كشف تقرير دولي نشره المركز الوطني الأمريكي للتخفيف من آثار الجفاف في إطار اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، أن المغرب على أعتاب "ندرة مائية حادة" بحلول 2050, ساهمت في خلقها السياسة الحكومية المبنية على زراعة كمالية موجهة للتصدير في الوقت الذي تعرف فيه البلاد فترة جفاف. وحذر التقرير الدولي من الوضع الحرج الذي يعاني منه المغرب، بسبب الجفاف،متوقعا نقصا حادا في المياه بحلول عام 2050 إذا استمرت السياسات والاتجاهات الحالية، مع انخفاض معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية. ولفت التقرير إلى أن القطاع الفلاحي تحمل العبء الأكبر من عواقب هذا الجفاف المتزايد، مما يهدد الأمن الغذائي والاقتصادي. كما سجل أن بداية عام 2024 كانت كارثية بشكل خاص فيما يتعلق بالموارد المائية، حيث بلغ متوسط ملء السدود 25% فقط. جدير بالذكر أن تحقيقا صحفيا لموقع إخباري مغربي قد أكد أن الندرة المتزايدة للمياه في المملكة سببها سوء تدبير المخزن، الذي يضحي بالأمن المائي للبلاد بالإمعان في زراعات كمالية موجهة للتصدير للخارج، يستثمر فيها الصهاينة بشكل كبير بعد استيلائهم على مساحات زراعية واسعة، مبرزا تواطؤ الإعلام الذي يتغاضى عن الطابع السياسي للأزمة. وتساءلت البرلمانية المغربية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني, عن سبب الاستمرار في استنزاف مياه المغاربة عبر منتجات فلاحية يتم تصديرها إلى دول أخرى، حيث تم تصدير 1,18 مليار لتر من الماء إلى كندا وحدها عبر فاكهة الأفوكادو, خلال الموسم المنقضي. ونبهت المتحدثة، في سؤال لحكومة المخزن، إلى أن استمرار تصدير المياه بشكل غير مباشر عبر هذه الزراعات، نحو دول لا تعاني من أي خصاص مائي، يطرح أسئلة ملحة حول نجاعة السياسات الفلاحية وأولويات الأمن المائي الوطني، في ظل ما تعيشه البلاد من اختلالات مائية وهيكلية واضحة. وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة وغياب حلول ناجعة من قبل نظام المخزن، أفادت تقارير إعلامية محلية بأن مناطق عدة في إقليمي تاونات وشفشاون (شمال) تعيش على وقع أزمة عطش حادة، الأمر الذي دفع بسكانها إلى الخروج عن صمتهم وإطلاق نداءات استغاثة، مع العلم أن هذه الأقاليم معروفة بزراعة القنب الهندي. وانتشر على نطاق واسع، فيديو لسكان جماعة تاونات على مواقع التواصل الاجتماعي يشتكون فيه تواصل الأزمة واستمرار شبح العطش الحاد رغم الوعود الكثيرة، لافتين إلى وجود مناطق لم تتوصل بالماء منذ أسابيع، في ظل صيف حار وشروط حياة قاسية. وتوقف المحلل السياسي عبدالله الجوط عند تناقض صارخ يعاني منه إقليم شفشاون، الذي "يعيش أكبر مفارقة، فهو يعرف أكثر نسبة تساقط للأمطار في المغرب لكنه يعيش مؤخرا جفافا شبيها بالمناطق الصحراوية", موضحا أن "المشكل ليس في الموارد المائية بل في تدبيرها.. فالمشكل إذا سياسي سبق أن نبهنا إليه". و أكد الجوط أن "أقاليم الكيف تعرف أكبر عملية سطو على المياه من طرف النافذين, وتم التطبيع مع المشكل". وسبق أن أعلن سكان ازنتو بآيت اورير (جنوب), قبل أيام, عن تنظيم مسيرة نضالية تحت شعار "مسيرة العطش", مؤكدين في بيان لهم أن هذه المسيرة "تأتي كصرخة مدوية ضد سياسة الإهمال والتهميش التي تكرس معاناة السكان وتتنكر لحقوقهم الأساسية". ومن هذا المنطلق، شدد سكان آيت أورير على أن الحق في الماء "مطلب لا نقاش فيه ولا مساومة عليه (...) هو حق إنساني دستوري، ولا يجوز أن يكون أداة للابتزاز أو التهميش". وحول ذلك، أبرز الحقوقي والرئيس السابق لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بآيت أورير، نورالدين العروسي، أن المشكل الذي تعاني منه مدينة آيت أورير "ليس جديدا بل هو مشكل يتكرر منذ سنوات", موضحا أن "هناك شبهات فساد تحيط بصفقات مشاريع الماء الشروب، خصوصا ما يتعلق بالقنوات المستعملة وجودتها". وعاد العروسي بالذاكرة إلى الانفجارات التي شهدتها قنوات توزيع الماء في المنطقة سابقا، مع العلم أن "بعضها كان خطيرا للغاية وكاد أن يتسبب في مآس بشرية" في ظلغياب الصيانة والمراقبة اللازمة. وأصر الناشط الحقوقي المغربي على أن هذه المشاكل "ليست مرتبطة فقط بالجفاف، بل هناك مسؤوليات واضحة في ما يخص تدبير الصفقات، ومراقبة جودة الشبكة وصيانة القنوات", مشددا على أن "غياب المحاسبة والتتبع سيؤدي إلى تكرار نفس الكارثة في كل مرة".