عوامل كثيرة كانت وراء تراجع مردود الفلاحة بولاية معسكر، التي كانت في عهد قريب رائدة ومضرب مثل في إنتاج القمح والبطاطا وغيرها من المنتوجات الفلاحية والزراعية، وأهم تلك العوامل على سبيل المثال لا الحصر الاستغلال العشوائي والبدائي للسقي، حيث لاتزال الحواجز المائية التي تم إنجازها على مستوى تراب الولاية، والتي بلغ عددها 11 حاجزا، مهملة وغير مستغلة بطرق عقلانية ومنظمة. وقد وقفنا على بعض منها خلال بعض الزيارات الميدانية، فالبعض منها أنجز على أراض مجاورة لأراض تابعة للخواص، ما أعاق استعمالها من قبل الفلاحين المجاورين لبعض الحواجز. كما أعاق استعمالها الجماعي، وكذا عدم تنظيم الفلاحين أنفسهم على شكل جمعيات للسقي، ما يترك مجالا للفوضى وعدم التفاهم على حصص السقي التي توجه لكل فلاح بالمنطقة المجاورة للحاجز. كما أهملت حواجز أخرى تم إنجازها كحاجز بني تيمي المحاذي لحدود ولاية معسكر مع ولاية غيلزان، وأصبح فلاحو هذه الولاية بحاجة إليه أكثر من فلاحي ولاية معسكر. واعتمد الفلاحون على أساليب السقي القديمة، خاصة أن عددا من الآبار باتت تشكل خطرا على المياه الجوفية التي تشهد انخفاضا رهيبا في منسوب المياه الجوفية التي تم حفرها بالمناطق الحمراء، وكذا الآبار غير المرخصة التي فاق عددها 4 آلاف بئر. فيما ينتظر فلاحون آخرون رخص الحفر بالرغم من أن أراضيهم الفلاحية لا تقع في مناطق مصنفة بالحمراء، ناهيك عن سوء الاستغلال الأمثل لمياه محطات التصفية والتطهير البالغ عددها 21 محطة دون الحديث عن محطة التصفية بالمحمدية التي هي في طور الانجاز الاعتماد على نتائج تحاليل المياه المصفاة، بالإضافة إلى حاجة قطاع الفلاحة الى هيئة أو ديوان للإحصاء يحصي حاجيات قطاع الفلاحة من مياه ويد عاملة مؤهلة في مجال الفلاحة وكذا الأرقام الصحيحة للمنتوجات الفلاحية والزراعية لتكثيف إنتاج احتياجات الولاية وتخفيض إنتاج الفائض منها. عامل آخر من عوامل تراجع الفلاحة في الولاية وهو وسائل التخزين، حيث بات موسم الحصاد هاجسا مؤرقا للفلاح ورحلة شاقة وراء البحث عن مخازن لإيداع ما أنتجته أرضه، وكذا انعدام مناطق نشاطات مجاورة للفلاحين لتشجيع الصناعة التحويلية، مع ضرورة إعطاء المستثمرين مقترحات وامتيازات كل منطقة وتوجه الشباب المستثمر نحو مشاريع فاشلة بعيدا عن قطاع الفلاحة. ومن جهة أخرى اتخذت السلطات الولائية مؤخرا حزمة من الإجراءات والتدابير والقرارات التي علها تجد متنفسا على أرض الواقع، لتعيد مستقبل الولاية في قطاع الفلاحة إلى سابق عهدها بدءا بضرورة مرافقة الفلاحين لإنشاء وتأسيس جمعيات السقي، خاصة بعدما استفادت الولاية من المحيط المسقي بالهبرة بالمحمدية والمحيط المسقي بسيڤ والمحيط المسقي بكشوط ببلدية عين فراح وكذا أشغال جر قنوات المياه من سد ويزغت نحو سهل غريس مع ضرورة اندماج الفلاحين في الحداثة والتكنولوجيا والسقي بالتقطير. كما يتوجب على مصالح الموارد المائية التدخل لدى الديوان الوطني للسقي لتكوين الفلاحين في مجال السقي بالتقطير والقضاء على الأساليب القديمة في السقي، وقد بلغت نسبة أشغال جر قنوات مياه سد ويزغت نحو سهل غريس 60 بالمائة، حيث سيتم سقي 5 آلاف هكتار كمرحلة أولى يمكن توسعتها إلى 12 ألف هكتار، حيث سيتم استلام الأشغال بداية شهر جوان المقبل. كما قامت مديرية الفلاحة بضبط أسماء الفلاحين الذين سيستفيدون من هذه القناة بعد إسناد تسيير قناة السقي للديوان الوطني للسقي.