الفريق أول شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية بالناحية العسكرية الثالثة    إهمال الأولياء يفشل 90 بالمائة من الأبناء    غائب دون مُبرر: إدارة لاصام مستاءة من بلحضري    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    الاحتلال الصهيوني يغلق الحرم الإبراهيمي أمام المصلين المسلمين    مدرب اتحاد الشاوية السعيد بلعريبي للنصر    القضاء على إرهابي وتوقيف 6 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    تمنراست: إرتفاع حصيلة ضحايا ضحايا المرور إلى 9 أشخاص    الطارف: تعليمات باستدراك تأخر إنجاز محطة تحويل الكهرباء بتقيدة    وزير الخارجية أحمد عطاف يصرح: الوضع المأساوي في غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر    جامايكا تعترف رسميا بالدولة الفلسطينية    وزير العدل يدشن مقر مجلس القضاء الجديد بتبسة    وزير البريد في القمة الرقمية الإفريقية    وزير الإشارة العمومية يعطي إشارة الانطلاق: الشروع في توسعة ميناء عنابة و رصيف لتصدير الفوسفات    فيما وضع حجز الأساس لإنجاز أخرى: وزير الطاقة يدشن مشاريع ببسكرة    سوناطراك : توقيع بروتوكول تفاهم مع الشركة العمانية أبراج لخدمات الطاقة    الخبراء يبرزون أهمية اللقاء التشاوري للقادة الثلاثة    وزير الداخلية يكشف: تخصيص أزيد من 130 مليار دينار لتهيئة المناطق الصناعية    البروفيسور نصر الدين لعياضي يؤكد من جامعة صالح بوبنيدر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    الاستخدام العشوائي للنباتات الطبية.. عواقب وخيمة    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    غزّة تحت القصف دائماً    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    جزائر الرئيس تبون حققت نجاحات في زمن قياسي    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تقرير دولي يفضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول "الأونروا"    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    غرس 100 ألف شتلة من مختلف الأصناف    الحاجة الاقتصادية والاجتماعية لضبط عروض التكوين في الدكتوراه    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    عاصمة البتروكيمياء بلا حظيرة تسلية ولا حديقة حيوانات    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    معالجة 245 قضية إجرامية    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    دعم الإبداع والابتكار في بيئة ريادة الأعمال    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولة "اختطاف" في تونس!
شهادة الدكتور السعيد شيبان
نشر في الفجر يوم 01 - 05 - 2012


الثورة أَولى رغم أهمية الدراسة

حصل التلميذ السعيد شيبان على شهادة البكالوريا بامتياز خلال الموسم الدراسي 45 1946، وفي الموسم الموالي التحق بالنسبة التحضرية المؤهلة لدراسة الطب في جامعة الجزائر(*). وجد بالجامعة أجواء تختلف كثيرا عن ثانوية بن عكنون، بدءا بالنشاط الطلابي الذي يكتسي أبعادا أخرى تماما.. مثلا وجد نفسه يشارك في السياسة عبر حلبة المسرح! فقد مثل في مسرحية من اقتباس محمد فارح (1) وديكور البشير يلس دور فدائي عربي، ينفذ حكم الشعب في خائن عراقي!
قدم العرض على حلبة مسرح العاصمة، بحضور شخصيات سياسية وثقافية مرموقة، أمثال فرحات عباس والشيخ البشير الإبراهيمي.. ونظم بالمناسبة بيع بالمزاد للوحة للأمير عبد القادر بريشة البشير يلس.. وكانت مداخيل العرض والبيع لفائدة جمعية الطلبة المسلمين المغاربة.
وفي عطلة ربيع 1947 شارك، رفقة عبد الرحمان كيوان ويحيى حنين، في المؤتمر الأول للطلبة العرب بأوروبا الذي انعقد بباريس، وقد انتخب مقررا للجنة الشباب... فعاتب بالمناسبة الأشقاء في تونس وجود منظمتين متنافستين للشباب رغم أن وضع البلاد يستوجب الإتحاد ووحدة الكفاح الوطني.
وقد احتك في المؤتمر بالعديد من الطلبة العرب، من بينهم طالب لبناني رغبه في البقاء بفرنسا لمواصلة دراسته.. هذا النشاط الطلابي الكثيف على جبهات متعددة كان من الطبيعي أن يلهي الطالب شيبان عن متابعة دروس السنة التحضيرية، ويجعله يحجم عن المشاركة في امتحانات نهاية الموسم..
وفي صائفة نفس السنة درس موقفه جيدا، فانتهى إلى خلاصة أن التوفيق بين النشاط الطلابي السياسي ودراسة الطب من الصعوبة بمكان، وأن عليه أن يختار بين هذا وذاك.. ففضل الدراسة في نهاية المطاف..
وقبل أن يستقر على رأي مواصلة الدراسة بفرنسا، استشار المناضل الكبير حسين عسلة، فشجعه، لكن مع تنبيهه إلى ضرورة العودة من هناك.. وفي نفس الفترة تقريبا صادف زميله السابق حسين آيت أحمد من قيادة "المنظمة الخاصة" فعرض عليه الذهاب إلى القاهرة، لتمثيل حزب الشعب الجزائري لدى الجامعة العربية.. فأعرب له عن قراره قائلا: "أنا ذاهب للدراسة، وعندما تعلنون الثورة فستجدونني معكم"..
وهروبا من الحراك الطلابي الذي تعيشه العاصمة الفرنسية، اختار جامعة ستراسبورغ.. وقد شجعته على ذلك أيضا دراسته الألمانية في المرحلة الثانوية.
وبمجرد تسجيله في كلية الطب بجامعة ستراسبورغ، استوقفه أمن المدينة لمعرفة سبب مجيئه.. فلما آراهم وصل التسجيل قيل له بلهجة مشحونة بالحقد والتهديد "أنت محظوظ! وإلا قدناك إلى مركز البحث! لما جبل عليه إخوانك في الدين من سرقة واغتصاب وكذب!". فأجابهم متأسفا:"سفراؤنا لديكم سيئون!". ظل "فيروس" النشاط الطلابي مع ذلك يلازم الطالب الجديد الذي ما لبث أن وجد نفسه:
نائب رئيس النادي الدولي للطلبة
- نائب رئيس جمعية طلبة المستعمرات.
كان عدد الطلبة المغاربة قليلا، لذا لم يكن ل"جمعية الطلبة المسلمين من شمال إفريقيا" فرع ستراسبورغ، لكن كان هناك بعض الطلبة المشارقة، فاحتك طالبنا بهم، حتى تأثر في حديثه بلهجتهم، وقد لاحظ عليه ذلك الشيخ العربي التبسي ذات يوم فنهاه قائلا "تحدث باللهجة الجزائرية". نشط الطالب شيبان أيضا سياسيا مع العمال الجزائريين بالمنطقة، لاسيما المتعاطفين منهم مع حزب الشعب الجزائري، طبعا كان يتصل بهم سرا في مراقدهم..
وكان من جهة أخرى يحاول تحسيس الطلبة الفرنسيين بالقضية الجزائرية، وحقيقة الوضعية الإستعمارية في وطنه.
تلازم الثقافة والحرية
واصل الطالب السعيد شيبان دراسته بجامعة ستراسبورغ، إلى جانب نشاطه الطلابي والسياسي على نفس الوتيرة، إلى غاية اندلاع ثورة فاتح نوفمبر 1954..
غداة هذا الحدث التاريخي جرفه الحراك الطلابي الوطني، ليجد نفسه طرفا فاعلا في عملية تأسيس الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين.. فقد انتدب ورفاقه الطالبين عبادة ومحفوظ بن حبيلس، لتمثيلهم في المؤتمر التأسيسي الذي انعقد بباريس في يوليو 1955.. وفي منتصف ديسمبر من نفس السنة، انتخب طلبة ستراسبورغ فرعا للإتحاد الجديد، ونصبوا شيبان على رأسه. وقد ظل في منصبه هذا إلى غاية حل الإتحاد العام في أواخر يناير 1958.. وصادف تأسيس فرع ستراسبورغ مجيء الكاتب الصحفي "روباربارا"، المتعاطف مع الثورة الجزائرية، وتناول الكلمة في تجمع طلابي مدافعا عن "الجبهة الجمهورية" المرشحة آنذاك للفوز بالانتخابات التشريعية المبكرة، ودافع الخطيب بالمناسبة عن ضرورة المفاوضات مع الحركات التحررية في أقطار المغرب العربي بدون استثناء.. فانبرى له صوت من القاعة، يعتب عليه "إقحام الجزائر إلى جانب كل من تونس والمغرب، رغم وضعها الخاص..".
تجاهل "بارا" هذا الصوت، فاستغل شيبان الموقف ليتدخل قائلا:"الجزائر كأمة لا تختلف في شيء عن الجارتين، بل شمال إفريقيا كله يشكل أمة واحدة"..
حضر رئيس الفرع رفقة محفوظ بن حبيلس المؤتمر الثاني للإتحاد المنعقد بباريس مارس 1956، وقد كلف محمد الصديق بن يحيى بإعداد التقرير السياسي الذي ساند المؤتمر من خلاله بوضوح جبهة التحرير الوطني، ودعا إلى التفاوض معها كممثل وحيد للشعب الجزائري.. بينما كلف شيبان بإعداد التقرير الثقافي الذي ضمنه نبذة تاريخية عن الثقافة الجزائرية، فضلا عن عبارات مدوية مثل "كل خطوة باتجاه الحرية، يخطوها شعب مضطهد جائع أمي بنسبة 95٪.. هي خطوة على طريق الثقافة أيضا!". وبعد قليل عقد الإتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين مؤتمره بستراسبورغ، فجاءت قيادة اتحاد الطلبة الجزائرية، ومعها بن يحيى الذي كان في طريقه إلى القاهرة.. وقد اختلى هذا الأخير بشيبان ليرغبه في الإلتحاق بجيجل أو سكيكدة لتعويض طبيب كان قد التحق بثوار شمال قسنطينة، لكن ظروفه الدراسية والعائلية (2) لم تكن تسمح له بذلك.
وفي نفس السنة، حضر شيبان ندوة مشتركة مع الطلبة الفرنسيين حول آفاق التفاوض بالجزائر، حضرها بلعيد عبد السلام ومحمد بجاوي.. وقد طرح في الندوة موضوع "ازدواجية الجنسية"، فلم يخف رئيس فرع ستراسبورغ تحفظه على ذلك.
وغداة إعلان الإضراب عن الدراسة في مايو 1956، اجتمع الفرع - برئاسة شيبان - ليزكي القرار. قيل لرئيس الفرع أنه غير معني بالإضراب بسبب ظروفه الخاصة: كان في السنة الأخيرة من التخصص في طب العيون وكانت زوجته على وشك الوضع، فضلا عن تكفله بأخويه الطالبين، وطلبة آخرين من العائلة..
لكن الإضراب ما لبث أن شمله، ليعطله عامين كاملين عن مناقشة أطروحته التي كانت جاهزة، ومحورها أبحاث مخبرية على الفئران..
كان الدكتور شيبان تحت مراقبة أمنية مشددة، تفرض عليه التزام الحذر باستمرار.. وبفضل هذا الحذر زرع اليأس في الشرطي المكلف بمراقبته، إلى حد الإنفجار ذات يوم قائلا:"ألا تريد الإلتحاق بإخوانك في تونس؟!".
لكن هذه الرقابة المشددة لم تمنعه من أداء عدة مهام خطيرة لفائدة اتحادية جبهة التحرير بفرنسا.. من ذلك:
نقل مبلغ من المال إلى عدد من الطلبة، كانوا في طريقهم إلى المغرب بعد إضراب مايو 1956.
نقل أسلحة من محطة القطار بستراسبورغ إلى مكان ما.
تهريب الطالب ثليجي، المطارد، إلى "نانسي" ليلتحق منها بباريس، وقد ساعده في ذلك الكاتب المعروف "برتران بوارو دلباش".. وكان إلى جانب هذه المهام الخطيرة يواصل نشاطه السياسي لتحسين وسط الطلبة الفرنسيين.. ومن نتائج ذلك مثلا مطالبة منظمة "الشباب الراديكالي" في المدينة بالتفاوض مع جبهة التحرير.. وكان "فليملان" من شخصيات الناحية الميالة إلى التفاوض، وهو الذي انقلب عليه جيش الإحتلال بالجزائر في 13 مايو 1958، فاتحا بذلك طريق العودة أمام الجنرال دوغول.
محاولة اختطاف.. بمساعدة النقاش!
أنهى الدكتور السعيد شيبان سنة 1958 دراسته في تخصص طب العيون، فعرضت عليه مصالح الصحة الفرنسية العودة إلى الجزائر، لاستلام إدارة أحد المستشفيات. اعتذر عن ذلك متعللا بمواصلة أبحاثه المخبرية، والرغبة في تحضير شهادة ليسانس بكلية العلوم..
وتحت هذا الغطاء استطاع أن يمدد إقامته بستراسبورغ، لأسباب نضالية وعائلية في نفس الوقت، وقد بقي هناك حتى ربيع 1961، عندما طلبت منه اتحادية جبهة التحرير لإلتحاق بألمانيا.. وفي آواخر يونيو غادر فرنسا عبر "أمستردام"، مزودا للتمويه دائما بتوصية من أستاذه إلى زميل له في بون..
وفي العاصمة الألمانية (الإتحادية) علم بوجهته الحقيقة: تونس، حيث كانت مصلحة الصحة التابعة للحكومة المؤقتة في انتظاره. وقد تفطن الأمن الفرنسي لاختفائه، فاتصل بعائلته ليقول لها بمرارة:"لقد ضحك السعيد على أذقاننا"!
كان الدكتور بن عبيد على رأس مصلحة الصحة بتونس، فاتصل به فور وصوله، ليتم تعيينه مع الدكتور رشيد امعيزة، في نفس الإختصاص، بعيادة تقع في باب سعدون.
لكن قبل مباشرة عمله اتصل لأمر ما بالدكتور النقاش من أساطين الطب الميداني في الثورة فاقترح عليه أن يرافقه في جولة عبر الشريط الحدودي، حيث مقر قيادة الأركان العامة ومعسكرات وحدات جيش التحرير الوطني.
وتمكن الدكتور شيبان، خلال هذه الجولة، من زيارة مقر الأركان بغارديماو، فضلا عن المنطقة الشمالية التي تعرف على بعض قادتها مولاي شابو وعبد الغني خاصة وقضى ليلة مع عبد الرزاق بوحارة، قائد الفيلق ال 39 وشملت الزيارة نموذجا لدشرة المجاهد ()، وامتدت جنوبا حتى مدينة تالة..
وعند العودة إلى تونس فوجئ أن الزيارة كانت نوعا من التمهيد لتعيينه بالمناطق الحدودية! بعد أن طلب منه الدكتور النقاش شراء معدات طبية لهذا الغرض!، ولترغيبه في هذا التعيين قال له صراحة أنه يفضله على امعيزة نظرا لعلاقة قريبه صالح (3) بجماعة بن خدة، وبعد أيام فوجيء بزيارتين متتاليتين لكل من محمد زرڤيني وموسى حساني المسؤولين بالأركان وقيادة الحدود لطرح سؤال واحد: لماذا لم تعد إلى الحدود؟!.
اضطر في الأخير إلى أن يُفهم حساني أن لا أحد منعه من العودة، لأنه باختصار سبق أن عين في باب سعدون! وفي تلك الأجواء التي تعكس بداية الصراع بين الحكومة المؤقتة وهيئة الأركان قابل بلعيد عبد السلام مستشار بن خدة آنذاك فسأله "هل أرادوا اختطافك؟!".
وفي ديسمبر 1961 سافر الدكتور شيبان إلى بروكسل، لتدبير التحاق زوجته وأبنائه إلى تونس، علما أنهم بقوا في ستراسبورغ بعد "هروبه" إلى ألمانيا، وهناك قابل عبد الكريم السويسي من قيادة اتحادية الجبهة بفرنسا، فأفهمه باختصار "ما حك جلدك مثل ظفرك"! أي أن أحسن طريقة لإخراج الزوجة والأبناء الأربعة من فرنسا هو أن تتدبر أمرهم بنفسك!، وهكذا تدبر حاله بمساعدة بعض الأصدقاء الفرنسيين والألمان والقنصلية المغربية في ستراسبورغ.. وقد تمت العملية عبر مدن كييل وكارلسرو، ثم زرويخ فتونس عن طريق الجو..
وفي 19 مايو 1962 بعد تمام شهرين من إيقاف القتال كان الدكتور شيبان في طريقه رفقة أسرته إلى الجزائر عبر بنزرت - ضمن أول وفد طلابي يعود إلى أرض الوطن، بطلب من "حكومة بومرداس" التي كانت تواجه وضعا صحيا خطيرا بسبب المناكر اليومية لمنظمة "أواس" الإرهابية. استقبلهم الدكتور حميدو، مسؤول الشؤون الإجتماعية في الهيئة التنفيذية المؤقتة، وتم تعيين الدكتور شيبان بالولاية الثالثة رفقة كل من إدريس معمري ويعقوبي..
اتصل الثلاثي بالعقيد محند أولحاج، قائد الولاية في ناحية إيعكورن، فأبقى الدكتور شيبان إلى جانبه حتى أوت 1962.. وخلال تلك الفترة كان الدكتور شاهدا على زيارة العديد من قادة الثورة بدءا بكريم بوضياف، وفي أوت غادر إيعكوران إلى تيزي وزو، لفتح وتشغيل المستشفى المركزي بها.. وهكذا انطلق الدكتور شيبان في مرحلة البناء من بوابة الصحة عملا وتدريسا..
(*) طالع الحلقة الأولى في عدد 25 4 2012 من صحيفة "الفجر"
(1) مدير معرض الجزائر الدولي سابقا.
(2) تزوج ثانية من فرنسية وأنجب معها، دون أن يطلق ابنة عمه المريضة التي كانت تزوجها وهو تلميذ في المرحلة الثانوية.
(3) من شخصيات ناحية سطيف، عضو سابق في اللجنة المركزية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.