يفضل عدد كبير من الجزائريين استهلاك السلع الأجنبية بدعوى أنها “ماركة” أوعلامة مرموقة، حيث يكفي أن تكون مستوردة من الخارج في نظره لتكون مطابقة لمعايير الجودة، بينما لا تلقى السلع المصنعة في الجزائر أي اهتمام حتى لو كانت تستجيب لمعايير الجودة والمقاييس الدولية. أكثر من ذلك، قد يلجأ بعض التجار الكبار وأصحاب الو رشات والمصانع إلى إلصاق “علامة مستورد من الخارج” على سلعهم المصنعة محليا لتسويقها بأضعاف سعرها ولضمان رواجها، وهذا ما أدى في نظر الكثير من المختصين إلى انتشار الغش وتقليد العلامات. تكفي جولة بسيطة في المحلات والأسواق الجزائرية، وحديث جانبي مع التجار وأصحاب المحلات لتكتشف أن الجزائريين، من أصغرهم إلى أكبرهم، مهووسون بالعلامات والماركات القادمة من خلف الحدود، حيث يفضل الشاب الجزائري “الڤريفة” ويحرص على اقتناء حذاء رياضي مستورد حتى لو كان سعره يفوق قدراته المالية، ويفضله من إيطاليا أو إسبانيا أو فرنسا فيما تفضل النساء الألبسة القادمة من تركيا خاصة مع تعلق منها بالأفرشة والأغطية، وحتى المواد الاستهلاكية مثل الشكولاطة والحلويات. وهذا يعود في جزء منه إلى غزو الدراما التركية للشارع الجزائري، حيث حملت معها تلك الأفلام تقاليد جديدة في الاستهلاك تسعى لتسويقها خارج الحدود. ظاهرة تفضيل الجزائريين للعلامات المستوردة على تلك المصنعة محليا يرجعها رئيس اتحاد التجار، الطاهر بولنوار، إلى غياب ثقافة الاستهلاك لدى الشارع الجزائري، حيث مازال الشارع يثق ثقة عمياء في كل ما هو قادم من الخارج، في ظل تخلي أوإهمال المؤسسات الوطنية لجانب يراه المتحدث مهما جدا في المعادلة التسويقية، وهو الإشهار أوالترويج للسلعة المحلية، وفق أسس حديثة في ظل المنافسة الشرسة للمؤسسات الأجنبية على السوق الجزائرية التي تعد سوقا واسعة وغير مكتشفة، حيث نجد المؤسسات الأجنبية بعلاماتها حاضرة بقوة عبر وكلاء، بينما تغيب المؤسسات الوطنية. من جهة أخرى يقول الطاهر بولنوار إن الكثير من السلع الجزائرية التي تصنع محليا يعاد تسويقها على أساس أنها قادمة من الخارج، في حين سجل اتحاد التجار أن الكثير من السلع الجزائرية تلقى سمعة طيبة خارج الحدود، مثل بعض المعلبات والألبسة ومواد التجميل. ولتصحيح هذه الظاهرة دعا الطاهر بولنوار المؤسسات الجزائرية إلى وجوب الاستجابة لمقاييس العصر وإعادة النظر في أساليب التسويق وكذا تقنيات إقناع الجمهور. وفي ذات الإطار، أكد بولنوار أن الإدارة الحديثة لأسواق والاقتصاد تستدعي منا إدراج الاستراتيجيات التسويقية ضمن المنظومة التعليمية لتكوين مختصين في هذا المجال، وعلى الدولة أن تدرج في برامجها وتأخذ هذا الجانب بعين الاعتبار، خاصة في مجال توعية المستهلك وإرشاده إلى أفضل الطرق التي توفر له أفضل المنتجات. وتفضل من جهة أخرى للمؤسسات الوطنية أفضل الطرق لترقية الإنتاج المحلي وضمان مكانة لائقة في ظل سوق ومحيط لا يرحم. من جهته، قال المدير التنفيذي للفيدرالية الجزائرية للمستهلكين، محمد تومي، إن تفضيل السلع الأجنبية على السلع المحلية ليست ثقافة جزائرية فقط لكنها ثقافة عالمية ومنتشرة في أكثر من دولة، وهذا عائد في جزء منه إلى أن الثقافة غائبة في الشارع الجزائري “فنحن لا نعرف ثقافة الاستهلاك، وعادة نشتري بدون وعي حتى الأشياء التي ربما لا نحتاج إليها لمجرد أنها قادمة من الخارج”. وكشف المتحدث أن السلع التي تستقطب الجزائريين هي تلك القادمة من إيطاليا وإسبانيا وتركيا مؤخرا، خاصة في مجال المنسوجات والأفرشة وبعض الألبسة، ما يدفع البعض إلى تغيير العلامة المرافقة للمنتوج، حيث تنزع العلامة الجزائرية، ويتم إلصاق العلامات التركية لإيهام المستهلك أنها سلعة مستوردة.