في عصر استُخدمت فيه كلمات مثل "أسطورة" و«سوبرستار" بحريّة، عبّر فيني عن اللقبين إذا لم يكن أكثر. قال مرّة مدرب ليفربول الأسطوري بيل شانكلي وهو زميل سابق للرجل الذي لُقّب "الجناح الشبح": "توم فيني يمكن أن يكون عظيماً في أي فريق، في أي مباراة وفي أي عصر حتى ولو كان يرتدي معطفاً. كان يرعب الخصم لدرجة أنهم كانوا يراقبونه أثناء عملية الإحماء!". لا ينبغي أن يصرف بيل شانكلي في المبالغة النظر عن حقيقة أن فيني كان فعلاً كبيراً. اختير مرتين أفضل لاعب إنجليزي، سجّل 30 هدفاً في 76 مباراة لبلاده، وعلى عكس جيجز، أظهر مهاراته على أهم مسرح عالمي، إذ خاض 3 نهائيات متتالية في كأس العالم . ليس سيئاً بالنسبة للاعب قال له مدربه قبل دقائق على بداية مسيرته رسميا: "لا تقلق بني، لا نتوقّع الكثير منك". ذكريات بداياته مع ناديه وبلاده لا تزال واضحة، كما المباريات التي خاضها في البرازيل 1950، سويسرا 1954 والسويد 1958. خلال النهائيات الثلاث، يمكن القول إن إنجلترا لم تحقّق المطلوب، لكنه لن يغيّر في الأمر شيئاً. ذهب الأسود الثلاثة إلى كأس العالم 1950 في وقت كانت جماهيرهم تتوقع عودتهم مع كأس جول ريمي. لكن الأمور لم تسر وفق المخطّط. خسارة أمام تشيلي صفر-2 في المباراة الأولى لحقتها مواجهة مع الولاياتالمتحدة في بيلو هوريزونتي. كانت نتيجة المباراة أسطورية: إنجلترا صفر، الولاياتالمتحدة 1. يقول فيني مازحاً: "حسناً، لم تكن الأمور على ما يرام. شاء القدر أن نخسر المباراة. أصبنا القائم مرّات عدة في الشوط الأوّل ومرتين في الثاني. حصلوا على الهدف، من حظّ مطلق، فأنخفضت رؤوسنا. بعد ذلك، اعتقدنا أنه ليس يومنا فتوقفنا عن اللعب. كان بالإمكان أن نواجههم 100 مرة وأن نفوز عليهم في 99 منها". خسارة 0-1 أمام إسبانيا على ملعب ماركانا أنهت آمال الإنجليز، فتوّجهت الأنظار إلى المشاركة الثانية في المسابقة بعد أربع سنوات في سويسرا. قال فيني: "كان صعباً الانتقال بكأس العالم من دولة عاشقة لكرة القدم إلى سويسرا، حيث كانت الأمور أقلّ بكثير. لعبنا قبل أمام أكثر من مئة ألف متفرج على ملعب ماراكانا ثم أمام 14 ألف متفرج في بازل. لكن فريقنا كان أفضل عام 1954 عندما خسرنا في ربع النهائي أمام الأوروجواي الجيدة جداً. ذهبنا بعدها إلى السويد، حيث خضت مباراة واحدة: أمام الإتحاد السوفياتي. تعرّضت للإصابة باكراً، لكن تابعت، لم يكن هناك مجال أن أخرج!". «تأخرنا 1-2 قبل أن نحصل على ركلة جزاء وتعيّن علي أن أسددها أمام ليف ياشين. كان حارساً عظيماً، وامتلك موهبة خاصة في إنقاذ ركلات الجزاء، كما بارتدائه الملابس السوداء الرهيبة. لكن هذا لم يهمّ. كلّ ما كنت أفكّر به، كان وضع الكرة في عمق الشباك. قرّرت استعمال قدمي اليمنى، وهي الأضعف لدي، لأنني علمت أنه شاهدني أسدّد بعض ركلات الجزاء بقدمي اليسرى. وسجّلت! خدعت ليف ياشين!". «هل كنت عصبياً؟ أراهنكم! عندما استدرت لأبدأ الركضة، لم يتحمّل بعض زملائي المشهد وأدار وجهه. بإمكانكم تخيّل شعوري! لسوء الحظ، كانت مشاركتي الأخيرة في كأس العالم. غبت عن مباراتي النمسا والبرازيل بسبب الإصابة، وكان الأمر صعباً عليّ. كنت أتوق للعب، خصوصاً أمام البرازيل التي ضمّت بيليه، ديدي وجارينشا، ثلاثة من الأبطال المفضلين لدي". «لكن لم أكن الوحيد الغائب. أعتقد أننا كنا حققنا نتائج أفضل في تلك النسخة من كأس العالم لولا كارثة ميونيخ. خسرنا ثلاثة أو أربعة من لاعبي مانشستر يونايتد، خصوصاً دنكان أدورادز الذي كان واعداً مثل بيليه عامذاك. كلاهما كانا لاعبين كبيرين قادرين على التسجيل. من المحزن عدم مشاركتهما في الحدث العالمي سوياً". وربما لأسباب مفهومة، اغرورقت عيناه وهو يقول جملته الأخيرة. يُعرف فيني في إنجلترا تحت اسم "اللاعب الشهم". لم يُنذر، يُطرد أو يناقشه حكم في مسيرة خاض فيها 510 مباريات. وطوال هذه المسيرة بقي لاعب بريستون الفخور وفياً لنادي مسقط رأسه. سألناه، ما رأيه في اللعبة اليوم مقارنة مع خمسينيات القرن الماضي؟ "اللاعبون الجيدون يريدون دوماً الاحتراف في أكبر الأندية، وهناك البعض، مثلي أنا، يريد اللعب مع فريق واحد. كنت بين النوادر حتى في تلك الأيام. لا يزال لاعبو الكرة يختبرون الألم بعد الخسارة والفرح بعد الفوز، ولا فخر أكثر من تمثيل وطنك والفوز في كأس العالم. الإعلام هنا لا يزال يتوقّع من إنجلترا الفوز في كل مباراة تخوضها. لذا، لم يتغيّر الكثير في الحقيقة، أليس كذلك؟".