فاز مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت، أمس الأحد، السادس من ماي بعد تغلبه على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بفارق ضئيل، وفق النتائج الرسمية التي أعلنت في السابعة من مساء أمس الأحد· وظفر المرشح الإشتراكي بنسبة 90,51% من الأصوات المعبر عنها في الجولة الثانية للانتخابات بعد أن كان في صدارة المرشحين في الدور الأول بتحقيقه نسبة 28% من الأصوات، بينما جاءت نسبة الرئيس الذي أصبح يحمل صفة (السابق) نيكولا ساركوزي حوالي 10,48%. وتأتي هذه النتيجة مشابهة لتلك التي ظلت تتوقعها معاهد استطلاع الرأي طوال الأيام القليلة الماضية وحتى آخر لحظة قبل غلق مراكز الاقتراع، حيث ظل هولاند متفوقا على غريمه اليمني طوال الوقت بفوارق ضئيلة· من جهته، قال نيكولا ساركوزي بعد دقائق من صدور النتائج الرسمية للجولة الثانية من الانتخابات، في خطاب متلفز أمام حشد من أنصاره أنه أجرى اتصالاً هاتفيا مع منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند وقدم له التهنئة على ثقة الشعب الفرنسي به، داعيا له التوفيق في المهمة الصعبة التي أوكلت إليه - حسب قوله -· ودعا ساركوزي أنصاره الى احترام إرادة الأغلبية من الفرنسيين شاكرا إياهم على منحه الثقة طوال فترة حكمه وفي الانتخابات التي جرت أمس· وبهذه النتيجة يصبح ساركوزي أول زعيم فرنسي لا يتولى منصب الرئاسة لفترة ثانية، وذلك منذ عهد الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان عام .1981 بورتريه :هولاند الذي انتقم لعشيقته السابقة! رأى فيه الكثير من المتابعين للشأن الفرنسي أنه من الشخصيات الأكثر تواضعا والتي كانت حتى وقت قريب تفضل السفر والعمل في صمت، لديها تصميم فولاذي على تحقيق الفوز وقيادة البلاد· إنه الشخص المعتدل الهادئ الذي يختلف في كل شيء تقريبا مع غريمه ساركوزي· ولكي يصل إلى السباق النهائي في انتخابات الرئاسة الفرنسية، كان على هولاند أن يجتاز الانتخابات الأولية الصعبة التي وضعت حياته السياسية والخاصة على المحك· وكانت واحدة من أصعب لحظات المنافسة وأكثرها إثارة عندما قامت منافسته في الحزب الاشتراكي سيجولين رويال، وهي شريكته لما يقرب من ثلاثة عقود، وأم لأبنائه الأربعة، بالإعلان عن دعمها له للترشح للرئاسة· وكانت سيجولين منافسة قوية في انتخابات 2007 أمام ساركوزي· العمل الحزبي ولد هولاند في 12 أوت عام 1954 في مدينة روان في الشمال الغربي للبلاد وكان والده طبيبا· وتخرج هولاند من كلية الإدارة الوطنية حيث التقى برويال، وكان هولاند نشيطا في دراسته للسياسة والتحق بالحزب الاشتراكي عام ،1979 ولعب دورا عندما كان مستشارا اقتصاديا للحزب خلال حكم الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران· وكان هولاند نائبا في البرلمان منذ عام 1988 وهو يمثل دائرة انتخابية في المنطقة الجنوبية الوسطى بمدينة كوريز· واستطاع هولاند أن يخلف ليونيل جوسبان في رئاسة الحزب الاشتراكي عام ،1997 وشغل هذا المنصب لأكثر من عقد من الزمان· وفي عام ،2008 وخلال وقت الشدة التي عاناها الحزب عقب هزيمة رويال أمام ساركوزي في الانتخابات الرئاسية عام ،2007 لم يكن هناك ظهور واضح لهولاند· واتضح بعد ذلك أنه كان على علاقة عاطفية بصحفية تدعى فاليري تريويلر، وكانت تعمل مراسلة لمجلة باريس ماتش الخاصة بمتابعة الأحداث الجارية، والتي تكتب كثيرا عن تلك الانتخابات· وقد سبب الانشقاق الذي حدث بعدها بين هولاند وشريكته رويال حرجا كبيرا للحزب لفترة طويلة· ولكن في ماي عام 2011 وقعت فضيحة أخرى هزت الحزب بشدة، وكان ذلك عندما ألقي القبض على القيادي الواعد بالحزب دومنيك ستراوس - كان في مدينة نيويورك إثر اتهامات بمحاولة اغتصاب، وهي تهم أُسقطت في وقت لاحق· وفي أعقاب هذه الأشهر الصعبة، بدأ العديد يرون في هولاند أنه أفضل رهان متاح لخوض انتخابات الرئاسية ·2012 ''رجل دولة'' ولعل من أبرز ما حظي به هولاند مؤخرا هو الإشادة والدعم الذي تلقاه من الرئيس السابق جاك شيراك ذي الاتجاه المحافظ· فقد وصفه شيراك في مذكراته بأنه ''رجل دولة حقيقي'' قادر على تخطي الفوارق الحزبية· وقد استقبل البعض هذه الإشارات من شيراك على أنها موجهة في الأساس ضد ساركوزي الذي سخر منه شيراك علانية في كتابه· وينظر المراقبون لهولاند على أنه معتدل في الغالب، ولكنه كمرشح اشتراكي عليه أن يكافح بحملته ضد عدد من السياسات الاقتصادية القاسية· وهناك تصريحات لهولاند قال فيها: ''نحن لا نريد اليسار المتشدد''، وكان ذلك خلال مناظرة بينه وبين منافسه مارتن أوبري للفوز بترشيح الحزب الإشتراكي في التصفيات الداخلية· وقال أيضا: ''نحن على أعتاب الخروج من خمس سنوات من فترة رئاسية قاسية، فهل نقدم ترشيحا انقساميا مرة أخرى؟ أنا لا أريد ذلك، فنحن بحاجة أيضا إلى يسار قوي''· وهناك مقترحات لدى الحزب الاشتراكي بفرض نحو 75 في المئة كضريبة على الدخل تطبق على الأثرياء الذين تتخطى دخولهم مبلغ مليون يورو، كما أن هناك مقترحات أيضا بتعيين نحو 60 ألف من المعلمين الجدد· وقد تعهد أيضا بإعادة التفاوض بشأن معاهدة الاتحاد الأوروبي للنمو المالي، والتي وقعها الرئيس ساركوزي· ويبدو أن فكرة الضريبة المقترحة التي تبلغ 75 في المئة على الدخل الذي يتجاوز مليون يورو كانت تمثل مفاجأة لزملائه، بينما كانت محل انتقاد شديد من قبل منافسيه· وانتقد جين - فرانسوا كوب رئيس الحزب الحاكم الذي يتزعمه ساركوزي الاقتراح الذي يهدف إلى تعيين آلاف المعلمين ووصفه ب ''المجنون''· وقامت الصحفية ماري - إيف التي كتبت سيرة هولاند مؤخرا تحت عنوان ''قوة السيد اللطيف''، برسم صورة لهولاند تظهره فيها كرجل يتمتع بطموح قوي للوصول إلى القمة، وفي الوقت نفسه شخص ينأى بنفسه عن الصراع·