حذر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول من الخلط بين الخوصصة وإنهاء الاحتكار وضرورة إدراج برنامجه ضمن رؤية إستراتيجية مؤكدا أن الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك غير قابلة للخوصصة وان الاستثمار في فروع الصناعة العسكرية يتطلب تحكما في التكنولوجيا. جاء هذا التصريح من مؤسس الجمعية الجزائرية لتنيمة اقتصاد السوق (1992/2015) ورئيس سابق للمجلس الوطني للخوصصة ردا على تصريح رئيس منتدى رؤساء المؤسسات بقوله “ان في الجزائر كل شيء قابل للخوصصة دون تحديد للفروع”. وتساءل حول القدرات المناجيريالية والتكنولوجية لأعضاء منتدى رؤساء المؤسسات للاستثمار في هذه المجالات، مشيرا إلى أن موقف المنتدى الذي يعتبر جمعية وليس نقابة لا يلزم كافة منظمات أرباب العمل وعددها ثماني جمعيات، فيما المنتدى يعد إطارا لتقديم اقتراحات في الحقل الاقتصادي. وأثار الخبير كمدافع عن اقتصاد السوق بطابع اجتماعي 18 سؤالا لتحديد الوزن الحقيقي لمنتدى رؤساء المؤسسات في الاقتصاد الجزائري ومدى قدرة أعضائه على اخذ حصص في رأسمال سوناطراك بأموالهم الخالصة وتكنولوجياتهم والاستثمار في الصناعة العسكرية التي تتطلب تقنيات جد متقدمة. ومن بين الجوانب التي حملتها الأسئلة كم عدد مخابر البحث ورقم الأعمال المخصص للبحث وتنمية الذكاء الصناعي والرقمي، وكم هي كلفة اللقاءات الوطنية والدولية وهل لديها أثار على القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وخاصة الصادرات من خلال أعضاء المنتدى بإفريقيا. وشملت الأسئلة الدقيقة كل ما يتعلق بالقروض وتسديدها ودفع الضرائب ومسائل أخرى تتعلق بالمؤسسات وتنظيمها الداخلي خاصة في المحاسبة التحليلية. ونفى مبتول أن تعني الخوصصة بأي شكل من الأشكال التنازل بسعر زهيد عن الأملاك العامة، موضحا انه ينبغي لذلك تشجيع جانب الكفاءة الاقتصادية وبالتالي النمو وإنشاء مناصب العمل، واعتماد معايير تسيير اقتصادية بدل معايير سياسية، إزالة الجمود الإداري، تخفيف معوقات الموازنة، المساهمة في التنافسية، عصرنة الساحات المالية، تعزيز القيمة السوقية في البورصة بالرفع من المبادلات وتحسين السيولة المالية من خلال استقطاب الادخار الأجنبي، تشجيع وتطوير فرق مناجيريالية وتنمية طبقة وسطى حاملة للدينامكية الاجتماعية. كما أن الخوصصة هي قبل كل شيء مسار لإعادة هيكلة شاملة للاقتصاد لديها انعكاسات سياسية. لذلك فان الخوصصة بمفهوم إزالة الاحتكار يجب أن تخضع لقواعد محددة من اجل المساهمة في النمو في ظل الحفاظ على المصالح العليا للجزائر دون تمييز بين قطاع تابع للدولة وقطاع خاص ليساهم الجميع في التنمية الوطنية. غير انه سجل بلغة واقعية أن نصف الفضاء الاقتصادي يهيمن عليه النشاط الموازي كما ان 95/97 بالمائة من الوحدات التابعة للقطاع الخاص هي كيانات اقتصادية صغيرة قليلة التعاطي مع المناجمنت الاستراتيجي، ماعدا حالات استثنائية تخضع لمعوقات بيروقراطية تحد من ازدهارها. وبعد ان أوضح في تحليله المعمق للمفاهيم أن الخوصصة هي تحويل جزئي أو كلي لملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وإزالة الاحتكار تعني تشجيع الاستثمار الخاص الجديد، أشار إلى أن هناك مؤسستين تضمنان أمن البلاد هما الجيش الوطني الشعبي وكل قوى الأمن وشركة سوناطراك التي توفر 98 بالمائة من مداخيل العملة الصعبة للجزائر، ولذلك اعتبر انه لا مجال لخوصصتها، وإنما جعلها أكثر فعالية وقوة في إطار مناجيريالي استراتيجي جديد يمتد لآفاق 2030. ولتفادي تبديد احتياطي العملة الصعبة ينبغي حسب الخبير التوجه إلى تحرير متحكم فيه في إطار رؤية إستراتيجية شاملة وصفها بإستراتيجية التكيّف. ويرجع أساس نجاح مسار الخوصصة على الشفافية الكاملة وانخراط اجتماعي واسع مع توضيح للصلاحيات الوظيفية بالنسبة للمتدخلين في المسار( الوزارة المكلفة بالمساهمات وهياكل وزارة المالية وهي مديرية الأملاك، الضرائب، الجمارك والبنوك التجارية) في ظل حد أدنى لتوافق وطني بين مختلف القوى الاجتماعية.