تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    سطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع    قافلة الصمود" : قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54927 شهيدا    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    وفاة 14 شخصا وإصابة 323 آخرين بجروح    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    هكذا تتجنب الإصابة بالتخمة أو الإسهال    وزارة الصحة : الالتزام بالاحتياطات اللازمة لتفادي المضاعفات المحتملة جراء ارتفاع درجات الحرارة    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    شان-2024/ودي: المنتخب الجزائري للمحليين يفوز أمام رواندا (2-0)    رافعات من الجيل الجديد تؤسّس لموانئ"ذكية" بالجزائر    إشادة بروح المسؤولية التي تحلّى بها التجار    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    الاقتصاد الجزائري بخير.. والقدرة الشرائية تتحسن    الجزائر تتوّج بالجائزة الذهبية "اليتيم"    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    كنت مستعدا لكسر ساقي من أجل البرتغال    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    عوالم من نور تتجاوز الملموس البائس    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    مناقشة مشروعي القانونين المتعلقين بمحكمة التنازع والوقاية من المخدرات    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن : العمليات الانتقالية السياسية السلمية في وسط إفريقيا تمثل "تقدما لافتا" باتجاه المصالحة    مصطفى حيداوي : تقدم ملموس في إعداد المخطط الوطني للشباب وإستراتيجية قطاع الشباب    أشاد بمجهودات أعوان الرقابة.. زيتوني ينوه بحس المسؤولية الذي تحلى به التجار خلال أيام العيد    عودة أول فوج للحجاج الجزائريين غدا الثلاثاء الى أرض الوطن بعد أداء المناسك في ظروف تنظيمية محكمة    ألعاب القوى/ الملتقى الدولي بإيطاليا: العداء الجزائري سريش عمار يتوج ببرونزية سباق 1500 م    الملتقى الدولي بموسكو: نسرين عابد تحطم الرقم القياسي الوطني لسباق 800 م لفئة اقل من 20 سنة    "قافلة الصمود" : قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس لكسر الحصار الصهيوني على قطاع غزة    معركة سيدي عبد الرحمان بالشلف : بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    وهران : الطبعة الأولى لمعرض الجزائر للسكك الحديدية بدءا من الأربعاء    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    الصحفي عبد الرحمن مخلف في ذمة الله    مشاركة واسعة عبر مختلف الولايات    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    إيمان خليف تغيب عن بطولة العالم للملاكمة    ناصري: كل عام وأنتم بخير    غزّة.. عيد بلون الدماء    بن جامع يدعو لإسقاط درع الحصانة عن الكيان الصهيوني    تحيين 13 ألف بطاقة شفاء عن بعد بقسنطينة    المغير: لمياء بريك كاتبة تتطلع إلى الارتقاء بأدب الطفل    تشييع جثمان المجاهد المرحوم مصطفى بودينة بمقبرة العالية    الخضر يبحثون عن التأكيد    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدمير السلاح الكيماوي.. أم تدمير سوريا؟!
نشر في الفجر يوم 05 - 10 - 2013

من ”ثورة شعوب عربية” على أنظمتها الحاكمة، إلى ملف إتلاف أسلحة كيماوية أمام مجلس الأمن.. يا لها من نهاية غير سعيدة وغير واعدة للربيع العربي في سوريا!
كيف ولماذا تقلص الوعد الكبير وتحول على أيدي وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، إلى صفقة دبلوماسية حفظت ماء وجه الدولتين المتبارزتين على الأرض السورية، أو بالأحرى على مصير الشعب السوري؟ وكان المستفيد الأكبر منها إسرائيل، وإلى حد ما النظام السوري الذي كسب مهلة وربما فرصة لمواصلة التنكيل بالشعب تحت أنظار العالم. ولا ننسى روسيا التي باتت تقود أوركسترا لعبة الأمم في الشرق الأوسط.. وكان الخاسران الكبيران فيها المعارضة السورية التي شعرت بتراجع الدول الغربية، وربما العربية، عن دعمها وعن الضغط على النظام السوري، وكذلك الولايات المتحدة التي خرجت من هذه الجولة الأولى خاسرة لكثير من صدقيتها في هذه المنطقة من العالم.
الجو الجديد الذي خيم على الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي، وأبرز عناوينه الانفتاح بين واشنطن وطهران، عزز الاتجاه ”الإيجابي” السلمي للعبة الأمم. وبديهي أن أي تقارب أو تفاهم بين العاصمتين حول المسألة النووية، سوف يؤثر مباشرة على تطور الحرب الأهلية في سوريا، بل على العلاقات الأميركية - العربية عموما. ولكن ماذا سيكون موقف موسكو من هذا التقارب الأميركي - الإيراني؟ بل ما ردود الفعل الإسرائيلية؟ وهل تخلي طهران عن السلاح النووي يشمل أيضا تخليها عن سياسة تصدير الثورة الإيرانية إلى الخليج والشرق الأدنى، وعما حققته في السنوات الأخيرة من مكاسب سياسية ونفوذ في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين أيضا؟ أو لم تطلب علنا المشاركة في مؤتمر ”جنيف 2”؟ أليس هناك من يراهن على دور إيران الأساسي في إنهاء المحنة السورية؟ ومن ترى منهما سيبيع سوريا للآخر: إيران أم الولايات المتحدة، لقاء تطبيع العلاقات بينهما؟
كل شيء يدل على أن الصراعات في هذه المنطقة من العالم دخلت مرحلة جديدة وخطيرة.. من أهم عناوينها: المسألة النووية الإيرانية، والانفتاح الإيراني على الغرب ومؤتمر ”جنيف 2”، وتصفية السلاح الكيماوي السوري. أما العناوين الكبيرة السابقة، أي مصير سوريا والشعب السوري والأنظمة العربية التي أتى بها الربيع العربي وموقف العالم منها، وقضية السلام في الشرق الأوسط والمحادثات الفلسطينية - الإسرائيلية، والنزاع السري - العلني بين السنة والشيعة، فقد وضعت مؤقتا على الرف أو في الثلاجة، انتظارا لما قد تتطور إليه الأمور بين واشنطن وموسكو حول سوريا، وما سيؤول إليه الانفتاح بين واشنطن وطهران والعنوانان الصغيران تحتها ونعني مؤتمر ”جنيف 2” والسلاح الكيماوي السوري.
إننا أمام حقبة جديدة ليس في تاريخ هذه المنطقة من العالم فحسب، بل في تاريخ العلاقات الدولية، قد لا تقل أهمية عن مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين أو 11 سبتمبر (أيلول) أو تحول روسيا والصين إلى دولتي اقتصاد حر، وهي مرحلة يبدو الربيع العربي فيها عنوانا صغيرا، والسلام في الشرق الأوسط عنوانا هامشيا، بالنسبة للنزاعات الاستراتيجية السياسية والاقتصادية للدول الكبرى في العالم.
لقد حقق النظام السوري مكسبا دبلوماسيا واضحا من جراء هذه التطورات الإقليمية والدولية، إذ ربح سنة على الأقل هي ”المدة اللازمة لتدمير أسلحته الكيماوية”، كما حقق مكسبا إعلاميا مهما في تضخيمه، عبر وسائل الإعلام الغربية، لدور الجماعات الإسلامية المتطرفة في الثورة السورية و”فظائعها وتنكيلها بالأقليات المسيحية”، مما أثار تخوف الرأي العام الدولي من قيام دولة إسلامية متطرفة بسوريا في أعقاب سقوط النظام الحاكم الحالي، وبالتالي إلى تخفيف النقمة العالمية عليه والمطالبة بإسقاطه. أما المعارضون والثوار السوريون فقد بدت جبهتهم أقل تماسكا، ودعم العالم لهم أقل زخما، ومواقف الدول العربية والإقليمية مما يجري في سوريا مشلولة بالتناقضات، كما بدأ التصادم المسلح بين الجماعات المسلحة الإسلاموية فيها والقوى السياسية والعسكرية المؤتلفة، إلا أن هذه المكاسب أو الانتصارات قصيرة المدى، والحرب الأهلية سوف تستمر مدمرة ما تبقى من عمران في سوريا ومشردة لملايين أخرى وقاتلة لعشرات الآلاف الجدد من البشر. و”أي سوريا” هي التي ستخرج من هذه الحرب غدا أو بعد غد؟ هذا إذا لم تتفتت إلى دويلات؟ وأي حكم سيتمكن من انتشالها من قعر الهاوية التي ستصل إليها بعد سنة؟ أو ربما في نهاية الولاية الجديدة لبشار الأسد التي لوح وزير خارجيته بأنه مصمم على إكمالها، وربما على الترشح لولاية جديدة عام 2014؟ لقد شكلت سوريا ومصر، ذات يوم، قلب العروبة ورئتها. وها هما اليوم غارقتان في حرب أهلية ساخنة وحرب أهلية باردة. وكان العراق، ذات يوم، حصن العروبة الشمالي. وكان لبنان نموذج العروبة الحديثة بوجهها التعددي والحضاري المنفتح، فلماذا وصلت هذه الدول القادرة والواعدة إلى ما وصلت إليه اليوم؟ هل إسرائيل وحدها أو الاستعمار الغربي معها، هما مصدر النكبات والنزاعات التي مزقت الحلم العربي الكبير؟ أم هل كان الحلم العربي أكبر من قدراتنا على تحقيقه إلى واقع؟ لقد نشرت إحدى الصحف الأميركية مقالا، مع خرائط، عن احتمال تفتت الدول العربية ”التي رسمت الدول الغربية حدودها” إلى دويلات عرقية وطائفية صغيرة، نتيجة هذه الحروب الباردة والساخنة التي تمزقها، وهو مشروع تعمل إسرائيل على دفع ”الأمة العربية” إليه منذ قيامها، ويساعدها على تنفيذه لوبيات دينية ويمينية غربية. أما الديمقراطية التي اقتنعت الدول الغربية بأنها مفتاح حل الصراع العربي – الإسرائيلي فقد دلت السنتان اللتان تبعتا الربيع العربي على أنه لا الديمقراطية، ولا السلام، ولا الاستقرار تحققت.. بل عكسها.
اتفاق موسكو وواشنطن على ملف إتلاف الأسلحة الكيماوية السورية وعلى عقد مؤتمر جنيف 2، والانفتاح الأميركي - الإيراني، ليس سوى لحظة هدوء قصيرة في زمن العواصف العنيفة التي تتلاعب بمصائر أكثر من بلد عربي، وقد تكون في بداية هبوبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.