ولاية سكيكدة تحتضن الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني للمجاهد    سوناطراك: حشيشي يستعرض مع الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز سبل تعزيز التعاون الثنائي    "شان-2024": المنتخب الجزائري يواجه نظيره السوداني في الدور ربع النهائي    برنامج "عدل 3" : تمديد آجال تحميل الطعون إلى غاية 6 سبتمبر    قالمة: هجومات الشمال القسنطيني صفحة مضيئة لأروع صور التضامن والتلاحم بين الجزائريين في أوقات الشدة    المجلس الشعبي الوطني يشارك في مؤتمر طوكيو الدولي المعني بالتنمية الافريقية    وفاة الرئيس الأسبق للاتحادية الجزائرية لكرة القدم يسعد دومار    السيدة حملاوي تبرز من بسكرة أهمية التكوين في مجال العمل الجمعوي    غزة: ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 239 منذ بداية حرب الإبادة    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+" تدعو إلى احترام خارطة الطريق في جنوب السودان    بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد: عروض سينمائية بمتزه الصابلات بالعاصمة    رئيس الجمهورية يوجه رسالة بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد    البارا-جودو (الجائزة الكبرى -الجيزة 2025): ميداليتان برونزيتان للجزائريين ولد قويدر وشتوان    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش..وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء يعقد ندوة صحفية    الجيش الوطني الشعبي: تسخير طائرات تابعة للقوات الجوية للمشاركة في إطفاء بعض الحرائق المندلعة بولاية بجاية    كتاب "تكامل الحضارات" : دعوة لإعادة بناء الجسور بين الثقافات    المسيلة: المعرض الدولي للفنون التشكيلية بدء من 25 أغسطس الجاري    باتنة: موقع تيمقاد الأثري يستقطب أزيد من 50 ألف زائر منذ مطلع 2025    المهرجان الوطني الثالث للأنشودة الوطنية والكشفية : فضاء لترقية الذائقة الموسيقية ومنبر لاكتشاف المواهب    وجهة نظر جديدة في سياسات الطاقة المستقبلية    برج بوعريريج: حفل تكريمي على شرف عدد من المجاهدين الكتاب    لن يجري تغييرات جوهرية..بيتكوفيتش يحسم قائمة "الخضر" لقمة بوتسوانا وغينيا    الثورة التحريرية: المجاهد محمد صلاح الدين, أحد رموز النضال في الجنوب الكبير    الدولة تولي أهمية خاصة لتشجيع الكفاءات الوطنية    مراد يزور عائلات ضحايا ببسكرة وأولاد جلال    وفد برلماني يقف على أوضاع مصابي حادث بوادي الحراش    سيشكل منصة لا مثيل لها أمام المؤسسات الافريقية والمبتكرين    بطولة إفريقيا لرفع الاثقال (أشبال-أواسط) / اليوم الأول: الجزائر تحرز 12 ميدالية منها واحدة ذهبية    عرض تدقيق النتائج لضمان دقة المعطيات    بنفيكا يريد عمورة    فترات ذروة في حوادث المرور    سفارة كوريا تكرّم الفريق الوطني الجزائري    موجة حر وتساقط أمطار مرتقبة على عدد من ولايات الوطن اليوم الثلاثاء    الجزائر تروّج لقطاعها المنجمي وتعد بمناخ استثماري جذاب    عطاف يستقبل السفيرين الجديدين للسويد والنمسا    بداية التجسيد الفعلي للمشروع بعد رفع العراقيل    اليمين المتطرّف يقود فرنسا إلى الهاوية    أنامل تصوغ الفرح وتوقظ ذاكرة الأعراس العتيقة    "كوديسا" تدعو الهيئات الحقوقية الدولية إلى التدخّل العاجل    تحضيرات جادة لمنتخب الجمباز بالعاصمة    استحضار لخصال وإنجازات الملاكم موسى مصطفى    ضغوط وانتقادات هولندية تطال أنيس حاج موسى    تقوية التعاون بين الهلال الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة    تسجيل 6564 غرامة جزافية    تفكيك شبكة تزور محررات إدارية وتجارية    انطلاق مهرجان"ليالي النجوم الجميلة"    ألحان تتردّد على ضفاف المتوسط    انطباعيات موقَّعة بألوان التراث    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتفاضة المستمرة هي الرد ..
نشر في الفجر يوم 01 - 04 - 2017

يشكل الثلاثين من مارس من كل عام محطة نضالية هامة في حياة الفلسطينيين، وإذ كان الوفاء للأرض والارتباط بها يعتبر قضية يومية لهذا الشعب، فإن يوم الأرض يعني استحضار شريط الذاكرة الجمعوية، لمواصلة مقاومة المحتل في كامل تراب فلسطين التاريخية: دفاعا عن الأرض، وعن الحقوق وعن الثوابت، وفي مطلعها حق العودة بتنفيذ القرار الأممي رقم 194، الذي صدر في 11/12 من عام 1948، والذي يتعرض في هذه المرحلة لمحاولات الشطب والإلغاء.
في شهر فبراير من عام 1976، قد هب أبناء شعب فلسطين في المناطق المحتلة منذ عام 1948، رفضا ومقاومة لمخططات الدولة الصهيونية لمصادرة أراضي البلدات العربية في دير حنا، وعرابة، سخنين، دير الأسد، وفي الجليل، حيث أبلغت سلطات الاحتلال المجالس المحلية لتلك البلديات، في يوم 15/02/1976، بقرارات المصادرة، مرفقة بعزمها على إغلاق تلك المناطق، بمنع دخولها، بعد أن انتزعت أكثر من عشرين ألف دونم، وهو ما يمثل ثلثا الأراضي المزروعة، والمشجرة، والتي يعيش منها أهل المنطقة الأصليين منذ مئات السنين، هكذا دخل أبناء فلسطين المواجهة مع المحتلين في تلك المناطق، دفاعا عن الأرض، ثم استشهاد العديد منهم وجرح المئات، إضافة إلى حملة اعتقالات واسعة، إلى أن وصلت تلك الهبة لذروتها بالإضراب الشامل يوم 30 مارس عام 1976. وقد دشنت تلك الهبة الشعبية تحولا نوعيا لتراكم سلسلة متصلة من النضال في المراحل المتعاقبة، لمواجهة القهر الوطني القومي، وسياسة التمييز العرقي، ويمكن القول أن هذه الهبة وما بعدها، قد شهدت أكثر بلورة لعناوين كفاحية جمعت بين النضال الوطني والمطلبي، وأسقطت شعار الدمج أو الأسرلة في سياق المحافظة على الهوية الوطنية، وفي ذات الوقت التكيف مع الوضع القانوني لمعادلة صعبة في دولة دموية عنصرية تخوض حروب متواصلة ضد شعبهم، دولة ليس لكل مواطنيها.
يبلغ تعداد فلسطيني المناطق المحتلة منذ 1948 أكثر من مليون وثلاثمائة ألف نسمة، في حين كان عددهم لدى الإعلان عن الدولة الصهيونية بعد ممارسة حملات التطهير العرقي بالمجازر، والتهجير الإجباري، في حدود 142 ألف فلسطيني..
لقد تمحور نضال هذا الجزء من شعبنا في المرحلة الأولى، حول الدفاع عن ما تبقى من أرض ومواجهة قرارات طردهم من قراهم ومدنهم، وترحليهم إلى مواقع أخرى ضمن خطة عنصرية صهيونية ترمي إلى إعادة التوزيع السكاني ورسم خريطته من جديد، لكي يضمن الأغلبية اليهودية في كل المناطق.
بهذه المرحلة قد وصل القمع والقهر الصهيوني إلى درجة منع تشكيل أي حزب سياسي مستقبل يعبر عن الشخصية الوطنية، إلا أن جميع تلك المحاولات قد فشلت في انتزاع هذا الجزء من الجسد الفلسطيني العربي، وبهذا الإطار النضالي المتواصل قد تم عبور المراحل المتعاقبة التي شهدت تطورا متناميا في أشكالها واتساعها، ضمن ذلك كانت لنتائج عدوان عام 1967 على الدول العربية المحيطة بالدولة الصهيونية، والدعم اللامحدود من الإدارة الأمريكية وباقي الدول الغربية ذات الإرث الاستعماري، ومن ثم احتلال كامل فلسطين التاريخية من قبل الصهاينة. أثر على هذا الجزء من شعب فلسطين حيث تعزز الارتباط بالحركة الوطنية الفلسطينية بالأشكال المناسبة مع وضعهم.
الظروف المحيطة بيوم الأرض في هذا العام:
أولا: الوضع الفلسطيني الداخلي، يجمع المشهد الفلسطيني بين المتناقضات، حيث لازالت تداعيات الانقسام بين الفريقين المتصارعين حول السلطة التي أفرغها الاحتلال من مضمونها الوطني بمعناه العملي، ونجح في تحويل وظيفتها موضوعيا لخدمة مشاريعه الأمنية الاقتصادية والاستيطانية، وهنا لا نحاكم النوايا الوطنية، بل ما نراه يتراكم يوميا: في الضفة المحتلة نشاهد التنسيق الأمني يعلو بوتائره، بل قد تحولت مطاردة رجال المقاومة إلى مفخرة، يعتز بتعدادها بعض قادة الأجهزة الأمنية، عدا عن لجوء الشرطة الفلسطينية للتشمير عن سواعدها في القمع العنيف للتظاهرات السلمية، وهو مشهد بدا مألوفا مع كثرة تكراره، وربما لن يكون ما جرى أخيرا للمظاهرة المسالمة أمام مقر المحكمة هو الأخير، تلك المحكمة التي انبرت ضمن مشهد درامي لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج، مع أربعة من رفاقه معتقلين لدى الاحتلال الصهيوني، ولعل باقي تفاصيل ما حدث خلال ”جلسة المحاكة”، وقبلها معروفا للقارئ.. الخ، وفي قطاع غزة المحاصر من الجهات الخمسة، حيث التقاطع مع مسلك الأجهزة في الضفة يتكرر: في محاولة تكميم الأفواه إلى قمع أصحاب الرأي المخالف واعتقالهم، والانضباط لشروط التهدئة مع الاحتلال، وصولا إلى تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة كخطوة تعمق الانقسام ... إن مسلك الفريقين في الضفة الفلسطينية والقطاع لا يؤشر نحو الاقتراب من المصالحة كتوطئة لتحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة سياسية تضع الجميع في مهمة مواجهة مشاريع الغزاة، وحلفائهم. إن شعب يوم الأرض في مكونات فلسطين التاريخية غير معزول عن متروكات الانقسام على كل الصعد، وإن كان جوابه المستمر هو في المواجهة بكل أشكالها مع دولة الاحتلال الصهيوني الإجلائي.
السياسة الإسرائيلية: تسعى الدولة الصهيونية إلى استثمار نتائج الأحداث التدميرية التي يتعرض لها العديد من دولنا الوطنية، بفعل المخطط الأمريكي- الصهيوني، وأهدافه وفي مقدمتها التحكم المتكامل بثروات المنطقة العربية، ما تحت أرضها من نفط وغاز .. وما فوقها من أسواق جشعة، ثم محاولة إنهاء القضية التحررية لشعب فلسطين، وحرف بوصلة الصراع الرئيسي إلى صراعات إقليمية ومحلية، وبهذا يصار إلى محاولة خلق أسباب تفكيك المأزق الاستراتيجي التاريخي الذي تواجهه الدولة الصهيونية، بعد رفض وجودها من قبل شعوبنا العربية، ضمن ذلك وجدت التجاوب من بعض المؤسسات العربية الرسمية التي هي بالأساس تابعة أو ملحقة بالقرار الأمريكي، والتي تقوم بالحرب بالوكالة عن الإدارة الامريكية، مثل ما تقوم به السعودية من حرب ظالمة وتدميرية اتجاه الشعب اليمني ودولته ومؤسساته، بالتالي انتقل مطلب التطبيع من تحت الطاولة إلى التفاخر به عبر المجاهرة وإرسال الوفود. إن التغير الرئاسي في البيت الأبيض من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، من الرئيس أوباما، إلى الرئيس ترامب، لم يرافقه تبدل بالمخطط الأمريكي أو إصابة العلاقة العضوية مع الكيان الصهيوني بأية جروح.
هكذا بدأت الحكومة الصهيونية وبهذه الفترة بالذات إلى التسريع في خطواتها: للاستيطان عبر صدور القرارات من الكنيست، مثل قرار” التسوية” والذي يشرعن نهب وسرقة الأراضي ، وكذلك في عملية تهويد القدس، وقرارات هدم ألاف البيوت في المناطق المحتلة عام 48، وهدم القرى، مثلما يحصل لأم الحيران، في منطقة النقب، وكذلك في بلدة قلنسوة وأماكن متعددة في فلسطين التاريخية.
هذا هو الرد: وسط هذه المناخات والتطورات انطلقت انتفاضة الحجر والسكين، والدهس... انتفاضة الصغار والكبار، انتفاضة الشباب والصبايا، هذا هو الرد على محاولات التيئيس والإحباط، هذا هو الرد على الانشغالات والمشاكل الداخلية التي يفعلها تلك الفئات من اصحاب المصالح التي نمت وتوسعت في إطار الصراع الداخلي، هذا هو الرد على التطبيع وزيارة الاستفزاز للوفد السعودي برئاسة اللواء أنور عشقي، ولقائه بالمسؤولين الصهاينة، وعلى من ساهم في ترتيب هذه الزيارة. لقد عودنا شعب فلسطين ”بالمفاجأة” دوما، بالتحرك لمواجهة العدو كلما تعرضت قضيته الوطنية التحررية للمخاطر أو التراجع، أو واجهت حركته الوطنية بكل قواها الكفاحية إلى ضربات أو لحصار، قد يهدأ الرد أو يتراجع منسوب الانتفاضة أو يتغير شكل المقاومة أو يتنقل من شكل إلى آخر، إلا أن الانتفاضة مستمرة: هذا هو الشكل الشعبي الفلسطيني بالرد على مصادرة الأرض، واتساع انتشار المستوطنات، فكل الأيام الفلسطينية هي يوم الأرض، دفاعا عنها، وعن الثوابت، والحقوق الوطنية في فلسطين التاريخية ولم يراهن على الوعود الأمريكية الوهمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.