قرأت على صفحات التواصل الاجتماعي قرارا يحمل تحذيرا شديد اللهجة من قبل نقابي في نقابة المحاماة من ولاية تلمسان، يهدد فيه زملاءه في المهنة من دخول مواقع التواصل الاجتماعي سواء بأسمائهم أو بأسماء مستعارة ونشر تعاليق تتعلق بالمهنة أو بالمحامين، وكل من يخالف هذا المقرر سيتعرض إلى التوقيف والمساءلة التأديبية. نعم المحامي الذي هو رمز الدفاع عن الحريات وحمايتها وترقيتها، والذي من المفترض فيه أنه يقدّر حقوق الإنسان ويناضل من أجلها، المحاماة مهنة العظيم غاندي والثائر الكبير نيلسون مانديلا وعلي يحي عبد النور الذي لم يحد أبدا عن مبادئه والشهيد علي مسيلي، وغيرهم ممن رفعوها عاليا وكانوا صوت الحق زمن الظلم، تتحول في الجزائر إلى مهنة جلادين يحملون السياط وضد من، ضد زملائهم في المهنة؟ فماذا سيكون موقف المحامي الذي وقّع هذا المقرر، لو كان الماثل أمامه في قضية مدون وجهت له تهمة ما؟ فهل سيقبل الدفاع عنه من باب المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أم سيتحول من الدفاع عن متهم، إلى ”غراق الشرع” على حد المفهوم الشعبي والذي يعني محامي الحق العام أو وكيل الجمهورية، بما أنه منع زملائه في المهنة من ممارسة حريتهم في التغريد أو إبداء رأيهم في قضايا أيا كانت نوعيتها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أكيد أنه سيرى أولا في المتهم مذنب ولن يبحث له حتى على الظروف المخففة، لأنه لم يسمح بها لنفسه وزملائه. الغريب أنه في نفس اليوم من ظهور هذا المنشور الموقّع من قبل النقيب بالولاية المذكورة، وجه وزير الشؤون الدينية تعليمة إلى الأئمة يحثهم فيها على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، المحرومة على المحامين، لإخراج الخطاب الديني من المسجد بغرض الوصول إلى شريحة الشباب ودعوتهم لتجنب الطائفية ولحمايتهم من الأفكار السلبية، وللحفاظ على المرجعيات الدينية مثلما قال. وهكذا سيغزو الخطاب الديني الفضاء الأزرق، بينما، يقمع من بيدهم الدفاع عن الحقوق والحريات وتحقيق العدالة والسهر على تطبيقها من الوصل إلى الناس، خاصة الشباب بما أنهم الأغلبية، كل هذا بسبب محامي ربما لم يأت إلى المهنة لمحاربة الظلم، وإنما لأغراض أخرى، ما دام لا يعترف بحق الآخرين في التعبير وفي مواكبة العصر. بينما أظهر وزير الشؤون الدينية في التكنولوجيات فرصة لنشر الأفكار السليمة بين الشباب لحمايتهم من السقوط في العنف واستغلالهم من قبل المتطرفين. فهل سيقبل المحامون بهذا الإجراء المجحف في حقهم ويقبرون حريتهم بأيديهم؟