– حسبه- تؤكد أن صدام حسين لديه القدرة على تطوير برامج أسلحة الدمار الشامل.
لكن الحقيقة– حسب الفيلم- لم يكن هنالك إجماع على هذا، لأنه منذ سنوات والمخابرات الأمريكية تراقب العراق ولم تجد شيئا. وهذا ما يؤكد رأي ماك غوفيرن بقوله: "لقد أنفقنا ملايير الدولارات سنويا للتجسس الإلكتروني، والأقمار الصناعية التي تلتقط الصور وتستحضر كل أنواع المعلومات، ولم نجد شيئا عن أسلحة الدمار الشامل في العراق منذ 1991".
ويؤكد هذا أيضا وليام بيني WILLIWM BINNEY رئيس فريق التحليلات في هيئة الأمن القومي NSA من 1971 إلى 2001، حيث قال: "إن هيئة الأمن القومي لا تملك أي معلومة تقول أن العراق واصل برنامج أسلحة الدمار الشامل".
وفعلا إن أسلحة العراق تم تدميرها عام 1991، بل إن كبار المسؤولين الأمريكيين كانوا يعلنون ذلك صراحة. فقد ظهر في الفيلم كولن باول(COLIM POWELL) يصرح بالقاهرة بتاريخ 24 فيفري 2001: "لم يطور صدام حسين أسلحة الدمار الشامل، إنه لم يعد قادرا على تهديد الجيران". وكذلك صرحت كوندا ليزا رايس بواشنطن بتاريخ 29 جويلية 2001: "نحن مستعدون لمنع صدام حسين من إعادة التسلح، وقواته العسكرية لم يعد تشكيلها يشكل خطرا".
ومع ذلك يقول الفيلم تصر واشنطن على جعل صدام حسين "تهديد حقيقي"، ويتجلى ذلك في خطاب جورج بوش: "إن نظام صدام حسين يخفي بعض الأشياء على العالم المتحضر، وأن مثل هذا النظام وحلفائه الإرهابيين يشكلون محور الشر".
وفي سياق متناغم قال دونالد رامسفيلد في شهر فيفري 2002 بالكونغرس: "لا توجد أي دولة إرهابية تشكل تهديدا لأمن العالم مثل نظام صدام حسين" ومنسجما معه قال نائب الرئيس ديك شيني شهر أوت 2002: "لنكون واضحين، ليس هناك أدنى شك في أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل." ومع ذلك، يستخلص الفيلم، أن المحافظين الجدد يتعين عليهم إيجاد الدليل.
أحمد شلبي وعراقيو المهجر في خدمة المحافظين الجدد
وفي رحلة البحث عن الدليل، كان يتعين على المحافظين الجدد أن يلجؤوا إلى أحمد شلبي، الذي كون مجموعة من المعارضين العراقيين الموجودين في المهجر وأنشأوا مجلسا أطلقوا عليه اسم "المجلس الوطني العراقي".
هذه المجموعة قال عنها السيناتور بوب غراهام: "لديهم مصالح مشتركة: الوصول إلى السلطة في العراق، لكن ليتمكنوا من ذلك عليهم الوصول إليها عبر الدبابات الأمريكية".
في جانفي 2001 كان الحظ قد ابتسم لمجموعة شلبي الذي صرح قائلا: "كل الذين كانوا يدعموننا وصلوا إلى الحكم في أمريكا مع جورج بوش." ولم يلبث التفاهم والتعاون بين المحافظين الجدد ومجموعة شلبي أن تحول إلى "تواطؤ" بعد 11 سبتمبر 2001.
وهكذا طلبت الإدارة الأمريكية من أحمد شلبي إيجاد مجموعة من الأشخاص الذين بوسعهم تقديم الدليل لوجود أسلحة الدمار الشامل. هؤلاء الأشخاص الذين جلبهم أحمد شلبي قال عنهم وليام بيني: "أنهم قدموا للمحافظين الجدد ما كانوا يريدون سماعه، أي التصريح بوجود أسلحة دمار شامل لتبرير الحرب".
وكمساهمة في الحرب الدعائية قام أحمد شلبي بتقديم مجموعته إلى وسائل الإعلام فتحدثت عنهم نيويورك تايمز يوم 8 نوفمبر 2001 بعناوين مثيرة مثل: "عراقيون ضد الإرهاب"، وفي 20 ديسمبر 2001 كتبت الجريدة نفسها بالبنط العريض "عراقي في المهجر يكشف: 20 موقعا لأسلحة الدمار الشامل في العراق"، بهدف إضفاء المصداقية على الحرب.
غير أن– حسب الفيلم الوثائقي للقناة الفرنسية ال 5- هذه التصريحات قسمت الإدارة الأمريكية، حيث قال أحمد شلبي" أن وكالة الاستخبارات الأمريكية لم تكن تثق فينا وتتهمنا بالكذابين"، لكن البنتاغون رفض التشكيك في تصريحات أحمد شلبي ومجموعته، لأن وكالة الإستخبارات الأمريكية– حسب تصريح ريشارد بارل- لم تستطع تأكيد كذبها قبل اندلاع الحرب.
لكن لتجاوز وكالة المخابرات وتأكيد تصريحات مجموعة شلبي، التف المحافظون الجدد على وكالة المخابرات وأنشأوا مكتبا موازيا لها اسمه "مكتب المخططات الخاصة" وكان ذلك باقتراح من بول وولفوفيتز ودوغلاس فايس. هذا المكتب وصفه راي ماك غوفايرن بأنه "وحش حقيقي أنشئ كبديل للسي آي أي"، لأنه إذا كانت وكالة المخابرات تقوم بجمع المعلومات من مصادر مختلفة ثم يقوم المختصون بمراقبتها وتحليلها قبل تقديم التقارير للمسؤولين السياسيين، فإن مكتب المخططات الخاصة يقدم المعلومات مباشرة للمسؤولين، فهو طريق مختصر جدا لم يحدث أبدا في تاريخ الولايات المتحدة، وهكذا تحصل بوش، تشيني ورامسفيلد على الإجابات التي يحتاجون إليها.
وبذلك لم يلبث مسؤول وكالة المخابرات الأمريكية جورج تينيت أن زكى تلك المعلومات في الكونغرس، حسب شهادة بوب غراهام:" حمل جورج تينيت معه 3 ملفات بيضاء كبيرة، قال إن فيها معلومات حول 550 موقعا يتم فيه إخفاء أو إنتاج أسلحة دمار شامل في العراق ".
ولأن بوب غراهام معارض للحرب سأل جورج تينيت: من أين حصلتم على تلك المعلومات؟ فرد عليه تينيت: من العراقيين الموجودين في المهجر. أي مجموعة شلبي. فرد عليه غراهام: من يوجد لدينا في الميدان حتى يؤكد لنا صحة المعلومات؟ فقال له تينيت "صفر"، أي لا أحد.
وهكذا– حسب الفيلم- تحركت آلة الكذب، فحوّل البنتاغون تصريحات جماعة شلبي إلى حقائق رسمية، فأنتج المحافظون الجدد بالتعاون مع جماعة شلبي "تضليلات كبيرة" لتبرير الحرب.
وثيقة روما حول يورانيوم النيجر، واعترافات في برلين حول مخابر عراقية متنقلة
ولإيجاد أدلة على امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، كان يجب إقناع الرأي العام الأمريكي بتنويع المصادر، فجاءت تضليلات أخرى من روما، حيث حولت المصالح السرية الإيطالية ملفا للسفارة الأمريكية يتحدث عن بيع النيجر كمية من اليورانيوم المخصب للعراق بطريقة سرية." كذلك فعلت المصالح السرية الألمانية حين حولت للأمريكيين اعترافات مهاجر عراقي تحت إسم "كيرفبال" curveball يؤكد فيها أن نظام صدام حسين ينتج مواد سامة في مخابر متنقلة.
وهكذا لم يبق للرئيس الأمريكي جورج بوش سوى إقناع الكونغرس بالحرب، وكان ذلك– حسب بوب غراهام- شكليا لأن بوش كان يملك الأغلبية في مجلس الشيوخ. لكن بوب غراهام حاول ثني الكونغرس عن ذلك بدعوته لتقييم تلك المعلومات لكنه لم يفلح، لأنه طلب مناقشة الملف الأكثر سرية في المخابرات الأمريكية.
وبعد روما وبرلين، جاء دور بريطانيا، فبتاريخ 24 أفريل 2002 قام رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير– حليف جورج بوش في المغامرة العراقية- بنشر ملف حول أسلحة الدمار الشامل في العراق. جاء فيه أن العراق يبحث عن شراء كميات كبيرة من اليورانيوم من إفريقيا.
غير أن بوب غراهام أصر على ضرورة تقديم أدلة مقنعة لخوض الحرب وعلى ضرورة تقديم المخابرات "خلاصة التقرير" الذي يؤكد على الحرب، فجاءه الجواب بأن "المخابرات ليس لديها الوقت لكتابة خلاصة التقرير". لكن– حسب رأي ماك غوفيرن- يجب أن يكون للتقرير خلاصة، ما جعل مدير المخابرات تنيت يعود إلى البيت الأبيض وقال لهم: "لابد من خلاصة" فرد عليه البيت الأبيض بقوله: "نعم، لكن بشرطين: الأول أن تنجزه في ظرف أسبوع ونصف ) وهذا يتطلب 3-4 أشهر(، والثاني أن تتبع ما يقوله ديك شيني."
يتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.