طاسيلي للطيران: توسيع شبكة الرحلات الداخلية عبر خطين جديدين نحو الجنوب    بشار.. إحباط تهريب أكثر من 22 ألف قرص مهلوس وتوقيف 4 مهربين    صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية في الجريدة الرسمية    بمبادرة من الجزائر, مجلس الأمن يدعو إلى فتح تحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في غزة    هزة أرضية بقوة 3 درجات بولاية الشلف    المختبر المركزي لشركة "سيال" يحافظ على اعتماده طبقا لمعايير "إيزو 17025"    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الجمعة بالنسبة لمطار الجزائر العاصمة    رئيس الجمهورية : نعمل على تطوير البلاد على أسس صحيحة وبوادر الإقلاع الاقتصادي بدأت في الظهور    ممثلو الجالية يُثمّنون قرار رئيس الجمهورية    رسالة من سلطان عُمان إلى الرئيس تبّون    هكذا تُصان السيادة الوطنية..    عرقاب يلتقي نائب الرئيس التركي    قطاع الري سطّر سلم أولويات لتنفيذ البرنامج    الزيادات في منح المتقاعدين غير مسبوقة    فاتورة الاستيراد تتقلّص    تصويت الجمعية الأممية على مشروع قرار بشأن فلسطين: مكسب سياسي يعطي زخما أكبر للعضوية الفلسطينية    تأخّر لعدة سنوات: فلاحون يثمّنون قرب الانطلاق في إنجاز سد واد لزرق بخنشلة    وزير خارجيتها عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية: سلطنة عمان تتطلّع إلى المزيد من الازدهار في علاقاتها مع الجزائر    وزير العدل حافظ الأختام يؤكد: على المحامين تحقيق الأمن القانوني و القضائي جذبا للاستثمار    الرابطة المحترفة: مهمة معقدة تنتظر الرائد وصراع الوصافة عنوان الجولة    الفيلم عرض بقسنطينة بحضور صناعه ونجومه    توّج بثاني ألقابه في أوروبا: عمورة أفضل عربي في الدوري البلجيكي    مجلس أعلى للصحافة هو الحل..!؟    ورشة عمل حول المواضيع الابتكارية المقترحة    ملتقى إعلامي جهوي حول تصدير التمور    منتخبنا لأقل من 20 سنة يحرز9 ميداليات جديدة    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف    دعوة المحامين لتدعيم الأمن القانوني جذبا للاستثمار    تبادل وجهات النظر حول مستجدات القضية الفلسطينية    تخرج 71 طالبا من بينهم 32 من جنسية إفريقية    فلسطين ستواصل مساعي الحصول على العضوية بقرار من مجلس الأمن    سكيكدة..حديقة إيكولوجية لمواجهة "تغوّل الإسمنت"    "أونروا" تطالب بوقف إطلاق النار واستئناف المساعدات    البوليساريو تحصي مكاسبها في ذكرى التأسيس    مولوجي تفتح الآفاق أمام إبداعات المرأة    إقبال كبير على الفيلم الفلسطيني "معطف حجم كبير"    9 روايات في القائمة القصيرة لمسابقة "فواصل"    آفاق واعدة للنشاط المنجمي بفضل تجند الكفاءات الوطنية    استئناف حجز تذاكر الحج لمطار الجزائر    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    ظاهرة خطيرة تستفحل في مواقع التواصل    العائلات لا تولي أهمية لبرامج الرقابة الأبوية    ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"    شبيبة القبائل - شباب قسنطينة    "فيفا" يتلقى تهديدا    ماكرون يمارس أقصى ضغط على ريال مدريد    أونروا : وقف إطلاق النار "الأمل الوحيد لتجنب إراقة المزيد من الدماء ويجب إعادة فتح طرق المساعدات"    معا لأجل حماية التراث الفلسطيني من التهويد    حجز نحو 1 كلغ من المخدرات بحوزة ثلاثيني    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    دورات تكوينية لفائدة وسائل الإعلام حول تغطية الانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المحكمة الدستورية    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترقد بمستشفى ابن باديس الجامعي منذ سنتين ونصف
نشر في النصر يوم 19 - 08 - 2011


خولة ضحية انفجار قارورة غاز أفقدتها البصر و شوهتها
انتقلنا إلى المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة بناء على اتصال يخبرنا بوجود حالة مأساوية جدا بقسم الإنعاش، لفتاة في ربيعها السادس عشر ، ضحية انفجار غاز أودى بحياة والدتها و شقيقتها و أفراد آخرين من أقاربها ، تسبب لها في إعاقات مزمنة و تشوهات حادة ألزمتها سرير المستشفى ما يقارب السنتين و النصف بسبب حالتها الصحية المزرية، لأن حياتها متعلقة بأجهزة التنفس التي تلجأ إليها من حين لآخر لتنقية الأنبوب الإصطناعي.
التقينا بخولة القاطنة بمدينة عين مليلة في قسم الإنعاش الذي لم تغادره منذ وقوع حادث انفجار قارورة غاز داخل مسكن خالتها ، مما تسبب لها في إعاقات جسدية بليغة ، أشدها فقدانها للبصر، الذي كان يمكن تداركه لو تم التدخل في الوقت المناسب كما أشار أحد الأطباء الذي يتابع علاجها، بالإضافة إلى عجزها عن التنفس إلا عن طريق الأنبوب الاصطناعي المزروع أسفل عنقها و الذي تضطر لغلقه بأصبعها المشوه لثواني معدودة كلما أرادت أن تتكلم بصوت خافت لا يكاد يسمع، و تشوهات خطيرة في اليدين و القدمين مما يعيق حركتها و يجعلها عاجزة عن القيام بأي شيء حتى مجرد الأكل بمفردها.
ورغم حالتها الصحية الصعبة، استقبلتنا خولة بصدر رحب و بنفسية متفائلة و روت لنا دون تردد قصتها مع النيران التي غيرت مجرى حياتها و أفقدتها البسمة التي يتمتع بها أترابها . كما أن تشوهاتها الكبيرة على مستوى الوجه و سائر الجسد لم تطمس جمال روحها الداخلي و صفاء ذهنها الذي مازال يحتفظ بأمل الشفاء.
قبل أكثر من سنتين بدأت مأساتها بحادث انفجار قارورة غاز طبيعي في منزل خالتها أين كانت في زيارة رفقة والدتها و شقيقتيها ، و أودى الحادث بحياة الجميع ، وبقيت هي و إحدى شقيقاتها التي أصابت بحروق متفاوتة الخطورة على مستوى الظهر و بعض أطراف جسمها إلا أن حالتها تعتبر أقل خطورة من حالة خولة ، لتبدأ رحلة عذابها عندما نقلت على جناح السرعة لمستشفى قسنطينة الجامعي ، ودخولها غرفة الإنعاش في حالة خطيرة جدا نجت منها بأعجوبة ، حيث طالت النار كل مناطق جسمها و تسببت في حرق عينيها مما أدى إلى خروج حدقتي العين خاصة حدقة العين اليسرى بحوالي سنتيمتر و نصف خارج جفونها المتيبسة التي يستحيل غلقها و تصلب أصابع يديها اللتان طويتا إلى الوراء بالإضافة إلى تشنج قدميها أيضا و تشوههما.
بالنسبة لها الحياة تقتصر على أمل كبير إسمه " الجراحة" ينير قلبها في ظلمة أيامها الحالكة، بعيدا عن مدرستها التي تركتها في السنة الثانية متوسط و التي كانت تحلم أن توصلها يوما لكلية الطب .
و بعيدا عن حنان الأم التي فقدتها و دفء الأسرة التي يتعذر عليها العيش معها بسبب ضرورة تصفية قصبتها الهوائية الصناعية من حين لآخر، حيث أخبرتنا أنها لم تطأ منزل والدها منذ أكثر من سنة . ورغم أنها تعاني من وضعية حرجة تحتاج فيها إلى كل الدعم و الرعاية النفسية التي يوفرها لها أفراد أسرتها المتبقين شقيقتها و والدها رفضت خولة العودة إلى البيت بعد أن تعافت قليلا من الحروق و الإصابات الخطيرة التي ألزمتها غرفة الإنعاش لمدة طويلة ، و فضلت البقاء في المستشفى الذي تختبئ داخل أسواره من نظرات الناس و حتى من عائلتها التي تشتاق بشدة لأحضانها كما أخبرتنا قائلة : " انتهى كل شيء، و لا أستطيع العودة للعيش بينهم لأنني لم أعد اشعر بالأمان و أخشى الاختناق في أي لحظة و هم لا يستطيعون التدخل لإنقاذي من الموت" .
تتمسك خولة بأمل كبير في الشفاء و أكثر ما يقلقها هي مشكلة التنفس التي تهدد حياتها باستمرار، فبعد أن رفض الملف الذي تم طرحه على مستوى مستشفى الجزائر العاصمة من أجل التكفل بها و نقلها إلى فرنسا للعلاج، قامت أسرتها منذ حوالي أربعة أشهر بفتح حساب خاص بها لجمع التبرعات التي تسمح لهم بنقلها للعلاج في فرنسا ، واستعادة ابتسامتها التي فقدتها في لحظة تهاون مع الغاز الذي لا يرحم ضحاياه ، وتمكينها من إجراء سلسلة من العمليات الدقيقة و المعقدة التي تتطلب أموالا ضخمة كما أخبرنا الأطباء المشرفين عليها ، إذ تبلغ تكلفة عملية تجميل العينين وحدها حوالي 400 مليون سنتيم، غير أن أخطرها هي عملية القصبة الهوائية.
و هي تدعو اليوم وعبر جريدة النصر كل أصحاب القلوب الرحيمة مساعدتها بقدر الإمكان ، لاستعادة البسمة إلى شفتين تيبستا ، والتغلب على تشوه عينين فقدتا وهجهما ونعمة البصر،ومغادرة المستشفى بعد أن أصبحت حياتها منحصرة بين سرير غرفتها الضيقة بقسم الإنعاش و غرفة الممرضات اللواتي تمضي معهن معظم وقتها ،و يمثلنّ بالنسبة لها عائلتها الثانية التي ترعاها إنسانيا قبل كل شيء، حيث يقمن بتلبية كل طلباتها من تنظيفها و إطعامها و تقديم الأدوية و الرعاية الصحية اللازمة لها، معتبرينها كما قلن لنا كابنة تعودن على وجودها الدائم معهن .
خولة لم تتردد مع حلول شهر رمضان في الصوم، حيث فاجأتنا بإصرارها الكبير على عدم تضييع فرصة الشهر الفضيل للصوم و الإفطار كل اليوم مع الممرضات المناوبات في المستشفى. كما تطمح رغم إعاقتها الكبيرة و المزمنة إلى العودة للدراسة عن طريق البراي الذي تعلمها إياه إحدى المحسنات التي تتردد دوما على المستشفى، لتحقيق حلم مستحيل في أن تكون طبيبة لأنها كما أخبرتنا أصبحت تعرف الكثير من الأشياء عن الطب و التمريض بفضل حياتها الدائمة بين الأدوية و أسرة المرضى : " أصبحت أعرف كل شيء عن الطب و التمريض و أصبح الطب أكبر حلم بالنسبة لي، لهذا أنا أسعى لتعلم لغة البراي بعد أن فقدت الأمل في استعادة بصري و سأواصل إن شفيت من إعاقتي و لو قليلا تعليمي عن طريق البراي".
نيران الغاز لم تقهر روح خولة كما أضعفت جسدها و أنهكته تماما ، بل مازالت رغم معاناتها اليومية التي تتغلب عليها بالصبر الذي اكتسبته من التجربة تأمل الشفاء كما قالت: " لقد علمني ما حصل لي كيف أكون صبورة ، و الصبر أصبح بالنسبة لي خيارا إجباريا لكنني مازلت أحلم بالشفاء و أرجو أن يساعدني كل من يستطيع ذلك لأعود للحياة و لو قليلا ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.