التزام بتحسين البنى التحتية بإليزي وبرج باجي مختار    إبراز فضائل الحوار في تجسيد مسار عصرنة قطاع التجارة    وقفات احتجاجية للعمال في المغرب    نواب يُثمّنون مشروع قانون المالية    مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي في الإعلام الرياضي    ساركوزي يغادر السجن    المنتخب الوطني يحطّ الرّحال بجدّة    مولودية الجزائر تستعيد الريادة    كأس الجزائر.. في ديسمبر    لجنة وطنية لتوثيق الجرائم البيئية للاستعمار    دورات تكوينية بالشراكة مع اليونيسف    ياسر جلال يوضّح تصريحاته بالجزائر    بلمهدي في السعودية    إطلاق برنامج توأمة بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والوزارة الألمانية للاقتصاد والطاقة    إصابة 28 شخصًا في حادث مرور خطير بين المنيعة وغرداية    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يجري محادثات على انفراد مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود    وزير الصناعة: إعادة بعث مصنع الإسمنت بتيمقطن خطوة استراتيجية لتعزيز التنمية الصناعية بأدرار    حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ما يزال قائما    إعطاء إشارة للقافلة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان البروستات    موجة حر قياسية من اليوم وإلى غاية الجمعة بالولايات الشمالية    غلق نفق جبل الوحش بقسنطينة    ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية في الجزائر    اجتماع اللجنة الفنية المتخصصة المعنية بالهجرة واللاجئين والنازحين من 10 إلى 14 نوفمبر    شبكات إجرامية تستهدف الأطفال عبر الأنترنت    استشهاد 44 صحفيا داخل خيام النزوح منذ بدء العدوان على غزة    سعيود يأمر بتعزيز الوقاية في الطرقات وتسريع عصرنة الموانئ والمطارات    الرئيس تبون يتلقى التهاني من رئيسي نيبال وسيريلانكا وسلطان بروناي    الأفافاس يدخل التشريعيات المقبلة بقوائم عبر 58 ولاية    التقاضي الإلكتروني يعكس التحوّل الرقمي للمسار القضائي    نزوح 75 ألف شخص من إقليم دارفور السوداني    الجزائر تدخل منعرج التنويع الاقتصادي    حاج موسى: تعلمت الإنجليزية ونصائح فان بيرسي تخدمني    محرز يشتكي من الحرارة والرطوبة في الملاعب السعودية    تشديد على تسليم المشاريع التنموية في موعدها    انطلاق حملة الحرث والبذر بعنابة    شياخة مستعد للعودة إلى فريقه السابق ومدربه غير قلق    تحرّر إفريقيا لن يكتمل إلا باستقلال الصحراء الغربية    الحروف المتناثرة تضبط إيقاع ميزانها بعيدا عن الفوضى    جسور الفن والتراث بين الشرق والسهوب    دعوة لإنشاء حركة نقدية تتابع الإنتاج الأدبي    قِطاف من بساتين الشعر العربي    حجز لحوم ومواد استهلاكية فاسدة    المؤرخ بنجامين ستورا يدعو فرنسا للاعتراف بجرائمها الاستعمارية في الجزائر    وزير الشؤون الدينية بلمهدي يشارك في اللقاء نصف السنوي لرؤساء مكاتب شؤون الحجاج بالسعودية    البروفيسور رشيد بلحاج يدعو إلى إصلاح شامل للمنظومة الصحية وتكامل أكبر بين القطاعين العام والخاص    استذكار وتكريم نخبة من الأدباء والإعلاميين والناشرين الراحلين    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    بعيدا عن هموم مهنة المتاعب..!؟    بن دودة تشرف على اختتام صالون الدولي للكتاب بتتويج الفائزين بجائزة "كتابي الأول" وتكريم شخصيات والمشاركة في انطلاق "قافلة المعرفة    الاحتلال يخرق جوهر الاتفاق وأساس وقف إطلاق النار    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    شروط جديدة لتجارب تكافؤ الأدوية    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر حليمة مولاي للنصر: المذكرات والشهادات الشفوية مرجعية مهمة في كتابة التاريخ
نشر في النصر يوم 05 - 07 - 2022

أكدت المختصة في التاريخ الحديث و المعاصر بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا، حليمة مولاي، بأن المذكرات تعتبر مادة مرجعية يمكن الاعتماد عليها في عملية التأريخ، رغم مشكل الذاتية، و احتمال المبالغة في وصف بعض الأحداث أو الأشخاص و إمكانية مجانبة الحقيقة، و ترى الباحثة، بأن توظيف المذكرات و السير في عملية الكتابة التاريخية، مرهون بإخضاع مضمونها للمنهج العملي و التعامل معها بحذر، وفق منهج تحليلي نقدي دقيق، كما أشارت في حوارها مع النصر، إلى بعض الجوانب المتعلقة بهوية كاتب المذكرات، و بمدى إمكانية تصنيف الشهادات الشفوية، كمصدر من مصادر التأريخ.
حاورتها هدى طابي
النصر : هل يمكن للشهادة التاريخية المكتوبة أن تنتج معرفة علمية مثلها مثل الوثيقة؟
حليمة مولاي: عندما نتحدث عن مصادر الكتابة التاريخية، فإننا نتحدث هنا عن الوثيقة و عن الروايات الشفوية و عن الشهادات التاريخية المكتوبة و عن الصور، و حتى الكتابة على الجدران و غيرها من المادة التي تساعد المؤرخ على كتابة التاريخ، وإنتاج معرفة تاريخية علمية و الوصول إلى الموضوعية، عن طريق التعامل مع المادة العلمية التي يملكها على قدر واحد من الأهمية، من خلال نقدها بنفس الأساليب العلمية المنهجية، حيث تعد المذكرات، من أكثر الشهادات التاريخية المكتوبة التي يعتمد عليها عموما.
إلى أي حد يمكن اعتبار المذكرات نوعا من أنواع التأريخ و مصدرا من مصادره، وكيف يمكن التعامل مع مشكل الذاتية و محاولة تحوير بعض الحقائق مثلا؟
هناك من يعتبرون بأن المذكرات ليست نوعا من أنواع التأريخ أو كتابة التاريخ، وهو أمر مستغرب، فصاحب المذكرات، يريد أن يؤرخ بطريقته وبأسلوبه لحدث تاريخي معين، قد يكون حدثا مرتبطا به شخصيا شارك فيه أو حضره، وقد يتعلق الأمر بحدث سمع عنه و وصل إليه عن طريق أخبار و روايات شفوية، و كيف ما كان الأمر ، فإننا نتحدث عن الحدث التاريخي، و عليه فإنه من غير الممكن للمؤرخ في هذه الحالة أن يتجاهل مثل هذه المادة التاريخية المهمة، لأنها تضاهي الروايات الشفوية.
ربما قد تطرح مخاوف بخصوص كاتب المذكرات، الذي قد يحيد عن الحقيقة، و قد يميل إلى تعظيم الذات، مما قد يسقطنا في فخ الذاتية، لكن هذه الأمور تخصه هو ولا تعني الباحث أو المؤرخ، لأن عمل هذا الأخير هو النقد، وإعادة بناء التاريخ، وفقا للمادة العلمية التي بين يديه، وتحليل هذه الشخصية « النرجسية» التي كتبت المحتوى، دون أن يخشى من تحليل المذكرات و التعامل معها كمصدر و الاعتماد عليها في أبحاثه، لأنه يهدف للوصول إلى الموضوعية و الحقيقة من خلال النقد.
علما بأن الالتزام بالمذكرات قد يشكل خطرا على التاريخ، إذا كان التزاما أعمى، بمعنى أن الباحث يعيد ما كتب، دون تحليله، تحليلا منطقيا أو مقارنته بمادة علمية أخرى، وهو نفس الخطأ الذي قد يقع فيه، خلال تعامله مع الوثيقة، في حال أعاد كتابة محتواها، كما ورد تماما، دون تحليله أو نقده أو إبداء رأيه بشأنه، أو طرح تساؤلات حوله و إجراء مقارنات تخصه، لذلك فإن المذكرات، حسب رأيي، ليست المادة الوحيدة التي تستوجب التدقيق، بل كل مادة لا يمكن نقدها أو تحليلها.
هل خدمت فعلا الإصدارات التي قدمتها شخصيات وطنية على مر السنوات، عملية الكتابة التاريخية في الجزائر؟
مؤخرا ظهرت العديد من المذكرات التي تخص الجزائريين، والفاعلين خصوصا في الثورة الجزائرية والحركة الوطنية، وهي إصدارات من شأنها أن تساعد على الكتابة التاريخية، من خلال إعادة النظر في عدة قضايا وطنية و عدة أحداث تاريخية أخرى، و ذلك لا يعني بالضرورة نفي ما كتب سابقا واعتماد ما يكتب حاليا، بل تقديم مقاربات جديدة حول هذا الحدث التاريخي و تقديم رؤى وتصورات و مواقف جديدة، عبر المقارنة بين المعطيات الحديثة والقديمة، لهذا فقد وجب الاهتمام كثيرا بنقد وتحليل المذكرات التاريخية، و ليس منعها و التقليل من قيمتها.
من هم المخولون بكتابة المذكرات التاريخية أو جمعها و تدوينها على الأقل، وهل هناك شروط منهجية وعلمية لضبط هذا النوع من الكتابة التاريخية؟
نقول غالبا أن صاحب المذكرات هو من يكتبها، لكن السؤال الذي يجب أن يؤرقنا كباحثين، هو مدى واقعية هذا الطرح، و هل المجاهدون والفاعلون التاريخيون، هم فعلا من دونوا و أصدروا مذكراتهم التاريخية أم أنهم اعتمدوا على طرف ثان، لأنه مكمن الإشكالية، كوننا سنقف أمام معضلة أخرى، تتعلق بمدى مصداقية وأمانة هذا الطرف الثاني، في توثيق كل ما أملي عليه، وهل يمكن أن يكون قد غير في بعض المصطلحات والحروف و المعاني، وهل يشير هذا الوسيط إلى تدخله الشخصي في رواية الأحداث، بوصفه كاتبا للمذكرات، أم أن تدخله مبهم إلى حد يصعب على المؤرخ التفريق بين ما دونه الوسيط و ما قاله صاحب المذكرات، لذلك وجب التعامل معها، بناء على هويته من جهة و هوية من كتبها أو دونها من جهة ثانية، مع التأكد من مدى إخلاصه و مصداقيته و سمعته في كتابة المذكرات.
لابد من القول أيضا، بأنه من الصعب علينا تصنيف الأشخاص، و تحديد من المخول بينهم للكتابة، فقد نقول بأنه المؤرخ مثلا، لكن حتى هذا الأخير، قد يضعف أمام النزعة العلمية، و قد لا يكون أمينا في النقل من باب الحذر و الاعتماد على التحليل و النقد، لذلك فإنني كباحثة، أفضل أن يكتب الفاعل التاريخي مذكراته بنفسه، دون تدخل أي وسيط، و أن يكتبها بطريقته و أسلوبه و باللغة التي يعتمد عليها، لكي يوصل إلينا المعنى الحقيقي الذي يريده.
ماذا عن الشهادات الشفوية هل تعد أيضا مصدرا مقبولا في عملية التأريخ، أم أن شرط التدوين ضروري في هذه الحالة؟
الرواية الشفوية ليست فقط مصدرا مقبولا للتأريخ، كما يرى البعض، بل هي مصدر فعلي للكتابة التاريخية، فهناك مدرسة حوليات كاملة حول الرواية الشفوية، و يمكن للباحث أن يكتب حول التاريخ و حول الذاكرة انطلاقا منها، لذلك فإنه يتعين على الباحثين عدم التقليل من أهميتها أو قيمتها في عملية الكتابة، شريطة التعامل معها كأية مادة تاريخية أخرى أي بحذر و بنقد منهجي، حتى نصل إلى كتابة تاريخية مقبولة بعيدة عن الذاتية و النرجسية، و بعيدا أيضا عن الجدال و النقاش التاريخي الذي غالبا ما يكون دون منفعة أو هدف معين، بل قد يكون مضرا بالكتابة التاريخية أكثر مما قد يفيدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.