الجوية الجزائرية: الشروع في استلام الطائرات الجديدة في سبتمبر المقبل    ألعاب القوى/ ملتقى سان- مارن الدولي ( الطبعة الرابعة): تتويج الجزائريين بوعناني وحسين بالذهب    صحة: السيد سايحي يستعرض بتونس تجربة الجزائر في تفعيل مقاربة "الصحة الواحدة"    الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين تطلق حملة وطنية للتبرع بالدم    تلمسان: تنظيم اللقاء الجهوي الثالث لمؤسسة "اتصالات الجزائر" مع جمعيات حماية المستهلك    جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي": السيد بللو يبرز العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية للفن والفنانين    حوادث المرور: وفاة 10 أشخاص وإصابة 507 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 55297 شهداء و 128426 مصابا    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة /الجزائر-تونس: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بالبليدة    خنشلة: الطبعة ال13 للمهرجان الوطني لمسرح الطفل من 23 إلى 27 يونيو    مؤسسات الاتصال السمعي البصري مدعوة للتوقف عن الاستغلال غير القانوني للمصنفات المحمية بحقوق المؤلف    الهجمات الصهيونية ضد إيران: انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة    أزيد من 850 ألف مترشح يشرعون في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا ابتداء من يوم غد الأحد    المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : أي هجوم أو تهديد للمنشآت النووية يعد "انتهاكا للقانون الدولي"    جنوب افريقيا: المؤتمر الوطني الإفريقي يجدد دعمه الثابت للشعب الصحراوي ويفند مزاعم المغرب    مخيمات صيفية لفائدة 2000 طفل من أدرار وتمنراست بالمدن الساحلية    الجزائر ترأس لجنة تطبيق المعايير الدولية للعمل خلال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي    مونديال الأندية ينطلق اليوم    الرقمنة ساهمت في تحسين الخدمات الجامعية    تنمية المناطق الحدودية.. أولوية    وزير الاتصال يدعو للتجنّد واليقظة    إيران تحت القصف الصهيوني    سونلغاز في سوريا    اجتماع حول الهيكل التنظيمي الجديد والرقمنة    الكسكسي في مسابقة دولية    مؤشرات تبشر بمحصول وفير    5 جزائريين في مونديال أمريكا للأندية    حماد يهنئ مريجة على مواصلة مسيرته في الاتحاد الدولي للجيدو    الجزائر تنضم قريبا لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا    الجزائر تدعو إلى حماية السلم والأمن الدوليين    انتصار للفلسطينيين وتأكيد للعزلة السياسية والأخلاقية للكيان    الخضر والفواكه ضمن النظام الغذائي الكفيل بحماية الجسم    حذار من مشروبات الطاقة وعليكم بالماء و الزبيب    17 برج مراقبة و112 عون موسمي بمعسكر    تنصيب مجلس التنسيق الاستراتيجي الجزائري - السعودي قريبا    علاقات تجارية صلبة تجمع الجزائر وأوروبا    إنجاز مشاريع ب7 ملايير دولار في البتروكيمياء    رؤية طموحة لرقمنة القطاع    دعم الإعلام الوطني في تصديه لمحاولات نهب الموروث الثقافي    "أروقاس" تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    "العالم الجميل" بمسرح "مجوبي"    مولودية الجزائر على بعد خطوة من اللقب والكناري في الوصافة    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    بوغالي يؤكد التزام الدولة بحماية الطفولة من الاستغلال    منح وثائق التوطين البنكي ل230 مستورد للمعدات والتجهيزات    وزير الاتصال يدشّن المقر الجديد لإذاعة الجزائر من بشار وبني عباس: مفخرة إعلامية بمواصفات عصرية    مجلس الأمن: اجتماع طارئ هذا الجمعة لبحث عدوان الكيان على إيران    وزارة الصحة تُقيّم تحديات استئصال شلل الأطفال بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية    حج 2025م/ 1446 : عودة أول فوج من الحجاج إلى وهران    اختبار مفيد رغم الخسارة    الجزائر تجدد التزامها بحماية وتعزيز حقوق الطفل    المصادقة على مخطط العمل الوطني الخاص بموسم الاصطياف 2025    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذئب الذي لم يأكل أحدًا
نشر في النصر يوم 23 - 10 - 2012


أسماء مطر بن مشيرح
كَانَ فِي سَاحِلِ الوَقْتِ يُضيءُ بِقَمرٍ لاَ صَوْتَ لِشَكْلهِ..و كانَ في مِدَادِ الريحِ يَكْتُبُ بالحَدائِقِ عطَشَ البِحَارِ و فَوْضَى مِنْ رحِيقِ الأُغْنِياتِ المُلقَاةِ عَلى شُرُفاتِ الغِيابْ...وَ بعْضًا مِنْ قَوارِيرِ الرَمْلِ تُرسِلهَا الموَانِئُ للذِّي لاَ يَراهُ الحَجَلُ الطَائِرُ بلاَ صَخَبٍ الى مَمْلَكاتٍ لاَ تُؤَثثُهَا الجِهاتْ.
و كَانَ فيِ عَباءَةِ بَيْتِه القدِيمِ ..يَخْتبئُ مِنْ تُفَاحَةٍ لَمْ تعُدْ تَشِي بِخَطيئَتِه الحَديثةِ و بالمَرايَا التِي تَصَاعدَتْ فِي خَزفِ الصَباحِ و أَقْبلَتْ اليْهَا جَميلاَتُ المدِينةِ وَ ورُودٌ لمْ يَكْتَمِلْ فيهَا الرَمَادْ.
كَانَ يُدْركُ مَعْنَى أَنْ نَلُفَّ الكَوْنَ عَلَى خَصْرِ مِنْديلٍ شَحِيحِ البكَاءِ و مَعْنَى انْ يَكْنسَ البائِسُ خُطْوةَ المَقْهَى اليْهِ وَ يكْسِرَ فيِ ظِلالٍ ليْسَتْ شَبيهَةً بالبَياضِ خُرافَةَ لَيْلٍ يَطُولُ فيهِ انْحِدَارُ النُجُومِ و صُورةُ الدُبِّ الأَصْغَرِ التِي تُعلِّقُها القَاراتُ عَلى كَتِفِ الرحِيلِ و يَكْتُبُ بهَا الشُعَراء ُمَجْدَ طاولَةٍ لِنَرْدٍ أوْ لنُصوصٍ زيَّنَتْها الحروبُ بوجهِ صبٍّي فَقدَ في "دمشق" عاصفةَ الغِنَاءِ و مَضَى يبِيعُ حِذاءَهُ للعَابِرين.
...
يَعْبرُ فِي تُخُومٍ بَعيدَةٍ عَنْ تَمْتماتِ لاَ يَقُولُهَا الشُيوخُ فيِ هشَاشَةِ الطَقْسِ...و فيِ يَديْهِ قَلْبُ طِفْلةٍ صَعَدَتْ بها الرياحِينُ الَى التُرابِ لتَرْسُمَ بابًا و شارعًا مِنَ الحصَى و الرمْلِ و ألْفَ عيدٍ مُعلَّبٍ في خُطوطِ حبةِ بلَحٍ و كِسوةٍ بِلوْنٍ قرْمُزِيٍّ فاتحٍ إلاَّ قليلاً منَ النارِ و ضجيجِ بوَّابَاتٍ لَا يَفْتَحُها الجنُودُ إلاَّ لِمَنْ سلَكَ خُدوشَ الشَمْسِ و لمْ يعُدْ لِيَروِي عَنهَا تفَاصِيلَ الاضَاءةِ أَو تفاصيلَ الحَرِيقْ.
كَانَ للشَّجرِ فيِ عَينَيهِ بِئْرٌ تَسْقِي تاريخَ الخُطَى بعضَ البنفْسجِ و بعضَ القُرنفُلِ و كثِيرٌ منَ الماءِ المجفَّفِ علَى سَطحِ قِرمِيدٍ ظَليلٍ و سَبعَةُ عصافيرَ يقُولَ أوَّلُها لآخِرهَا هَذا الغُصْنُ ايقاعٌ لأغنيةٍ مبتورةٍ و عاهةٌ فقدَ بها البردُ صوتَ عبورهِ القاسِي عَلَى حَقلٍ لاَ يعودُ الى مَدَاه.
و خلْفَ ذاكِرةِ النايِ ثقْبٌ لمْ يزلْ فِي برَاءَتِهِ الخشَبيةِ و فِي طراوةِ أصْلهِ المقْطُوعِ قبلَ سِنينَ يقولُ بهِ المُطْربُونَ حَنَاجِرهُمْ في المسَاءاتِ التي يُهدِيهَا مَسْرحٌ لجُمهُورٍ من الأَسْئلةِ و لقافلةٍ تزْحَفُ الىَ الصحراءِ ببُطْءِ نوْرسٍ يتَمادَى فِي البياضِ حينَ يرْشُفُ قَطْرةَ المِلْح حزينًا.
.....
لِمَاذَا يُسْهِبُ في الرَحيلِ كُلَّمَا غَابتْ عَنهُ جَرائدُ الوقْتِ المُحمَّضِ فيِ أدْراجَ لا تُنْبئُ بالسرِّ المُقَفَّى و يسْلُكُ صَدأَ الأَوانِي المنزليةِ المركُونةِ لكَفِّ أمٍّ لمْ تنمْ فيها الطفولةُ و الغِناءْ...وَ ينْحتُ -كُلمَا انزاحَ عَنْ قدمَيهِ- ظِلَّ قَبيلةٍ منْ ياسَمينَ لامْرأةٍ يؤَجِّجُ يتْمهَا الغريبُ القادمُ منْ سِياجِ الحرْبِ هَاربًا مِنْ وطنٍ يَسْرقُ فيهِ المُتعَبونَ احْلامَ الطريقِ و يسْرقُ فيهِ قُطَّاعُ الطريقِ أَحْلامَ المسَاءِ المؤجَّلِ الىَ ظُلْمةٍ فَاخِرة...
.....
حِينَ تُدْركُهُ النبرَةُ الحزينَةُ فِي أفُقِ قريتِهِ العَربِيةِ يدَّخِرُ صَوْتهُ لمَوَاسِمِ الرَّمْلِ القَادِمِ،و يَخُطُّ وَجَعًا لعَيْنَيهِ فِي بِركِ الدَّمِ المُتأرِّخِ بارتِجَافْ.
....
لمْ تزَلْ....
فِي وقُوفهِ الرَمْليِّ نارٌ تلفَحُ السَّرابَ بأَسْرابِ الحَكايَا التي لاَ وَزْنَ لعُمْرهَا..و بِخَفْقةٍ فيِ خَيالِ الواحةِ تُعِيدُها للصَيفِ البليغِ وَ لسَاحةٍ عَطْشَى للّيمون الأخضر و البابونج المحلّي.
يَسيرُ/ يقِفُ/ يكْتبُ
يقُودُ الىَ العاصفةِ صُورًا منْ ألْبُومِ عينيهِ و يُهْدِي الشَجَرةَ نَبْعًا منَ الطُرقِ العَدِيدةِ للقَطْفِ الأنِيقْ...و كُلَّمَا سحَبَ البقَايَا -الى زيتٍ يعْصُرهُ مِن ركَامِ النبْضِ- أَجَّلتْهُ غُرْبَةُ وجْهٍ يَسبِقُه الَى بطاقةِ التعريفِ، يَنتَحِلُ خَواصَّ مُواطَنتِه الصالحةِ كأنَّهُ القَادِمُ مِنْ مِحْنةٍ مقْطوعَةِ الكَفَّينِ ..تسْألُ الناسَ: هلْ عِنْدكُمْ مَا يَكْفِي مِنْ خُبْزٍ لأطْفَال لاَ عيدَ لَهُمْ سِوَى رصَاصٍ مُسْتوْردٍ منْ خَلْفِ البحارِ (أوْ مِنْ داخِلِ برِكَةٍ مُعبَّأةٍ بالخِطابْ).
....
لا تَبْلغهُ صهْوةُ المسَافَةِ حينَ لاَ يتأخَّرُ عنْ مَواعِيدَ لا تطيرُ بأَجْنِحَةِ الهدْهُدِ الأخِيرِ و يدْفنُ فيِ مَواقيتِ كَتفيهِ لوْنَ غَمَامةٍ سارتْ بها الريحُ الى أرضٍ تعجُّ بالسِككِ الحَدِيدِيةِ...و يصْطَادُ فيهَا الناسُ الضَّوءَ و الماءَ و البِتْرولْ.
كَانَ الغرِيبَ فيِ أرْضِ الحربِ ...القادِم مِن زلَازِلِ الطعناتِ و مِنْ رسائِل أصْدقاءٍ رحَلُوا فِي خُيوطِ اللَّيلِ و دبَّرُوا مكِيدةَ الذِّئْبِ الذي لمْ يأْكُلْ أحدًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.