سعيود يشرف على تنصيب الوالي الجديد لوهران..رئيس الجمهورية حريص على ترسيخ ثقافة النجاعة في التسيير العمومي    النعامة..منطقة النشاطات لمكمن بن عمار تدخل الخدمة    مشاركون في ندوة حول حربي 1967 – 1973..الجزائر لم تتخلف يوما عن نصرة أشقائها العرب    الذكرى ال71 لاندلاع الثورة التحريرية:تكريس مبدأ سيادة القرار كحق أساسي في تقرير المصير    بوعمامة يستقبل وزير الإعلام الفلسطيني..تأكيد على تضامن الجزائر الثابت والدائم مع الشعب الفلسطيني    البليدة..غرس أكثر من 30 ألف شجيرة    بومرداس: إطلاق قافلة تجوال للذاكرة الوطنية تجوب أربع ولايات    انطلاق تسجيلات الطلبة الجزائريين    القمع الاستعماري محور ندوة تاريخية    بداري يستعرض ميزانية قطاع التعليم العالي    سايحي يبرز أهمية التكوين وعصرنة التسيير    إبراز الدور الريادي للإعلام الوطني    تسهيلات لفائدة المستثمرين والمنتجين    56 ألف إصابة بالسرطان في سنة واحدة بالجزائر    صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتح أبوابه في طبعته ال28 تحت شعار "الكتاب ملتقى الثقافات"    توغل قوات تابعة للجيش الصهيوني    استشهاد 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال الصهيوني    النفط يتراجع إلى (65.68 دولارا)    جامعة سوق أهراس تنجح في ترسيخ ثقافة المقاولاتية والابتكار    حددنا مدة شهر بغرض منح وقت كاف للراغبين في التسجيل"    تساهم في "توجيه السياسات الصحية بصورة أكثر دقة وفعالية"    غيليزان : 31 جريحا في حادث مرور    الجزائر تؤكد التزامها الراسخ بتعزيز وحدة إفريقيا وخدمة قضاياها    المسار الإعلامي الجزائري طويل ومتجذر في التاريخ    عسلاوي تشارك في أشغال المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية    يربطان الجزائر بغوانزو الصينية وروتردام بهولندا    63 عاماً من السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون    ميسي يتطلّع لمونديال 2026    مقتل الآلاف وعمليات اختطاف في مجازر مروّعة    الجزائر حريصة على تعزيز التنسيق حول القضايا الثنائية والقارية    نقص العقار أثّر على عدد السكنات والجانب الفني    غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية    توقيف 25 مجرما خلال مداهمة    اكتشاف محل حجامة ينشط بطريقة غير قانونية    جريح في انحراف سيارة    700 عملية دفع مستحقات إلكترونيا    "دينامو زغرب" يستعد لشراء عقد بن ناصر من ميلان    "الطيّارة الصفراء" يتوّج بثلاث جوائز في كندا    المهرجانات الثقافية محرّك اقتصادي للمدن المستضيفة    الفكر والإبداع بين جيل الشباب وثورة الذكاء الاصطناعي    سأضحي لأجل الجزائر وأحقّق حُلم جدي    الفرنسيون يتحسّرون على غياب غويري عن مرسيليا    الدكتور مصطفى بورزامة: الإعلام الجزائري منبر وطني حرّ وامتداد لمسار النضال    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    الشبيبة تتأهل    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    معيار الصلاة المقبولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منهن من حاولن الانتحار
نشر في النصر يوم 27 - 12 - 2015

اكتئاب ما بعد الولادة يحوّل أمهات إلى خطر على أنفسهن و صغارهن
كادت إحداهن أن تخنق صغيرتها و لم تعد أخرى تتحمل صوت زوجها و هربت أم من البيت و حاولت الانتحار...و غيرها من الحالات المختلفة لأمهات جديدات عانين من حالات الانهيار العصبي الحاد و الاكتئاب، بسبب جهل أو لامبالاة بعض الأزواج و صمت العائلات التي تفضل التستر على ذلك، و اللجوء إلى الرقاة الشرعيين، بدل استشارة المختصين في الأمراض النفسية و حتى العقلية، مما عقّد حالات البعض فتحوّلن إلى خطر على أطفالهن و على أنفسهن، و حاولن الانتحار مرارا.
و ذكرت إحدى المريضات التي التقيناها بعيادة طبيب نفسي خاص بقسنطينة بأنها بعد حملها الثاني أصيبت بارتفاع ضغط دم عال لا زالت تعاني من مضاعفاته سيّما خلال النوم، و أسرت بأنها لم تعد تقوى على السيطرة على أعصابها، و باتت تخشى على نفسها و على طفليها خاصة بعد أن تجاوزت حالة التوتر إلى الغضب المستمر و تزايد سلوكها العنيف حتى تجاه صغيريها، حيث اعترفت بتعنيف صغيرتها كثيرة الحركة و الصراخ، لدرجة أنها أحيانا عديدة قامت بوضع يدها على فمها لمنعها من البكاء مما كاد يتسبب في اختناقها لولا تدخل الجدة.
سيدة رفضت الكشف عن اسمها قالت أنها جاءت دون علم زوجها خوفا من معايرتها بالجنون، أكدت بأنها لم تعد تتحمل حتى سماع صوت زوجها لأنها تعتبره سبب المشاكل التي أصابتها، و تحسده على النوم بكل راحة في حين تبقى هي تعاني الأرق و الحزن، و أسرت بأنها طلبت من شقيقتها أن ترافقها عند طبيب نفسي لأنها بدأت تفكر في الموت كحل لمشاكلها و عدم تفهم المحيطين بها و إلزامها بآداء واجباتها كأم و كزوجة، دون الاكتراث لحالها و معاناتها التي تتأزم ليلا بسبب الأرق.
سمية صاحبة 32سنة موظفة بسلك التعليم العالي، أسرت لنا بأن تأزم حالتها النفسية تضاعف بعد اتهام زوجها لها بالتظاهر بالمرض تهربا من المسؤولية و تهديدها بالطلاق إن هي استمرت على تلك الحال.
أما منيرة 41 سنة فذكرت بأن كل طرق الطب البديل التي جربتها للتخلص من كآبتها لم تأت بنتيجة، مضيفة بأن الجميع اعتبروا حالتها مسا أو إصابة بالعين لأنها أنجبت توأما ذكرا بعد عقم استمر ثماني سنوات، و لولا طبيبة مختصة من قريبات زوجها تفطنت لحالتها لكانت في عداد الموتى مثلما قالت لأنها أقدمت على أخذ جرعة زائدة من أدوية مهدئة رغبة في الخلود إلى الراحة و النوم لساعات بعد أيام طويلة لم تتذوق فيها طعم النوم ليلا، و روت لنا كيف أن أهلها عرضوها على قرابة ست رقاة منذ الأسبوع الثاني من مغادرتها عيادة التوليد الخاصة.
كان من الصعب التحدث إلى المزيد من الحالات لأنهن مثلما ذكر عدد من الأطباء الخواص الذين قصدنا عياداتهم بحثا عن حالات تعانين كآبة ما بعد الولادة، لا يقصدن عيادات الطبيب إلا عند تدهور حالتهن بشكل يصعب التحكم فيهن، أو ظهور أعراض خطيرة تضطر الأهل لجلبهن خوفا من أن يلحقن الضرر بأنفسهن أو بصغارهن.
و خلال استفسارنا لعدد من الأزواج بخصوص كآبة ما بعد الولادة، تفاجأنا بجهل الكثيرين لمثل هذه الأعراض، حيث اعترف البعض بأنهم لم يسمعوا عنها من قبل، فيما اعتبرها البعض الآخر مجرّد "دلال"، ما عدا مواطن واحد أسر لنا بأن زوجته كانت ضحية انهيار عصبي أصابها بعد مرور ثلاثة أسابيع بعد وضعها لصغيرها جواد، لكن حالتها تحسنت بعد خضوعها لعلاج جدي.
العلاج البديل قبل الطب
و يجهل الكثير من الأزواج و حتى أهالي جل المريضات حالة نفسية خطيرة يطلق عليها اسم الاكتئاب أثناء الحمل أو الاكتئاب الحاد لما بعد الولادة، و أول ما يخطر على بالهم فرضية إصابة الأم أو الحامل بالعين أو الحسد و يترجمون حالتها بأنها من فعل المس و العين..و غيرها و يسرعون إلى عرضها على رقاة شرعيين و أحيانا أخرى على مشعوذين أو يكتفون بتقديم وصفات تقليدية تعتمد على وصفات مخصصة عموما لتهدئة الأعصاب، حسب عدد من الأطباء المختصين في الأمراض العقلية الذين تحدثنا إليهم و الذين أكدوا أن حالة التوتر التي يعيشها الأغلبية و التي فرضتها ضغوطات الحياة، ساهمت في تزايد ظهور أعراض حالة الاكتئاب في مرحلة ما بعد الولادة التي اعتبروها جد طبيعية و من السهل تجاوزها لو أحيطت الأم الجديدة أو الحامل بالرعاية المناسبة من قبل الزوج و العائلة، لمساعدتها على تجاوز تلك المرحلة الحرجة التي يكون لتلاعب الهرمونات في الجسم و التي قد تزول دون أي علاج.
و قال البروفيسور علي صلاحي، رئيس مصلحة التوليد بالمؤسسة الإستشفائية المتخصصة في أمراض النساء و التوليد بسيدي مبروك بقسنطينة، بأن علاقة عيادة التوليد تنتهي بمجرّد مغادرة المنجبات المكان، لذا فإن أغلب الحالات يسمعون عنها من قبل زملاء لهم مختصين في طب الأمراض العقلية أو النفسية، لكنه أكد ظهور الكثير من أعراض الاكتئاب تظهر أثناء الحمل و بشكل خاص لدى الحوامل اللائي يعانين من ارتفاع ضغط الدم و السكري و أمراض أخرى تزيد من تفاقم حالة الخوف و التوتر لدى عدد مهم من الحوامل تصل إلى حد عدم السيطرة على أعصابهن و الصراخ في وجه القابلات و عدم العمل بنصائحهن خلال الوضع، واصفا تلك المواقف بالعادية و التي يدركها جيّدا العاملين في مجال توليد النساء الذين يتمتعون بخبرة و يعملون باحترافية.
و ذكر محدثنا بأن ثمة من الحوامل من يخفين أمر استهلاكهن لبعض الأدوية المضادة للاكتئاب، منتقدا عدم توّفر التكفل النفسي بهذه الفئة أثناء الحمل و بعد الولادة، رغم اطلاعهم على خطورة الأمر، مرجعا السبب إلى استمرار الضغط على مراكز التوليد الذي قال أنها حالت دون التفكير في حلول أخرى تتجاوز مرحلة التدخل الاستعجالي لإنقاذ حياة الأم و الطفل، موضحا بأن عيادة سيدي مبروك مثلا تسجل سنويا ما يقارب 12ألف حالة ولادة جديدة، ما اعتبره رقما ضخما مقارنة بعدد الطاقم الطبي.
3 بالمائة من الأمهات الجديدات يعانين أعراض الاكتئاب الحاد
و من جهتها أكدت البروفيسورة ماضوي رئيسة الأطباء بمستشفى الأمراض العقلية محمود بلعمري بجبل الوحش بقسنطينة، عدم توفرهم على أرقام حقيقية تعكس واقع الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة الحاد لعدم اقتراب المرضى من المختصين، و حتى الحالات التي يتم توجيهها من قبل أطبائهن المعالجين خلال الحمل أو بعده، غالبا ما لا تتابع العلاج و تختفي عن الأنظار بل تلجأ إلى الطب البديل لاعتبارات كثيرة غالبا ما يكون الخوف من نظرة الآخر سببا رئيسيا فيها، و أضافت قائلة بأن ما يقارب3بالمائة من الأمهات الجديدات يعانين من أعراض الاكتئاب الحاد الذي قد تمر دون مشاكل و تختفي بعد فترة بعد خضوع المريضات للعناية و إذا تحتم الأمر للعلاج عن طريق الأدوية المضادة للاكتئاب و التي وحده الطبيب المختص قادر على تحديد ما إذا كانت أساسية للعلاج أو يمكن تجاوزها بمضاعفة حصص العلاج النفسي.
و تحدثت البروفيسورة ماضوي عن حالة إحدى المريضات التي تمت متابعتها طيلة 3سنوات لخطورة الوضع الصحي الذي عانته هذه الزوجة الشابة التي أرغمت على الزواج من شخص لم تحبه و حملت منه، فزادت حالتها النفسية سوءا، و ظهرت عليها أعراض الاكتئاب منذ بداية الحمل و استمرت معها حتى بعد فقدانها للجنين، بل ازدادت حدة بعد إصابتها بقصور كلوي حاد و مضاعفات أخرى أخطر تسببت في استئصال رحمها و هو ما اضطر الأطباء لإخفائه عنها طيلة سنوات إلى غاية امتثالها للشفاء.
كما ذكرت حالات أخرى تفاقمت لديه أعراض الاكتئاب لدرجة حاولن الانتحار و أداء أطفالهن، موضحة بأن أي تأخر في التكفل بالمصابات بحالات الاكتئاب الحاد بعد الولادة و تهوينه و عدم استشارة الأطباء المختصين قد يؤدي إلى مضاعفات و اضطرابات كالاضطراب الوجداني ثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي.
وحدة الأمراض العقلية للوصل بين مختلف المصالح الطبية الحساسة
و كشفت محدثتنا عن وحدة ربط بين مستشفى الأمراض العقلية و مختلف المصالح الطبية الحساسة بما فيها أمراض النساء و التوليد، قالت بأنها سيتم إنشاءها قريبا للاعتناء بالمرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية و عقلية
و أوضح الطبيب أنيس جرماني /طبيب خاص/ بأن حالة الاكتئاب التي تمر بها المرأة أثناء الحمل و بعده قد تستمر أسابيع طويلة و تؤدي على تغيّر عنيف في المزاج سببه القلق و الخوف من الموت تارة و من عدم التمكن من تحمل المسؤولية الجديدة كأم و زوجة و موظفة و قلة الثقة في النفس، فتصبح كثيرة البكاء و قليلة التركيز إلى جانب العصبية و التوتر المستمر بسبب قلة النوم و الأرق.. و أعراض أخرى تتفاقم مع الوقت و تصبح تشبه إلى حد كبير الانهيار العصبي.
و ذكر عدد من الأطباء بأن أكثر المريضات و حتى أزواجهن لا يدركن جدية حالة الاكتئاب و الانهيار و بالتالي يهوّنون من ضرورة استشارة طبيب مختص قبل تفاقم الأوضاع و توّسع دائرة الخطر التي يسقطن فيها أسابيع بعد الإنجاب، مؤكدين تسجيل حالات محاولات انتحار بجرعات زائدة للأدوية المهدئة، و شددوا على ضرورة عدم التهاون بمثل هذه الأعراض التي قد تشكل فيما بعد خطرا على حياة الأم و الطفل معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.