صدرت منذ أيام، في إطار "سلسلة تنبيه الأحفاد"، طبعة جديدة و منقّحة من كتاب "تنبيه الأحفاد بمناقب الأجداد - باقة من العلماء و الصلحاء لمدينة الجلفة و ضواحيها"، جمعها و ألفها و قام بتحقيقها الأستاذ الشيخ "علي بن عبد الله نعاس"... و يتطرق الكتاب في طبعته الثانية الصادرة عن مطبعة رويغي بالأغواط، إلى تراجم مشائخ و علماء المنطقة، بداية من شيوخ و علماء الزوايا في الفترة العثمانية الذين رفضوا الظلم الإجتماعي و الاستبداد السياسي السائد خلال تلك الفترة و التي أثقلت كاهل الأهالي، مرورا بفترة الغزو الاستدماري الفرنسي التي عرفت بروز الأعلام العاملين الصالحين المتمسكين بحصن الزوايا بصفتها مراكز علمية و تربوية وروحية و اجتماعية حافظت على المرجعية الأصلية و الطبيعية لأبناء الجزائر، إلى فترة ما بعد الاستقلال... فكان المنهج –حسب الكاتب- هو أن يتبع الخلف أثر السلف و ذلك بالتزود من المنابع الموثوق بها والوقوف على أرض صلبة حافظت على إسلام نقي خال من الشوائب و خاصة في ظل احتدام فكر الاستلاب. وقد قام الأستاذ "علي نعاس"، في هاته الطبعة، برصد أهل العلم والزهد والعبادة وأعلام الزوايا بالمنطقة، حيث اختص هذا المُصنف بالتطرق إلى 139 عَلما من خلال ذكر أوطانهم وأنسابهم ونشاطهم و مواقفهم وتتبع مراحل حياتهم. و مما ميّز هذه الطبعة ذات الجودة الرفيعة، والتي تقع في 661 صفحة من الحجم المتوسط، هو استحداث جداول للتسلسل الزمني لشيوخ الزوايا من بداية تأسيس هاته المنارات إلى يومنا هذا. و للتعريف بولاية الجلفة، تناولت هذه الطبعة الجديدة، الثرية بمعلومات موثقة و منقحة، الموقع الجغرافي للولاية و المراحل التاريخية التي مرت بها المنطقة، و كذا عرض لمحة حول تاريخ الزوايا بالمنطقة و بعض مدارس و كتاتيب مدينة الجلفة، في حين كان لصور الأعلام ورسائلهم و الإجازات المتحصّل عليها و المخطوطات و كذا القصائد و الأشعار نصيبا وافرا من صفحات الكتاب... و حسب كلمة المحقق، فقد كانت النية حين تم نشر الطبعة الأولى للكتاب سنة 2004، هي حفظ أثر من سلف من شيوخ المنطقة و علمائها و صلحائها، و محاولة إكمال ما ابتدأه شيوخ و باحثون في هذا المجال مثل الشيخ محمد الشيخ مختاري، و الشيخ عبد الله بن محمد بن الشارف حشلاف، و الشيخ أبي القاسم محمد الحفناوي، الذين قاموا بجهد كبير في جمع سير بعض مشائخ الجزائر، حيث جاءت هذه الطبعة لتسليط الضوء على منطقة ثرية من مناطق الجزائر، مستأنسا ببعض الكتابات الحديثة لعلماء المنطقة أمثال الشيخين عامر محفوظي و عبد القادر الشطي، مقتفيا أثر من سلف من مشائخهما كالشيخ عبد القادر طاهري، الشيخ عطية مسعودي و الشيخان مصطفى و معمر حاشي... وقد جاء في الطبعة الأولى للكتاب المحقق وصفٌ لمحاسنه و مزاياه، من خلال تقاريظ لكل من الشيخ سي عامر محفوظي و الشيخ عبد القادر الشطي و الشيخ الجابري سالت، أما الطبعة الحالية للمؤلَّف فقد حَوت إضافة إلى ما سبق على تقريظ للأستاذ الدكتور محمد بن بريكة البوزيدي الحسني جاء فيه: وليت شعري لو أن هذه الأجيال المسلمة التي تنتشر في بقاع الأرض كلها أخلصت الود للفضلاء من أهل القرون الخوالي و متّنت وشائج القربى التي تجمعها بهم، هل كان سيحل بنا كل هذا الخبط و الجنون؟ و لله في خلقه شؤون! إن أكثر مظاهر الانحراف عن دائرة الهدى و التردي في مهاوي الهلكة و الرّدي سببه هذه الجفوة المفتعلة من الأسلاف الصالحين و الاغترار بزيف الدجاجلة المعاصرين الذين نبّه إلى خروجهم صاحب الرسالة عليه الصلاة و السلام في أكثر من أثر صحيح وقول نبوي صريح. و إن سيدي علي نعاس شكر الله سعيه و ثبّت بالإيمان قلبه قد عمل على سد هذا الخلل بتنبيه أهل هذا الزمان إلى مآثر أجدادهم و حاله ينشد مع الفرزدق: هؤلاء آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع! أما الشيخ "عبد القادر زياني" فقد نوّه في تقريظه للكتاب بالمجهود الكبير الذي بذله الشيخ "علي نعاس"، حيث أضاف في طبعته الحالية بعد التصحيح و التمحيص إضافات جديدة تتعلق بتراجم و مناقب بعض المشائخ الأماجد و العلماء الأجلاء بالمنطقة الجلفاوية و غيرها تكملة لما ورد ذكره في الطبعة الأولى. مضيفا أن هذا الكتاب يعد مصدرا و مرجعا من المصادر و المراجع التاريخية و الثقافية و التربوية للأجيال الصاعدة من الشباب المثقف المتطلع إلى اكتساب المزيد من المعارف و كذا البحث و التنقيب عن سير و مناقب السلف الصالح. نبذة عن الشيخ الأستاذ علي نعاس بن عبد الله هو أبو عبد الله علي نعاس بن عبد الله ولد في 31 جانفي 1951 بالجلفة، نشأ وتربى في بيت عز وشرف وولاية، حفظ في صباه ما تيسر من كتاب الله العزيز الحكيم على يد الشيخ "أبو التقى بلخيري" رحمه الله بمقام جده الشيخ سيدي عبد الرحمن نعاس بالجلفة، كما درس على يد الشيخ أحمد خالدي و محمد خالدي بمسجد بن معطار، وتعلم من فنون الفقه وعلوم الدين، كما التحق في سن الدراسة بالمدارس الحكومية النظامية بالموازاة مع تمدرسه بمدرسة الاخلاص (التي أنشأتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) في الطورين الابتدائي والمتوسط على يد أساتذة من المدرسة الباديسية على غرار كل من الشيخ ملاحي والشيخ مرزوقي، ثم ليزاول دراسته في الطور الثانوي بثانوية "فخار"بمدينة المدية، ليلتحق بعدها بمعهد تكوين الأساتذة ببوزريعة سنة 1972 ...تخرج أستاذا في مادة العلوم الطبيعية، ليعمل مدرسا لهذه المادة مصاحبا للتلاميذ لمدة 32 سنة (إلى أن تقاعد بطلب منه سنة 2006). كان الشيخ "علي نعاس" ملازما لمقام جده سيدي عبد الرحمان النعاس بالجلفة في حياة الشيخ "بتقى"، وبعد وفاته سنة 1982 ، أخذ على عاتقه عمارة المقام من صلاة وتلاوة القرآن الكريم وذكر إلي يومنا هذا. ثم ليأخذ العهد في الطريقة الخلوتية الرحمانية عن الشيخ "سي بن عطية بن امحمد" مؤسس زاوية القيشة ببلدية الزعفران سنة 1973، و يأذن له بتلقين ورد الطريقة ونشرها و أجازه فيها اجازة كاملة، كما أذن له بإعادة بعث زاوية جده سيدي عبد الرحمان نعاس بدار الشيوخ والتي قام بإحيائها بعد إعادة ترميمها ابتداء من سنة 2000، مع مواصلة اقامة حلقات الذكر والارشاد والوعظ بالمقام. قام الأستاذ "علي نعاس" بالبحث على مآثر ومناقب الأجداد الأوائل، فألف سلسة كُتب موسومة ب"تنبيه الأحفاد"، بدأها بالطبعة الأولى من مناقب الأجداد بباقة من العلماء و الصلحاء لمدينة الجلفة و ضواحيها عام 2004، ثم اعقبه بتأليف جمع فيه باقة من قصائد الشيخ أحمد بن معطار سنة 2011، ثم كتابه إيقاظ الناس بمناقب الولي الصالح سيدي عبد الرحمان النعاس سنة 2012. كما له عدة إصدارات ومنشورات خاصة بالطريقة الرحمانية منها مختصر الأذكار.. ورد الطريقة الرحمانية الخلوتية صدرت سنة 2015 ، بالاضافة الي نشر مقالات صحفية وحوارات و حصص تلفزيونية وحصص إذاعية بإذاعة الجزائر من الجلفة . الشيخ الأستاذ "علي بن عبد الله نعاس" لدى اهداء الكتاب لجريدة "الجلفة إنفو"