شدد وزير الطاقة محمد عرقاب، على أن أولوية الجزائر اليوم إيجاد طاقات بديلة لضمان استهلاكها المقدر بنحو 400 ألف برميل يوميا. واعتبر في السياق الاتفاق القاضي بتخفيض الإنتاج بنحو 9.7 ملايين برميل ب «التاريخي» و»غير المسبوق». أوضح الوزير في حصة «ضيف التحرير» للقناة الإذاعية الثالثة، أن اجتماع الخميس، الذي استغرق 11 ساعة كاملة، حول تخفيض الإنتاج بنسبة 23٪، كان مهما جدا، والحصول على موافقة 23 دولة من المنظمة وخارجها لتطبيق الاتفاق، بدءا من الفاتح ماي. وتم، أول أمس الأحد، تدقيق حصة كل دولة، وتوقيع اتفاق نهائي يقضي بخفض 9.7 ملايين برميل يوميا، في الفترة الممتدة بين الفاتح ماي و30 جوان، مع تقليص حصة المكسيك الى 100 ألف برميل يوميا عوض 400 ألف برميل، على ان يستمر التخفيض ب8 ملايين برميل يوميا من جوان الى سبتمبر، متبوعة بفترة تمتد 16 شهرا، بدءا من جانفي 2021 يقلص فيها الانتاج ب6 ملايين ب/ي. ووصف عرقاب الاتفاق القاضي بتقليص الإنتاج ب9.7 ملايين يوميا ب «التاريخي» وغير «المسبوق»، تحقق في وقت تترأس فيه الجزائر منظمة «أوبك»، مقرا بأن «السوق متذبذبة بشكل كبير، بسبب صدمة الطلب غير المسبوق بدوره، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا، وأزمة اقتصادية تسببت في تراجع الطلب على البترول، وعدة نشاطات علقت أو توقفت. وأشار إلى تسجيل صدمة في التموين، إذ لاحظنا أن الكثير من الدول، منذ السادس مارس، وضعوا كميات كبيرة في السوق النفطية، متسببين في لاتوازن بين الغرض والطلب، ما أثر سلبا على السعر الذي تراجع بشكل رهيب، تماما. كما كان للمخزون العالمي نتائج سلبية زادت من تفاقم الوضع، وهو ما استلزم لقاء عاجلا للدول المنتجة بما في ذلك من خارج المنظمة. وعن سؤال حول التوجه إلى إعادة هيكلة السوق النفطية جراء الأزمة القوية، حرص الوزير على التنبيه إلى أن الأخيرة متعددة الأبعاد. فتفشي الفيروس أثر سلبا كثيرا على الاقتصاد، وكذا تراجع الطلب، الذي تسبب في حالة لا توازن رهيبة، وكثرة المنتجين الجدد في السوق، والدول التي تحولت من مستوردة الى منتجة، كلها عوامل تحتم علينا التوجه إلى تسيير أحسن للمورد وهي محل دراسة تعكف عليها «أوبك» بما يسمح لها التأثير الإيجابي في السوق. في المقابل، أوضح عرقاب أن الجزائر التي وقعت الاتفاق الذي يمتد على ثلاث مراحل، لديها رؤية جيدة وطلب من الشركة الوطنية «سوناطراك» تسيير المرحلة الراهنة بذكاء، واعتماد العمل بطريقة استباقية تحسبا للأعوام المقبلة. الجزائر دولة غازية أكثر منها بترولية وبشأن المشاريع الحالية، يقول «لدينا خفض في الإنتاج بنحو 240 ألف برميل على مدى شهري ماي وجوان، و193 ألف برميل الى غاية ديسمبر المقبل، و145 ألف برميل إلى غاية أفريل من العام 2022 «، مضيفا إعطاء دفع لإنتاج «سوناطراك»، تم الانتهاء من إعداده، كما تم العمل كثيرا على تسيير الطلب المحلي، فالاستهلاك الداخلي إلى غاية مارس 2020 يناهز 400 إلف برميل يومي، وخلص إلى القول: أنه «لابد من الحفاظ على صادراتنا ومداخيلنا بالعملة الصعبة، بالموازاة مع تلبية الطلب المحلي باستهلاك كل ما هو جديد ومتجدد، الذي يسمح لنا بتوفير طاقة بديلة توفير المحروقات». وأشار إلى مراجعة الاستهلاك المحلي، ذلك أن الكميات الموجهة إلى التصدير لا تتأثر ومضمونة، كما أن 450 الى 500 ألف برميل والتي سترتفع إلى حدود 600 الف برميل يوميا، ستبقى مضمونة، لكن المشكل المطروح أثار تراجع الأسعار على الكمية. تقليص الاستثمارات وتأجيل مشاريع ثانوية وأشار الوزير إلى مراجعة المشاريع، من بينها مشروع استثماري يناهز 14 مليار دولار برمجته «سوناطراك» في 2020. وأهم ما تم مراعاته، عدم المساس بمشاريع الإنتاج وتجديد الحقول، وتم تأجيل مشاريع ثانوية إلى 2021 / 2022، إلى جانب رصد مبلغ قدره 7 ملايير دولار للإستثمار والاستغلال يسمح للشركة بالعمل بطريقة عادية في هذا الظرف ومقتضياته. قانون المحروقات نافذ... والمناقصات في السداسي الثاني وفيما تعلق بقانون المحروقات، أكد الوزير أنه نافذ وتم بخصوصه عقد اجتماعات مع المؤسسات التي تنشط في الجزائر لإطلاعها بالتفاصيل، فيما سيتم إطلاق المناقصات في السداسي الثاني من السنة الجارية، بما يسمح بزيادة الإنتاج الوطني في إطار شراكات، لافتا إلى أن أولوية «سوناطراك» الإنتاج. وقف استيراد الوقود في 2023 واستنادا إلى الوزير، لابد من خلق قيمة مضافة فيما يخص الجزائر التي وقعت الاتفاق الذي يمتد على ثلاث مراحل، مشيرا إلى أن هناك رؤية جيدة، وسيتم استسلام مصفاة حاسي مسعود في 2023 بإنتاج 5 ملايين طن، الذي يسمح بتوقيف كليّ للاستيراد. علما ان مشروع إنجازها ينطلق في سبتمبر أو أكتوبر المقبل، تضاف إليها مصفاة أخرى بتيارت تطلق مناقصات بشأنها نهاية العام 2021، والتوجه تدريجيا الى التصدير، تسمح بحل مشكل وفرة المنتوج النفطي، ورفع مداخيل العملة الصعبة. وبخصوص مساهمة مصفاة «أوغستين»، توجد خارج الوطن، ويبقى الكميات المستورد عملية تجارية بحتة. وبحسب الوزير، نحن في حاجة إلى إنتاج وطني وخلق مناصب الشغل، موازاة مع وقف التبذير وترشيد استهلاك الطاقة محليا، في إطار نموذج طاقوي جديد يقوم على الطاقات البديلة لتعويض استهلاكها من الغاز والبترول، على غرار الكهرباء. وأكد عرقاب التمسك بالمبلغ الاستثماري المقدر ب8.6 ملايير دولار، بعد وجود اختلافات مع «أناداركو» أو أي مؤسسة أخرى، مؤكدا الحفاظ على مصلحة الجزائر، موازاة مع الحرص على شراكة ناجحة، مشيرا إلى إعادة مناقشة بعض العقود بطلب من المؤسسات في ظل المتغيرات والجزائر التي تمول جزءا من دول أوروبا بالغاز متفتحة وتتجاوب مع انشغالات زبائنها، بما لا يتعارض ومصلحة جميع الأطراف.