رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ حميدي عامر...مُؤسّس مَقرأتي العنصر و الفايجة بعين معبد
رجلٌ مِن الماضي
نشر في الجلفة إنفو يوم 10 - 02 - 2018


عين معبد
الحمد لله الّذي نزّل الفُرقان على عبده لِيكون لِلعالمين نذيرًا، الّذي جاء بالحقِّ و أحسن تفسيرًا، له مُلك السّموات و الأرض، و لم يتّخذ ولدًا، و لم يكن له شريكٌ في المُلك، و خلق كُلّ شيء، فقدّره تقديرًا، و الصّلاة و السّلام على عبده و صفوته مِن خلقه النّبيّ الرّسول مُحمّدٍ بن عبد الله، الّذي بُعث في النّاس، بين يدي السّاعة، بشيرًا و نذيرًا، و خاتمًا لِلرُّسل جميعًا و النّبيِّين، و على آله و صحبه أجمعين، و على مَن اتّخذ سبيلهم و اتّبع هُداهم و سَلك منهجهم إلى يوم الدِّين. و بعد :
لقد مضى وقتٌ غير مُستهانٍ به، و نحن نكتب في رواق التّاريخ الثّقافيّ، ذي البُعد الحضاريّ، بِإنفو جلفتنا ؛ لِنُبدي رُسومًا قريبة، لِأعلامٍ و شُخوصٍ و مناور و رُبطٍ و زوايا و معارف و أخبارٍ و وِثَاقٍ..... بِمِنطقتنا الجلفاويّة (الجلفيّة)، ذات الكبر و السَّعَة و الرّحابة، و هي رسومٌ واقعةٌ بين السِّير و التّراجم، و بين التّحليلات و التّعليقات، كانت تحت وطأة الاحتجاب و الاحتباس و التّغييب، بِجهلٍ و بِغير جهلٍ، و بِقصدٍ و بغير قصدٍ، و بِعمدٍ و بِغير عمدٍ، و قد صارت بِنشرها مُذكِّرات مُدوّنة و مُسجّلة، تضوّع ريحها في الآفاق و انتشر، و يقع مُعظمها في داخل التّاريخ العامّ، و الذّاكرة الجمعيّة، عن المنطقة المذكورة، الّتي هي بِلا ريبٍ جُزءٌ لا يتجزّأ مِن العالمين العربيّ و الإسلاميّ...
و قد رضي عنها قِطاعٌ واسعٌ، من القُرّاء و البحثة و المُهتمِّين و المُتابعين لِما يُنشر، عبر الجريدة الإلكترونيّة المُنوّه بِها آنفًا، و مَا أعظمها مِن جريدة، و مَا أكبرها، فضلاً عن المُحبِّين و الأوداد و الأصدقاء، و أغضبت أناسًا، لم نعرف لهم إعرابًا، و لم نجد لهم مصرفًا[1]...
و قولنا اليوم مُتعلِّقٌ و مُتخصِّصٌ، بِأحد الرِّجال الأغمار الأغفال، الّذين تطاول عليهم قرنٌ مِن الزّمن، مِن تاريخ وفاتهم.. و هُو مُؤسِّس مَقرأتي العُنصر، بِعين معبد، بِشمال مدينة الجلفة، بِنحو 17 كلم، أو يزيد، ثمّ الفايجة، بالشّمال الشّرقيّ، لِلمدينة المذكورة، بِأقلِّ مِن المسافة السّابقة، في زمنٍ انقضى.. حميدي عامر (رحمه الله)[2]، الّذي كان مِن الّذين اعتنوا، رغم مَا اعتراهم مِن عللٍ، و ولجهم مِن دخلٍ و دخنٍ ؛ لِأسبابٍ يُعْوِزنا ضيق المقام، لِلإفاضة و الإسهاب فيها[3]، بِتعليم القُرآن ذي الذّكر، و بترسيخ لُغته العربيّة الحيّة المرنة السّلسة المُستقطِبة المُستوعِبة، و في ذلك حفاظٌ على الهويّة و الوجهة الشّرقيّة الأصليّة، و بِنشر الخير و الفضل بين النّاس، و بثِّ الأخلاق الطّيّبة، و الشّمائل المحمودة فِيهم، و جمعهم في مشاهد الخير و مجالس الذّكر، و لمّ شملهم، و إطعام جائعهم، و مُواساة مُحتاجهم، و إِيواء محرومهم، و تذكير عاقلهم، و تنبيه غافلهم، و إرشاد جاهلهم، بِسهوب و فلوات مِنطقة الجلفة، الّتي كانت تابعة زمانئذٍ لِعمالة التِّيطريّ (التِّيتريّ)، و تُسمّى جميعها حينها صحراء التِّيطريّ، و في ذلك تحاملٌ.
فنقول هُو عامر بن أحمد بن محاد بن كَحْلة القرباويّ (الغرباويّ) القوينيّ المحمّديّ النّايليّ الإدريسيّ الحَسنيّ الشّريف. لم أجد تاريخ مِيلاده. نشأ و تربّى قُرب بلدة عين معبد، ثمّ ارتحل عنها مُتوجِّهًا إلى زاوية أولاد جلّال، بِالجنوب الشّرقيّ الجزائريّ، الّتي تُعرف في ذلك الحِين بِدار الشّيخ المُختار، و تُعرف اليوم بِالزّاوية المُختاريّة ؛ لِلتّفتّق و التّعلّم و طلب العلم و أخذ السُّلوك، عند مُؤسّسها الشّهير المختار بن عبد الرّحمان (1276 ه / ت 1860 م)، و قد لَازمه مُدّة، و سمع عليه، و أخذ عنه[4].
كرّ عائدًا لِموطنه، و افتتح مسجدًا، و بِجنبه مقرأة قُرآنيّة، بِحيّ العُنصر، بِالبلدة المذكورة آنفًا... لم تدم إقامته طويلاً في هذه الجِهة، لِما وجده مِن مُضايقة و مُشاحنة، مِن بعض كُبراء البلدة وقتذاك[5]، فاضطرّ إلى تحويل إقامته غير راضٍ عمّا لقيه مِنهم إلى جهةٍ مِن جبل الفايجة، بِجنوب شرقيّ بلدته، بِقدر عشرة كيلوميترات (10 كلم)، أين استقرّ هُناك، و بنى مُصلًّى، و حلّ محضرة (عربيّة)[6]، و شيّد دُورًا للذِّكر، و أُخرى لِلمأوى و لِلضِّيافة، بلغت اثنتي عشرة (12) غُرفة، أو أكثر، و قصده رِبْوةٌ من النّاس، مِن العُروش المُحيطة بِه، مِن أفخاذ أولاد القوينيّ، و أولاد درام، أو ادرام، و الطّرايفة، و أولاد شيبوط، و أفخاذ أولاد بُوعبد الله، و الصّحاريّ (السّحاريّ)، قصد الاستفادة و الانتفاع.
بقي مُلازمًا لِلتّدريس و الإقراء و التّوجيه و الإرشاد الصُّوفيّ الطُّرقيّ بِمقرأته، إلى أن قضت عليه المنيّة، في سنة 1917 م، و حُمل نعشه على بغلة، و جِهازه على بغلة أخرى، و ما إن توقّفت البغلة الثّانية، حتّى نُزع مِن على ظهرها الجهاز المحمول، و أُمر بِبناء مقامًا عند ذلك المكان الّذي وقفت فيه، و واصلت البغلة الّتي تقلّ النّعش المسير، إلى أن وصلت إلى المكان، الّذي عليه مقبرة مدينة المُجبارة اليوم، أين جُهّز النّعش و دُفن، و كُلّ ذلك كان تنفيذًا لِوصيته...
و قد أعقب أربعة أنجالٍ، مِن الذُّكور، فضلاً عن الإناث، هُم (على ترتيب السِّنّ) : الحفناويّ (ت 1946 م)، و هُو الّذي قام على شؤون المقرأة، و مَا يتبعها... مِن بعده، و كان مِن أصحاب الشّيخ النّعّاس مُحمّد (ت 1946 م)، نجل الشّيخ عبد الرّحمان المرابط (ت 1907 م، أو 1909 م). و عُثمان. و عُمر. و عليّ. و كُلّ هؤلاء دُفنوا تِباعًا، في مقبرة مدينة المُجبارة[7].
و مِن لِزام القول، في الكلام على هذه الشّخصيّة المغمورة، أنّ محضرته انقطع بِها بِالكُلِّيّة التّعليم القُرآنيّ[8]، التّابع لِلتّعليم الأثيل (الأصيل)، و اندرس تمامًا، و بقيت أطلالها و شواهدها ماثلة لِلعيان لِحدِّ السّاعة، تُصارع الزّمان و صُروفه، و هذا مِمّا يُؤسف عليه حقًّا... و قد مرّ عليها زمنٌ مِن العُقود، حِينما كانت قائمة، اعترتها فيه مُخالفات و جهالات، و غلبت عليها الدّروشة و البلبلة و الهيصة و الهُوشة، و ما يلصق بِها عادة من شطحات و رُعونات و خُزعبلات، و رُبّما شركيات (و العِياذ بِالله)، و هاته مِن الأسباب الحقيقيّة الّتي سارعت في ضعفها و تلاشيها و تقهقرها، حتّى النِّهاية المُؤسفة...
بيد أنّ هذه المحضرة، و غيرها بِالمِنطقة، تبقى مِن الظّواهر المُدلِّلة على معانٍ فاضلة، كانت رائجة و لا يزال بعضها بين أوساط المُجتمع الجلفيّ (الجلفاويّ)، تنمّ بِشكلٍ بائنٍ مُجيّرٍ غير مُبيّتٍ، عن تشرّبه لِدينه و لُغته، و عن تمسكِّه بِأهداب التّعليم العتيق، الّذي هُو الوجه الصّحيح، و المسوح اللّائق لِهويته و توجّهه، رغم ما مرّ عليه، مِن عويصات الزّمن و تقلّباته و تحوّلاته و تطويحاته، و بِخاصّة في حقبة ذاك الاستدمار الفرنسيّ العالي العاتي الظّالم الغاشم...
هذا، و لِيعلم القارئ و المُتابع، لِشأن مَا ننشره مِن مقالات و غيرها، أنّه ليس مِن السّهل الكتابة و التّدوين، عن هؤلاء الرِّجالات الّذين هُم حقيقة في عِداد المنسيين و المتروكين لِغير جرحٍ لَازمٍ، و قد وصفناهم غير مَا مرّة بالأغمار، الّذين ليس لنا مَا نذكره عنهم، إلّا قليلاً، مِن طريق الرِّواية الشّفويّة (الشّفهيّة) المبتورة مِن الأسانيد و الطُّرق، أو مِن طريق بعض الآثار الّتي تدلّ عليهم[9]، لَاسيما في مِنطقتنا، الّتي تخلو من الكُتب (المنشور مِنها و المطبوع) و الرُّقوق، الّتي تُرشد إلى ذلك و تُعين، بالإضافة إلى مَا نتلقّاه و نُعانيه في سبيل ذلك، مِن سُوءٍ و قلّة أدبٍ و عنجهيّة و خُشونة غير مُفسّرة و رُعونة[10]، و هذا بلا ريبٍ يحتاج مِنّا إلى مُصابرة و مُكابدة و طُول بالٍ.
و نستغفر الله تعالى جلّت قُدرته، مِمّا زلّ بِه الفهم، أو طغى بِه القلم، و مِن الأقاويل الّتي تُخالف الأعمال، و الظّواهر الّتي لا تنسجم مع السّرائر، و نسأله أن ينفعنا بِما قرأنا، أو نظرنا فيه، أو سمعناه، أو كتبناه، أو استكتبناه، و نُصلِّي و نُسلِّم و نزيد و نُبارك على رسولنا و نبيِّنا و مولانا و قائدنا و حبيبنا و شفيعنا يوم القيامة مُحمّدٍ بن عبد الله، و على آله الطّيّبين الأطهار، و صحابته المرضيين الأبرار، و الحمد لله ربّ العالمين.
هوامش
1 بعضهم مِن حملة الشّهادات العُليا، كالدُّكتوراه و الماجستير، أو الماستر... مِن الّذين جعلوا المنهجيّة واقيًا و حَاميًا لهم، و مُغطِّيًا و ساترًا لِاختلالاتهم و اعوجاجاتهم، أو مَالِئًا لِفراغاتهم، و قد صارت عِندهم، و في أوساطهم و نواديهم، كالفزّاعة، يُخرجونها متى يحتاجون إِليها، أو قُل هي كالبُعبع يُخيفون بِها الطّلبة و التّلاميذ، و مَن ليس له شهادة كشهادتهم. فقُبّح عملهم هذا. و ليعلم النّاس أنّ المنهجيّة علمٌ كغيره مِن العُلوم و الفُنون العقليّة و الوضعيّة و المدنيّة، يُتعلّم و يُتعاطى و يُمارس و يُحكم، و قد تلقّينا هاته الصّنعة مِن أربابها، في هذا الحاضر، و أقول لهم (أعني حملة الشّهادات العُليا) أين المنهجيّة مِن تاريخ العُلوم ؟؟؟. و الله أعلى و أعلم.
2 لقد ذكر لِي بعضهم أنّ القاضي عبد الله حشلاف (ت 1937 م)، قد أشار إليه في كتابه " سلسلة الأُصول في شجرة أبناء الرّسول (عليه الصّلاة و السّلام) "، و هذا غير صحيح بتاتًا، فقد راجعنا الكتاب، و لم نجد لِلشّيخ حميدي عامر ذكرًا، مِن بين المذكورين فيه، و سنُدرج ترجمته في الطّبعة الخامسة إن شاء الله لِمُدوّنتنا المشهورة " مِن فُضلاء مِنطقة الجلفة مِن 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين "، بعد ما توفّرت فيها شُروط التّرجمة، و توافرت عنها مَا يستحق أن يكتب. و الله أعلى و أعلم.
3 إنّ كثيرًا مِن مُتصوِّفة و طُرقيّة مِنطقتنا الجلفاويّة، أو الجلفيّة، كانت لهم أفضالٌ و فضائل و فواضل، في التّعليم العتيق (الأصليّ)، و في الحِفاظ عليه، رغم مفاوز الاستدمار و الجهالة، و في أعمال البرّ و الإحسان و وُجوه الخير المُتعدِّدة، الّتي حثّت عليها شريعتنا الغرّاء، و لا يُمكن بأيّ حالٍ مِن الأحوال، أن نُدير ظُهورنا لِما قدّموا، مِنهم الميّت، و مِنهم الحيّ، و لَكننا نُنكر عليهم و سنظلّ رحمة بِهم و إحسانًا إليهم أشكالاً ابتعدوا فِيها بشكلٍ كبيرٍ عن رُوح الكتاب و السُّنّة، و عن الفهم الصّحيح لِلإسلام. و الله أعلى و أعلم.
4 نُعدِّد مِن أهل العلم و الفضل، مِن مِنطقتنا، الّذين أدركوا الشّيخ المُختار الجلّاليّ (ت 1860 م)، و أفادوا عنه (حسب تاريخ الوفاة) : بن لحرش الشّريف (ت 1864 م). و بن مُعطار أحمد (ت 1873 م). و بن مشيه بلقاسم (ت 1880 م). و محفوظي بُولرباح (ت 1885 م). و بلعدل مُصطفى (المصفى) (ت 1886 م). و قويدري بلقاسم (ت 1897 م). و الهاملي مُحمّد بن أبي القاسم (ت 1897 م). و النّعّاس عبد الرّحمان (ت 1907 م، أو 1909 م). و طالب مُحمّد (ت بعد 1907 م). و بن مرزوق مُحمّد (ت 1911 م). و قويدري مُصطفى، أو المصفى (ت 1914 م). و حمرورش أحمد (ت قبل 1916 م). و بُوعبدلي عبد القادر (ت 1916 م). و طهيري يوسف (ت 1917 م). و بلعدل آدم (يادم) (ت 1922 م)، و بن الشّيخ الصّادق (ت 1926 م). و قد يكون غيرهم...
5 قِيل أنّ الحُرش هُم الّذين نازعوه، و أنّ بعضهم قد انزعج مِن أذان صلاة الفجر، الّذي تُرفع تِلاوته، بِصوتٍ عالٍ آنذاك، مِن على مِئذنة المسجد الّذي افتتحه، و هذا قولٌ بعيدٌ جدًّا ؛ لِأنّ شُيوخ الحُرش في ذلك الحين، كانوا في مَا نعلم و في مَا بلغنا أهل مجدٍ و فضلٍ و نُبْلٍ و أخلاقٍ عاليةٍ و شمائل حسانٍ، بالإضافة إلى أنّهم كانوا أهل فخامةٍ و سِيادةٍ و رِئاسةٍ و قيادةٍ و حُكمٍ و تدبيرٍ، و يُستبعد عنهم (مِنهم) فعل ذلك، و في تفسيرنا الخاصّ أنّ الأمر مرجعه إلى اختلاف الزّعامة الرُّوحية، و حتّى السِّياسيّة، لِرفقة (فرقة) أولاد الغربيّ، بل لِأولاد القوينيّ (الغوينيّ)، بل لِأولاد سي محمّد (فتحًا)، بل لِأولاد سيدي نايل و سحاري (صحاري) المِنطقة جميعًا، و قد كان في الحُرش من الباشوات و الآغوات الكثير، و مِنهم مَن يُلقّب بِآغا السّحاريّ و أولاد سي محمّد (بالفتح)، كما حكت ذلك بعض الكُتب. و ذكر آخرون أنّ الأذان الّذي كان يُرفع لِصلاة الفجر، بِمسجد الشّيخ حميدي عامر، بحيّ العُنصر، هُو مِن خِلال مُكبِّر الصّوت، و هذا غير سويّ البتّة ؛ لِانعدام أجهزة مُكبِّر الصّوت، في ذلك الوقت، في ما نعلم. و الله أعلى و أعلم.
6 بعضهم يعدّون مَا أسّسه الشّيخ حميدي عامر، بِجبل الفايجة زاوية، و هذا في نظري غير صحيح ؛ لِأنّ إطلاق لفظ الزّاوية له قوانين علميّة تحكمه، كما لا يخفى، مِنها إقراء القُرآن الكريم، و تدريس العُلوم الوسائل و العُلوم الأهداف، لِسانًا و نقلاً و عقلاً و وضعًا، و شرح مُتونها و كُتبها و مُقرّراتها و لوازمها، و هذا لا يُوجد مِنه، بِسالف الذّكر، أعني مَا افتتحه عامرٌ (رحمه الله)، إلّا تحفيظ القُرآن، و تعليم مبادئ القراءة و الكتابة، و يُعتبر في أكثر الأحوال مَقرأة، أو محضرة (عربيّة)، و إِنْ أطلقنا عليه تجوزًا إسم زاوية، فهو مِن جهة جمع النّاس و إيوائهم و إطعامهم، و استقبال الدّافّة و الواردين عليها و الزّائرين لها. و الله أعلى و أعلم.
7 بعضُ هاته المعلومات أفدْناها عن أحد حفدته، و هُو المُسمّى حميدي السّعيد (اللُّوطُوكُول)، بِجانب مسكنه، المُجاور شمالاً، لِلدّرك الوطنيّ، بحيّ الدّيانسيّ، بِبوتريفيس، بِمدينة الجلفة، في صباح يوم الخميس 08 جُماد أوّل 1439 ه، المُوافق 25 جانفي 2018 م.
8 إنّ وظيفة التّعليم القُرآنيّ صارت و غدت، في حاضرنا، مُبتذلة و مُهانة، لِأسباب تطول الإفاضة فِيها، في هذا الموقع، و قد أشرت لِمامًا إلى ذلك في موضوعنا " مِن تجلِّيات التّعليم القُرآنيّ إبّان الثّورة التّحريريّة 1954 م 1962 م بِمدينة الجلفة "، المُقيّد بإحداثيّة مكانيّة، و هي مدينة الجلفة، و إحداثيّة زمانيّة، و هي فترة الثّورة التّحريريّة (1954 م 1962 م)، و الّذي نُشر عبر الجلفة إنفو، بِتاريخ 30 جانفي 2018 م. و الله أعلى و أعلم.
9 كأنّ حالهم يقول :
تلك آثارنا تدلّ علينا... فانظروا بعدنا إلى الآثار
10 لو أطلقنا اللِّسان و العنان في عدّ و استحضار هاته التّصرّفات الغير المرضيّة، مُنذ انطلاقتنا في كتابة و تدوين و جمع تاريخ مِنطقة الجلفة (حواضر و بوادي) الثّقافيّ، و إلى يوم النّاس هذا، لَخرجنا بِمجلّدٍ مُحترمٍ، يحكي ذلك و يرويه بِلسان مُجرّبٍ صادقٍ ذليقٍ. و الله أعلى و أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.