الدرك الوطني يحذر من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الانترنت    قسنطينة : نحو تعليق إضراب المحامين اليوم والعودة للعمل    بمشاركة 18 بطلا من مجموع 60 مشاركا : فريق "الهناء" ينظم الطبعة الثانية للسروبان بسدراتة في سوق أهراس    الأمين العام لحركة النهضة من برج بوعريريج: لا بديل عن الانتخابات الشفافة والنزيهة في اختبار من يقود البلاد    استفادت من عدة مشاريع مصغرة في قطاع الفلاحة : المرأة الريفية تساهم في تدعيم السوق المحلية بعنابة    "طامزة"بخنشلة : انطلاق أشغال التحسين الحضري ب "تجزئة 148 قطعة"    أم البواقي : افتتاح التصفيات الجهوية لمسرح الطفل بمشاركة 11 ولاية    اتفاقية توأمة بين المدرسة الوطنية للحماية المدنية ونظيرتها التونسية    اختتام الندوة الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي: دعوة إلى توحيد جهود المرافعة لحماية الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي    الرئاسيات المقبلة هي عنوان الشرعية الشعبية للمؤسسات وضمان للاستقرار المؤسساتي    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط يسجل إقبالا واسعا    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    افتتاح الطبعة العاشرة لملتقى إفريقيا للاستثمار والتجارة    المجلس الأعلى للشباب: اختتام المخيم الربيعي المتخصص بالدعوة إلى تعزيز دور النوادي الجامعية    اليوم العالمي لحرية الصحافة: تكريم صحفيين مبدعين في الدراما الاذاعية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    نفط: تراجع العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا لتبلغ 82.96 دولار    انطلاق عملية تحضير مواضيع امتحان شهادة البكالوريا دورة 2024    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة 6 لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    تجسيدا لقرار الرئيس تبون: وصول مجموعة أخرى من الأطفال الفلسطينيين الجرحى للعلاج بالجزائر    خلال إشرافه على مراسم إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة: لعقاب يدعو النقابات المهنية للصحافيين للعب دور إيجابي    عنابة: ربط ذراع الريش بنظام الكاميرات والحماية عبر الفيديو    تعيين برباري رئيسا للوفد الجزائري في أولمبياد باريس    الفاف تبنت مبادرة الصلح: رفع قرار حظر تنقل السنافر وأنصار مولودية الجزائر    موعد غينيا اتضح في انتظار مواجهة أوغندا: الكاف ضبطت رزنامة مواعيد شهر جوان    الجزائر تستقبل دفعة ثانية من الأطفال الفلسطينيين    قسنطينة : وفاة طفل غرقا في بركة مائية ببني حميدان    إعلام قوي للذّود عن مصلحة الوطن    تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    حان الوقت لرفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني    رحيل سفيرة موسيقى الديوان حسنة البشارية    تجسيد مشروع ملموس للتنقيب وتحويل خامات الليثيوم    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    وضع شاطئ "الكثبان" على طول 7 كلم تحت تصرف المصطافين    اقتناء 4 شاحنات ضاغطة لجمع النفايات    مصالح الدولة في مهمة بلوغ "صفر حرائق" هذا الصيف    أكثر لاعب أنانيٍّ رأيته في حياتي!    حيماد عبدلي مطلوب في نادي نيس الفرنسي    "الفاف" تطلق مبادرة "صلح كروية" وتتوعد الحكام    صحفيو غزة.. مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين في سبيل القضية    توقيع 3 اتفاقيات بالصالون الدولي "لوجيستيكال"    سكيكدة ولاية نموذجية في برنامج تعاون دوليّ    إطلاق مسابقة أحسن صورة فوتوغرافية    دعوة لصيانة الذاكرة من التزييف والتشويه    الموافقة على اعتماد سفيرتي الجزائر بسلوفينيا وإثيوبيا    دبلوماسيون ومتعاملون أجانب: رغبة في تطوير المبادلات    بن طالب ينافس أوباميانغ على جائزة أفضل لاعب أفريقي في فرنسا    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصر تتوغل في أعماق حاسي مسعود عاصمة النفط و المال
نشر في النصر يوم 22 - 12 - 2012

مدينة تنتظر الرحيل.. أحياء غارقة في الفقر و حركة إعمار مجمدة منذ 8 سنوات
حاسي مسعود مدينة المتناقضات النائمة بين الكثبان الرملية و آبار النفط التي تمد الجزائريين بالخيرات و تختزل أحلامهم و مآسيهم ، حاسي مسعود اسم يعرفه كل الجزائريين من الشرق إلى الغرب و من الشمال إلى صحاري الجنوب موطن الثروة المقبلة على الزوال ، يسميها أهلها مدينة الحاسي و المآسي هنا حيث يتعايش البشر مع الفقر المدقع و الغنى الفاحش و ينتظرون يوم القيامة يوم تشتعل الأرض و يمتد لهيب الآبار و المحطات العملاقة على شعاع 50 كيلومتر و يحرق مدينة الأحلام و يحولها إلى رماد . يقول أهل حاسي مسعود بأنهم أصبحوا يعيشون في رعب دائم و ينتظرون يوم الرحيل الذي طال أمده، رحيل إلى مدينة أحلام جديدة على بعد 80 كلم من محطات الطاقة الخطيرة التي لم تعد تقبل التعايش السلمي مع السلالات البشرية التي عمرت الصحراء الموحشة منذ قرون.
مبعوث النصر: فريد غربية
يقولون بأنه لو حدث انفجار بإحدى المحطات العملاقة المتواجدة هنا فإن حاسي مسعود ستمحى من الوجود و رغم ذلك مازال أهلها مصرون على البقاء فيها و الاستمتاع بفقرها و غناها مازالوا يبنون أكواخ الزنك و الخشب بحي "الهايشة" أفقر أحياء حاسي مسعود و الفيلات الجميلة بالحي الراقي الذي عمره عمال آبار النفط و الشركات الأجنبية التي حطت الرحال بأغنى بلدية في الجزائر و ربما بالوطن العربي كما يقول أهل الحاسي التي جمعت كل ولايات الوطن فوق رقعة جغرافية بدأت صغيرة ثم كبرت و توسعت بسرعة رهيبة حتى أصبحت مبانيها ملتصقة بمراكز الطاقة الحيوية التي كادت أن تغرق في فوضى العمران قبل صدور قرار تجميد البناء سنة 2004 و إطلاق مشروع مدينة حاسي مسعود الجديدة التي يقال بأنها ستكون مضاهية لأسطورة دبي على سواحل خليج فارس.
النصر توغلت في عمق مدينة الحلم و المتناقضات و نقلت صورا حية من أحياء الصفيح و سوق العمالة القادمة من الشمال و معطيات مثيرة من داخل مبنى أغنى بلدية بالجمهورية الجزائرية ، بلدية الحاسي التي يديرها أمين عام من أبنائها منذ 3 سنوات لقد غادرها منتخبوها الواحد بعد الآخر بعد أن عجزوا عن التحكم في تسيير الكتل النقدية الضخمة التي تدرها آبار النفط و الشركات العملاقة حتى أن خزائن المدينة ضاقت بها و لم تعد هي الأخرى قادرة على تحمل المزيد من الكتل الرهيبة بعد تجميد حركة الإعمار.
دخلنا حي "الهايشة" أفقر الأحياء بأغنى بلدية أزقة معبدة بالرمال الذهبية و منازل من الخشب و الصفيح تزاحم بناءات فوضوية نمت هنا و هناك. يسمونه هكذا نسبة إلى قبائل عمرت المنطقة منذ زمن بعيد و عاشت هناك على تربية المواشي المهنة التي ظلت متوارثة بالمنطقة قبل اكتشاف البترول و دخول المنطقة عصر الصناعة الذي قلب حياة السكان رأسا على عقب. أكواخ من غرفة واحدة تضم بين جدرانها بشرا يتزاحمون كل ليلة على مكان للنوم و مراحيض تؤدي وظيفة المطابخ كل ما دعت الضرورة لذلك. تجمع السكان حولنا معتقدين بأننا من لجان الإسكان التي تعودت على زيارة الحي من سنة لأخرى لطمأنة أهله بقرب ترحيلهم إلى سكنات جديدة تجمعوا حولنا و تكاثر عددهم بعد انتشار خبر تواجدنا هناك و عرفوا أخيرا بأننا لسنا من لجان الإسكان قلنا لهم نحن صحافيون من جريدة النصر في مهمة إعلامية بالمنطقة فكان رد فعلهم قويا إلى درجة أن توقعنا الأسوأ حيث قيل لنا بان الحي يصبح و يمسي على عجائب الليل و النهار لكن وجدنا أناسا آخرين كرماء مسالمين كل ما يردونه مسكن يحفظ كرامتهم و رصيفا معبدا و ماء غير مالح يرتوون منه عندما يشتد لهيب الصحراء. كل سكان "الهايشة" من ذوي البشرة البيضاء و عرفنا في ما بعد بأنهم من ولايات الشمال من الشرق و الغرب و الوسط حلوا بالمنطقة منتصف التسعينات بحثا عن العمل بعد أن أطبق الإرهاب على الشمال و تعطل الاقتصاد و التنمية و انقطعت مصادر العيش. استقروا هنا منذ ذلك الحين و كونوا مجتمعا جديدا تحول فيما بعد إلى بؤرة للفقر و الفوضى و الاحتجاجات المطالبة بالعمل و السكن."نحن فقراء في أغنى بلدية قتلتنا الحقرة و المعريفة لم نتمكن من دخول شركات البترول بعضنا يحترف ما يشبه التسول لدى المقاولات القادمة من الشمال لضمان قوت يومه هذا هو حالنا بحاسي مسعود" يقول صالحي موسى 53 سنة أب لثمانية أبناء. و قد طلب منا السكان دخول ما سموه بمساكن العار و اختاروا منزل السيدة فتيحة قصير البالغة من العمر 52 سنة أفقر و أتعس امرأة بالحي تعيل أسرة من 3 أفراد ابن لم يقو على البقاء هنا فغادر إلى وجهة مجهولة للبحث عن العمل و بنت نجيبة ممتازة في مسارها الدراسي قررت التوقف و المكوث داخل الكوخ المتداعي. تقول فتيحة بأنها قدمت من الغرب الجزائري و تخلى عنها زوجها هنا و بقيت وحيدة بحي الهايشة تعتمد على صدقات المحسنين مضيفة بان عائلتها أصيبت بمرض التراكوما بسبب دورة المياه المتواجدة داخل المطبخ و هو مرض يصيب العينين و ينتشر بكثرة وسط الأحياء الفقيرة بحاسي مسعود على حد قول السكان.
تقول فتيحة قصير بأنها تقدمت بطلب للحصول على سكن اجتماعي سنة 96 و بقيت منذ ذلك الحين تؤجر كوخا قصديريا كما هو حال أغلب سكان حي الهايشة القادمون من الشمال يؤجرون أكواخ الصفيح التي غادرها سكانها إلى الأحياء الراقية بعد أن تحسنت أحوالهم المادية و كانوا من المحظوظين الذين دخلوا شركات النفط التي تدر أجورا مغرية قد لا يحصل عليها إطارات الوظيف بولايات الشمال. تركوا الأكواخ و أجروها للقادمين الجدد بمبالغ تتراوح بين 12 ألف و 20 ألف دينار شهريا مما أدى على إرهاق السكان المهاجرين الذي أصبحوا من أهالي الحاسي تماما كفتيحة قصير التي تعشق الانتخابات تهنئ الفائزين و تزغرد بمحافل الفوز أملا في الحصول على سكن لكن الفائز لا يعود على حي الهايشة بعد ذلك.
يعمل اغلب سكان الحي عند مقولات خاصة تتعامل بنظام المناولة مع الشركات البترولية الكبرى و تتعاقد معها على أساس 12 مليون سنتيم للعامل الواحد لكنها في الواقع لا تدفع إلا 3 ملايين سنتيم لكل عامل في نهاية كل شهر كما يقول عاريف سليم البالغ من العمر 40 سنة ضحية إرهاب و أب ل5 أبناء تحدث كثيرا عن أزمة السكن و أسعار الإيجار و ما سماه "بالمعريفة" التي تتحكم في سوق العمل بالشركات البترولية. و حسب السكان فإنهم يشترون الماء المحلى من صهاريج متنقلة تجوب الحي كل يوم و أضافوا بأنهم يعانون أيضا من انتشار الفئران و الثعابين التي تسكن جذوع النخيل و أكوام القصب التي تغطي الأكواخ لتحميها من لهيب الصيف الذي لا يطاق. أحياء كثيرة تشبه حي الهايشة بحاسي مسعود منها الحي المعروف برقم 36 و حي الشيخ بوعمامة موطن الحرفيين القادمين من الشمال أحياء تشبه الغيتوهات تحولت مع مرور الزمن إلى قواعد خلفية للهاربين من جحيم البطالة الذي مس ولايات الشمال منتصف التسعينات فقر و سكان يعانون و ينتظرون الترحيل المؤجل بسبب قرار وقف البناء بالمدينة المعرضة للأخطار الصناعية الكبرى.
في مقر أغنى بلدية بالجزائر
غادرنا أحياء الفقر المطلة على آبار النفط و توجهنا إلى مقر بلدية حاسي مسعود استقبلنا أمينها العام السيد عبد القادر تنعمري الذي يدير شؤون البلدية منذ 2009 بعد مغادرة جميع المنتخبين و في مقدمتهم رئيس البلدية لأسباب يعتقد بانها على علاقة بالتسيير حسب ما فهمنا. تحدث إلينا مسير البلدية بتحفظ كبير و قال بان أي تصريح للصحافة يحتاج إلى موافقة رئيس الدائرة و طلب منا ترك الأسئلة على مكتبه و وعدنا بالرد عليها دون أن يحدد موعدا لذالك و من خلال النقاش الذي دار حول الأسئلة المروحة كشف الأمين العام عن بعض المعطيات المتعلقة بأغنى بلدية و قال بان ميزانية بلديته تكفي لشق الطرقات المزدوجة و بناء السكنات و المرافق الخدماتية و تسيير شؤون المدينة دون الحاجة إلى البرامج القطاعية السنوية طلبنا منه رقم الميزانية لكنه تحفظ و فهمنا بعد ذالك بان الميزانية السنوية لبلدية حاسي مسعود تفوق ميزانيات عدة ولايات مجتمعة و تقترب من ربع مليار دولار سنويا إلا أن هذه الأموال بقيت مكدسة بسبب قرار 2004 الذي أوقف كل المشاريع بحاسي مسعود و في مقدمتها مشاريع السكن و لو لا هذا القرار لما كانت الأحياء الفقيرة موجودة اليوم لكنها الضرورة التي فرضتها الظروف المحيطة بالمدينة و التي تتطلب إزالة حاسي مسعود الحالية و نقلها على بعد 80 كلم لتفادي كارثة صناعية قد تقع في أية لحظة. و حسب الأمين العام لبلدية حاسي مسعود فإن قرار التجميد قد تم رفعه جزئيا لحل بعض مشاكل المدينة حيث تم إطلاق نحو 20 مشروعا كبيرا من بينها مشروع بناء 4000 وحدة سكنية جديدة ستكون نواة حاسي مسعود الجديدة التي يشرف عليها الكوريون من الناحية التقنية و الهندسية. و ذكر بأن الشطر الأول من المشروع الحلم يقدر ب5 ملايير دولار. و سيكون سكان الأحياء الفقيرة في مقدمة المرحلين على المدينة الجدية التي تمثل مستقبل العمران المتطور بالصحراء الجزائرية.
فيلات و فنادق راقية تنجز بدون رخصة تنتظر الهدم يوم الرحيل
بالرغم من صدور قرار تجميد البناء بحاسي مسعود قبل 8 سنوات إلا ان أصحاب المال و الثروة الطائلة مازالوا يواصلون تشييد الفيلات الفخمة و الفنادق الراقية وسط حاسي مسعود و كأنهم يسابقون الزمن لتبديد اكبر قدر من الثروة المكدسة التي لم يجدوا مكانا آخر يتسع لها . يبنون بدون رخصة كما قال الأمين العام للبلدية و يعلمون بان ما ينجزونه اليوم سيهدم غدا عندما يحين موعد ترحيل المدينة الكبيرة يصفهم البعض بالمجانين و يقول آخرون بان لعنة الثروة الطائلة قد ذهبت بعقولهم و لم يعودوا يحسنون التدبير فقرروا بناء هياكل خرسانية بالملايير و الاستمتاع بها إلى حين و لا يهم بعد ذالك أن تبقى مهجورة أو تسويها الجرافات العملاقة بالأرض. يقول أهل حاسي مسعود بان كل شيء سيهدم و لن تبق هنا سوى محطات الطاقة العملاقة ربما قد يحدث هذا خلال سنوات قليلة أو ربما سيطول و تتعمق معاناة أحياء الشيخ بعمامة و الهايشة و الرقم الذي يبقى سرا من أسرار المدينة الغارقة في الفقر و المتخمة بالغنى، حاسي مسعود رئة الجزائريين و حلمهم المهدد بالزوال.
ورقلة مقبلة على مشاريع كبرى في كل القطاعات
مدن جديدة ...مناطق صناعية و استثمارات منتظرة
تستعد ورقلة الولاية الصحراوية الواسعة لاستقبال مشاريع استثمارية في إطار المخطط الخماسي لدعم النمو الاقتصادي 2010/ 2014 و تأتي المشاريع الغير مسبوقة ضمن الجهد الوطني الرامي إلى تنمية مناطق الجنوب و إخراجها من دائرة التخلف التي عانت منها سنوات طويلة.
يقول مدير الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار السيد كافي بلقاسم بان المشاريع الكبرى ستتركز أساسا على قطاعات الإسكان و الطرقات و النقل و الصناعة و المياه و الزراعة مضيفا في لقاء مع بعثة النصر إلى ورقلة بأن البرنامج الكبير سيغير وجه المنطقة و يحدث بها حركية اقتصادية ستحدث دون شك تغيرا شاملا بالمنطقة و تستقطب مزيدا من سكان الشمال الذين بدؤوا يهاجرون إلى الجنوب الكبير و يستقرون فيه. و حسب السيد كافي بلقاسم فإن قطاع الطرقات سيكون في مقدمة المشاريع الكبرى بما في ذالك خط السكة الحديدية تقرت ورقلة حاسي مسعود الممتد على مسافة تفوق 150 كلم. و سيصبح لدى سكان مدينة ورقلة التي تضم عدة بلديات متلاصقة شبكة ترامواي تغطي حوض ورقلة و تحدث انقلابا كبيرا في حركة تنقل المواطنين بين مختلف الأحياء و البلديات المرتبطة ببعضها البعض عين البيضاء الرويسات ورقلة و سيدي خويلد. و تعمل سلطات ورقلة على حاليا على بعث منطقة صناعية كبرى تتربع على مساحة 500 هكتار ببلدية حاسي بن عبد الله التي تبعد 20 كلم عن مدينة ورقلة كما سيتم أيضا إعادة تأهيل مناطق النشاط القديمة و مواصلة استغلال الثروات المنجمية الضخمة و في مقدمتها مصانع الآجر التي وصل عددها حتى الآن إلى 15 مصنعا تصدر منتوجها إلى ولايات الجنوب و الشمال.
وحسب مدير وكالة تنمية الاستثمار فإن منطقة ورقلة تتوفر على احتياطات هائلة من مناجم الآجر تكفي احتياجات عدة ولايات على مدى سنوات طويلة. و قد دخلت العديد من المصانع مرحلة الاستغلال على امتداد الطريق الوطني رقم 3 العابر للصحراء و يجري إنجاز مصانع أخرى من قبل مستثمرين جزائريين قدمت لهم جميع التسهيلات لإنجاز مشاريعهم حيث يستفيدون من مزايا و تحفيزات ضريبية هامة في إطار الإجراءات المتخذة لترقية فرص الاستثمار بالجنوب الكبير.
وتعمل الوكالة أيضا على تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بالمنطقة حتى تتمكن من الصمود في وجه المنافسة المفروضة من قبل الشركات القادمة من الشمال. و يحظى قطاع الزراعة أيضا بأهمية كبيرة ضمن المشاريع الكبرى بورقلة حيث تقدر الاحتياطات العقارية القابلة للاستغلال بأكثر من 360 ألف هكتار تنتظر قدوم المستثمرين الشباب و كبار المزارعين للعمل فيها و خلق الثروة الغذائية و إحداث مناصب عمل بالمنطقة التي تنام على احتياطات مائية كبيرة تكفي لسقي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
سيدي خويلد و الحاسي الجديدة مستقبل ورقلة الكبرى
التقينا بمدير السكن و التجهيزات العمومية بورقلة السيد بوخالفة معمر الذي تحدث بإسهاب عن برنامج الإعمار و الأقطاب السكنية الجديدة مستقبل العمران الحديث بورقلة الكبرى و مشاريع الهياكل التعليمية و القطب الجامعي الكبير.
و حسب مدير السكن و التجهيزات العمومية بورقلة فإن المدينة الجديدة التي ستبنى على بعد 80 كلم من حاسي مسعود الحالية مضيفا بان المدينة الجديدة ستكون منطلقا لنهضة عمرانية حديثة بالجنوب الكبير و ستكون البداية ب4آلاف وحدة سكنية بعد انتهاء الدراسات التقنية التي يشرف عليها الكوريون مشيرا إلى أن عملية البناء بحاسي مسعود قد توقفت منذ 2004 بعد تصنيف المدينة ضمن دائرة الخطر الصناعي الكبير مما أدى إلى توقف جميع المشاريع و تفاقم أزمة السكن بالمدينة. و قد تم مؤخرا رفع التجميد جزئيا لحل المشاكل المستعجلة بحاسي مسعود كالطرقات و الشبكات المختلفة و غيرها من المشاريع ذات الأولوية. و قد استفادت ولاية ورقلة التي تضم 21 بلدية بتعداد سكاني يفوق ال600 ألف نسمة من برنامج يفوق 23 وحدة سكنية جديدة منها الريفي و الاجتماعي و الترقوي المدعم و البيع بالإيجار و ستكون بلدية سيدي خويلد الأكثر استقطابا للمشروع السكني الجديد. سيدي خويلد ستكون مستقبل ورقلة الكبرى التي بدأت تتوسع في كل الاتجاهات لاستيعاب النمو الديموغرافي المتوقع بفعل الهجرة من الشمال على الجنوب.أكثر من 10 آلاف مقعد بيداغوجي و إقامات جامعية 9 ثانويات و 9 متوسطات جديدة قاعات رياضية و هياكل أخرى ستنجز بورقلة خلال السنوات القليلة القادمة.
عمران يجمع بين الحداثة و الطابع المحلي
بدأت ورقلة تتوجه بخطى ثابتة نحو طابع معماري جديد يجمع بين الحداثة و الهندسة الصحراوية المميزة ، هندسة فرضتها الجغرافيا الصحراوية القاسية التي جعلت أهل ورقلة يحتمون داخل البنايات الصفراء الملتصقة بالأرض نوافذ و شرفات صغيرة و مواد بناء مقاومة للحرارة و الرياح الصحراوية المحلة بالرمال. المعمار القديم بدأ يتراجع و يترك مكانه للهندسة الحديثة هندسة الأبراج و الالمينيوم و العمارات السكنية المفتوحة على الطبيعة. و يعد حي النصر الجديد قرب ورقلة نموذجا للتحول الجديد نظام طوابق شوارع واسعة و تحف معمارية حديثة تجعلك داخل مدينة من الشمال.
و بالرغم من التوجه الهندسي الجديد فإن المشرفين على شؤون الإعمار بورقلة يعملون على المزج بين الحداثة و الطابع المحلي الذي يتميز باللون الأصفر و القباب المسننة التي تشبه صوامع دور العبادة المنتشرة في كل مكان، حتى الأصفر بدأ في التراجع و نظام الطوابق بدأ يعلو في سماء المدينة العتيقة بين القصور القديمة و البنايات الصغير المحتجبة وراء أشجار النخيل.
تطور كبير و ورقلة جديدة في الأفق و إرادة قوية لبناء عاصمة الجنوب عاصمة النفط و الزراعة إنه الحلم الجزائري الذي سيولد بعيدا عن البحر و الشمال الذي ضاق بأهله و دفع بهم إلى الجنوب الكبير. مبعوث النصر: فريد غربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.