انضمام الجزائر كعضو ملاحظ إلى الآيبا: برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي يهنئ المجلس الشعبي الوطني    تظاهرة "الفن من أجل السلام"..أهمية استخدام الفن كوسيلة لترقية ثقافة السلم والتسامح    بورصة الجزائر: سحب صفة ماسك حسابات وحافظ سندات مؤهل من بنك "بي إن بي باريبا الجزائر"    الدبلوماسية الصحراوية تحقق انتصارات حقيقية على الساحة الدولية    بريطانيا و كندا وأستراليا تعترف رسميا بدولة فلسطين    أفغانستان : طالبان ترد على ترامب بشأن إعادة قاعدة باغرام لأمريكا    بشأن خرق طائرات روسية أجواء إستونيا..جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين    المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة : محطات طربية ماتعة في السهرة الافتتاحية    عرض شرفي أول بقاعة سينماتيك الجزائر "عشاق الجزائر" .. قصة إنسانية بخلفية تاريخية    ضمن منتدى الكتاب..الكاتبة حمزة حياة تعرض إصدارها "قطوف نثرات نبراس"    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    الدخول الجامعي 2026/2025: قرابة مليوني طالب يلتحقون غدا الاثنين بالمؤسسات الجامعية    مغني يستعيد ذكريات اختياره الجزائر    من يستحق الفوز بالكرة الذهبية؟    الهلال الأحمر يوزّع 200 ألف محفظة مدرسية    الأسرة والمدرسة شريكان    عطّاف يوقع على اتّفاق دولي بنيويورك    بريد الجزائر يعتمد مواقيت عمل جديدة    70 عاماً على معركة جبل الجرف الكبرى    مُقرّرون أمميون يراسلون المغرب    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    تجارة خارجية: رزيق يترأس اجتماعا تقييميا لمراجعة إجراءات تنظيم القطاع    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من المشاركة في معرض السياحة الدولي بفعل تواصل جرائمه في قطاع غزة    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    أمطار ورعود مرتقبة عبر عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الأحد    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية 2025-2026 لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    الدخول المدرسي 2025-2026: وزير التربية الوطنية يعطي إشارة الانطلاق الرسمي من ولاية الجزائر    لقاء مع صناع المحتوى    ستيلانتيس الجزائر توقع اتّفاقية    انطلاق دروس التكوين المتواصل    بن زيمة يفضح نفسه    قافلة تضامنية مدرسية    هكذا تتم مرافقة المكتتبين في "عدل 3"    جمال سجاتي يفتك الميدالية الفضية    طغمة مالي.. سلوك عدائي ونكران للجميل    الفن أداة للمقاومة ضد التطرّف والانقسام والإرهاب    94%من الضحايا مدنيون عزل    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    جهود للدفع بعجلة التنمية بسكيكدة    التحضير للبطولة الإفريقية من أولويات "الخضر"    توات تعرض زخمها الثقافي بمدينة سيرتا    فارق الأهداف يحرم الجزائريات من نصف النهائي    هذه إجراءات السفر عبر القطار الدولي الجزائر-تونس    الجزائر تستعرض استراتيجيتها لتطوير الطاقة المتجدّدة بأوساكا    إجلاء جوي لمريض من الوادي إلى مستشفى زرالدة    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    الوفاء لرجال صنعوا مجد الثورة    فيلم نية يتألق    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رابح خدوسي، زيتونة جزائرية مضيئة
نشر في الجزائر نيوز يوم 13 - 10 - 2010

في تسعينيات القرن الماضي عرفت الأديب رابح خدوسي في إطار فعاليات إتحاد الكتاب الجزائريين، كنت قد قرأت بعض أعماله الأدبية المخصصة للأطفال، حيث كنت مهتما بأدب الطفل الجزائري، بسبب القلق الذي أحدثته عندي دراسة أجرتها جامعة أمريكية عن أطفال العالم الثالث، ومن بينهم بالطبع أطفال الجزائر، ولم تكن تلك الدراسة تتوقع مستقبلا طيبا لهم، مستندة للمنامات التي يرونها وتحليلها النفسي لتلك المنامات حيث كانت منامات مرعبة،
فوجدتني أقرأ كل ما تقع عليه يدي من كتب الأطفال في الجزائر.· وفي التسعينيات عاش المجتمع الجزائري كله داخل مربع الرعب الذي توقعته تلك الدراسة التي لا أظن أن سياسيا جزائريا واحدا قد قرأها·· فقد كان بعض السياسيين الجزائريين في تلك المرحلة يثيرون الرعب لا بسلوكهم فحسب، بل حتى في تصريحاتهم الكفيلة بتشييب الأطفال.
وكان الجميع بعيدون عن الحل بل كل يصعد المأساة بطريقته، وكان راية أن هذا الوطن لايصلح حاله إلا إذا اهتممنا بالطفل اهتماما جادا·· فأنا أعلم أن لجنة كونتها الولايات المتحدة حين سبقها الإتحاد السوفيتي في الصعود إلى الفضاء، لتكشف لماذا تأخرت أمريكا وما هو العلاج اللازم؟ فكان من رأي تلك اللجنة أن على أمريكا الاهتمام برياض الأطفال·· ولم يمر عقدان من الزمان حتى صعدت أمريكا إلى القمر وليس على الفضاء فقط، وبدأ الإتحاد السوفيتي رحلة الهبوط·· وفي الجزائر، كما في كل الأمة العربية، ليس لأدباء الأطفال مكان في زحمة تسلط كتاب التملق السياسي على المشهد الثقافي، وفي أول فرصة شاركت فيها بانتخابات اتحاد الكتاب وجدت الأديب رابح خدوسي قد رشح نفسه فانتخبته ولا أظن أن صوتي قد نفعه في تلك المرحلة، وظللت أتابع كتاباته هنا وهناك ومنها ما يكتبه في مجلة تربوية عن التعليم·· وعرفت أن الرجل ليس نشطا في إطار اتحاد الكتاب والكتابة للأطفال فحسب، بل هونشط في الميدان التربوي وفي مجالات النشاط الثقافي الأخرى، فهو محاضر جيد في كثير من الملتقيات الثقافية عبر الوطن الجزائري·· تابعت قدر المستطاع كتاباته الأخرى خاصة القصة منها وأدب الرحلات·· وكان اتحاد الكتاب قد تحول إلى خربة في مبناه وفي معناه، وهجره الكتاب·· وكدت أن أقترح عليه في تلك الفترة أن يسعى لتأسيس رابطة لكتاب الطفل الجزائري· فهذا الطفل هو الشمعة الباقية لهذا الوطن ويجب ألا تطفئها رياح الرعب التي تهب في كل مكان·· ولكني أحجمت، فالهيئات والمنظمات الثقافية في وطننا العربي هي شِلَل ولوبيات أكثر منها ثقافة وفكر· وأنا لم أكن في يوم من الأيام ضمن شِلة لا في المشرق ولا في المغرب، ف ''شوري من راسي'' كما يقول العوام، ولم أدخل في جيب أحد، أو على رأي الصديق الدكتور الأديب أمين الزاوي في تصريح له ''؟؟؟ إن سهيل الخالدي لا يتجمعن؟؟؟؟·· لذلك لم أقترح عليه·· بل لعله لم يعرف نظرتي إلى أدبه''.
وفجأة، حين طوحت بي الدنيا وسكنت في سكن بائس جدا في درارية وجدت رابح خدوسي يملأ علي المكان رفقة صديقه الشاعر عبروس·· كانت مفاجأة غير مسبوقة تحتاج إلى حل لغزها، إذ كيف عرف هذا الرجل مكاني؟·
في تلك الزيارة التي كانت مطلع عام 2004 أبلغني أن جمعية الشروق في باتنة قررت تكريمي ومنحي جائزتها الأولى في حفل يقام في شهر فبراير من ذلك العام·· ولكم أن تتصوروا كم ارتفعت معنوياتي ووسعت من تلك الزاوية المتفائلة التي أنظر منها إلى الناس·· وبالفعل ذهبنا سويا إلى باتنة التي لم أكن قد زرتها إلا عابرا·· وأعلن فوزي فعلا وأحيط بالدعاية اللازمة في الصحف الجزائرية وغيرها، ولكني لم أقبض شيئا، فرئيس تلك الجمعية وهو شاعر شاب يقول أن الولاية لم تسلمه النقود والمسؤول الثقافي في الولاية يقول بل سلمناه·· ومنذ ذلك اليوم وحتى اللحظة إكتفيت بجائزة هي الأكبر من كل الجوائز المادية، فقد كانت جائزتي الحقيقية رابح خدوسي نفسه فلم ينقطع الرجل عن زيارتي والاستفسار عن شأني·· بل إنه نشر لي في دار النشر التي يملكها ''دار الحضارة'' بعض كتبي وذكرني عند ذوات ثقافيه جزائرية سررت بعد ذلك باللقاء بها.
في تلكم الأيام كانت لرابح خدوسي ملاحظات قوية على اتحاد الكتاب الذي كان يرأسه الشاعر عزالدين ميهوبي، وجرت بينهما سجالات لم أكن طرفا فيها بحكم أني لا أقترب من الهيئات القيادية في أي تجمع ثقافي للأسباب التي ذكرت·· لكن تلك السجالات وصلت إلى الصحف فورد إسمي بينهما مما اضطرني لنشر توضيح..
وطلب مني الأخ الإدريسي معد حصة ''مسائيات'' في التلفزة التي برمجت عددا خاصا عن الأديب رابح خدوسي أن أشارك بشهادة في ذلك العدد·· وبالفعل شاركت وقلت أن خدوسي زيتونة من زواتين هذا الوطن، فقد نقش إسمه على الشجرة الثقافية الوطنية سواء بقلمه أو بجهده اليومي·· ولم يمر يوم أو بعض يوم على بث تلك الحصة حتى هاتفني السيد الإدريسي ليخبرني - صادقا أو غير صادق - بأن السيد رئيس اتحاد الكتاب أمره بأن لا أظهر أنا أو خدوسي على شاشة التلفزيون ثانية· فتعجبت فهو أمر لم يحدث حتى في تشيكوسلوفاكيا التي يرأس جمهوريتها رئيس اتحاد كتابها، ولا في إمبراطورية إفريقيا الوسطى التي كان إمبراطورها بوكاسا آكل لحوم الأطفال عريفا في الجيش الفرنسي·· تعجبت وسكت قائلا في نفسي أليس التلفزيون الجزائري نفسه هو الذي يبث حصة ''كل شيء ممكن''!، فما الذي يمنع أن يقف أحدهم ليكون شرطي مرور في شارع الشهداء· ومع ذلك فقد ظهرت وظهر خدوسي في حصص تلفزيونية أخرى..
وظللت متمسكا بصداقتي لرابح خدوسي أزوره في بيته في بير التوتة رغم أن صحتي لم تعد تسعفني لركوب الحافلات المتهرئة·· ولا يمر شهر إلا وأجد خدوسي يملأ علي غرفتي في دار المسنين·· نتحدث ونتناقش في هذا الشأن الثقافي أو ذاك· ويكرر عرضه بأن يعطيني سكنا صغيرا له في بير توته أو خرايسية· كما سعدت برفقته ورفقة آخرين في ملتقى الشيخ أبي يعلى الزواوي· في ولاية تيزي وزو وتقديم كتاب ''تاريخ الزواوة'' الذي ألفه ذلك الشيخ وقمت بمراجعته والتعليق عليه ونشره خدوسي في ''دار الحضارة''.
ومنذ أن غادرت الجزائر عام 2008 إلى دمشق وهو يتصل بي سواء عبر الهاتف أو البريد الألكتروني·· وفي كل مرة أزور فيها بلدي الجزائر إلا وأبو عمر أول زواري في الفندق؛ مرحبا مهللا، كما عهدته وكأنه مازال يصر على أن أوسع تلك الزاوية الطيبة التي أنظر منها إلى الناس·· لقد كان خدوسي إحدى الجوائز الكبرى التي فزت بها في حياتي، فهو زيتونة تضيء دوما، وأشعر الآن، وشمعتي تذبل وقنديلي ينوس، كم هو جميل هذا الضوء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.