"حمام ملوان" لازالت خرابا

بعد أربعة أشهر من الزلزال

لاتزال آثار الزلزال الذي ضرب بلدية حمام ملوان في السابع عشر من شهر جويلية الفارط والذي حددت قوته ب5.1 على سلم ريشتر بعد حوالي أربعة أشهر تراوح مكانها، حيث يتبين لأي زائر لها وللوهلة الأولى، أنها منطقة شبه خالية من الحركة، فالغياب الكبير للمشاريع التنموية والمرافق الضرورية مع آثار الزلزال الذي كاد أن يكون مدمّرا بعد تصدع الكثير من السكنات وتضرر ابتدائية المقطع الازرق، جعلت منها وكأنها مدينة مهجورة. "السياسي" تنقلت إلى البلدية، بغية معرفة الوضعية التي يعيش فيها السكان المتضررين بعد أشهر من الزلزال. كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا هدوءٌُ رهيب يخيم على المكان، حركة خفيفة للمارة، نشاط تجاري قليل، كانت وجهتنا الأولى إلى حي تاحامولت الذي عرفت السكنات به تضررا كبيرا بعد تصنيفها من طرف لجنة معاينة المنازل المتضررة في الخانة الحمراء.
عائلات ترفض التعويض وتطالب بالترحيل
هي ظروف قاسية التي لاتزال بعض العائلات تعيش بها في محتشدات باتت لا تصلح للايواء والسكن حيث استقبلنا المواطن "مقداد عمار"، وهو رب أسرة لثلاثة أطفال، بعبارة "ربي يجيب الخير لينا وللبلاد"، حيث يعتبر من بين 24 عائلة بحي تاحامولت التي تضررت سكناتها، وأكد المواطن أنه لايزال يأمل في الاستفادة من سكن اجتماعي لائق بدل التعويض المقدر ب300 ألف دينار وهو المخصص للترميم، حيث اعتبره بالمبلغ الضئيل نظرا لإتلاف سكناتهم، مشيرا إلى أن البيت الذي يقيم به لا تنفعه عملية إعادة التهيئة نظرا للتضرر الكبير الذي لحق به ما يشكّل خطرا على حياة أسرته، مضيفا أن الصدمة النفسية التي أصابت عائلته جعلت زوجته وأبناءه يغادرون المنزل عند الاقارب بعدما كانوا ينامون في خيمة شيّدت في العراء، معرضين لكل أنواع المخاطر خوفا من انهيار أجزاء من البيت خاصة وأنه مبني من الحجارة.
ابتدائية «شريف أرزقي» تتحول إلى خراب
وجهتنا الثانية كانت إلى حي المقطع الأزرق وبالتحديد إلى ابتدائية «شريف أرزقي» التي تضررت بشكل كبير جراء ذات الزلزال الذي ضرب المنطقة، فوجئنا من عدم وجود أي أشغال على مستواها أو مواد بناء أو آلات أو شاحنات تتعلق بإعادة بنائها، حيث تحدث إلينا أحد المواطنين الذي يعمل كحارس بالابتدائية، أنه تم تحديد مدة 9 أشهر لتهديم الأقسام المتصدعة بعد أن تضررت الأساسات بشكل كبير وإعادة بنائها من جديد، غير أن الأوضاع لازالت تراوح مكانها، فلم تقم الجهات المعنية إلا بأشغال الهدم فقط، لتظل الابتدائية المتضررة عبارة عن خراب وردوم لا غير، كما أضاف المتحدث أنه تم ردم 6 اقسام ومطعم وكذا مقر الإدارة ومخزن بعدما تضرروا بشكل كبير، حيث أنه، ومنذ حوالي الشهر، تمت عملية التكسير والهدم، لتتوقف العملية الى غاية يومنا هذا، حسب المتحدث.
تلاميذ الابتدائي والمتوسط بنفس المؤسسة
ولأجل عدم تعطيل البرنامج الدراسي لمتمدرسي ابتدائية «شريف أرزقي»، تم ضمّهم إلى متوسطة «الطيب سليمان» بعد الانتهاء مباشرة من أشغال إعادة تهيئتها هي الأخرى وهو ما تحدث عنه حمود طرادي، مدير الابتدائية، حيث أكد أن هذا الحل يعتبر الأفضل للجميع بما أن المتوسطة تعد الأقرب إلى حي المقطع الأزرق مقارنة بالمؤسسات التربوية المتواجدة على مستوى حمام ملوان أو بوڤرة، حيث تم تخصيص ست قاعات من المتوسطة لتلاميذ الابتدائي الذين يبلغ عددهم 164 تلميذ، لتظل السبع قاعات المتبقية تستقبل هي الأخرى 156 تلميذ من الطور المتوسط.
أولياء متخوفون من عواقب الإختلاط
أكد بعض المواطنين ممن التقت بهم "السياسي"، أنهم متخوفون من عوقب اختلاط ابنائهم الصغار بتلاميذ المتوسط بحكم فارق السن بينهم، مع احتمال التأثير عليهم من خلال الاختلاط بهم أثناء الخروج والدخول، من جانبه، مدير الابتدائية طرادي، أشار إلى أن كل ظروف التمدرس عادية بتوفر العدد الكافي من الأساتذة وكذا الاطعام المدرسي، كما طمأن أولياء الأمور على أبنائهم حيث أنه سيتم تخصيص دورات مياه ووقت دخول وخروج خاص بتلاميذ الابتدائي لتجنّب الاختلاط بتلاميذ المتوسط.
طريق السيارات يهدّد سلامتهم
رغم إيجاد حل موقت لعدم تعطيل البرنامج السنوي لتلاميذ «شريف أرزقي» خاصة وأن الابتدائية سيعاد فتح أبوابها خلال الدخول الاجتماعي المقبل وهذا بضمّهم إلى متوسطة «الطيب سليمان»، إلا أن أولياء الأمور باتوا متخوفين على أبنائهم الصغار الذين يقطعون مسافة 300 متر للحاق بالمؤسسة وذلك بانتهاج طريق السيارات ذهايا وإيابا لتزداد الأمور سوءا خلال فصل الشتاء الذي تعرف به المنطقة وضعية مزرية وصعوبة في التنقل مما يضطر العائلات إلى ضرورة مرافقة أبنائها ذهابا وإيابا لتفادي تعرضهم إلى أي انزلاقات أو حوادث مرورية، خاصة وأنه لا توجد حافلات مدرسية خاصة بنقلهم، غير أن مدير الابتدائية طمأّن مرة أخرى العائلات بتوفير حافلات خاصة من طرف المسؤولين المحليين خلال فصل الشتاء.
رئيس بلدية حمام ملوان: «5 أشهر كافية لاستكمال بناء الابتدائية»
طمأّن إبراهيم عميش، رئيس بلدية حمام ملوان، أولياء التلاميذ بأن مدة 5 أشهر الباقية ستكون كافية لاستكمال أشغال إعادة بناء ابتدائية «شريف أرزقي»، من طرف إحدى المؤسسات العمومية حيث تم تخصيص قيمة واحد مليار لعملية الهدم التي دامت 20 يوما، و10 ملايير خاصة بالبناء والتجهيز لتفتح أبواب المؤسسة التربوية خلال الدخول الاجتماعي المقبل، كما أشار إلى أن عملية إعادة البناء لاتزال قيد الدراسة.
أربعمئة عائلة استلمت الشطر الأول من قيمة التعويض
فيما يتعلق بالعائلات التي تضررت سكناتها، أكد رئيس البلدية أنه تم التكفل بمعظمهم حيث بقيت عائلة واحدة من مجموع السبع عائلات تقيم بدار الشباب إلى غاية إيجاد حل لها والتكفل بوضعيتها، كما أشار إلى أنّه تم إحصاء أكثر من 600 مسكن متضرر جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة في السابع من الشهر الجاري، منهم 86 منزلا صنف في الخانة الحمراء والبرتقالية، تم احصاؤه من طرف اللجنة التقنية للبنايات المتضررة، وأكد المتحدث أن قرارات الاستفادة من قيمة 30 مليون سنتيم التي حددتها الولاية قد صدرت لأكثر من 500 عائلة متضررة لترميم سكانتهم بعد التأكد من وضعيتها، وإلى غاية اليوم، فقد استلمت حوالي 400 عائلة الشطر الأول من المبلغ المقدر ب15 مليون سنتيم، ليتم استلام الشطر الثاني عند التحقق من إنفاق المبلغ في أشغال إعادة الترميم من قبل اللجنة المختصة.
حصة 100 مسكن اجتماعي لاتزال بعيدة
أما بخصوص العائلات المتضررة الرافضة لقيمة التعويض والمطالبة بالاستفادة من سكن لائق، أكد رئيس بلدية حمام ملوان، أن هناك حصة 100 مسكن اجتماعي غير أنها لاتزال بعيدة لأجل استلامها، مؤكدا أن 37 عائلة رفضت الإعانة التي اعتبرتها غير كافية لعمليات الترميم والتهيئة.